بخصوص زياد وجوزيف وأنا والكرامة والشعب العنيد …
كنت لسا طالب سنة أولى بمعهد الفنون المسرحية وكنت يادوب بقدر وقتها على مصروفي اليومي والوضع على قدو فكيف انزل ع بييروت
واتبهنك "ع قولة خالتي "
وأنا مولع بزياد الرحباني متلي متل كتار بس يمكن أو أكيد أنا أولهم وأكترهم ، قمت اتديّنت من رفقاتي مصاري تكفيني لروح وارجع ع بيروت وحق بطاقة لمسرحية زياد( بخصوص الكرامة والشعب العنيد) بمسرح البيكاديلي
ومن بين رفقاتي اللي دينوني رفيقة محترمه عطتني الحصة الاكبر من الدين وهي مبتسمة (مابعرف ليش!) بس اشترطت عليي لما أوصل ع بيروت إرميلها بالبحر بالروشة ورقة ملفوفة ومخيّطة يمكن حرز ، ندر ، تعويذة، سحر الله اعلم !
وصلت لبيروت ورحت أول شي نفذت مهمة زت الندر بمي البحر لرفيقتي مو لانها دينتني لاء..
لاني وعدتها ...والأمانة ماكان وقتها بس بتبقى امانة …
وبقيت هيك لصارت الدنيا ليل وانا واقف قدام باب المسرح وبكل ثقة كانت أول مفاجأة انو الكراسي الي ورا اللي للطلاب خلصوا
وباقي بس الكراسي اللي قدام يعني ال vip وحق البطاقة قد اللي بجيبتي بالضبط
يعني عندي خيار من تنين يابحضر المسرحية
يا برجع بكرامة على الشام وبلا العناد اللي انا في ...
ولانو اللي ورايي عالدور نخروا بدني يللا خييي خلصنا…خجلت تلبكت وعطيته لقاطع التذاكر كل شي بحمله بدون تفكير وكأني منّوم مغناطيسيا وقلت عليي وعلى اعدائي بدي احضر زياد الرحباني ..يعني بدي احضر..وبالكراسي الأولى كمان
وإذا يعني طالب وجاييي بالدّين ليش حتى ماكون vip ؟
من دخولي للباب عطوني بروشور وعلبتين دخان فايسروي التي كانت المسرحية براعيتها
وبلشت المسرحية و دامت اربع ساعات
كل الناس كانوا فيها بالأرض من الضحك إلّا أنا
عم فكر كيف بدي إرجع عالشام !!!!
يعني فعليا أنا لا شفت زياد اللي حلمي شوفه وعملت المستحيل لأحضر مسرحيته وما سمعت إلا صوتي الداخلي وأنا عم قول لحالي كل الوقت ::
" بعد ضهر البيدر اذا مشيت مشي كيف بدي أوصل للحدود وقديش بدي وقت ؟ "
خلصت المسرحية وطلعوا الكل وصار المسرح اللي كان عامر بالناس جلوساً ووقوفاً خاوياً تماماً …
وقطعت مونولوجي الداخلي قبل مايتسكر باب المسرح عليي وطلعت لبرا حيث السيارات الفارهة عم توصل ويركب فيها الفارهون والفارهات لحتى ما ضل غيري بالشارع وانطفى ضو المسرح الخارجي
وكانت الشوارع حواليي والبيوت معتمة ايامها
وصوت الليل بيرعب حقيقة ، وكمل النقر بالزعرور
وليصير الجو حميمي أكثر نزلت مطر متل الافلام يعني دراما من كل حدب وصوب صارت معي ببيروت اللي أيامها ما كنت بعرف فيها حدا…
ومشيت بهالليل بالعتم وتحت المطر وأنا إسأل عن طريق كراجات السفر ووصلته بعد ما طلعت روحي.. صاحب مكتب السفريات خبرني وهوه مبتسم ( ما بعرف ليش ! ) انو اول سيارة ع الشام تمانه الصبح وما بيسوى ضل بالمكتب ..رحت قعدت تحت جسر الكولا وحفظت بروشور المسرحية من كتر ماقريته وعيده .. ودخنت علبتين الفايسروي ( مع اني ما بدخن ايامها) ..
وأرخى الليل سدوله حتى جاء الصباح الجميل وصوت العصافير يزقزق وأخيرا ركبت التكسي وطلعنا عالشام وتمايلت على السائق بحذر وخفر وطلبت منه بهمس انو ما معي مصاري و يأجل دفع الاجرة للشام فابتسم هو التاني (كمان ما بعرف ليش!) وهز براسه انو طيّب ، منيّة وجميلة يعني …
وحصل مالم يكن بالحسبان ، عند ضهر البيدر بقى … كان الطريق مقطوع من كتر الثلج .. فخيّرنا الشوفير يا منرجع لبيروت يا منسافر شمال عن طريق طرابلس ولأني كنت الحلقة الأضعف ماديا ماتنفست ولا شاركت بالخيار الديمقراطي بالسيارة واستنيت قرار الشب العسكري والبنت وأمها اللي قاعدين بالكرسي ورا واللي قرروا بالاكثرية الرجعة لبيروت
وانا هون امتقع وجهي واسودّت الدنية قدامي وسكّرت معي عالآخر ، وصلت لجسر الكولا مرة جديدة نزلت وركضت بأقصى سرعة معتمد على ذاكرتي الليلية تبع مبارح ووصلت لمسرح البيكاديلي وخبطّت ع بابو بايديي التنتين وبكل ما أوتيت من قوة... هيك لحتى فتحلي شب من السودان جميل الملامح فيقتو من اربعتو ع كتر الخبيط … ورغم هيك اطلّع فيني مبتسم (كمان ما بعرف ليش!)
