الأربعاء 2009-12-29 02:09:03 بورتريه
رجل الأعمال د. أنس الكزبري لـ«الاقتصادية»: الانفتاح تعبير لا يمكن أن يطبق في اقتصادنا..!!
مــا حــدث في دبــي تضخيـــم إعـــلامي أكثـــر مـــن اللــــزوم
يستطيع محدث نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة الاستثمار (عضو مجلس الإدارة المفوض لشركة إعمار- الاستثمار لما وراء البحار) ان يكتشف بسرعة جذوة الإلحاح التي يمتلكها وكثافة الافكار التي تنتظر السؤال لرجل أعمال حقق طموحا ً منذ سنوات على أرض الواقع في سورية وخاض تجربة التطوير العقاري كمطور فيها الكثير من الغنى ...تعكس علاقة مستثمر بالحكومة وبالاستثمار والعمالة... باختصار حاولت في الحديث التالي أن تعكس محاور اللقاء جوانب وزوايا مختلفة للاقتصاد السوري وما يحدث حولنا ، وفيما يلي نص الحديث:
بداية ليكن حديثنا عن الأزمة المالية العالمية وقطاع العقارات، التداعيات التي هزت العالم كيف تقرؤها؟
إن السبب الرئيسي في حدوث الأزمة المالية الأميركية هو السياسات الخاطئة للإقراض العقاري أو ما يسمى الرهن العقاري التي كانت متبعة في الاقتصادات الكبرى بشكل عام والسوق الأميركي بشكل خاص، وقد أدى هذا ودون أدنى شك إلى تبعات سلبية جداً على المناخ المالي في العالم وفي منطقتنا أيضاً.
واليوم في عام 2009م نجد أن الاقتصاد الأميركي لم يستطع أن يخرج من أزمته المالية رغم كل السياسات الجديدة التي اتخذتها الإدارة الأميركية الجديدة فالمؤشرات الاقتصادية حتى تاريخ شهر كانون الأول من عام 2009 تشير إلى أن نسبة التضخم في أميركا قد وصلت إلى 1.87 بالمئة وهي نسبة عالية، وأن نسبة نمو الـGDP هي فقط 2.75 بالمئة وأن نسبة البطالة مازالت فوق معدل الـ10 بالمئة.
باختصار لقد كان لتدهور الاقتصاد الأميركي الأثر الأكبر في بداية المشكلة أو الأزمة المالية في العالم...
ومن المعلوم أن الاقتصاد الأميركي مرتبط ارتباطاً وثيقا بالأسواق الأوروبية وكذلك ببعض الأسواق في جنوب شرق آسيا..
ومن هنا بدأ ما يسمى Domino Effect بالظهور تباعاً منذ منتصف عام 2008 وبدأ يستعر في بدايات عام 2009م وكان لهذا التأثير السلبي آثار كبيرة في الدول الأوروبية فلقد بلغ عدد البنوك المتعثرة 22 بنكاً كبيراً وبخسائر ائتمان قاربت 400 مليار يورو، وعليه فإن كل ما كان مرتبطاً بالاقتصاد الأميركي بدأ يتعثر وبدأ التأثير ينصب على منطقتنا «منطقة الشرق الأوسط» أيضاً.
كيف كان تأثر الخليج بالأزمة العالمية؟
كما هو معلوم فإن نظام اقتصادات دول الخليج العربي مرتبط ارتباطاً شبه كامل بالدولار الأميركي وذلك بحكم ارتباط سعر النفط بالدولار، ولما بدأت الأزمة المالية بالظهور في الولايات المتحدة الأميركية بدأ سعر النفط بالهبوط خلافاً لكل التوقعات، فلقد هبط سعر برميل النفط من متوسط سعر الـ135 دولاراً في عام 2008م إلى متوسط سعر الـ60 دولاراً في عام 2009 ما شكل عجزاً كبيراً في ميزانيات دول الخليج التي كانت قد حددت موازنتها على أسعار أكثر مما كان متوقعاً للسعر بأن يهبط، وعليه فإن هذا العجز غير المتوقع كان له أثر في إعادة توزيع سلم الأولويات لكل دول الخليج العربي، ومن الملاحظ أن عدم التنويع بالاستثمارات والتركيز على نمط معين من الاستثمارات، ساعد على أن يكون الأثر السلبي للأزمة المالية بليغاً في بعض الاقتصادات الخليجية والتي بدورها أدت إلى تراجع شديد في العديد من بورصات هذه الاقتصادات وأدت إلى خسائر كبيرة.
