الأربعاء 2012-11-28 20:24:57 بورتريه
سيريانديز تحاور رئيس حزب العمال المجري ...ثورمر يوجه رسالة للابراهيمي:( أعلم كل القادة في العالم أن سورية تعيش أوضاعاً طبيعية واتركوها وشأنها )
النظام الشيوعي لم يلزمنا أن نقاتل في أفغانستان أما اليوم فهل تجرؤ حكومتنا على قول لا؟!
بودابست-رئيس التحرير
في المجر(هنغاريا) تجد الكثيرين،ولا سيما الفقراء،يتحسرون على أيام الاشتراكية،ونسبة كبيرة من الشعب المجري ما زال في داخلها الحنين إلى تلك الأيام ،ولو حافظ الاشتراكيون على وحدتهم لبقوا في الحكم أو على الأقل في مركز قوة،لكنهم انقسموا وتشرذموا وخرج الانتهازيون من صفوف حزب العمال لينضموا إلى أحزاب "اشتراكية"محدثة لعبت أو حاولت لعب دور في الحياة السياسية لكن لم يكتب لها الاستمرارية القوية..
عندما دخلت مبنى حزب العمال المجري الذي حكم البلاد طيلة الحكم الشيوعي و حلف وارسو لم أجد زمن "الاتحاد الأوروبي" قد دخل إليه..
بحفاوة صديق قديم استقبلني"الرفيق"جولا ثورمر رئيس الحزب،وجه بشوش يشعرك بالراحة،وقلت في نفسي:ليس جميع الأوروبيين أشراراً وعدوانيين ،بل هذا رئيس حزب عريق بوسط أوروبا "لا يكرهني"رغم أنني سوري!!!
يبدي ثورمر مواقف على درجة كبيرة من الأخلاقية والواقعية حول مختلف القضايا،,لعل قوتها تأتي كونه رجل قريب من الصورة الحقيقية لقضايا المنطقة بشكل جعله يصوغ صورة منصفة لما يحدث في سورية والمنطقة بشكل عام،وربما لو أتيح لكثير من الغربيين مصادر معلومات نزيهة ومستقلة لكانوا أكثر إنصافاً في مواقفهم وهو دور يسجل للجالية السورية في المجر الذين يحاولون دائماً نقل صورة واقعية عما يجري في سورية..
سيريانديز زارت رئيس حزب العمال المجري في مكتبه برفقة الصديقين الدكتور مازن المقت والمهندس عطية تمو اللذين ساعدا مشكورين  في ترتيب اللقاء وفي الترجمة..
 وكان الحوار التالي..
 
·        أبدأ حواري من موقف حصل معي بالأمس حين سألت رئيس الوزراء أوربان لماذا هنغاريا وهي الصديق القديم لسورية توافق على العقوبات التي يفرضها الإتحاد الأوربي ضد الشعب السوري والتي لا تؤثر على المسئولين في سورية ؟
قال لي رئيس الوزراء أنه حزين لما يجري في سورية مع أنه تربطنا بسورية صداقات حكومية وشخصية إلا إن هنغاريا ملتزمة بالمطلق بسياسة الاتحاد الأوربي وليس لها سياسة خارجية مستقلة .
كيف يرى حزب العمال انتقالكم من استبداد سوفيتي سابق إلى استبداد أوربي حالي لا يسمح أن يكون لكم  رأي سياسي مستقل ؟
** غادرت القوات الروسية المجر في عام 1990 في الوقت نفسه الذي ظهرت فيه القوات الأميركية في منطقة البلقان القريبة جداً أي أن المجر لم يحظى بالاستقلال إلا لنصف عام منذ ثلاث وعشرون عاماً ، ففي عام 1999 دخلت قوات حلف شمال حلف الأطلسي ( الناتو ) البلقان وبدأت العمليات العسكرية هناك بعد أسبوعين من دخوله وكان مطلوب من المجر تنفيذ أوامره بتقديم العنصر البشري العسكري والمساعدة العسكرية ،ونحن بالتأكيد ضد هذا العمل لأنه يمس بالاستقلالية والكرامة الهنغارية في حين أن القوات السوفيتية أو النظام الشيوعي القديم لم يلزمنا بالقتال في أفغانستان حيث كان يقاتل ، في ذلك العهد كنا نملك خيار الرفض في حين أنه في عهد أوربان الوضع مختلف فهو لا يجرؤ أن يقول لا أريد المشاركة .
·         هل لهذا الرفض علاقة بالشخص أم هو الإطار القانوني الذي ينظم العلاقة مع أوربا أم أن الناتو يفرض عليه ذلك ؟
** تحول النظام في هنغاريا من اشتراكي إلى رأسمالي خلال الثلاثة وعشرين عاماً الماضية حيث أن هنغاريا لم تكن بلدا غنياً فدخول رؤوس الأموال هو من صنع الرأسمالية التي مازالت ضعيفة وغير قادرة على الاستقلال بقراراتها لهذا نجد الحكومة ملزمة بتنفيذ أوامر الناتو الذي يؤمن الحماية لها وللطبقة الرأسمالية الموجودة هنا .
·         هل تعول على التغيرات في المشهد السياسي في السنوات القادمة وعلى أن الشعب ينتخب ويحمي الهوية المجرية التي حتى رئيس الوزراء تحدث عن شعوره بالفخر أو بمعنى آخر هل يتوازى الفخر مع التبعية ؟
**ليست المجر بمعزل عن الأزمة الاقتصادية التي تتعلق بالرأسمال الغربي فإذا أخذنا البنوك الأجنبية نجدهم قد استغلوا أشياء كثيرة مهمة فقد باعوا كل شيء منذ عشرين عاماً للشركات الأجنبية الرأسمالية الغربية ومن ضمنها المؤسسات والشركات الصناعية وهذا مغاير عن الذي يحدث في الصين فالمطلوب منك هناك هو الإنتاج من شركة أنت تقوم برأس مالك بإنشائها داخل البلد .
·        هل هناك لرأس المال قيمة مضافة على اقتصاد المجر ؟

