ناقش الأطباء المشاركون في المؤتمر السنوي الحادي والثلاثين لنقابة أطباء سورية القضايا المتعلقة بمهنة الطب وسبل تطويرها والارتقاء بالخدمات التي تقدمها النقابة للأطباء بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي.
وبحث المشاركون في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان "أطباء سورية يؤمنون أن الرئيس بشار الأسد ضمان مستقبل سورية الديمقراطي التعددي المعبر عن حضارة وأصالة الشعب" مواضيع متعلقة بدور الأطباء في مرحلة إعادة الإعمار وسبل دعم الأطباء المتضررين من الأزمة الحالية الذين فقدوا أماكن عملهم ومنازلهم وتطوير التشريعات والقوانين المتعلقة بمهنة الطب وخطة النقابة للعام 2014.
وأكد الدكتور الحلقي خلال افتتاح المؤتمر أهمية المنظمات الشعبية والنقابات المهنية في تطوير العمل النقابي وتفعيل دورها في الدفاع عن سورية لافتا إلى دور الأطباء في الوقوف جنبا إلى جنب مع قواتنا المسلحة لتعزيز مسيرة البناء والدفاع عن الوطن وتأمين المتطلبات الأساسية للمواطنين وتقديم الخدمات الصحية والوقائية والعلاجية وما قدمه القطاع الصحي من شهداء وجرحى في سبيل ذلك.
ولفت الدكتور الحلقي إلى أهمية انعقاد المؤتمر بالتزامن مع احتفالات سورية بذكرى تأسيس حزب البعث العربى الاشتراكي وعيد الجلاء وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد مبينا أن المؤتمر مؤشر على "حالة المعافاة التي تعيشها البلاد وعلى الحراك الذي يلعبه الأطباء لتعزيز الحالة الوطنية واستقرارها ".
ولفت الدكتور الحلقى إلى دور نقابة الأطباء في تطوير نظام مزاولة المهنة وتنظيم العمل الصحي وتطوير التشريعات الناظمة له والمساهمة في رسم السياسة الصحية الوطنية وإيلاء الاهتمام بعملية التأهيل والتدريب المستمرين وتعزيز فرص التواصل مع المؤسسات النقابية الطبية الإقليمية والعالمية والاستفادة من تطوير العلوم الصحية وتقاناتها الحديثة ومواكبة التطور العلمي الهائل الذي يشهده العالم داعيا إلى ضرورة مشاركة جميع الكوادر النقابية والمهنية في تعزيز ثقافة الحوار بين أبناء الوطن ونبذ العنف والدعوة إلى المحبة والتسامح وتعزيز ثقافة المواطنة والوحدة الوطنية وحشد الطاقات الخلاقة ووضعها في خدمة الوطن والدفاع عنه.
ونوه رئيس مجلس الوزراء بجهود الأطباء وإخلاصهم في العمل وتضحياتهم الجسام في سبيل عزة الوطن وكرامته مضيفا "وضعتم مصلحة الوطن في المكانة الأسمى فكنتم دائما أصحاب دور طليعي في تأدية الواجب الإنساني تجاه أبناء شعبنا وقواتنا المسلحة بتخفيف آلامهم وتضميد جراحهم".
وجدد الحلقي حرص الحكومة على تقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية مجانا ودعمها حوامل الطاقة والمواد التموينية ومنع المضاربات التي تستهدف الليرة السورية ورمزيتها الوطنية واستمرارها بدعم القطاع الزراعي كخيار استراتيجي للأمن الغذائي إضافة إلى بذلها الجهود اللازمة لتأمين متطلبات برنامج الإغاثة والتعويض على المتضررين والشروع في تنفيذ خطة عاجلة وكفوءة لتأمين أماكن الإقامة المؤقتة للمتضررين من جراء إرهاب المجموعات المسلحة.
وأشار إلى حرص الحكومة أيضا على التعاون مع لجنة المصالحة الوطنية في مجلس الشعب وفعاليات المجتمع الأهلي ورجال الدين والوجهاء والعشائر على إنجاز المصالحات الوطنية على مستوى الأحياء والمناطق لكون طريق المصالحة هو أفضل السبل لإلحاق الهزيمة بأعداء سورية والعروبة والإسلام.
وأجاب الدكتور الحلقي على استفسارات ومداخلات الأعضاء حول آليات تطوير المهنة الطبية وتفعيل دور المراكز الصحية والتأمين الصحي وأتمتة العمل وإعادة تأهيل معامل تصنيع الأدوية والتوسع في صناعة السيرومات لتأمين حاجة القطاع الصحي منها وآليات استجرار الأدوية والتوسع في صناعة الأدوية النوعية وتأمين مستلزمات القطاع الصحي من أجهزة وكوادر.