ما الذي حدث في دبي؟
كما يقولون إنه سؤال المليون دولار، أولاً، أود أن أشير إلى أن ما جرى في دبي من نهضة ونمو اقتصادي تجربة لن تتكرر في منطقتنا، فما كان يجب أن يبنى في 50 عاماً تم بناؤه في عشرة أعوام وهذا يقدر عالياً لمن قام ورعى هذه التجربة الفريدة؛ ثانياً، تتمتع دبي اليوم ببنية تحتية قل نظيرها على مستوى العالم، فشبكة الطرقات المتكاملة تخدم هذه الإمارة بشكل ممتاز، وشبكة الاتصالات تقدم أحدث المبتكرات في عالم الاتصالات والتي تجعل الحياة اليومية أكثر سهولة وتقرب المسافات، وشبكة الكهرباء وخدمات المياه التي أصبحت في كل مكان والمطارات التي بدأت تخدم أكثر من ثلاثين مليون مسافر سنوياً، تجعل من هذه الإمارة المكان الأمثل لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات وإقامة مراكز رئيسية للشركات المتعددة الجنسيات؛ ثالثاً، لقد أصبحت هذه الإمارة محط أنظار العالم لما تتمتع به من إمكانيات خدمية سياحية، ففيها كل ما يطلبه السائح من رفاهية وخدمات رفيعة المستوى؛ رابعاً وأخيراً، إن الحديث عن سقوط دبي هو كلام إعلامي مضخم لغايات معروفة فدبي لم تسقط ولن تسقط ولكن ماذا حدث في دبي؟ فما حدث في دبي كان قد حدث في سنغافورة وهونغ كونغ، وقد جُنّت أسعار العقارات في وقت كان فيه جل الاستثمارات متموضعاً في سلة العقارات، وعليه فإن ما يحدث اليوم هو تصحيح السوق لنفسه، فلقد عادت سوق العقار إلى وضعها الطبيعي حيث لم يعد هناك نمو سرطاني في الأسعار في هذا السوق، فالمرابح عادت من 100% إلى 25% أو 30% وهنا أتحدث عن المستثمر الأول وليس الثاني أو الثالث الذي أصابه ما أصابه من خسارة لأنه اشترى على مرابح عالية. إن دبي هي جزء من دولة الإمارات العربية المتحدة واقتصاد دبي هو جزء من اقتصاد هذه الدولة والتي يعتبر اقتصادها ثاني أضخم اقتصاد في منطقة الخليج العربي وعليه فإن دولة الإمارات لن تسمح بأن يتضرر اقتصاد إمارة دبي وتظل ساكنة وإنني على يقين بأن اقتصاد دبي سيتعافى قريباً.
الاقتصاد السوري بتحولاته وانفتاحه كيف يمكن لنا توصيف المشهد الاقتصادي اليوم؟
إن الحديث عن الاقتصاد السوري حديث طويل، ولكن لابد قبل كل شيء من الاعتراف بفضل السيد الرئيس بشار الأسد على ما نحن فيه اليوم من تقدم اقتصادي على المستويين الداخلي والخارجي وذلك لإصراره على أن السياسة هي جزء من الاقتصاد والاقتصاد هو سياسة، فالاقتصاد الناجح يخلق بلداً قوياً متماسكاً يستطيع أن يفرض نفسه على خارطة العالم وهذا ما يحصل فعلاً، فهاهم الساسة الاقتصاديون في سورية، وبتوجيه ورعاية من السيد الرئيس بشار الأسد بدؤوا يعملون في ظل نظام السوق الاجتماعي ومن خلاله يتم تعديل الكثير من السياسات الاقتصادية وذلك لمجاراة الوضع العالمي الحديث، وها نحن نرى أمام أعيننا الزيارات السياسية الاقتصادية التي يقوم بها السيد الرئيس في أوروبا وأماكن أخرى من العالم، ومن الطبيعي القول اليوم إن لغة الاقتصاد أصبحت هي اللغة السائدة، ولكن لابد لنا من أن نلحق ونتماشى مع الفكر الاقتصادي للسيد الرئيس بشار الأسد، ولابد كذلك من الإشارة إلى التركيز في الحكومة على تفعيل القطاعات الاقتصادية المختلفة وتحليلها وتصنيفها وخلق الآليات الحديثة الناظمة لها بما يخدمها ويجعلها تحاكي الأسواق والاقتصادات العالمية، وهذا يدل على قناعة الحكومة بالدور الداعم والمساعد للقطاع الخاص مع دور الحكومة وذلك عن طريق خلق آليات وتجمعات من القطاع الخاص قادرة على أن تكون عاملاً مساعداً في إيجاد الاستثمارات المحلية والخارجية وأن تكون جهازاً استشارياً مساعداً لمجالس الأعمال.
