الخميس 2010-01-07 09:36:33 تحقيقات
الحدائق العامة في اللاذقية.. واقع مرير يبحث عن إجابات وحلول جدية
 
سيريانديز-اللاذقية-نبيل علي صالح 
توجد في مدينة اللاذقية عشرات الحدائق العامة تتوزع بصورة غير منتظمة على عدة أحياء وحارات في داخل المدينة، تبدأ من مساحات صغيرة (مئات الأمتار) وتنتهي بمساحات كبيرة (عشرات الدونمات).. ويلاحظ المرء -عندما يجول في معظم تلك الحدائق- وجود تفاوت كبير في حجم ونوعية الخدمات العامة المقدمة فيها.
وعلى الرغم من كون تلك الحدائق ذات أهمية كبرى للراحة والاستجمام والتمتع بالمنظر الجميل، وإراحة العين بالنظر للمسطحات الخضراء، وأخذ قسط من الراحة لمختلف الفئات العمرية، فإنها تعد –في النهاية- الحضن الدافئ والمرتع الطبيعي لصغار السن من الأطفال الذين يحبون أن يقضوا فيها ساعات من المرح واللعب والشعور بالسعادة والفائدة..
ومن خلال جولة ميدانية قمنا بها إلى عدد من تلك الحدائق لم نلاحظ وجود أي تطور حقيقي ملموس عليها، لا من حيث الشكل ولا المضمون.. ويمكن لأي شخص أن يجول في حدائق مثل (حديقة الفرسان-مارتقلا-الأندلس-البطرني-..الخ) ليتأكد بنفسه من حجم الإهمال فيها، في ظل تزايد الأبنية، وتمدد مساحات الكتل البيتونية الصماء داخل المدينة.
ومن باب المقارنة فقط ليس إلا، فقد كنت خلال الصيف الجاري في زيارة عمل وسياحة لمدينة استانبول التركية.. وتجولت على مدى أسبوع كامل في معظم أرجائها، ولاحظت هناك الاهتمام الكبير بموضوع الحدائق العامة شكلاً وضموناً.. حيث قامت بلدية استانبول بوضع تجهيزات رياضية في معظم حدائقها العامة، كما قامت بحجز جزء من الحدائق الكبرى (وكل حدائقهم كبيرة تقريباً) لوضع ألعاب أطفال حديثة ومتطورة يمكن الاستنتاج من خلال نوعية وشكل تلك الألعاب بأن الهدف منها هو في تنمية ملكات الطفل المتعددة نفسياً وعضوياً، وإشباع نهمه الفطري في الاستكشاف والبحث والابتكار، مع وضع تماثيل وقطع أثرية تاريخية في مواقع عديدة من تلك الحدائق، لكي يتعرف الناس إلى تراث وتاريخ بلدهم..
وحقيقةً، فقد طغت علي تفكيري وقتها مشاعر الألم والحسرة عندما قارنت تلك الحدائق -ذات المساحات الخضراء الواسعة والجميلة والمليئة بالنشاط والحيوية والحضور الاجتماعي الكثيف- بحدائق محافظة اللاذقية (كمحافظة سياحية من الطراز الرفيع!!!)... وتساءلت وقتها (ولا أزال أتساءل): ماذا يفعل كثيرٌ من المسؤولين والوفود المحلية التابعة لوزاراتنا وإداراتنا عندما يتقاطرون للسفر في زيارات إطلاعية (واتباع دورات تدريبية مفترضة!!) إلى الخارج والتي تكون عناوينها الأساسية، زيادة الخبرة ونفل التجارب المفيدة لنا؟!!.. ماذا تفعل تلك الوفود في ظل بقاء الأمور التي ذهبوا للمساهمة في تطويرها على ما هي عليه؟!! (كمحافظة سياحية من الطراز الرفيع!!!)... وتساءلت وقتها (ولا أزال أتساءل): ماذا يفعل كثيرٌ من المسؤولين والوفود المحلية التابعة لوزاراتنا وإداراتنا عندما يتقاطرون للسفر في زيارات إطلاعية (واتباع دورات تدريبية مفترضة!!) إلى الخارج والتي تكون عناوينها الأساسية، زيادة الخبرة ونفل التجارب المفيدة لنا؟!!.. ماذا تفعل تلك الوفود في ظل بقاء الأمور التي ذهبوا للمساهمة في تطويرها على ما هي عليه؟!!
وللأسف فقد باتت كثير من حدائقنا العامة –هنا في اللاذقية- مكاناً لذوي العاهات الاجتماعية والنفسية والسلوكية، بحيث أن أي واحد منا سيفكر ألف مرة قبل أن يقرر أخذ ولده للتمتع باللعب وقضاء بعض الوقت الجميل في تلك الحدائق التي لا تعدو –في أفضل حالاتها حالياً- عن كونها مجرد مكان ثقيل وضاغط لكي يمارس فيه الطفل اللعب ببعض الألعاب التقليدية (ومعظمها عطلان وخربان وتعبان!!!) من المراجيح وبعض ألعاب التسلق المفتقرة جميعها لأدنى عناصر الجذب الفكري والثقافي التي يحتاجها أي طفل لتطوير مهاراته وملكاته الخارجية..
ولا نريد أن نتحدث أيضاً عن غياب الحدائق الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً، وعن عدم وجود أي احترام لحق الطفل المعاق –نعم حق المعاق- في مزاولة النشاط الطبيعي الذاتي الذي يمكن أن يناسبه في اللعب ضمن أي حديقة.
كما أننا لا نريد أن نتحدث أكثر عن عدم وجود أدنى اهتمام بالخدمات العامة التي يجب أن تتوفر بالحد البسيط في تلك الحدائق، للحفاظ على صحة الطفل (صنابير شرب المياه-دورات المياه-نوعية مقاعد الجلوس-المظلات المناسبة-وجود الأرضيات المرنة وغير الصلبة الملائمة للركض واللعب-زيادة مساحة المسطحات الخضراء، واختيار النباتات والشجيرات المناسبة).. بما يؤدي ويخدم –في نهاية المطاف- مصلحة الطفل والمرافقين، ويساهم في تحقيق هدف زيارة الحدائق على مستوى اللعب والترفيه، وكذلك على مستوى تنمية المواهب والقدرات النفسية والروحية والمهارات العملية لدى أطفالنا، أجيال المستقبل القادم.
 
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024