حاوره في ميلانو:أيمن قحف
لا يمكن لمن يزور ايطاليا أن ينسى زيارة تاريخها العريق وأوابدها ولا يمكن لمن يزور ميلانو أن يتجاوز ساحة " دومو" أو ملعب سان سيرو أو مصانعها الشهيرة، ولكن بالمقابل لا يمكن لأي سوري تطأ قدماه أرض ميلانو دون أن يسمع بالسيرة العطرة وقصة النجاح المدهش الذي حققه أحد أبناء سورية وهو الدكتور رضوان خواتمي الذي يشكل أفضل مثال عن نجاح السوريين في الخارج، نجاح بدأ بالاختصاص المهني وتواصل بالعمل الصناعي الخاص ليصبح الرجل أفضل صناعي في ايطاليا " العملاق الصناعي" ولم يتوقف الأمر هنا، فالرجل أصبح من الوجوه الواعدة في خارطة السياسة الايطالية وقد لا يمضي وقت طويل حتى يكون هو وحزبه " بيضة القبان" في الصورة السياسية الايطالية.
لم يكف لقاء قصير في مبنى القنصلية الفخرية السورية فكان حواراً موسعاً في مقر شركته حيث فتح الدكتور خواتمي صدره في أول حوار مع صحيفة عربية وسورية..
* باعتباركم الوجه المشرق للمواطن السوري الذي حقق نجاحاً كبيراً في بلدهام مثل إيطاليا، كيف يقدم الدكتور رضوان نفسه كمواطن سوري؟
** أنا رضوان خواتمي مواطن سوري من محافظة حلب، غادرت سورية في عام 1969 إلى إيطاليا بقصد الدراسة، فتخصصت في جامعة ويستيرن يونيفرستي الأمريكية، وحصلت على درجة الدكتوراه في العلوم النفطية وموقعة من قبل وزير خارجية أميركا السابق جيمس بيكر، الذي وافق على الأطروحة رغم احتوائها الكثير من الانتقادات الموجهة ضد السياسة النفطية الأمريكية، وبعد ذلك تابعت عملي في إيطاليا وتسلمت حينئذ إدارة إحدى كبار مصانع اينديستي الإيطالية التي يعمل بها نحو 19 ألف عامل، كمدير تجاري لمجموعة إينديسي، حيث كانت مبيعاتها عند تسلمي إدارتها نحو 169 مليون دولار، وبعد ذلك ارتفعت مبيعاتها في ظل إدارتي إلى 362 مليون دولار، فنلت الوسام الذهبي في مجال التصنيع والتصدير من مجموعة ايندستي العالمية وعندئذ قررت الخوض في مجال العمل الخاص فأسست شركة خاصة في نهاية السبعينات وانطلقت في تصدير الأجهزة الكهربائية إلى مناطق الشرق الأوسط، وبعد ذلك قمت بشراء أحد المصانع الإيطالية المختصة بإنتاج الأجهزة الكهربائية فوصلت مبيعاتها خلال العام الماضي إلى 80 مليون دولار وشركاتنا هي من الشركات المتخصصة بإنتاج كافة الأجهزة الكهربائية المنزلية كالأفران والغسالات وما شابه ذلك.
* ماذا عن مسيرتك التي توجت باختيارك رجل العام الصناعي من غير الإيطاليين؟
** في كل عام تقدم إيطاليا جائزة سنوية لرجل أعمال السنة يتم اختياره من بين 520 رجل أعمال، حيث يتم اختيار ذلك الرجل من قبل اتحاد الصناعيين الإيطاليين وجامعة روما للسياسة والاقتصاد، والحكومة الإيطالية، والصحيفة الإيطالية، فأدرج اسمي ضمن لائحة احتوت على 520 رجل أعمال لم يولدوا في إيطاليا، كان من بينهم رجال أعمال من أميركا وروسيا والعديد من الدول، ولم أتوقع أن أصل إلى أحد المراكز النهائية العشرة التي يتم اختيارها من بين 520 رجل أعمال، فشاركت السفارة السورية بزخم في هذا الاحتفال وبدأوا باختيار العشرة أشخاص الأخيرين وقد أدرج أسمي كواحد من هؤلاء العشرة،بوجود 3 آلاف شخص في قاعة الاحتفال وبصراحة فقد كانت مفاجأة مؤهلة لي عندما أعلن وزير الاقتصاد الإيطالي أن الاختيار وقع على رضوان خواتمي.