ما هو حال العمالة السورية في ظل الازمة؟
يوجد مشروعات استثمارية في سورية بدأت تستقطب كماً كبيراً من العمالة، وأنا من المؤمنين بأن الانفتاح على الاقتصادات الأخرى سيؤدي إلى رفع نوعية الاستثمارات المحلية، وتعبير الانفتاح هو تعبير لا يصلح للتطبيق في اقتصادنا، فالسيد الرئيس انتهج مبدأ الاقتصاد المدروس أي لا انفتاح من دون ضوابط تحافظ على حقوق جميع الشرائح الاجتماعية في سورية ولذلك سمي هذا المنهج الاقتصاد الاجتماعي أو السوق الاجتماعي وليس السوق الحر أو السوق المفتوح، والاستثمارات بدأت اليوم بالدخول إلى سورية وهي استثمارات ذات مستوى جيد، وبدأت باستقطاب العمالة بشكل جيد، ولكن تجدر الإشارة إلى أن العمالة السورية بدأت تشعر بأنها ما لم تطور نفسها فإنها لن تستطيع الدخول إلى سوق العمل الاستثمارية الجديدة، إذ لا تستطيع الشركات التي تعمل في مجتمع استثماري ذي شراكات أو يمثل شراكات داخلية وخارجية «سوريين وغير سوريين» إلا أن تبحث عن عمالة نوعية، ونحن في مجموعة الاستثمار ما وراء البحار مثلاً لا نقبل أي موظف ما لم يكن متقناً للغة الإنكليزية ولذلك أسبابه طبعاً، فمعظم أعمال الشركة إنما يتم بالتعامل مع المقاولين والشركات الاستشارية والموردين والشركاء الأجانب وهناك عامل مشترك في هذه التعاملات هو اللغة، فأنا اليوم عندما أتعامل مع التركي لن أخاطبه بالتركية كما أنه لن يخاطبني بالعربية، لقد أصبح التعليم اليوم جزءاً لا يتجزأ من العمالة، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن المجموعة وغيرها من الشركات في المجتمع الاستثماري ذي الشراكات تبحث اليوم عن العمالة السورية النوعية التي تم تسريحها في دبي أو أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية لاستقطابها للعمل في سورية، والمجموعة تضع اعلانات اليوم في دبي وفرنسا وإنكلترا وبعض الولايات الأميركية لاستقطاب السوريين لإعادتهم للعمل في سورية، وأنا شخصياً أشعر بأن الأولوية للسوري ذي الخبرة دائماً، فوجود السوري المتعلم الذي تسعى لاستعادته اليوم سيساعد في تعليم غيره من السوريين شاؤوا أم أبوا، وأرى أن دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى سورية سيرفع من نوعية العمالة أيضاً، وسيؤسس لشريحة متعلمة يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى اقتصاد قوي.
أين يتجه الاستثمار في سورية؟
الاستثمار في سورية يتجه اليوم بالاتجاه السليم لأنه لا مفر من هذا الطريق فنحن جزء من العالم والعالم يصغر يوماً بعد يوم، ولكن لابد من التسريع في عملية استقطاب الاستثمارات الأجنبية وذلك لقناعتي المطلقة بأن هناك علاقة راسخة بين الاستثمار الأجنبي المباشر والنمو الاقتصادي.
