الجمعة 2010-08-13 08:55:55 تحقيقات
ملف السكن العشوائي لا يزال يؤرق بلدية اللاذقية..فلماذا لا تريح نفسها وتطلق المخطط التنظيمي؟!
سيريانديز-اللاذقية-نبيل علي صالح   
 
يبدو أن ملف السكن العشوائي سيبقى ملفاً ساخناً وحاراً على مائدة مجلس مدينة اللاذقية العتيد.. ولكن من دون الحصول على أية ثمار ناضجة صالحة للأكل حتى الآن.. على الرغم من بعض الحلول العملية التي تحاول البلدية اجتراحها من هنا وهناك.. ومن آخر هذه الحلول -التي يبدو أنه سيكون لها منعكسات وآثار اجتماعية واقتصادية سلبية عديدة إذا لم تتم دراستها بدقة- محاولة بناء ضواحي سكنية جديدة على مقاسم واقعة بالقرب من المنطقة السياحية الجنوبية، تعود ملكيتها للبلدية المذكورة، وإعطاء مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية (متاع) عقد تنفيذ هذه الضاحية على أن يتم تخصيص مجلس المدينة بعدد كبير من الشقق، والباقي يسلم لمؤسسة الإنشاءات العسكرية للتصرف بها باعتبارها مقاول المشروع.
طبعاً هذا الحل المجترح لمنطقة مخالفات واسعة لن يكون حلاً موضوعياً لسبب بسيط وهو أن المقاول الذي ينفذ المشروع سينفذه بهدف الربح والاستثمار، وكذلك البلدية لم تعط الأرض التي تملكها للمقاول هدية على طبق من ذهب بل تريد أن تحقق بعض أو كثير من الربح، فهي مؤسسة تنفيذية ذات طابع خدمي مطلوب منها الربح وليس الخسارة، والمعروف حالياً وجود ارتفاع في أسعار العقارات ومواد البناء والإكساء بصورة عامة، فمن أين ستدفع البلدية للمواطن الساكن في مناطق المخالفات؟ وهل يملك هذا المواطن القدرة المادية لدفع فرق السعر بين سكنه البسيط الذي يعيش فيه، وبين السكن الذي يمكن أن تقدمه له البلدية (لتزيحه) من منطقة المخالفات التي تريد إعمارها واستثمارها استجابة لمخططها التنظيمي العتيد؟!!..
وها هو رئيس البلدية المهندس صديق مطره جي يصرح للإعلام بأن في حال البدء بتطوير هذه المناطق سيكون إزالة البيوت القديمة، ونقل السكان هو العائق الأكبر أمام أي مستثمر للبدء بمشروع.
طبعاً الأمور لها حساباتها ونتائجها المتنوعة، وينبغي النظر إليها من زوايا مختلفة، وتقليبها من جوانبها ومستوياتها المتعددة.. كما أنه يجب ألا تحجبنا الإرادة والرغبة على تطوير واقع تلك المناطق عن ضرورة دراسة الموضوع من زاويته الإنسانية من خلال تأمين الناس القاطنين في تلك المناطق بالسكن الكامل..
 
ونحن حقيقة نقدر حرص البلدية ممثلة برئيسها الطيب –كما نسمعها من خلال تصريحات مسؤوليها- على تلك النوايا الصادقة –كما نظن ونخمن- في تأمين سكان تلك المناطق بسكن بديل في نفس مناطقهم بعد أن يقوم مجلس المدينة بتخصيص سكن مؤقت لسكان هذه المناطق.. وتسلم للمستثمرين –كما يقول رئيس مجلس المدينة- وفق قانون التطوير العقاري، ومن ثم البدء في إنشاء ضواحي حديثة محققة لشروط الأمانة والصحة وتأمين المسكن اللائق اجتماعياً وصحياً، وإزالة هذه البؤر التي تشكل "خطراً" اجتماعياً وصحياً وتمثل حالةً غير صحية في مجتمعاتنا ومدننا.. على حد تعبير رئيس البلدية المحترم والطيب والآدمي..
طبعاً أنا لست مع استخدام رئيس البلدية للفظ ومصطلح "الخطر" حتى لو جاءت بعدها كلمة اجتماعي وصحي.. لأنها حقيقةً مفردة صادمة وقاسية بكل المعاني والمقاييس –يا أستاذ صديق- ولا تتناسب مع طبيعة عيشنا وأسرنا ومجتمعنا وبلدنا الذي نعيش فيه بروح التكافل والتضامن والوطنية والمحبة والالتزام الوطني والقومي الصادق والمخلص.. فنحن في هذا البلد –في كل البلد- نعيش ونفتخر ونعتز بأننا نعيش كأسرة واحدة، كقلب واحد وعقل واحد.. "إذا ما اشتكى منها عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى"..
ومن باب العلم والتذكرة –لعل الذكرى تنفع...- نؤكد للسيد المهندس مطره جي أن تلك المناطق، مناطق المخالفات التي وصل به الأمر أن وصفها بالخطرة وكأننا نعيش في تكساس أو لوس أنجلوس...-والتي ساهمت مجالس مدينة اللاذقية المتعاقبة في تحويلها وتكريسها مناطق مخالفات بالجملة والمفرق، خرّجت عشرات ومئات بل وآلاف الأطباء والمهندسين والمعلمين والضباط والمهنيين ووو..غيرهم ممن ساهموا بصورة فعالة    -وبكل صدق وأمانة ومسؤولية وواجب وطني- في الدفاع عن البلد وتطويره وتحديثه خلف القيادة التاريخية للقائد الخالد حافظ الأسد وتحت راية الرئيس المفدى بشار الأسد.. ولن نقول أكثر من ذلك...
 