فسالت دموع العديد من أصدقائنا الصناعيين الإيطاليين والأوروبيين لأنهم لم يتوقعوا تلك النتيجة، والأهم من ذلك ما أعجبني وما أثار اهتمامي هو لماذا وقع الاختيار علي؟
فما قالوه أن رضوان خواتمي يمثل خيرة رجال الأعمال الذين قاموا باستثمار وتوظيف رؤوس الأموال وإيجاد العديد من فرص العمل ليس فقط للإيطاليين بل للكثير من المغتربين واستطاع أن يرفع من حجم أعماله من عشرات الملايين يورو إلى نحو 50 مليون يورو، وأشادوا بالتطلعات المستقبلية لرضوان خواتمي، وتم تغطية الحدث بعد اختياري من قبل الصحافة والتلفزيون الإيطالي، فذكرت عندها برجل الأعمال السوري الإيطالي لأنني كنت أصر على أن أذكر بتلك الصفة وليس فقط إيطالي لأنني حصلت على الجنسية الإيطالية منذ 40 عاماً فكنت أول من حصل على الجنسية الإيطالية من بين المهاجرين، فضلاً عن أن ذلك الحدث كان قد أدى إلى ردة فعل لدى الأوساط الاقتصادية والصناعية والسياسية أيضاً.
* هل حمّلك ذلك اللقب أية مسؤولية كبيرة؟
** فعلاً إن ذلك اللقب يشكل بحد ذاته مسؤولية كبيرة لأنك يجب فعلاً أن تكون على مستوى اللقب الذي منحت إياه، لأن اختياري كرجل أعمال السنة بالنسبة لمستوى دولة يفوق عدد سكانها 75 مليون نسمة ليس شيئاً بالقليل فمن المعروف أن إيطاليا تحتل المرتبة الخامسة صناعياً على مستوى العالم، فضلاً عن أن ذلك الاختيار فتح لي باباً آخر لاختياري من قبل حكومة صقلية المستقلة على أنني الرجل العالمي الذي يعمل على مستوى إيطاليا ولكن تطلعاتي كانت على المستوى العالمي، وذلك الاختيار تجريه حكومة صقلية كل عام فكنت الرجل العالمي لعام 2010 وهذا الاختيار يعتبر بحد ذاته مسؤولية أخرى، ولكنني في الوقت نفسه لا أملك الوقت لمتابعة هذه القضايا والأمور لأنني منغمر في عملي، فأنا أعمل يومياً نحو 16 ساعة، ويعمل في مجموعتي أكثر من 520 عامل، لذلك نحن الصناعيين ننظر إلى تلك الألقاب بمنظار آخر إلا أنها دواعي سرور وسعادة كبيرة لأننا عندما نحصل على تلك الألقاب تلك فترة من حياتك بالنتائج التي توصلت إليها من خلال عملك.
* كيف تعاملت سورية مع خبر منحك تلك الألقاب؟
** أول من قمت بإرسال ذلك الخبر إليه هو السيد الرئيس بشار الأسد حيث تجمعنا معاً علاقة ملؤها المحبة والاحترام والمودة، ولأنه عندما قام بزيارة إيطاليا سنة 2003، ساعد بعودتي إلى سورية بعد 32 عاماً من الاغتراب ، وعندما قدم إلى إيطاليا وسمع الكثير عني، طلب لقاء المغتربين السوريين فذهبت إلى روما واجتمعت مع سيادته وقال لي حرفياً:أريدك في دمشق وبعد عدة أسابيع تلقيت كتاباً يدعوني بزيارة سورية بعد 32 عاماً من اغترابي، فذهبت إلى دمشق ولحظة وصولي ونزولي من الطائرة تشرفت بلقائه لي شخصياً وانفرادياً في قصر الضيافة، وكان من المقرر ونتيجة لارتباطات السيد الرئيس أن تكون مدة اللقاء عشرة دقائق، فدام اللقاء 45 دقيقة فاستمعت إلى رؤيته حول كيف يجب أن يكون المواطن السوري المغترب وكيف يأخذ المبادرات الهامة، وبالتالي أصبح تجسيد رؤية الرئيس الأسد هاجسي وهدفي الول وعندما تم اختياري رجل أعمال السنة في إيطاليا، فقررت أن أهدي هذا التتويج للسيد الرئيس وكان سعيداً جداً بسماع تلك الأخبار، ومن ناحية أخرى فليس لي أية ارتباطات أخرى بسورية، فبعد 32 عاماً من البقاء في المهجر إلا أن قسماً من عائلتي لا يزال يعيش في سورية إلى الآن...
* كيف يمكن لنجاحك أن ينتقل إلى سورية بشكل أو بآخر..؟
** أعتقد أننا وصلنا الآن إلى النقطة الهامة والأساسية التي جرى نقاشها مع النائب الاقتصادي عبد الله الدردري، وأعجبت بنقاش كونه بروفسور في الاقتصاد بالنسبة لنا، كذلك هدف للصناعيين الموجودين في أوروبا وأمريكا من أصل سورية.