وقد عززت التوجهات الحديثة من أهمية الاستثمار الخاص. فنتيجة للتحول نحو السياسات الليبرالية الحديثة، انتقل دور الدولة من لاعب اقتصادي فاعل ذي نشاطات إنتاجية إلى دور يؤمن ببيئة ملائمة للاستثمار ولضمان المخاطر الاجتماعية، وبات ينظر إلى الاستثمار الخاص، سواء أكان محلياً أم أجنبياً، على أنه القوة الدافعة للاقتصاد، وينظر إلى الاستثمار الأجنبي المباشر مكملاً للموارد المالية المحلية، كما أنه ينبغي أن يساعد في تحديث الإنتاج عن طريق نقله الخبرة والتكنولوجية، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية المحلية والمنافسة ويحسن مستوى التنافسية الدولية للمنتجات المحلية.
لا يوجد بعد إجماع كامل حول العلاقة بين الاستثمار الأجنبي والنمو الاقتصادي المحلي، إلا أنني آخذ بالرأي الذي يقول بوجود علاقة طردية إيجابية بين النمو الاقتصادي والاستثمار الخارجي المباشر بالتنامي في السنوات الأخيرة من الناحية النظرية، فقد تم دعم هذا الرأي من خلال التطورات الجيدة في نظرية النمو الاقتصادي التي تركز على دور التطورات التكنولوجية والكفاءة والإنتاجية في تحفيز النمو، ومن هنا تأتي مساهمة الاستثمار الخارجي في النمو من خلال دوره كقناة لنقل التكنولوجيا المتقدمة من الاقتصادات الصناعية إلى الاقتصادات النامية، فانتقال المعارف عبر الاستثمار الأجنبي المباشر «التي يشار لها عادة بالعوامل الخارجية أو التأثير غير المباشر» يمكن أن تؤدي إلى زيادة الإنتاجية عبر نقل بعض التكنولوجيا والمصادر الموجودة بشكل أكثر كفاءة، أو تجبر على البحث عن تكنولوجيات أكثر كفاءة، لأن تأسيس الشركات المتعددة الجنسيات يزيد من الضغط التنافسي في السوق المحلية. إضافة إلى ذلك، فإن نقل الخبرة يحدث عندما تعرض فروع الشركات تقنيات جديدة وتدرب العمال المحليين على استخدامها، فيصبح العمال جزءاً من كوادر وطنية عالية التأهيل يمكن توظيفهم لاحقاً في شركات محلية كما يمكن لهم تأسيس شركات خاصة بهم.
ولكن للاستثمار الأجنبي المباشر محاذيره؟
طبعاً، هناك مدارس تقول إنه يمكن تشبيه الاستثمار الأجنبي المباشر بالاحتلال، ولكن إذا تم ضبطه وتأطيره بقواعد وقوانين وتشريعات فأعتقد أنه من الممكن الوصول إلى مستوى عال من تثقيف العمالة الداخلية، وليس قصدي هنا البخس من العمالة الداخلية مطلقاً، وخلاصة القول إن السوق السورية بحاجة اليوم إلى الاستثمار الخارجي المباشر في العديد من القطاعات أهمها الطاقة، والطاقة البديلة، والمياه، والبنية التحتية. وعليه لابد من وجود محفزات قوية لإقناع الاستثمار الخارجي بالاستثمار في هذه القطاعات في سورية وذلك عن طريق اتخاذ بعض الخطوات الجريئة الضامنة لحقوق هذه الاستثمارات، والضابطة لها في الوقت نفسه.
