الأحد 2009-07-19 12:50:32 كنت هناك
يوم التقيت الرئيس "شيفارد نادزه" في يالطا
يوم التقيت الرئيس "شيفارد نادزه" في يالطا
 
كتب أيمن قحف:
في يوم صيفي من أواخر حزيران 2003 كنت في مدينة أوديسا الأوكرانية الجميلة بكل ما فيها.. أوديسا التي كانت تزدان شوارعها آنذاك بالعلم السوري بمناسبة انعقاد أول معرض للمنتجات السورية هناك بمبادرة من رجل الأعمال السوري الشاب المغترب هناك تامر التونسي، والذي يشغل أيضاً منصب القنصل الفخري الأوكراني العام في سورية،..
بالمصادفة علمنا أنه ستعقد قمة لمنظمة اسمها "غوام" وهي تضم خمس دول هي (جورجيا- أوكرانيا- أذربيجان- أوزبكستان- مولدوفا) وسيحضرها ممثلون عن روسيا والولايات المتحدة..
انتقل اهتمامي من المعرض الذي غطينا فعالياته بشكل جيد إلى حضور هذه القمة التي ستضم قادة خمس دول هامة في المنطقة..
لم يخذلني صديقي تامر التونسي وأجرى اتصالات عالية المستوى حتى أمن لي ولصديقي جورج مراد مراسل البعث في أوكرانيا دعوه لحضور القمة كصحفيين من سورية..
ركبنا القطار من أوديسا باتجاه سيمفروبل عاصمة شبه جزيرة القرم في رحلة جميلة وطويلة استغرقت 14 ساعة وصلنا في الصباح وركبنا سيارة أجرة قاطعين القرم باتجاه المدينة الشهيرة "يالطا" حيث سيعقد المؤتمر.
عقد وزراء الخارجية مساء ذلك اليوم اجتماعهم التمهيدي في قصر فورنتسوف التاريخي ثم عقد مؤتمر صحفي تحت لوحة حجرية كتب عليها "لاغالب إلا الله.." تم فيه عرض أهم ما سيناقشه زعماء (غوام)، من بين المسؤولين الذين شاركوا في المؤتمر الصحفي ستيفن بايفر مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وجهنا إليه السؤال بعد التعريف بأنفسنا (أنا وجورج) بأننا صحفيان من سورية، وبدت علائم الدهشة على الوجوه: ماذا يفعل صحفيان سوريان هنا..؟!
وكان السؤال: إنه لأمر جيد أن تقرروا إحداث مركز لمكافحة الإرهاب هنا، ولكن أليس من المهم قبل ذلك تعريف معنى الإرهاب والتمييز بينه وبين المقاومة المشروعة، ولماذا ترفض الولايات المتحدة طرح سورية المتعلق بعقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب؟
الجواب كان في اتجاه آخر وضيّع المسؤول الأمريكي سؤالنا كالعادة لديهم عندما يشعرون بالحرج...
المهم أنه في ذلك المساء كان هناك استقبال للدبلوماسيين وحفل آخر للصحفيين في فندق يالطا كنا انا وجورج متجهين إلى حفل الصحفيين لكن رجلاً أنيقاً كان ينتظرنا على الباب.. سألنا: هل أنتم الوفد السوري؟! قلنا له نعم، فقادنا إلى حفل استقبال الدبلوماسيين وهناك عوملنا بحفاوة ودار حديث طويل بيني وبين مساعد وزير الخارجية الأمريكي الذي تغير خطابه عما كان عليه أمام الكاميرات والمايكروفونات وبدا ودوداً و إيجابياً بل ولم يظهر –شخصياً- أي تحفظ على ضرورة تعريف معنى الإرهاب..
في اليوم التالي حضرنا المؤتمر في قصر "ليفاديا" الشهير الذي عقدت فيه اتفاقية يالطا التي أنهت الحرب العالمية الثانية ووقعها كل من ستالين وروزفلت وتشرشل..
في استراحة ما بين الجلسات كان هناك حاجز بسيط يملؤه رجال الأمن بيننا وبين الرؤساء..
على مقعد خشبي كان يجلس عجوز عرفناه جيداً في سورية عندما كان وزيراً لخارجية الاتحاد السوفييتي، إنه ادوارد شفاردنادزه الذي اصبح رئيساً لجورجيا..
كان صعباً جداً على اي صحفي أن يخترق الحاجز الأمني بين الرؤساء وبقية الوفود من الإعلاميين، ولكن قلت لنفسي كم مرة ستتاح لي فرصة لقاء رئيس دولة في حياتي المهنية..؟!
زرعت المسافة جيئة وذهاباً مرات عديدة بانتظار أن تحين منه التفاتة تجاهي، وابتسم لي الحظ عندما نظر باتجاهي وجاءت عيناه في عيني فناديته سيادة الرئيس هل لي بدقيقة واحدة؟! حاول الأمن ابعادي لكن لحظة "رحمانية" ساعدتني لإنجاز ما أردته فأشار لي تعال.. صرخت بأعلى صوتي: جورج.. الحقني.. سلمت على الرئيس شيفارد نادزه بحرارة وعرفته بأنني صحفي من سورية، وأننا نحتفظ بأجمل الذكريات عنه أيام الصداقة الوطيدة بين سورية والاتحاد السوفياتي وأننا ما زلنا نحبه ونحترمه..
تحدثنا عن فرص السلام في الشرق الأوسط حيث بدا متفائلاً وتحدث عن سورية بمحبة وإيجابية وعندما سألته عن إمكانية أن يلعب دوراً في الشرق الأوسط كما كان سابقاً صارحني بالقول أن بلاده فقيرة وتغرق في مشكلات عديدة وبالتالي فهي بعيدة نوعاً ما عن مشكلات العالم ولا تستطيع لعب دور مؤثر فيها.
 قبل أن أودعه سألني: هل ما زال الشرع وزيراً للخارجية في سورية؟ قلت له: نعم، فقال: أموركم بخير.. أبلغه تحياتي..
      
مع وزير خارجية أوكرانيا
  
  
                     على طاولة مؤتمر "يالطا"
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024