سيريانديز-اللاذقية-نبيل علي صالح
مرت خلال الفترة الماضية أعياد عديدة، يزدهر فيها سوق العمل والتجارة نوعاً ما، حيث يقوم الناس بالتبضع في السوق لشراء هدايا مختلفة ومتنوعة لمحبيهم وأمهاتهم لمختلف المناسبات الأخرى.. وهذا النوع من العمل التجاري ليس له مقياس أو قانون ولا تحكمه أية ضوابط أو معايير اقتصادية.. فتارة يتحرك السوق –خاصة في الفترة التي تلي قبض الرواتب- حيث تنفرج أسارير التجار، وتارة أخرى ينكمش وترى التجار وأصحاب المحال التجارية التي تبيع مباشرة للناس، يائسون محبطون، ولكن الأمر اللافت أن سوق البالة أو سوق الملابس العتيقة (المستعملة) ظل محافظاً على حالته ووضعه الاقتصادي كونه يشكل عامل استقطاب متواصل ودائم للزبائن العاديين من ذوي الرواتب المحدودة ولشريحة الأسر المتوسطة أيضاً، كما يمكن أن تشاهد هناك أحياناً بعض ميسوري الحال، باعتبار أن المشتري يبحث أولاً عن الرخص الذي يناسب مدخوله ووضعية جيبه.
ويلاحظ أن الطلب على سوق البالة ازداد مؤخراً وساهم بصورة فاعلة في إنعاش الحالة الاقتصادية التي يعيشها السوريون مع الارتفاع الحاد في أسعار سوق الملابس الجديدة.
وباتت أسواق البالة عندنا في اللاذقية موزعة على عدة أماكن ومحال تجارية في داخل المدينة، فمن "السوق المقبي" ذي الطابع الأثري إلى "ساحة السمك" مروراً بساحة أوغاريت إلى بعض المحال المنتشرة هنا وهناك من أحياء المدينة..
وبالعودة تاريخياً إلى الوراء قليلاً، لم تكن أسواق الألبسة القديمة ومحال البالة متناثرة في المدينة، بل كانت متجمعة ومتركزة في مكان وموقع واحد هو ساحة أوغاريت (أمام وعلى جانبي سينما أوغاريت القديمة المعروفة).. حيث كانت بسطات "ساحة أوغاريت" –خلال فترة السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي- أشهر من نار على علم، وكانت الزحمة والإقبال عليها كبيراً جداً بالقياس إلى هذه الأيام.. بسبب ما كانت توفره تلك البسطات من ألبسة مستعملة أوربية المنشأ وبنوعيات مقبولة وجيدة جداً وبأسعار أرخص من السوق.
ويشتري أصحاب تلك البسطات والمحال البضاعة من التجار وهي موضوعة على شكل طرود مغلقة "البالة" دون أن يسمح لهم برؤية ومعاينة ما بداخلها، أي أن الشراء يتم على قاعدة الوزن وليس بالقطعة".
وأخيراً نذكر بأن هذه السوق تمثل نوعاً من "اقتصاد الظل" وهي لا تخضع للرقابة أو الإعلان عن الأسعار. وهي من دون أدنى شك ذات أهمية اقتصادية كبرى يجد فيها كثر من الناس حاجتهم في ظل ارتفاع الأسعار والغلاء وبقاء الدخل على ما هو عليه منذ فترة.