كيف ترى حال قطاع العقارات في سورية ومستقبله؟
الوضع الراهن لقطاع العقارات في سورية أفضل مما كان عليه في عام 2008 أو 2007 أو 2006، أتحدث هنا عن الطرق الناظمة لهذا القطاع، فاستحداث الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري في السوق السورية كان عاملاً مهماً في مأسسة هذا القطاع مع وجود بعض المآخذ والتحفظات على الآلية الخاصة بتفعيل عمل هذه الهيئة، ولكن أعود وأكرر أن هذه الهيئة ستكون عامل أمان وضمان للمحافظة على الاستثمار في صناعة التطوير العقاري بحيث ستشكل حماية لمن هو قادر على أن يكون فاعلاً ومستثمراً حقيقياً في هذه الصناعة، وأحب أن أضيف أن الحكومة بدأت تنظر إلى هذا القطاع على أنه شريك وليس منافساً لمشاريعها أي إن ما يقوم به القطاع الخاص في حقل صناعة التطوير العقاري هو مكمل لدور الحكومة لتلبية الطلب المتزايد على السكن وأماكن العمل «المكاتب»، والسوق العقارية في سورية بدأت تأخذ حقها من حيث الأهمية وخصوصاً عند المستثمرين من البلدان العربية أو البلدان الأجنبية، فهناك العديد من الشركات العربية وبالتحديد الشركات العملاقة قد بدأت تستثمر في هذه الصناعة وذلك لأهمية سورية في ضمان هذا النوع من الاستثمارات، وما أعنيه هو أن قطاع صناعة التطوير العقاري في سورية لا يقل أهمية عن هذا القطاع في دول الخليج مثلاً أو مصر أو لبنان، وهو يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية في تلك الدول، ولكن الحديث عن سقوط دبي هو كلام إعلامي مضخم لغايات معروفة..
أما مستقبل صناعة التطوير العقاري في سورية، فأرى أنه مستقبل هام وواضح، فهناك طلب كبير ولشرائح اجتماعية مختلفة، وهناك ضوابط وأنظمة جديدة بدأت لحماية المستثمر في هذا القطاع ولحماية المواطن أيضاً من العابثين في هذا القطاع، والحكومة تعمل جاهدة على أن تجعل من هذه الصناعة محطاً لأنظار المستثمر العربي والأجنبي فعندما يكون هناك سوق لابد من وجود منتج للبيع، كما أن وجود عدد من المستثمرين العقاريين في سورية يجعل من المنتج المطروح أفضل نوعاً وأقل ثمناً، فهذه هي التنافسية العادلة، ولكن لن تكون سورية بعيدة عن آثار الأزمة المالية العالمية في المدى المنظور ولاسيما في قطاع صناعة التطوير العقاري.
وأود في هذا المكان أن أطالب الحكومة بأن تعمل على تعديل القانون رقم «11» الخاص بتملك الإخوة العرب في بلد يسعى إلى جلب المستثمرين في قطاع التطوير العقاري، ويجب أن نسعى أيضاً إلى جلب السائحين الذين يرغبون في أن يكون لهم منزل دائم في بلدهم الثاني سورية لكي يعودوا إلى هذا البلد الجميل مرات ومرات أخرى، وأنا أعود وأطالب بتعديل القانون رقم «11» ضمن ضوابط عملية تعطي الشعور لأي مشترٍ لأي عقار في سورية بأنه من أهل هذا البلد الكبير والذي يتسع لكل الناس.
أشرت في كلامك إلى تأثر سورية بالأزمة، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
طبعاً لا يمكن القول إلا أن العالم بشكل كامل تأثر بالبعد الاقتصادي للأزمة، وانطلاقاً تراجع اعتماد سورية على تصدير المشتقات النفطية ولجوئها في بعض الأحيان لاستيراد هذه المشتقات لسد حاجتها، يمكن الخوض في هذا الموضع استناداً إلى أن هبوط سعر النفط سيؤثر على الموازنات التي تضعها الحكومة، فسعر النفط كان من أحد أهم العوامل المؤثرة في الموازنات السورية لكون النفط مورداً أساسياً، وجاء تأثر سورية بالأزمة من باب أسعار النفط أول الأمر، وكان التأثير الثاني للأزمة على سورية من جانب القوى العاملة السورية الموظفة في الولايات المتحدة وأوروبا وبلدان الخليج وغيرها، فاليد العاملة كانت قبل الأزمة من أهم الموارد الداعمة لما يسمى القطاع الاجتماعي في البلد عبر التحويلات المالية التي كانوا يوجهونها إلى أهلهم في سورية والتي انخفضت اليوم فأدت إلى نقص سيولة في أيدي الأهل، والحديث هنا عن أرقام كبيرة فيما يخص التحويلات فهي تقارب النصف مليار دولار في العام وتتراوح سبل إنفاقها بين دعم لسيولة الأهل، وشراء عقار وغير ذلك، وللتأثر بالأزمة في سورية وجه ثالث أيضاً، فالسوريون المغتربون للعمل في البلدان الأخرى والذين تقلصت مواردهم المالية أو فقدوا وظائفهم في تلك البلدان باتوا يتجهزون للعودة إلى وطنهم الأم، وجميعنا لاحظنا كمهم الهائل الذي توافد عائداً إلى البلد في عطلة الصيف الماضي، وهذا مثّل هجرة معاكسة للعمالة، فبدل أن يسافر السوريون إلى الخارج للعمل باتوا يعودون إلى بلدهم للبحث عن فرصة عمل، والمشكلة الأساسية هنا هي أن العمالة العائدة هي عمالة ذات كفاءة عالية لا يمكن استثمارها دون وجود فرص عمل اختصاصية تستوعب هذه العمالة، وهذا أثر في أن مؤشر البطالة لحملة الشهادات النوعية ارتفع، ولهذا لا يمكن القول إن الاقتصاد السوري لم يتأثر بالأزمة، بل إن تأثره مستمر إلى حد ما، وهناك عوامل أخرى.
