السبت 2012-06-09 18:18:19 |
رئيس التحرير |
في مديح التخلف!!! |
كتب: أيمن قحف لم تستطع أحداث خمسة عشر شهر دامية أن تتسبب في إعلان "انهيار الاقتصاد السوري"! خمسة عشر شهراً تعطلت فيها الحركة الاقتصادية وهبطت الإنتاجية إلى الحدود الدنيا .. يحاول المحللون الاقتصاديون في سورية والعالم تحليل هذه الظاهرة العجيبة، فالظروف التي تمر بها سورية كفيلة بتدمير الاقتصاد الصيني أو الأوروبي أو الأمريكي!!! إن تراجع الحالة الأمنية يؤدي إلى خفض الإنتاجية وخفض الاستهلاك وتقليص حركة النقل وضياع حالة الاقتصاد ما بين "انكماش" سببه تراجع الإنتاج والاستهلاك وما بين "تضخم" سببه ارتفاع الأسعار ولا سيما مع انخفاض سعر الليرة! لقد أخرت حكوماتنا السابقة الكثير من مظاهر التطور الاقتصادي والاندماج في الاقتصاد العالمي، وحاولت الحكومة السابقة الانتقال لاقتصاد السوق الاجتماعي وتحقيق المزيد من الانفتاح ولكنها مشت خطوة للأمام وخطوتين للوراء فخسرنا الاقتصاد المركزي"بحسناته وسيئاته"، ولم نكسب حسنات اقتصاد السوق ونهلنا من "معين" سيئاته!! ولكن الحكومات السورية التي فشلت دائماً في التعاطي مع الإعلام لتسويق انجازات حقيقية قامت بها، أبدعت في إقناع الإعلام بأن ما أسمته "الخطوات التدريجية"، وهو الاسم الحركي لمظاهر التردد والتخلف والتقصير، أبدعت في تصوير كل ذلك على أنه "حكمة وبراعة وحسن تدبير"!!!؟ عندما عصفت الأزمة المالية العالمية باقتصاديات العالم وانهارت كبريات المصارف الأمريكية والأوروبية واهتزت صورة البورصات العالمية لم نتأثر نحن أو بورصتنا لأننا بالكاد كنا قد دخلنا عصر الأسهم والمصارف الخاصة، لم نتأثر لأننا لم ندخل العصر الحديث أصلاً!! واليوم نستمد من "حكمة" الحكومة السابقة شيئاً ما، فالاقتصاد السوري لم يتأثر بالأزمة كثيراً للأسباب التالية: 1- الصناعة: أساساً لم تكن هناك إنتاجية حقيقية وبالتالي المصنع الذي يعمل بربع طاقته ولا يسوق معظم إنتاجه لن يظهر عليه التأثر، والعامل الذي لا تتجاوز إنتاجيته نصف ساعة في اليوم لا مجال لتراجعها أكثر حتى زمن الأزمة!!! 2- الزراعة: تعتمد على الله والأمطار وجهد كل فلاح في أرضه لذلك لا شيء كثير تغير.. 3- المصارف: كانت تودع الأموال ولا تستثمرها والآن لا تودع الأموال ولا تستثمرها والفارق توفير الفوائد! 4- النقل: بسبب سوء الإدارات وهدرها الهائل يعمل بأقل كفاءة في الطيران والسكك والمرافئ، وهو قطاع يقترب دائماً من الخسارة وهو حافظ على وضعه الخاسر اليوم، وقد يكون هناك خسارة حقيقية لأسطول النقل البري الخاص بسبب الأوضاع. 5- الضرائب: يحكمها عاملا التهرب في مواضع والظلم للمكلفين في أخرى وبالتالي لو نجحت الإدارة الضريبية في تكليف المتهربين على الأقل فإن الحصيلة لن تتراجع كثيراً. 6- الجمارك: تضيع معظم مواردها في فساد هنا أو هناك عبر التلاعب بالقيم أو الكميات وبالتالي لا تأثير كبير على موارد الخزينة نتيجة الأزمة! 7- المحروقات: تخسر الخزينة مليارات الليرات نتيجة دعم المازوت الذي يتم تهريبه، وبما أنه لا يوجد مازوت أصلاً فلا نعتقد أن الخسارة هذا العام ستكون بحجم الأعوام السابقة ما قبل الأزمة! 8- السياحة: كان يأتينا على الورق ملايين السياح، ومع الأزمة لم يعودوا يأتون لا على الورق ولا في الواقع، ولذلك الأمر سيان! 9- الاستثمار: شملنا مشاريع بمليارات الدولارات، ومازلنا، وفي كلتا الحالتين لا يوجد لدينا إلا المشاريع التي بدأت منذ السنوات الأولى لقانون الاستثمار وما زالت مستمرة! 10- القطاع العقاري: نما بصورة مذهلة في السنوات الماضية وصارت هناك أرقام هائلة للاستثمار، وهو قطاع ريعي لا يترك ارتفاعه أو انخفاضه أثراً حقيقياً على الاقتصاد! 11- تبقى القطاعات الخدمية وهي قطاعات مجانية تعطي أقل خدمة بأضعف كوادر ومن حسن الحظ أن الظروف خففت الكثير من مظاهر الهدر بسبب التقشف وبالتالي وفرت الدولة مليارات كانت تذهب عمولات وفساد وخدمات لا تغير في حياة أحد! ...وهكذا ليس لنا إلا أن نقف إجلالاً واحتراماً لأداء حكوماتنا وإداراتنا وحتى موظفينا ومواطنينا الذين حموا البلد اليوم من خلال أنهم أصلاً لم يكونوا يقومون بشيء منتج، وقد وضعنا أنفسنا في الدرك الأسفل وبالتالي عندما حلت الأزمة لم نجد مكاناً أقل من المكان الذي نحن فيه أصلاً في سلم التطور الاقتصادي والخدمي! شكراً لجميع من ساهم في إيصالنا إلى هذه الحالة "في مديح التخلف"!!!!
|
|