سيريانديز فن وثقافة – نور ملحم
يعتبر الفن الشرقي من أرقى الفنون عربياً وعالمياً، تألقت السينما العربية أيام العروض في الأبيض والأسود, وبلغت ذروتها من خلال الأفلام الاستعراضية, حيث كانت الفنانة التي يتم تقديمها تعرض اللوحات الراقصة المنفردة التي تجذب الناظرين إليها بطريقة مميزة وفريدة من نوعها لصالات السينما، وتشاهد الناس على شكل طابور آنذاك من أجل حجز المقعد في الصفوف الأولى، لمشاهدة هز البطن بشكل فني بكل معنى الكلمة، فالوصلات التي قدمتها بديعة المصابني, تحية كاريوكا, نجوى فؤاد، فيفي عبدو, سامية جمال, ونيلي.. لابد أن بها مجهوداً كبيراً تم بذله من قبل الفنانة حتى نجحت بأداء الرقصة التي تشبه عود الرمان، والتي لا تستطيع أي فتاة عادية تقليد الراقصات التي كانوا يقدمون مشاهد راقصة في الأفلام أو يرافقون المطرب خلال أدائه أغنيته في الفيلم، مثل فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهم الكثير.
كان الرقص رقصاً، المشاهد يتمتع بحركات الجسد التي تحلق به بعيداً عن العالم ناسياً أنه من سكان الأرض، حتى "فوازير رمضان" التي كنا ننتظرها من السنة إلى السنة، والتي كانت تقدم من قبل: نيللي وشريهان وسمير غانم وهالة فؤاد وغيرهم، كانت تحتوي فقرات راقصة تم التدريب عليها من أجل إتقانها وتوصيلها إلى المشاهد، بعيداً عن الابتزاز والحركات الغرائزية كما تفعل راقصات اليوم.. في الماضي كانت فرق الرقص والدبكة تعد على الأصابع في الوطن العربي، لذلك من السهل متابعة أخبارهم وحفظ أسمائهم، ولكن لنقف على ما نشاهده اليوم من الرقص الذي يعرض في الفيديوكليبات، سوف نجد الكم الهائل كل يوم تقدمه الفضائيات من مطربين وراقصات، مما أدى أن أي مطعم أو فندق ضخم أو عادي أصبح بمقدوره أن يأتي بمغنية رخيصة تتعرى وترقص وتتدلع، ويمكن أن تفعل ما تستطيع أن تفعله الراقصة الحقيقية، حتى أصبحت الساحة الفنية مثل ساحة المعركة، مع احترامي الكلي للأسماء الكبيرة، نشاهد بعض الشابات اللواتي ليس لهن صلة بالفن ولا يمتلكن صوتاً جميلاً ولا ثقافة ولا جمالاً، بل كله عمليات تجميل من نفخ إلى رفع إلى شد وماكياج، والشاطرة يلي تلبس الأقصر، من تنانير وكنزات "كات" و"شورتات" ومقابل تكلفة مادية بسيطة, هؤلاء الفنانات ومع الأسف حرام فيهن هذه الكلمة، لأنهن مجرد فتيات يسعين وراء الظهور بأي طريقة كانت، حتى ولو فقدن معنى الحياة من كرامة وشرف واحترام، لأنهن مثل السلعة التجارية التي تباع وتشترى مقابل المال والجواهر والسيارة وغيرها الكثير، ووراء هؤلاء الراقصات فضائيات رخيصة ومبتذلة تعمل على تقديم الفنانة كوجبة شهية على طبق من فضة، خلال الفيديوكليب الذي تبدو فيه الفنانة أو الفنان ومن معه من راقصات كأنهم في حفلة جنون من الرقص المبتذل، مجرد هز الصدر والبطن وتوصيل أشارات غرائزية فاضحة يشاهدها الصغار قبل الكبار، يرفعن الأيدي ويلوحن الشعر، وعندما تفشل الراقصة بإيصال الرسالة المطلوبة منها في الأداء يأتيها المنقذ: كاميرا المخرج لتنتقل وتشوش على المشاهد من الخصر إلى العين إلى البطن حسب مزاج الأخ في التنقل بالكاميرا، هذه هي راقصات اليوم بالشورتات والتنانير القصيرة، وبكرة الله العليم بشو رح يكون الرقص!!..
التساؤل الذي يتردد في ذهني: لماذا لا تتحرك وزارة الإعلام وتمنع مثل هذا النوع من الفضائيات من الظهور، كما تمنع بعض المواقع الإلكترونية التي تعتبرها خطيرة على المجتمع، وإذا حرمت بعض الفنانات من الغناء بحجة الإغراء الذي يقدمنه بطريقتهن في بلدانهن، ولكن المضحك في الموضوع هي حرمت من الغناء في بلدها ولكن في الوقت نفسه يعرض الفيديوكليب الخاص بها على الفضائيات، يعني طبقت المثل الذي يقول: "سكرنا الباب رح طلع من الشبّاك".