ففي العام الماضي كان هناك مجموعة من أكبر المجموعات في العالم وهي مجموعة طومسون الفرنسية المملوكة من قبل الحكومة الفرنسية، فقررت أن تتنازل وتبيع وترخص لشركة أخرى لاستخدام حقوق شهادتها كماركة عالمية، وتم دعوة 12 شركة من أوروبا والعالم للتفاوض معها، فوقع الاختيار النهائي على مجموعتي فوقعت اتفاقية مع مجموعة طومسون ومن خلالها نقلت إلينا حقوق إنتاج منتجات شركة طومسون وتوزيعها في جميع أنحاء العالم، تعتبر هذه العملية من أكبر العمليات الصناعية والمالية التي تمت العام الماضي، والقصد من هذه العملية أن مجموعة طومسون كانت في السابق تقوم بإنتاج أجهزة التلفاز والإذاعة العالمية وبنقل حقوق شهادة المنشأ إلينا أصبحنا من يصنع تلك الأجهزة وكل ما يتعلق بتصنيع الأجهزة الكهربائية وتوزيعها عالمياً، ويعتبر ذلك المشروع من أضخم وأكبر المشاريع إذ يصل حجم أعماله إلى نحو 150 مليون دولار خلال العام الحالي، وهناك هدف بان نصل إلى حجم أعمال يفوق 300 مليون دولار خلال الأعوام الثلاثة القادمة، وبمجرد انتقال تلك الحقوق إلينا قمنا بتعيين وكلاء لنا في كافة أرجاء الشرق الأوسط فوصلنا إلى سورية حيث أعطيت بعض التوجيهات والتعليمات لفريقنا العامل فيها حول دراسة إمكانية تصنيع التلفاز فيها، فتبين لنا وجود قدرات جيدة وخبراء جيدين وخريجين جامعيين على مستوى عالي جداً، فنحن الآن قيد دراسة مشروع أن نقوم بالمرحلة الأولى بتجميع أجهزة التلفاز من طراز led، وليست lcd المعتمدة على صفائح رقمية بل يعتبر على شكل قطعة من الكريستال طبع خلالها التلفاز، أما الآن فنحن نبحث عن شريك لنا في سورية لأننا لا نستطيع القيام بكل شيء، ونتمنى من خلال صحيفتكم أن يتم إبراز هذا الجانب والحصول على شريك مهتم.
* إذا أردت نصيحة وكما أشار النائب الاقتصادي إلى أن الحكومة تسعى وبقوة لتحقيق شراكة مع القطاع الخاص خاصة في ظل إصلاح القطاع العام المتعثر، وباعتبار أن شركة سيرونكس من الشركات المتعثرة والتي تضم كادر من المهندسين والخبراء الجيدين فما رأيك بسيناريو الشراكة مع هذه الشركة..؟
** في الحقيقة يعتبر ذلك السيناريو أحد الأهداف الذي ننظر إليه الآن ولكننا حالياً قيد المفاوضة مع الحكومة الجزائرية التي طلبت منا الشراكة مع أحد شركاتها المطابقة تماماً لسيرونكس وهي متعثرة أيضاً، وأنت تعلم أن الشركات الحكومية لديها بعض المشكلات المختلفة، ونحن في القطاع الخاص والاقتصاد الحر المنتفع لنا وجهات نظر أخرى في مجال التصنيع، إلا أنه لا وجود لأي مانع من أن نناقش ونفاوض في أي مجال للتعاون ولكن يبقى هدفنا الأساسي الشركات الخاصة أو الوكيل الخاص، لأننا ومن خلاله نكون أكثر تجاوباً مع أوضاع السوق خاصة في مثل هكذا قرارات.
* أعتقد عندما تمتلكون مصنعاً للأجهزة الكهربائية في سورية فهذا يعني أنه سيكون لديكم القدرة ليس فقط على النفاذ لسوق سوري بل للسوق العربي خاصة بوجود منطقة تجارية حرة، معفاة من الرسوم الجمركية على عكس تصدير منتج أوروبي لسورية، فما هو رأيكم بهذا الموضوع..؟
** في الحقيقة أن ما قمت بطلبه من النائب الاقتصادي عبد الله الدردري أن يتم تطبيق منطقة التجارة الحرة فعلياً، لأنه كبروتوكول تم الاتفاق عليه ولكنه لم يطبق حتى الآن مع العديد من الدول كالمغرب وتونس والجزائر وشمال أفريقيا في حوض البحر الأبيض المتوسط، وإن ذلك سيساعد على عملية إعادة التصدير من سورية إلى تلك الدول وسيقدم لنا الدعم في دخول السوق السوري، خاصة وإننا بحاجة لدولة عملت على رفع القيود الجمركية، ومن جهة أخرى إذا لم يتم ذلك فسيؤدي إلى حظر الوضع الذي نحن عليه الآن، وخير مثل على ذلك الوضع بين سورية وإيران، فباعتبار مجموعتي هي الأولى التي تعمل وبقوة مع السوق الإيراني فذلك يعني إذا قمنا بإنشاء مصنع لأجهزة التلفاز في سورية، خاصة وأن العلاقات ممتازة بين البلدين، وفتح السوق الإيراني الذي يبلغ عدد سكانه نحو 70 مليون نسمة يعتبر من أكبر أسواق الشرق الأوسط، فنحن نعول على المسؤولين الذين وقعوا اتفاقية مع إيران وتمت مناقشتها في زيارة الرئيس الأخيرة إلى إيران فإذا طبقت تلك الاتفاقية فنحن جاهزون لإنشاء ذلك المصنع.
