كتب معد عيسى
بدأت الجهات العامة تعاني نقصاً واضحاً في الكوادر العاملة لديها، وبدأت تظهر انعكاسات ذلك على أداء هذه الجهات، ولم يعد مستهجناً من قبل المواطنين رد بعض الجهات العامة عند السؤال عن تأخر تقديم الخدمات بأن الأمر يعود لقلة الموظفين وأن الإدارات لا تستطيع الضغط عليهم لعدم وجود بدائل وهذا الأمر يُمكن أن تلمسه بشكل واضح في المشافي، ولولا وجود طلبة الدراسات و المتمرنين في المشافي لكان الأمر يرقى إلى مستوى الكارثة لناحية نقص عدد الأطباء ومُقدمي الخدمات الصحية.
عدد كبير من الإدارات التي انتهى مسارها الزمني تم التمديد لها لأن خروجها بهذه الأعداد سيُحدث إرباكاً كبيراً في الجهات العامة، قانون الحوافز يتم دراسة تعديله قبل أن يُنفذ، أخطاء كبيرة وقعت في المسابقة المركزية أدت الى تفاقم وضع الجهات العامة بدل حلها، إدارات تبحث عن كوادر لتسميتها في مفاصل إدارية وفنية تصطدم بالتقييد الوظيفي لتقييد هذه التسميات بشهادات محددة عدا عن اعتذار كثير من العاملين عن قبول التسميات في هذه المفاصل، جهات طلبت عمال للحفر والصيانة في مواقع عمل خطرة تم تسمية إناث للعمل فيها بدل الذكور.
كل ما سبق إضافة لعوامل أخرى كالهجرة والظروف الصعبة أدى لفراغ مؤسساتنا من الكوادر، وهناك بعض الجهات أصبحت نسبة أعمار العمالة للأعمار الكبيرة فيها تزيد على 70 % ما يعني أن الاستمرار بهذه الآلية في التعاطي مع الوظيفة العامة سيقود لفراغ قطاعنا العام من الكوادر وتردي كل خدماته.
مشروع الإصلاح الإداري أهم مشروع تم إطلاقه في السنوات الأخيرة ولكن الواقع بدأ يكشف عن قصور كبير في فهم طبيعة المؤسسات وبالتالي وجود أخطاء فادحة في المعايير المعتمدة لتنفيذ المشروع وبالتالي تكريس كبير للأخطاء التي كان يتم رفع الصوت لتعديلها في القانون الأساسي للعاملين في الدولة ولا سيما المتعلقة بتطبيق قانون واحد على قطاعين مختلفين هما القطاع الإداري والقطاع الاقتصادي، لا بل أن المعايير المعتمدة في مشروع الإصلاح الإداري ذهبت أبعد من ذلك فساوت بين مَن يعمل في العراء والصحراء وبين من يعمل في مكتب مدلل بكافة الخدمات.
الأمر يحتاج لمعالجة سريعة، والمعايير بحاجة الى تصحيح، وهذا وذاك يحتاج لخبراء ميدانيين وليس أكاديميين المخابر أبعد ميدان وصلوا إليه .