قلت له: وين بيت زياد الرحباني؟
الشب: ما بعرف صدقني...
أنا: معي أمانه الو ولازم اعطيه اياها ضروري اليوم
الشب:( شافني جدّي كتير) بتروح من هون عاليمين بعد الجامعة الأميريكية ووو
ووصلت لبيت زياد
ودقيت الباب بكل أطرافي وجوارحي وبقوة...
فتحت الباب فتاة جميلة ووقورة بس مع مسبات
طالت فيها أختي وأمي وشرش العيلة قلم قايم
البنت : ولااه شوباك كسرت الباب شو قصتك !
أنا: (بهدوء قبل العاصفة ) وين زياد الرحباني؟
البنت: انقلع من وشي مش موجود... منك لالو
وكانت رح تسكر الباب لوما انا سندتو بايدي وقلتلها..
أنا: مش ماشي لشوفو
الفتاة : شو بدك منو ؟
أنا: بدي حاكيه كلمتين من خاطري
الفتاة : انقلع قليل أدب و ذوق
أنا: ما رح امشي من هون لشوفو افهمي ...مش ماشي …
الفتاة: (حستني مقايس) وابتسمت(ما بعرف ليش!): بتلاقيه بالحمرا ب....
ووصلت ل بار شي آندريه
وفتحت الباب لقيت البارمان مشغول وواحد ما في غيرو بالمحل قاعد بالزاوية لوحده لابس برنيطة وعاطي ضهرو للباب
صبّحت انا بدوري عالبارمان
وقلتلو: وين بلاقي زياد ؟
البارمان: سعيدة..خير أمور تفضل ..شو بدك منو؟!
أنا: بدي حاكيه كلمتين من خاطري...وتقال
هون ( جفل والتفت ابوالبرنيطة مستنكرا)
: لاه لاااه يا خيي ..تعا تعا لعندي..
وأنا عم قرّب عرفت أنو جوزيف صقر اللي بحبو وبحترمو كتير ..
وقعدت جنبو متل الطفل الصغير وقلبي طلع من محله لما شفته وبدي اعبطه بس ماكانت المناسبة بتسمح وانا بهالحالة
جوزيف :شو تشرب ..؟
انا: متلك متل ما عم تشرب
جوزيف: شو قصتك يا خيي عالصبح ؟
احكيلي شوفي الله يخليك ؟
أنا بقى بلشت احكي لجوزيف شو صاير معي واسرد كل شي صاير معي من صف السابع … وصولا اني بدي شوف زياد وسبه عاللي صار معي بسببه وبسبب مسرحيته ولأني بحبه تبهدلت هيك
وقاطع سردي العميق جوزيف اللي طلب غدا الي والو ..
ولما خلصت حكي رفع راسو جوزيف والدمعة بعيونو متأثر بحكيي ..وقال قوم معي..فقمت
طلعنا لجنب المحل بالحمرا ولقيت سيارة عم تستناني قلي : اطلاع ... طلعت ..وقلو للشوفور
جوزيف: بتوصلو لباب بيته شوفهمت ؟ لباب البيت
والتفت لعندي وقلي :
وائل اجرة السيارة مدفوعة
وامسيك هادا مبلغ للاحتياط خليه معك ولما بتوصل عالبيت بالشام بتحاكيني على هالنمره وما تناقش ..امسيك
أنا: جوزيف..ليش هيك عم تعمل معي انته ما بتعرفني و !!
قاطعني... بابتسامتو الحلوة
(( وبعرف منيح ليش وقللي)
جوزيف : بس .. مشان .. ما .. تسب .. زياد بكل عمرك ...
وقتها انا اللي تعبوا عيوني بالدموع وقلت في رجال هيك وفي صداقة هيك وحبيت جوزيف اكتر ماكنت بحبه وقدرت وقتها اعبطه وبقوة وحبيت زياد اكتر وسامحته ....مع انو زياد مالو علاقة بكل القصة ..
ملحق مهم :
لحد هون خلصت القصة
بس قبل تلت سنين
كنا زايرين ضيعة جوزيف قرطبا
انا وسلاف وحمزه وعلي ع بيت اهلنا
ومن الضيعة ومن بيوتها الدافيه العمرانه بالحب بتعرف ليش جوزيف جوزيف ...
لانو في ديب الحنون اخوه الكبير وجان الملك اخوه الاصغر وخياتو البنات وعيلتو اللي كلها دفا وحب ...
ديب محضر العرقات اللي شاددهون ع ايدو
واخواتوا البنات محضرين التبوله والكبه النية وكل هاد مترافق مع صوت صقر وزياد..
خطر ببالي احكي قصة البيكاديللي والمسرحية لما انقطعت ايامها ببيروت وشو صار معي وشو عمل جوزيف وكيف ساعدني وعطاني مبلغ من المصاري وما حدا قاطعني (لاول مره بحياتي) والكل متأثر بالقصة ومتفاعل معها ...حتى عيلتي اللي سمعوها مني مية مرة كمان متأثرين
الا واحد كان لاطيلي وناطرني لآخر القصة اللي هوه راجي ابنو لجوزيف وقللي بهدوء بيشبه طريقة جوزيف ...
راجي: واخدت المصاري من بيي؟
أنا: إي اخدتهن وقتها لانو …
قاطعني …
راجي: معليش تردلي ياهون لانو أنا مدايق شوي ....
وضحك وضحكت وضحكنا من قلبنا حتى الضيعة الحنونة كلها فاقت وضحكت بهالليلة وضوّت بقوة
وضحكت معنا روح جوزيف ...