* كيف يستطيع الدكتور رضوان خواتمي أن يخدم الصناعة والصناعيين في سورية في ظل ما تعانيه الصناعة الوطنية من مشكلات حقيقية تتعلق بقدم الوسائل والتكنولوجيا وعدم كفاءة الأيدي العاملة وصولاً إلى المنافسة الشرسة بين المحلي والمستورد، وانتهاء بتراجع دورها لصالح قطاعات ريعية كالمصارف والتأمين والعقارات.
** في الحقيقة أن أول هدف ننظر إليه هو كيفية نقل التكنولوجيا إلى سورية، فكلمة نقل التكنولوجيا يستخدمها العديد، إلا أنه وللأسف لا أحد يدرك ما خلفية ذلك النقل، فنحن بإمكاننا أن ننقل جزءاً من تلك الوسائل التكنولوجية وأن نقوم بإنتاج الجزء الآخر بشكل محلي، فالنسبة لي زرت سورية والعديد من المصانع فيها، وأؤكد أن هناك إمكانيات كبيرة لتطوير نقل التكنولوجيا إلى سورية وخاصة بوجود مبادرات وقوانين عديدة تم تحضيرها وخاصة في المجال البنكي، والمناطق الصناعية الجديدة التي تم تخصيصها وإعطاء الاستثمارات إلى من يريد أن يستثمر في أي منطقة صناعية في سورية، وكل تلك العوامل مساعدة ومهمة ونحن كمجموعة صناعية في إيطاليا وقبل كل شيء ننظر إلى التسهيلات الداخلية في الأسواق، فالسوق الداخلي لسورية ليس كبيراً كفاية مقارنة مع بقية الأسواق، كما أن القوة الشرائية للمواطن السوري ما تزال محدودة إلى الآن، فذلك يجب أن نبدأ بعملية التنافسية، الأسواق قد فتحت حالياً ونحن يجب سواء قمنا بالتصنيع الداخلي أو بالتصدير فلابد أن يكون لنا منافسين في الأسواق الداخلية مع أية ماركة أو علامة موجودة في العالم، وعندما قمت بدراسة مشروع طومسون في سورية، أؤكد بأننا في حال دخولنا السوق السورية سنكون على مستوى منافسة البضائع التركية أيضاً وهذا معناه أننا سنأخذ حصة في السوق الداخلية السورية، وسنقوم بالتصدير، ومثال آخر يقول أن هناك أحد المصانع الذي قمت بإنشائه شخصياً في الأردن ودون ذكر اسمه كان يقوم باستيراد البضائع من مجموعتي في إيطاليا، مع قيامه بتركيب بعض القطع الصغيرة وبعد ذلك يقوم بتصديرها إلى سورية معفية كاملة وذات شهادة منشأ أردني، وهذا بدوره أثر على المنتجين السوريين بشكل كبير، فنحن نريد أن نلغي هذه الأزمات الصغيرة الموجودة لأنها تشكل عقبات كبيرة، كما أننا نريد بعمل برنامج صناعي كبير يبدأ بتجميع أجهزة التلفاز وينتهي بتصنيعها لأنه وكما نعلم بأن هيكل التلفاز يحتاج إلى قوالب وآلات ضخ بلاستيكية كبيرة وهذا موجود ويمكننا نقله إلى سورية، وإذا قمنا بعمل برنامج صناعي متكامل على المدى البعيد فعندئذ نستطيع فعلاً إنتاج أجهزة تلفاز محلية وهذا ما يعطي قيمة مضافة وشهادة منشأ.