أما من حيث التأثر الكبير بالأزمة فسورية لم تتأثر كثيراً لكونها لا تعتمد على نظام الائتمان بل ما زالت حتى اليوم تعمل بنظام مالي مبسط، ورب ضارة نافعة، وليس في سورية سوق أوراق مالية تتداول بمليارات الليرات إنما هي سوق ذات حجم متواضع بدأت بدايةً جميلة وموفقة، وبالطبع هذا ساعد سورية في تفادي التأثر بالأزمة بشكل كبير، بل ساعدها على الاستفادة من دروس الأزمة لدرجة أن الكثير من الناس بدؤوا يعبرون عن استيائهم من شدة وقساوة شروط التداول في سوق دمشق للأوراق المالية، ولكن هذا أفضل حسب رأيي من تعرض الاقتصاد السوري للتأثر الكبير بالأزمة.
عن التشاركية بين القطاعين العام والخاص، ماذا تقول؟
دعني أسأل هنا إلى متى ستتخم الحكومة بالموظفين، فالحكومة اليوم ليست قادرة على القيام بالمجتمع بمفردها، تم منذ أسابيع إقامة مؤتمر التشاركية بين القطاعين العام والخاص ولكن التشاركية لا تحدث بين يوم وليلة فهي بحاجة إلى مشروعات استثمارية جبارة وكبيرة قادرة على استيعاب الكم الهائل من حملة الشهادات العليا في سورية والموجودين على سلم البطالة.
ما حال مشاريعكم الحالية في سورية؟
هناك مشروع البوابة الثامنة بكلفة تقديرية 1.5 مليار دولار أميركي، وهناك مشروعات للمجموعة أحدهما مشروع وادي المروج في منطقة جديدة الوادي وسنسلم أولى مراحله البالغ حجمها 25 عمارة ضمن مجمع سكني متكامل يحتوي على أحدث التقنيات الخدمية للسكان وكلفته التقديرية 100 مليون دولار أميركي، وثانيهما مشروع «نوبلز» الذي طرحناه في الشهر السابع من 2009 وبدأنا بتنفيذه في منطقة يعفور وهو يخاطب شريحة معينة من الناس ويمتد على مساحة 60 ألف متر مربع ويحتوي على جميع التقنيات الجديدة وكلفته التقديرية بحدود 200 مليون دولار، والمجموعة حالياً بصدد تقديم مشروع جديد يخاطب الشريحة الاجتماعية الاوسع وقد تعرض المجموعة ضمن هذا المشروع كماً كبيراً من الشقق السكنية لهذه الشريحة، وسينطلق هذا المشروع في منتصف 2010.
كم تتوقعون أن تستوعب مشروعاتكم من العمالة؟
لدينا اليوم من العمالة بين متوسطة وعالية التعليم أكثر من 6000 موظف، فاليوم عندما نطرح مشروعاً فإن فكرته سورية ومصممه سوري والذي يدرسه سوري ومنفذيه سوريون، والمفروض على مجموعتنا أن تستقطب عمالة حتى نهاية 2014 أكثر من عشرة آلاف موظف.
