الأربعاء 2009-06-24 12:18:27 كنت هناك
ها نحن مجدداً في برلين

كتب أيمن قحف

يعود عبد الله الدردري اليوم مجدداً إلى برلين بعد عامين ونصف تقريباً من زيارته الأخيرة في شباط 2007،الزيارة التي أجلت لاشهر لتتزامن مع انعقاد الملتقى العربي الألماني والذي ستكون فيه سورية ضيف الشرف هذا العام تتضمن لقاءات مع كبار المسؤولين الألمان وفي مقدمتهم وزير الخارحية ووزيرة التعاون ووزير الاقتصاد وغيرهم وهي تأتي في أجواء مريحة لا يمكن مقارنتها مع الأجواء التي رافقت الزيارة السابقة فالعلاقات مع مختلف دول الاتحاد الأوروبي تحسنت بشكل كبير والزيارات لا تتوقف بين دمشق والعواصم الأوروبية في الاتجاهين.

في شباط 2007كانت زيارة الدردري هي أول زيارة لمسؤول سوري رفيع إلى أوروبا بعد انقطاع أكثر من عامين وكان أمام النائب الاقتصادي الذي وجهت له الدعوة آنذاك بصفة رئيس هيئة تخطيط الدولة أي بمرتبة وزير-كان أمامه امتحان صعب أمام مسؤولين أوروبيين يحملون مواقف –غير ودية-تجاه سورية، ولكن للأمانة كان هناك تمايز لدى الألمان ما بين التعاون الاقتصادي والتعاون السياسي.

أول المؤشرات الطبية في الزيارة كانت رفع مستوى "البروتوكول" من مستوى وزير إلى مستوى رئيس وزراء وبالتالي كنا نعبر شوارع برلين المزدحمة بسهولة يسبقنا موكب مؤلف من عشرات الدراجات وسيارات المراسم وكان جميلاً جداً منظر العلم السوري يرفرف على سيارة النائب الاقتصادي في شوارع برلين حيث يتفرج الناس على موكب "الضيف السوري المهم" وفي حين كان استقبال السيدة هايدي ماري فتشورك تسويل وزيرة التعاون الألماني دافئاً طيلة الزيارة إلا أن بداية اللقاء مع وزير الخارجية شتاينماير ومن بعده المستشار السياسي للمستشارة ميركل كان صعباً وحتى أميل إلى التوتر، فالمسؤولين الألمانيين حاولوا في البداية الحديث بلغة "يجب عليكم!!" ولكن السيد الدردري كان حازماً في رفض لغة الإملاءات وقال بوضوح: نحن هنا لنتحاور ونتشاور لا لنسمع تعليمات، سورية بلد كبير ومهم في المنطقة وليس من مصلحة أحد أن يعامله بهذه الطريقة ومثلما لنا مصالح في هذا التعاون والإجراء المتبادل فإن لألمانيا مصالح في المنطقة ولا يمكنها تجاوز الدور السوري.

وكان هذا الرد نقطة تحول في اللقائين حيث قوبل الحزم السوري برده فعل أكثر لطفاً واحتراماً وانتهى كل لقاء بمصافحة حارة وأجواء إيجابية عبر عنها الجانبان.

وإذا عدنا إلى ما نشر عن الزيارة نقرأ في السطور وما بين السطور التغير الذي حصل :.

يقول الخبر: أكدت سورية والمانيا التزامهما بحوار بناء يثمر تعاوناً سياسياً وشراكة اقتصادية تعود بالفائدة على البلدين وتحقق مصالحهما وتنعكس ازدهارا واستقرارا في منطقة الشرق الاوسط.

جاء ذلك خلال مباحثات السيد عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية في برلين أمس مع فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الالماني الذي اكد خلال اللقاء أن المانيا تدعو الى التعاون والحوار مع سورية وتعارض فرض اي عزلة عليها داعيا الى اقامة تفاهمات بناءة مع سورية تضمن المصالح المشتركة مشيرا الى اقتناع المانيا بأن سورية تشكل جزءا من الحل في منطقة الشرق الاوسط وليست جزءا من المشكلة فيها. ‏

وقال: ان وزارته ستتصل مع جميع اصدقاء بلاده في العالم بما فيها القوى الكبرى لتشجيعها على الحوار البناء مع سورية مؤكدا دعم الخارجية الالمانية للتعاون الاقتصادي بأقصى قوة، وتشجع المستثمرين الالمان على اقامة المزيد من الاستثمارات الالمانية في سورية. ‏

ووعد شتاينماير بدعم بلاده لملف انضمام سورية الى منظمة التجارة العالمية اضافة الى المساعدة بتحسين تصنيف سورية الائتماني في مؤسسة ضمان الصادرات العالمية. ‏

ووصف الوزير الالماني السياسة الاقتصادية السورية التي يقودها السيد الرئيس بشار الأسد بأنها سياسة حكيمة تهدف الى التنمية المستدامة في المستقبل وتهتم بالشق الاجتماعي مؤكدا ان المانيا تريد ان تساهم في هذه التطورات. ‏

بدوره أكد الدردري موقف سورية الداعي الى تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة واستعداد سورية للعب دور بناء في جميع قضايا الشرق الاوسط بما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين مشيرا الى اهتمام سورية بتعزيز التعاون الاقتصادي والفني وجذب الاستثمارات الالمانية الى سورية. ‏

نجحت الزيارة آنذاك وعاد الوفد السوري بوعود ألمانية برفع مستوى التعاون الفني والاقتصادي وبالفعل زارت وفود كثيرة سورية على مستويات متعددة أبرزها زيارة الوزيرة تسويل التي افتتحت البيت الألماني في دمشق الذي يضم كل مشاريع التعاون بين سورية وألمانيا... وبعدها كرت السبحة وزار الدردري لندن وباريس ومدريد وروما ولاهاي وبراغ ووارسو وفي كل مرة كانت تفتح صفحات جديدة للتعاون مع أوروبا...

تحت مطر برلين تمشيت مع الدردري ووزير الصناعة الدكتور فؤاد عيسى الجوني والسفير الناجح  الدكتور حسين عمران.... قرأت في وجه الدردري فرحة بإنجاز طيب واختراق عزيز لأوروبا من البوابة الألمانية وفي كلماته كان هناك تواضع غير مصطنع.

في ذلك الوقت لم يكن بإمكاني الحديث عن المشاعر فالوقت حينها كان للعمل الجاف واليوم أسمح لنفسي نقل تلك الصورة..

اليوم نزور ألمانيا مجدداً على أجنحة الأمل بصفحة أكثر تطوراً في العلاقات السورية الألمانية ومع وفد رجال أعمال قلما يجتمع في زيارة واحدة لأن ألمانيا حقاً "بتستاهل"..

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024