* دعنا نعود إلى إيطاليا، ونقول أن المواطن العربي عموماً والسوري بشكل خاص يحارب نوعاً ما بشكل يضعه عند حد معين من النجاح والشهرة، فهل تعرضت أو واجهت نوعاً من تلك الحرب..؟
** أؤكد ومنذ وجودي في إيطاليا لأكثر من 42 عاماً لم أرى ذلك ولم أجابه أي نوعاً من تلك الإعاقات، بل كنت دائماً متشجعاً في الوقت الذي ألقى فيه الدعم القوي الغير محدود من قبل اتحاد الصناعيين الإيطاليين ألقى فيه الدعم القوي الغير محدود من قبل اتحاد الصناعيين الإيطاليين ورجال الأعمال الذين جمعت بيننا نوعاً من التعاملات على مدى السنين الماضية، وهنا يجب أن أذكر بنقطة هامة هو أنه في آخر مجلس إدارة لمجموعتي تكلم رئيس مجموعتي وقال كان هناك حرب من قبل مجموعتي ضد التركيز الذي أصبح بيدي وأنه من غير المعقول أن نصنع شركة يعمل بها أكثر من 19 ألف عامل بيد شخص واحد ومن أصل سوري وعندما تكلم في اللجنة التأسيسية للمجموعة وقال أؤكد ثقتي الكاملة بالدكتور خواتمي، فنحن دولة مفتوحة فمن هو أفضل من الدكتور خواتمي فليتقدم ولأننا لم نجد أفضل منه فأنا أؤكد ثقة المجموعة كاملة به، وهذا ما أسعدني جداً فعندما أعطاني الكلمة توقع أن أشكره وأن أقول له اشكرك سيدي الرئيس، فقلت له كلمتين أثارت التصفيق لمدة خمس دقائق من قبل الموجودين أثناء اللجنة التأسيسية فقلت له "أعطيتني حقي" ولم تعطني أكثر من ذلك.
*ننتقل الآن الى النشاط السياسي الذي سمعنا عنه كثيراً في هذه الزيارة؟
** من الناحية السياسية باعتبار أنني وجدت صعوبات كبيرة، ووجدت نفسي محارباً ولكن ضمن الأصول السياسية المعروفة، لأنني عندما التقيت بسيادة الرئيس بشار الأسد في دمشق قال لي "دكتور رضوان يجب أن تركز اهتمامك على العلاقات البرلمانية لأنك بنيت اسماً وبنيت ثقة وعملت إلى جانب رئيس وزراء إيطاليا السابق، فمن هذا المنطلق يجب أن تبني حركتك السياسية وعلى ضوئها أسست حركة سياسية إيطالية وهو حزب منتسب إليه حالياً نحو 42 ألف شخص ويعتبر من أفضل الأحزاب ويحمل اسم حزب الإيطاليين الجدد ونال ثقة كافة القوى السياسية، حتى أنه في آخر المؤتمر التأسيسي الذي قمت بعقده منذ تسعة أشهر طلب أن يتحدث في مؤتمري سلفيو برلكسوني فتكلم عن طريق الأقمار الصناعية وقال هذا هو مواطننا الإيطالي ذو الأصل السوري الذي نفتخر به سياسياً وسنمنحه كافة الدعم، وبالفعل فقد أرسل لينوب عنه وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني الذي كان حاضراً المؤتمر إلى جانب نحو 56 شخصاً بين نائب وسيناتور كانوا قد منحونا كامل الثقة خلال المؤتمر، ويمكن وصف الحزب اليوم بأنه قوي فضلاً عن مشروع قانون يتم إعداده الآن وكمحبة لي حمل اسم قانوني خواتمي الذي يطالب وأطالب بإعطاء حق الانتخاب والاقتراع.لكل مواطن يقيم على الأراضي الإيطالية لأكثر من خمس سنوات ومشروع القانون حالياً في البرلمان كما أن حزبي له الحق أن يرشح على الأقل ستة نواب إلى البرلمان الإيطالي و3 سيناتوريه إلى مجلس السيناتور، إلى جانب العروض التي قدمت لي لدخول البرلمان الإيطالي حيث أن هناك إمكانية لدخوله في الانتخابات القادمة، مع الثقة الكبيرة التي منحني إياها رئيس مجلس النواب الإيطالي الذي تجمعني معه اجتماعات ولقاءات عدة ودائمة إلى جانب العديد من السياسيين الإيطاليين، وبالتالي يمكن أن أقول بأنني نفذت رؤية السيد الرئيس بشار الأسد وأنا الآن أحضر له تقريراً كاملاً بما توصل إليه الدكتور رضوان خواتمي.