بدوره أشار عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي عبد المعطي مشلب رئيس مكتب المنظمات الشعبية والنقابات المهنية إلى أهمية دور الأطباء والنقابات المهنية إلى جانب الحكومة والمنظمات الشعبية في الظروف الراهنة ولا سيما ما يخص إعادة إعمار المشافي والمستوصفات وتوفير الخدمات الطبية للمرضى والمصابين الذين تضرروا من الأعمال الإرهابية.
وذكر مشلب أن المؤتمرات الطبية النقابية محطة مهمة لمناقشة الأفكار والمقترحات الخاصة بتطوير المهنة والارتقاء بمستوى الطبيب العلمي والمهني والاجتماعي وبما ينعكس إيجابا على مصلحة الوطن والمواطن.
من جانبه بين الدكتور سعد النايف وزير الصحة أن الوزارة ورغم التحديات والضغوطات التي تواجه القطاع الصحي مستمرة بتوفير خدماتها المجانية إضافة لأدوية الأمراض المزمنة والأدوية النوعية واللقاحات لجميع المواطنين والتي تتجاوز كلفتها السنوية 10 مليارات ليرة سورية.
وأشار وزير الصحة إلى أن الوزارة تعمل ضمن إمكانياتها على توفير التجهيزات والمستلزمات الطبية للمشافي والمراكز الصحية الموزعة على المحافظات وكان آخرها شحنة طبية تتجاوز 135 طنا إلى محافظة حلب تتضمن تجهيزات طبية وأدوية نوعية وشحنة تجاوزت 120 طنا لمحافظة الحسكة مبينا أن الوزارة اشترت تجهيزات بقيمة 10 مليارات و150 مليون ليرة سورية ووزعتها على جميع المحافظات حسب حاجتها.
وذكر وزير الصحة أن الوزارة تسعى لاتخاذ إجراءات سريعة وتنفيذ مشاريع لسد النقص الذي أحدثه خروج عدد كبير من المؤسسات الصحية عن الخدمة نتيجة استهدافها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة من خلال إعادة تأهيل بعض المشافي وآخرها مشفى دير عطية الذي خصص له 500 مليون ليرة سورية وإحداث مشاف ومراكز صحية جديدة آخرها مركز يعفور الصحي ومشفى سالة الوطني بالسويداء ودعم المشافي الخاصة في المناطق المتضررة.
وأكد الوزير النايف أن الأمن الدوائي محقق بنسبة 85 بالمئة والأصناف المفقودة في السوق لا تتجاوز 108 أصناف من أصل 8 آلاف صنف وأن الوزارة تعمل على ترميم هذا النقص بالسرعة الممكنة.
ولفت وزير الصحة إلى أن الوزارة تعمل أيضا على إعادة هيكلة مديريات الصحة بالمحافظات وتوزيع الكوادر الطبية والتمريضية بما يخدم العمل لكنها تواجه صعوبات بهذا الصدد وتسعى مع مختلف الجهات لضبط قرارات نقل العناصر الطبية من مكان لآخر بما يضمن استمرار الخدمة الطبية بالشكل الأمثل مؤكدا عدم وجود نقص في الكوادر الطبية ولا سيما أن الوزارة وزعت عناصر المؤسسات الطبية الخارجة عن الخدمة للمؤسسات القائمة.
وبين وزير الصحة أن عقود العمل المتوافرة حاليا وفي ظل محدودية الموارد المالية مخصصة لذوي الشهداء وللمتقدمين من أصحاب الاختصاصات الدقيقة والنوعية التي تحتاج إليها المؤسسات الطبية.
وكشف وزير الصحة أن الوزارة أطلقت العمل بمعمل الأطراف الصناعية الذي كان متوقفا لأسباب فنية الأمر الذي سيسهم بتلبية الاحتياجات المتزايدة في ظل الظروف الراهنة ووجود عدد كبير من الأشخاص بحاجة لها.
وحول القوانين والتشريعات التي تعمل الوزارة على دراستها ذكر وزير الصحة أن الوزارة أنهت مشروع قانون منح العاملين بمنظومة الإسعاف والطوارئ طبيعة عمل 100 بالمئة لكنه أوقف من قبل وزارة المالية كما أنهت قانون التفرغ لكنه أوقف بمجلس الشعب رغم الحاجة الماسة له إضافة للعمل على إنهاء مشروع قانون مزاولة المهنة وتعديل القانون الخاص بالهيئات المستقلة.
