|
أيمن قحف
مع صدور هذا العدد تنهي الحكومة الحالية عامها الثاني مع تعديلين شملا عدداً قليلاً من الوزراء.
ليست فترة طويلة لتقويم وتقويم منصف ،لكنها ليست قصيرة أيضاً لاعتبارها امتداداً لحكومة تتعامل مع الأزمة بشكل يومي..
تعترف الحكومة الحالية دائماً بفضل الجيش العربي السوري في ما يمكن تسميته نجاحات وتطورات ايجابية رافقت عملها ،وهذه حقيقة لا خلاف عليها ،ولكن علينا القول بإنصاف أن الحكومة في عامها الثاني بدأت تنتقل من إدارة الأزمة إلى التفكير الاستراتيجي ،ومن أبرز المشاريع مشروع سورية بعد الأزمة والمشاريع عبر الوزارية والرؤى الاقتصادية التخطيطية والتنموية التي تعمل عليها .
الحكومة في عملها أعلنت عن رؤية واضحة لآجال التدخل الحكومي على أساس "المسؤولية الوطنية التي تتعدى آفاق الحكومة الحالية إلى التأسيس لعمل الحكومات اللاحقة بما يخدم الشعب السوري".
استند الأداء الحكومي على ثلاثة مستويات رئيسة :
المستوى الأول :تلبية متطلبات مكافحة الإرهاب، إدارة وتمويل اقتصاد المعركة
المستوى الثاني :الاستجابة التكتيكية لمفاعيل الحرب ضد الإرهاب ومحاولة تطويع المتغيرات الاقتصادية وتخفيف تدهور المؤشرات الاقتصادية تناسباً مع متطلبات المستوى الأول، وعلى أساس ترتيب الأولويات.
المستوى الثالث :تضطلع الحكومة بمسؤولية التأسيس لاستمرارية وديمومة النشاط الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب، وفقاً لمبادئ التنمية المستدامة وتأسيساً لعمل الحكومات المقبلة (البرنامج الوطني لسورية ما بعد الأزمة، المشاريع عبر الوزارية كأولويات استراتيجية)
نضج الأداء الحكومي تدريجياً على الصعيد الكلي لكن على الصعيد القطاعي تفاوت أداء الوزارات والوزراء بصورة لحظها المواطن العادي..
هناك أمور يمكن قياسها ويستطيع رجل الشارع تمييز أداء هذا الوزير أو ذاك ،وهناك أمور لا يظهر حجم النجاح أو الفشل فيها بشكل مباشر ،هناك جنود مجهولون للنجاح وهناك مسببون للفشل مجهلون أيضاً..
لم تستطع الحكومة –رغم وضوح الدستور – أن تستقل عن السلطة الحزبية التي يفترض أن تعمل بطريقة مؤسساتية استراتيجية فيكون تدخل الحزب في السياسات العامة وفي تعيين حصته من المناصب كحزب يملك أغلبية في مجلس الشعب ،لكن بقي التدخل اليومي قائماً بالإضافة للتدخلات الأخرى التي تبطئ وتيرة الانجاز..
لم تحقق الحكومة الحالية أي نجاح يذكر في مكافحة الفساد و لم تظهر أية مفاعيل واضحة للبرنامج الوطني للإصلاح الاداري.
بقي الدور الشكلي للغرف والمنظمات والنقابات رغم اصرار الحكومة على حضورهم في الكثير من النقاشات لكن الرأي يبقى للحكومة بعيداً عن الشارع..
إذا نجحت الحكومة الحالية في استحقاق انتخابات الإدارة المحلية كما ينص عليها الدستور والقانون ومتطلبات المرحلة فمن المفترض أن يشكل ذلك خطوة عملاقة على طريق الديمقراطية الحقيقية وارتباط الشعب بإدارة شؤونه المحلية من خلال مجالسه بحيث يبقى للحكومة القضايا الاستراتيجية الكبرى.
لم تحدث التعيينات الجديدة في المناصب الأقل فارقاً بين القدامى والجدد ولم تتبلور آليات ومعايير وأدوات قياس لتقييم الأداء سواء للمسؤول الحالي أو المرشح..
لم تكن فكرة اللجان الوزارية لبعض المحافظات والمناطق على القدر المطلوب رغم بعض الاشراقات واستفزت المحافظين أو بعض الوزراء في قطاعاتهم.
طغت الجولات الميدانية –خالية الدسم –على صورة الحكومة في عامها الأول وتراجع تدريجياً مع قيود التغطية الإعلامية وبدا من غير المريح أن تبقى الحكومة بأكملها لأيام في محافظة ما وتكون النتائج محدودة من حيث النتيجة!
عطلت الحكومة معظم وزرائها عن القيام بعملهم الأساسي وهو إدارة وزاراتهم فقضوا معظم وقتهم في اجتماعات في الرئاسة وجولات على حساب وزاراتهم وملفاتهم الأساسية!
تحاول الحكومة جهدها لرسم هوية الاقتصاد السوري وأولويات الاستثمار والنهوض بالكوادر وتأمين فرص العمل ، يتميز رئيسها بالصبر والجلد والبوصلة الوطنية الصحيحة ولديه القدرة على تحمل النقد والاعتراف بالأخطاء ولا يحرجه القول أنه غير مختص في كثير من القضايا التي تتم مناقشتها ..
من المؤكد أن أداء الحكومة يتأثر أحياناً بضعف مستوى بعض أعضائها وعدم قدرة البعض على العمل بروح الفريق ،وهذا يجعل الشارع متطلعاً لبعض التعديلات التي يمكن أن تزيل مظاهر الضعف وتزيد الانسجام في الفريق الحكومي.