* هل نشاط الحزب متوقف على مدينة ميلانو ومنطقة الشمال نظراً لتواجدك فيها أم يمتد نشاطه ليشمل مناطق أخرى..؟
** نحن متواجدين في كل المقاطعات الإيطالية من صقلية إلى ميلانو ومن روما إلى فينيسيا، كما أن هناك تواجد كامل خلال المؤتمر السنوي الذي سينعقد في 27/9/2010 وسيشكل مؤتمراً حاسماً لاننا سندخل من خلاله اللعبة السياسية الإيطالية حسب القوانين الديمقراطية التي ترعى كافة الأحزاب، وسننتقل من حركة الإيطاليين الجدد إلى حزب الإيطاليين الجددد، وأعتقد أنه سيلعب دوراً كبيراً وفعالاً في الحياة السياسية الإيطالية.
* هل تعتقد أن بلسكوني وفراتيني قرؤوا الصورة السياسية المستقبلية وهم الآن في حالة "خطب ودكم"؟
** سأحاول الإجابة على سؤالك مشكوراً عليه من خلال شقين الأول هو أنه في إيطاليا كل مغترب كان يطلق عليه قبل خمس سنوات من يأتي خارج المجموعة الأوروبية وكان اسم سيء لأنه أطلق على أخواننا المغاربة الذين رحلوا لظروف قاسية وصعبة فعندما يقال ذلك الاسم فإن ذلك يعني أنه بعيداً عن المجتمع وعندما أسست حزبي اسميته الإيطاليين الجدد، وأن رئيس الجمهورية في خطابه الأسبوع المنصرم قال إننا لن نستخدم بعد الآن اسم الخارج من المجموعة الأوروبية ولكننا سنقول الإيطاليين الجدد الذي أطلقها الدكتور رضوان خواتمي، ومن جهتي أرسلت له رسالة شكر، أما الآن فالأحزاب الإيطالية جميعها تحاول بأي طريقة الاتصال بنا والمحاورة معنا، والمفاوضات ستتم بشكل مباشر معي من أجل كسب الأصوات التي سندلي بها عن إقرار مشروع قانون، وهناك نحو 2 مليون و 950 ألف صوت.
جديد سنبدأ بالتصويت بهم في حال مر القانون، وهذه بحد ذاتها ديمقراطية وعلى سبيل المثال فنحن في مقاطعة بمرديا في ميلانو والتي تعتبر محافظة ذات قوة ونفوذ ضخمة ثم انتخابه بفرق عشرة آلاف صوت، أما بالنسبة للأصوات التي أمثلها في المقاطعة نفسها فيزيد عن 450 ألف صوت أي أنه في حال استخدمنا فقط 10% من نسبة الأصوات بمعدل 45 ألف صوت سنعود قادرين على اختيار المحافظ الذي سنراه مناسباً كذلك النواب التابعين لتلك المقاطعة، وأعود وأؤكد ثانية أنه سيكون لنا دور هام وكبير، أما بالنسبة للتمويل فكل شيء يتعلق بهذا الاتجاه يكون من قبلي بشكل مباشر، فعلى سبيل المثال ارتباطي الآن مع رئيس مجلس النواب الإيطالي وحسب توقعاتي فهو رئيس وزرائنا القادم وارتباطي معه لأن سياسته ضد سياسة برلكسوني، فهنا قمت بشراء صحيفة كاملة وأقوم وعلى نفقتي الخاصة بتخصيص صفحة أسبوعياً ونشرها له وباسم حزبي و نبين له من خلالها آخر تطلعاتنا.
فحزبنا حزب ضخم وقوي يعمل بهدوء، ومازلت أذكر كلمات السيد الرئيس عندما قال لي كالمثقاب نفتتح ونؤسس ومن ثم تنطلق إلى المرحلة الثانية، فمنذ خمس سنوات وعند اجتماعي بوزير الصناعة قررت أن أؤسس لتشكيل هذا الحزب، فنحن الحزب الوحيد في أوروبا وهناك شيء آخر، فمجموعتي تعد من اكبر المجموعات التي لم يوجد مثيلاً لها في ايطاليا.
* هل سيبقى الحزب محصوراً بالإيطاليين الجدد أو أنه سيتوجه إلى شرائح أخرى؟ **أستطيع أن أعطيك الآن مرتبة عضو شرف في حزبي، لأنك تتكلم عن مشاريعنا المستقبلية وهذا شيء جميل يمكن أن يصدر من صحفي، ففي سبتمبر المقبل سنفسح المجال ونفتح الأبواب لجميع الإيطاليين، ولكنني ومنذ البداية قررت أن أبني قاعدة أساسية مهمة وأن تكون موجودة وهي حزب الإيطاليين الجدد.