نعم يا أستاذ صديق يجب أن يمتلك الجميع شجاعة أدبية كاملة للاعتراف والإقرار بأن هذه المناطق التي تسمونها عشوائية لم تصبح كذلك إلا تحت رعاية وعناية كاملة من مهندسي ومراقبي ومسؤولي بلديتكم المحترمين.. وهذا يلقي عليكم واجب ومسؤولية ليس فقط تنظيم تلك المناطق وتأهيلها ومعالجتها بالمستوى العمراني الإنساني المطلوب، ولكن أيضاً محاسبة من قام وساهم في جعلها على صورتها العشوائية الراهنة!!.. لأن الفوضى العمرانية مرفوضة وغير مقبولة ولا أحد يتمنى أن يسكن في بيت مخالف غير لائق وغير صحي حتى أصحاب وقاطني مثل هذه البيوت.. ولكن ماذا قدمتم من بدائل لهم عبر كل تلك العقود الزمنية الطويلة التي تكرست فيها تلك المناطق غير النظامية التي أضحت في عرفكم "مناطق عشوائية خطرة!!..".. وهل عملت مجالس المدن المتتالية في مدينة اللاذقية مثلاً على استدراك ذلك عبر إصدار وتصديق مخطط تنظيمي لا يزال يلف ويدور من مكتب إلى آخر ومن دائرة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر منذ عقود طويلة؟!! أم أنه كانت لها مصلحة واضحة في تأخير إصدار هذا المخطط العتيد؟!!..
ثم إن هذه المناطق –التي يسمونها خطرة.. للأسف- لو أن البلدية المذكورة وضعتها موضع اهتمامهما ورعايتها وعنايتها منذ زمن بعيد –وليس تحويلها فقط مجرد بقرة حلوب تمدهم بحليب الرشاوي المالية للسكوت وغض النظر عن البناء المخالف- لكانت من أفضل مناطق العمران وأجملها وأروعها في مدينة اللاذقية.. وتضاهي أرقى الأحياء في هذه المدينة وفي غيرها.. والدليل على ذلك أن كل الكتل المعمارية والمباني والضواحي والوحدات السكنية الجديدة بدأت تتجه نحوها.. من سكن الشباب إلى سكن الادخار إلى مبنى اتصالات اللاذقية وبناء لفرع نقابة المهندسين باللاذقية (أو ربما مبنى آخر تابع للنقابة..)... وغيرها.. حتى أننا سمعنا من زملائنا وأصدقائنا المسؤولين من داخل البلدية ومن خارجها، أن بعض المتعهدين الكبار وبعض الجمعيات السكنية الكبرى، بدؤوا جميعاً بشراء مساحات واسعة من الأراضي في تلك المناطق وعلى أطرافها تقدر بمئات الدونمات قبل صدور المخطط التنظيمي!!!..
 
وفي الآخر نعود ونكرر أن الحلول بسيطة، ولكنها يحتاج لقوة وشجاعة وجرأة وتحمل مسؤولية وسرعة في التحرك بعيداً عن القوانين البيروقراطية التي تساهم في تعزيز فكر وثقافة الفساد والإفساد.. والحلول هي: صدقوا المخطط التنظيمي، باشروا بتوزيع الأراضي على الجمعيات السكنية، اعملوا على بناء ضواحي سكنية جديدة واسعة لكل منها ضابطة بناء خاصة لا يمكن خرقها أو كسرها، استثمروا في البناء الشاقولي بدلاً عن الأفقي..
 
طبعاً، المواطن القاطن في تلك المناطق والذي مضى على سكنه فيها أكثر من عقد أو عقدين أو ثلاثة عقود من الزمان، هو من سيدفع ثمن تلك المخالفات في النهاية للأسف.. إذا لم يتم إيجاد تعويضات حقيقة تنظر بعين الإنسانية لهذا الملف ومن إطاره الأوسع والأشمل، وليس فقط من زاوية الاستثمار والانتفاع والكسب في سوق التجارة.. وهذا هو أملنا ورجاؤنا كمتابعين ومراقبين وأبناء في هذا البلد الخير المعطاء الذي تكمن قوته الحقيقة في وحدة أبنائه وتكاتفهم وتكافلهم وتضامنهم كأسرة واحدة كالبنيان المرصوص خلف قيادتنا الأخوية والحكيمة والشجاعة التي يقف على رأسها السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد..
 
 
ملاحظة: التصريح السابق لصديقنا رئيس البلدية موجود في إحدى وسائل الإعلام الألكترونية.... ونحن نقلناه بكل أمانة وصدق ومهنية..
 


ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024