متى تتوقعون الانتهاء من مشروع البوابة الثامنة؟
نحمد اللـه على أن معالم البوابة الثامنة بدأت بالظهور، وستكون شبكة الطرق الخارجية مكتملةً بنهاية الشهر الثاني من 2010 وسيبدأ تسليم المرحلة الأولى من المكاتب والطرقات المصممة وفق أحدث وأرفع المستويات بنهاية الشهر الرابع، وسيكون سوق دمشق للأوراق المالية جاهزاً للعمل نهاية الشهر السادس من 2010.
ما النقاط المضيئة والمظلمة في علاقتكم مع الجهات الرسمية في سورية؟
أحببت هذا السؤال لأنه من الأسئلة التي يمكن أن توقعني بإحراج، ولكن يمكن القول إن النقاط المظلمة في علاقتنا مع الجهات الرسمية قليلة ومعظمها يدور حول موضوع الروتين الذي هو قاتل للوقت الذي نملكه اليوم ولكن يمكن ألا نملكه غداً لأن المنافسة شديدة جداً وليست بعيدة عنا بل هي في الأسواق المجاورة، أما النقاط المضيئة فهي تتلخص بعلاقات جيدة استطعنا أن نبينها مع بعض رجال الدولة الذين التمسنا فيهم الغيرة على حب الوطن والمحافظة على مصالحه وأخص بالذكر السيد رئيس مجلس الوزراء وطبعاً السيد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الذي يسعى دائماً لخلق فرص استثمارية وبعض الوزراء المختصين وبالطبع السيد محافظ ريف دمشق الذي لا يتوانى عن خدمة الاستثمار.
إلى أي مدى تظن أن صوت المستثمرين مسموع لدى الجهات الحكومية؟
يمكن القول إنه ليس لدى المستثمرين مشكلات مع الحكومة سوى الوقت، وكل الأمل أن تصغي الحكومة أفضل للمستثمرين، ومشكلتهم الأولى هي الوقت، فعندما يطرح المستثمر ملفاً للجهات الحكومية فإن كل ما يريده هو معرفة النتيجة مع التعليل، فالمستثمر حينها سيعرف ماذا يفعل، لقد سررنا بالنافذة الواحدة ولكنها للأسف الشديد ليست كما كان مرجواً منها لأنها لم تأخذ حقها.
هل ترى أن هيئة الاستثمار ضعيفة؟
على العكس، أرى أن هيئة الاستثمار بدأت تخطو خطوات ملموسة، وأشدد على أنها بحاجة إلى دعم قوي جداً، من طرفي العلاقة الاستثمارية: الحكومة والقطاع الخاص الاستثماري، فهذه المؤسسة يجب أن تكون صوت المستثمر، والمستثمرون مقصرون بحق هذه الهيئة فعلاً، وأجد أنه لابد من دعم هذه الهيئة من الطرفين، وآمل أن تصبح هذه المؤسسة وزارة تحت اسم وزارة الاستثمار.
أخيراً.. كيف بدأ د.أنس كزبري حياته كرجل أعمال؟
إنه توفيق من اللـه عز وجل، ورضا من الوالدين.. وقد توجهت بعد إتمام الشهادة الثانوية في سورية إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث تابعت تحصيلي العلمي فيها قبل أن أستكمله في بريطانيا، وقد نلت الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، والماجستير في القانون والتحليل الكمي للعلاقات الدولية وهو فرع من النادر أن يسمحوا بدخوله للعرب في الولايات المتحدة، إلى جانب دكتوراه في الـ«International Business» التجارة العالمية نلتها في بريطانيا، ثم انتقلت بعد الدراسة إلى دبي حيث بدأت حياتي المهنية، إلى أن وصلت أنا وشريكي الأستاذ موفق قداح إلى تشكيل مجموعتنا هذه لأننا أصحاب فكر مشترك في الاستثمار والتنمية، وبكل تواضع أشعر بأن بعض النجاح الذي حققته نابع من المثابرة والمتابعة، ويصفني البعض بـ«كثير الإلحاح»، ولكن لولا هذه الخصلة لما استطعت تحقيق بعض النجاح حسبما أعتقد.
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024