* هل تقوم بإبلاغ سورية بكافة التطورات التي تمر بها أم أنك تنتظر الفرصة الساعة لذلك..؟
** في الحقيقة أريد فقط أن أتكلم في النتائج، فنحن بحاجة لنتائج، فطبيعة شخصية أي رجل أعمال تفرض عليه أن يكون واقعياً ولا أريد أن أستخدم عبارة أتمنى بل عملت..، فالحزب حتى هذه اللحظة بلغ من العمر خمس سنوات وقاعدته السياسية ضخمة، فتصور أننا لدينا في إيطاليا حزب اسمه "ليقال أوف"، هذا الحزب المتطرف ضد الإيطاليين الجدد وأنت تعلم بوجود العديد من الأحزاب المتطرفة في فرنسا وانكلترا، أما بالنسبة لذلك الحزب المتطرف فهو يطالب بالاستقلال عن إيطاليا أيضاً، فما بالك بالعلاقة التي يكنها لنا نحن الإيطاليين الجدد، ذلك الحزب المتطرف طلب الاجتماع معي بسرية تامة، ثم سربوا معلومات إلى اكبر صحيفة إيطالية وهي صحيفة سياسية تدعى كوريردي لاسيرا تحتل المرتبة الأول بين الصحف، وكان مقالاً ممتازاً، وأحد النواب الذين حضروا الاجتماع معي قال إذا كان الإيطاليين الجدد كما رضوان خواتمي فنحن سندعمه فهذا الحزب المتطرف غير أيضاً مواقفه اتجاه جميع المهاجرين من خلال سياستنا المعتدلة، فقلت له هناك مسائل عديدة تربط بيننا وبينكم فأنتم تريدون محاربة الهجرة الغير قانونية ونحن لا نؤيد الهجرة الغير قانونية، وأنتم تخشون من الإجرام والجريمة ونحن كذلك، أنتم لا تحرصون على إيطاليا كدولة واحدة، أما نحن فنحرص عليها كدولة واحدة وهذا الفرق بيننا وبينكم، ونحن في اجتماعاتنا التأسيسية عندما نفتتح أي مؤتمر نبدأه بالنشيد الإيطالي، وأنتم تحاربون العلم الإيطالي فإذاً نحن أكفأ منكم بمحبة إيطاليا، كذلك في الدفاع عنها ونحن من مؤسسي لإيطاليا، من خلاله ابتدأ الحوار بيننا وبين الحزب المتطرف فما بالك بالأحزاب اليسارية القريبة جداً منا، والاشتراكية أيضاً كما أن أعضاء ونواب حزب برلسكوني هم قريبون جداً مني، إلا أن هناك اختلاف في وجهات النظر بيني وبين رئيس مجلس الوزراء برلسكوني وقلت له أكثر من مرة عندما اجتمعت به شخصياً، أنك عندما طلبت المشاركة في مؤتمري وأذكر كلامك لي عندما قلت يا سيدي الرئيس وأمام الصحافة أعدك رسمياً بأننا سنعطيكم حق الانتخاب عندما تتشكل حكومتي بعد 48 ساعة، وأنت لم تفي بوعد وها نحن ننتظر الوعود منك، أما الآن فسياستك تختلف عن سياستنا فنحن نتحالف مع من يقف إلى جانب قضيتنا التي لا تعني فقط بخمسة ملايين مهاجر، ولنا وزننا السياسي والاجتماعي والاقتصادي ولكن المسألة برمتها مسألة مبدأ أخلاقي واقتصادي واجتماعي فهناك نحو 700 ألف طفل، ولد في إيطاليا من آباء وأمهات مهاجرين، وأنا مسؤول أمامهم جميعاً، فلذلك قاعدتي الشعبية والانتخابية لن تسمح لي بعد الآن أن أتحاور معك، فتهم عندئذ تلك النقطة.
* كيف تصفون أنفسكم ضمن القاعدة السياسية الإيطالية؟ هل أنتم حزب يساري أم يساري وسط أم أنكم لم توصفون بعد؟
** نحن حتى الآن نتعامل مع كافة الأطراف التي تمديدها إلينا، من خلال برنامجنا السياسي الواضح جداً، والمكون من 36 بند، فهناك العديد من الأحزاب اليمينية واليسارية أيضاً تتعامل معنا بصورة شفافة، حتى الآن لم نأخذ موقفاً سياسياً محدداً لأننا لا نريد أن ندخل في اللعبة السياسية الإيطالية يميناً أو يسارناً، فنحن مع هذه الدولة التي نعيش بها حيث نمثل 10% من الناتج القومي لهذه الدولة، ونريد أن يكون لنا وزننا أن نكون محترمين مع كامل حقوقنا في هذه الدولة، لأننا أتممنا واجبنا، وعندما أتممناها فصار لزاماً أن نأخذ حقوقنا وأؤكد أننا لن نتنازل عن حق واحد من حقوق مواطنينا لقاء صوت سياسي أو آخر.
