الأربعاء 2012-02-01 02:39:02 **المرصد**
معالي وزير النقل!! مرافئنا وسياحتنا بين أيديكم
معالي وزير النقل!! مرافئنا وسياحتنا بين أيديكم
عندما كنت في مرفأ طرطوس نشأت لدينا مشكلة عويصة هي ازدحام الشاحنات على جميع مداخل طرطوس داخلة أو خارجة من المرفأ، أو من المنطقة الحرة . وكنت في حينها المدير المسؤول عن حل هذه المشكلة . فوضعت دراسة لإنشاء مدخل ومخرج خاص بالمرفأ يمر من منطقة خلفية مقتولة لا يمكن الاستفادة منها إلا لهذه الغاية , ويربط هذا المدخل المرفأ مباشرة مع الأوتوستراد ولا يتقاطع مع أي طريق آخر , ويمكن استثماره نفسه كساحة انتظار الشاحنات وكمركز لتوزيع القبانات الإلكترونية اللازمة لوزن السيارات الداخلة والخارجة , بحيث تكون قريبة من بعضها , ويمكن ربطها الكترونياً مع بعضها . ورفعت الدراسة إلى هيئة تخطيط الدولة بالطريق الرسمي وعادت الدراسة مع عدم الموافقة, بحجة أن ليس لهذا المشروع جدوى اقتصادية . ومازلت حتى الآن أفكر وأتساءل " كيف يمكن لمشروع خدمي أن تكون له جدوى اقتصادية " ولم أصل إلى نتيجة حتى الآن .
وقد التقيت بالصدفة مجموعة من الخبراء الروس الذين جاؤوا ليقدموا عرضاً من أجل دراسة توسيع مرفأ اللاذقية لكي يصبح قادراً على تمرير ثلاثة ملايين حاوية سنوياً . فقلت لهم أن البحر واسع ويمكن توسيع المرفأ ليصبح قادراً على استقبال عشرات الملايين من الحاويات سنوياً . ولكن بحساب بسيط نستنتج أن ثلاثة ملايين حاوية سنوياً تعني حوالي ست حاويات بالدقيقة إذا عمل المرفأ بكامل طاقته على مدى 24ساعة بدون عطل ولا أعياد ولا استراحة ولا أعطال ولا انتكاسات ولا معوقات في العمل . وإذا فتحنا أبواب المرفأ الأربعة فهل هي قادرة على تمرير ست شاحنات محملة وست أخرى فارغة في الدقيقة ؟ . وقد يقول قائل نفتح عشرة أبواب إضافية أخرى . فقلت له نعم تصبح الأبواب قادرة تماماً على ذلك . ولكن إذا فرغنا المدخلين الرئيسيين في مدينة اللاذقية القادرين على تمرير شاحنات المرفأ وهما شارع الحسيني وشارع الثورة, فهل هذين الشارعين قادرين على تمرير ست شاحنات ذهابا ومثلها إياباً بالدقيقة . بالتأكيد لا. ولا يمكنها تمرير أكثر من حاوية أو حاويتين وسطياً بالدقيقة, وعندما سمع الخبراء هذا النقاش لملموا أوراقهم وسافروا, ولكن المناقصة أعلنت وذهبت بين أخذ ورد حتى تاريخه .
بالتأكيد سوف تقول لي الآن بأنني أشرت إلى مشكلة . ولكن أين الحل؟؟
الحل بسيط سيادة الوزير. فكورنيش اللاذقية وكورنيش طرطوس خلقهما الله لكي يستثمران في السياحة وليس لتمرير البضائع . الحل أن يتحول المرفئين إلى مرفئين سياحيين . وتتحول ساحاتهما إلى منتجعات سياحة حرة (بشكل شبيه بالمناطق الحرة ) بحيث يستطيع السائح من أي بلد في العالم الاستجمام في هذا المنتجع دون فيزا تخوله الدخول إلى الأراضي السورية. وإذا أراد الدخول إلى سورية تمنح له الفيزا على باب المرفأ مباشرة من قبل مفرزة الأمن العام متواجدة هناك باعتبار كل مرفأ بوابة حدودية , ولكن كيف سيتم تمرير البضائع إلى داخل القطر أو إلى الدول المجاورة عن طريق الترانزيت .
نهر السن الذي يشكل الحدود بين محافظتي اللاذقية وطرطوس ويقع في منتصف المسافة بين المدينتين , يمتد بطول حوالي 6كم . وبتشذيب مجرى النهر عمقاً وعرضاً , وإنشاء أرصفة متدرجة الغاطس على طول النهر نحصل على مرفأ يفوق بطاقته التمريرية مجموع مرفئي اللاذقية وطرطوس . وبذلك نكون قد حققنا :
- توفير كلفة إنشاء مكسر الأمواج لأي مرفأ آخر ننوي إنشاءه على الشاطئ السوري . وهذا التوفير كاف لإنشاء المرفأ بكامله تقريباً .
- المرفأ الجديد مربوط تلقائياً مع الأوتوستراد ومع شبكة السكك الحديدية .
- موقع المرفأ على مفرق طرق طرطوس حمص من ناحية , واللاذقية حلب من ناحية ثانية , وطريق عين الشرقية حماة من ناحية ثالثة . أي أنه يمكن من تسريب البضائع على ثلاثة محاور منفصلة تماماً وغير متقاطعة مع بعضها .
- تبقى شواطئنا نظيفة من أجل الاستثمار السياحي .
- ستقام جميع منشآت المرفأ في المنطقة المسماة سدير النهر, أي المنطقة التي يشغلها النهر حالياً في الشتاء وتكون جافة صيفاً . وبعد تشذيب النهر يمكن استثمار هذه المنطقة كساحات ومنشآت خدمية للمرفأ. أي أننا لن نخسر متراً مربعاً واحداً صالحاً للزراعة .
سيادة الوزير .
إنني أعتبر لفت نظركم إلى هذا المشروع جزء من الحوار الوطني الواجب على كل فرد في الجمهورية العربية السورية , ليس في مرحلة الأزمة الراهنة فقط , بل بشكل متجدد . وأرجو أن لا يكون ردكم على هذا الكلام كما كان رد الوزير السابق عندما طرحت عليه الموضوع . فقد أجابني بكلمة واحدة رافعاً طرف شفتيه باستهتار وازدراء قائلاً " تسوء" , أي لا . وأنني سأكون سعيداً جداً إذا لم تستطع لفظ هذه الكلمة العامية . والله ولي التوفيق .
مهندس الرأي
الأستاذ الدكتور أحمد عبود
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024