بدوره لفت نقيب أطباء سورية الدكتور عبد القادر حسن إلى أن دور المؤتمرات النقابية لا يقتصر على مناقشة الواقع المهني والصحي بل يمتد ليشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة باعتبار أن النقابات والمنظمات الشعبية هي المكون الأساس للمجتمع الأهلي في سورية ويقع على عاتقها تنشيط وتفعيل الحركة الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنقابية ووضع خطط وبرامج للنهوض بالمواطن والمجتمع.
وأكد الدكتور حسن أن الأطباء سيؤدون مع شرائح المجتمع كافة دورهم في الاستحقاقات الوطنية القادمة المتمثلة بإعادة الإعمار وبناء ما دمره الإرهابيون من مشاف ومراكز تخصصية وعيادات وتعزيز الوحدة الوطنية ونشر مفاهيم المصالحة والتسامح.
وأكد الدكتور يوسف أسعد نقيب أطباء دمشق ضرورة تعيين بديل عن الأطباء المتسربين من عملهم والذين باتوا خارج سورية ورفع سن تقاعد الأطباء إلى 65 عاما وتسريع إحداث الهيئة اللعامة للطب الشرعي ومنح أطباء التخدير حقوقهم سواء من ناحية الأجور أو الحوافز والتأكيد على وجود طبيب تخدير في كل غرفة عمليات لضمان سلامة المرضى وتوفير فرص عمل إضافية لأطباء التخدير.
بدوره أشار الدكتور أديب محمود مدير مشفى دمشق إلى ضرورة إتاحة الفرصة أمام الهيئات الطبية المستقلة للتعاقد مع شركات التأمين الصحية كمقدمي خدمات بما يعود بالفائدة على إيرادات هذه المشافي وبالتالي خدماتها للمواطنين ورفع إنتاج شركات القطاع العام من السيروم نظرا للحاجة الملحة له في الظروف الراهنة والتأكيد على دور الروابط والجميعات العلمية في تنفيذ برامج الوزارة التوعوية.
20140414-182919.jpg
وطالب الأطباء في مداخلاتهم بضرورة إعادة دراسة مشروع التأمين الصحي ومحاسبة شركات التأمين التي تحولت إلى شركات تجارية هدفها الربح فقط والإسراع بإصدار قانون تفرغ الأطباء وتوفير عقود سنوية للأطباء الذين دمرت عياداتهم وتعويضهم ليعودوا إلى ممارسة عملهم.
ودعا الأطباء إلى ضرورة تفعيل عمل المراكز الصحية لتخفيف الضغوط والأعباء الكبيرة التي تتحملها المشافي في المرحلة الحالية ودعم المشافي الخاصة في المناطق التي تواجد فيها ضغط سكاني كبير ولا تضم مشافي عامة وفي المناطق غير الآمنة وتساءل بعض الأطباء عن خطط الحكومة المرتبطة بتوفير الخدمات المناسبة للجرحى والمصابين مطالبين باعتماد السيرة الذاتية والخبرة والكفاءة المهنية في تعيين الأطباء الجدد بعيدا عن المصالح الشخصية ومكافحة الفساد في المؤسسات الصحية ومحاسبة الفاسدين وإعادة توزيع الكوادر الطبية والتمريضية بين المشافي والمراكز الصحية.
وتتضمن خطة نقابة أطباء سورية للعام 2014 المساهمة الفعالة في إعادة البناء والإعمار ولا سيما إعادة بناء وتجهيز المؤسسات الطبية المختلفة وإعادة التأهيل النفسي والجسدي للذين تعرضوا للإصابة والأذى جراء جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة.
كما تركز الخطة على وضع تقييم جدي للأطباء الذين تضررت مشافيهم وعياداتهم وأماكن عملهم وسكنهم وإيجاد السبل لمساعدتهم والتخفيف من أضرارهم وإيجاد فرص عمل لهم والبحث عن سبل لزيادة موارد خزانة التقاعد وبالتالي زيادة الراتب التقاعدي للطبيب وإيجاد الوسائل المناسبة للتواصل مع الأطباء المغتربين وحثهم للعودة وتهيئة فرص عمل لهم داخل سورية.
حضر المؤتمر عدد من الأمناء العامين لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ووزير الدولة لشؤون مجلس الشعب ومعاونو وزيري الصحة والتعليم العالي وعدد من أعضاء مجلس الشعب ورئيس جامعة دمشق ورئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري ورئيس هيئة الاختصاصات الطبية وعدد من رؤساء النقابات المهنية والمنظمات الشعبية ومديرو الصحة والمشافي وعمداء كليات الطب ورؤساء الروابط العلمية والجمعيات الطبية.