* كيف تقيم حضور السوريين سواء في الحزب أو مجموعتك الاقتصادية..؟
** الجالية السورية في إيطاليا صغيرة وليست كبيرة، فأكبر جالية عربية في إيطاليا هي الجالية المغربية والجالية التونسية وغيرها من الجاليات العربية والأجنبية لذلك فقاعدة الحزب السياسية تضم أصواتاً وأعضاء من كافة الدول، أما بالنسبة للسوريين فهم دائماً إلى جانبي ويشاركون في جميع الفعاليات، فعندما تم اختياري رجل أعمال السنة كانت هناك مشاركة سورية واسعة وكبيرة من قبل الجالية والسفارة والقنصل الفخري، بينما على المستوى الاقتصادي ليس هناك أية علاقات بيننا، لأن كل منا يعمل في مجاله، ومن جهة أخرى معظم أفراد الجالية السورية هم من الأطباء.
* سرني جداً أنه وبعد 40 عاماً من الاغتراب ولا يزال لسانك عربياً فصيحاً لا يخطئ وهذا أمر جميل جداً، فعندما تحدث الدردري في المؤتمر الاقتصادي الأورو متوسطي قال لا أتحدث العربية لأنها لغة أجنبية هنا بل لأنها لغة أم، فما هي مكانة اللغة العربية لديك؟ وكيف تخدم هذه اللغة؟
** اللغة العربية لغتي الأم، وأحاول دائماً بجهد كبير أن أتابع قراءتها كذلك أقوم بقراءة 4 صحف عربية من أصل 13 صحيفة أقرأها يومياً الصحف السورية المرسلة إلي من الجالية أو السفارة وكل ذلك من اجل المحافظة على لغتي العربية، لأنها فعلاً اللغة الأم التي يجب أن نبذل قصارى جهدنا بالمحافظة عليها، فهنالك الكثير من المغتربون من يفتخر بأصله وبلغته وبتاريخه، فعلى سبيل المثال في عام 1981 عندما كنت مديراً لمركز الأبحاث في الأمم المتحدة كجهة استشارية، كان هناك رغبة من الأخوة الفلسطينيين بدعوة ياسر عرفات إلى إيطاليا، وفي تلك الأثناء كانت رئيس مجلس الوزراء الإيطالي من الحزب الجمهوري الذي يتمتع بقاعدة يهودية ضخمة فرفضوا زيارته فأوكلوا إلي مهمة زيارة رئيس الوزراء الإيطالي السابق، وأن شعبه الذي حرم منه أرضه وحقوق وحيث أن رئيس الوزراء السابق إنسان متفهم لهذه المسائل، فقمت بتلك المحاولة التي كان من المستحيل النجاح بها، فأقنعته بذلك، وتمت دعوة ياسر عرفات لزيارة إيطاليا، وعندما وصل عرفات إلى إيطاليا قيل له إن وراء زيارتك لإيطاليا مواطن سوري قام بدعم هذه الزيارة وهذه الزيارة كانت سبب وراء مقولته الشهيرة "لقد حضنت سورية القضية الفلسطينية على مستوى البلاد العربية، والآن المواطن السوري هو خلف زيارتي لإيطالية، فتشكرته على ذلك، أستطيع أن أقول أن تلك هي روابطنا القوية البعيدة عن المظاهر والتي تتجلى بالفعل وقوة الفعل، فأنا أنطلق دائما من مبدأ حرية القرار فيجب أن يكون لدينا حرية قرار، لذلك فقد أثارني وأعجبني ما قاله الدردري بأننا لن نتنازل عن نقطة من حقوقنا، فقال له المشاركون العرب بأنك تحدثت بلساننا وأنا هنا في إيطالي استطعت الحصول على ثقة كاملة من قبل القوى السياسية من خلال مبادئي التي لا أتنازل عنها حتى وإن كانت جمر من النار، وهذا مصدر الثقة التي حصلت عليها من قبل السياسة والإيطاليين.
* بعبارات وسطور مالذي يمكن أن تحدثا عن عائلة الدكتور رضوان خواتمي...؟
** عائلتي إيطالية وهي مكونة من ولدي اليساندرو والبالغ من العمر 33 عاماً ويعمل حالياً في مجموعتي ولدي طفل صغير عمره ستة أشهر، أما القسم الآخر من عائلتي فمازالوا يعيشون في سورية بمحافظة حلب وعائلة الخواتمي عائلة كبيرة يبلغ عدد الأشخاص الذين يحملون نسبة خواتمي 2100 شخص، وولدي يتقن اللغة العربية ويزور سورية باستمرار، كما يوجد أصدقاء لنا في سورية فأثناء زيارتي الأخيرة، قمت بإعادة بناء لعلاقاتي ومستقبلا إن لم ادخل كعضو في البرلمان الإيطالي فإنه ومن الممكن أن أخدم سورية في المجال السياسي.