**  نستطيع أن نقول أن المجرين فقراء وهذا يعود لأسباب كثيرة  أهمها أن مستوى معيشتهم لم يتجاوز مستوى العيش في عام 1985 أو أذا قسناها مئوياً نجدها الحد الأعظمي للذين يعيشون بمستوىً جيد لا يتجاوز المليون من بين عشرة ملايين والسبب الثاني هي مشكلة الفساد التي بواسطتها تستطيع أن تشتري كل شيء وبشكل عام أننا نلحظ ازدياد هذه الظاهرة في أوربا عموماً والتي اقترحنا لها حلان حيث اقترح الحزب الاشتراكي قبل مجيء أوربان العمل مع بنك النقد الدولي ليكون لدينا استقرار مادي وتكون الفوائد المترتبة على رؤوس الأموال أقل فيتم بذلك اختصار للمصروفات التي تخص الصحة والتعليم ولكن بعد مجيء أوربان غير الحال فكانت له وصفة أخرى تقدم بها إلى الاتحاد الأوربي تعتمد على تخصيص مسلك اقتصادي خاص بنا أو بمعنى آخر إعادة بناء اقتصاد المجر وذلك بتحميل عبء الدفع للشركات الغنية، بالإضافة لإقامة منشأة عمل جيدة مما أدى إلى رفع الضرائب على البنوك غير أن وصفة أوربان لم تلقى القبول لدى الاتحاد الأوربي متذرعاً بعدم جواز أي دفع لرأس المال الأجنبي في الوقت الحالي فما كان إلا أن أخذت الحكومة على عاتقها دفع تلك الضرائب التي تحملها هذه الأخيرة بدورها للمواطنين .إلا أنه وفي حالات قليلة قدمت بعض الشركات مثل أودي ومرسيدس وأقامت مصانع لم تحقق سوى فرص عمل قليلة جداً لذلك يتوجب علينا تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة لأنها تحقق فرص عمل أكثر وهنا يأتي دور البلاد العربية مثل سورية لتكون الشركات الهنغارية الصغيرة منافسة على عكس ما يحدث مع الشركات الصينية المساوية في مستواها للشركات الهنغارية .

·        كيف تقرأ المستقبل والتطورات في منطقة الشرق الأوسط وخاصةً في سورية ؟
** نحن نحترم الشعب السوري ونحترم قائده الرئيس بشار الأسد ونحن لا نرى أمامه إلا مواجهة القوى الإمبريالية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية أو الانصياع لأوامرهم ، ولاشك أن القيادة السورية قد اختارت الطريق الأفضل وهو المواجهة فهي لا تريد أن تضحي بإرادتها و استقلالها لأميركا أو الإمبريالية لأن ما يحدث في سورية ليس بحرب أهلية وليس بسوري يقاتل سوري آخر وإنما العوامل الخارجية أو اللاعبين الخارجين أو القوى المدعومة من الخارج هي من تقوم بذلك .
فإذا قرأنا سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية نجدها متخبطة فيها تبدأ حربها دائماً من البوابة الإيرانية غير إننا نجد هذه الأخيرة مستمرة ،وإذا أخذنا النموذج الليبي فهاهي ليبيا غير مستقرة وإذا تطرقنا إلى بولونيا والتي طلب منها الناتو إقامة منصات للصورايخ لديها  نجدها أيضاً غير مستقرة ،أما فيما يخص علاقتها بالصين فهي غير مرضية النسبة لها لأن الصين لا تنصاع لأوامرها وهي مازالت تحاول معها لهذا ربما علينا أن نتوقع سياسة مستقبلية تتسم بمزيد من العنف ولا سيما أن الاتحاد الأوربي يدعم أمريكا ولكنه ليس مندفع كما أميركا التي شعرت مؤخراً بأنها خسرت كثيراً ولا سيما في الفترة الماضية فلذلك بدأت تنحو نحو التراجع في بعض الخطوات على عكس الاتحاد الأوربي الذي يكتفي بإطلاق تصريحات ليس لها تنفيذ على الأرض كونه مدرك تماماً لاختلاف رأيه عن رأي الشعب الأوربي فيما يخص علاقته بإسرائيل ، وهذا ما يحتم وقف التدخل الأجنبي فليس لبودابست أن تقرر من يكون رئيس الجمهورية العربية السورية ،لقد زرت سورية عدة مرات ووجدت أن مستوى معيشة الناس جيد ومقبول كما أنني التقيت مع الرئيس الأسد وكل أعضاء القيادة السورية وهو قائد لامع وفذ ويتمتع بتفكير صحيح .
·         كيف ترى الصورة في الفترة القادمة وبالتحديد ما بعد انتخاب أوباما وما جرى اليوم في قطر والقاهرة من تشكيل ما يسمى الائتلاف السوري المعارض ومحاولات للاعتراف الرسمي به ؟
** بالنسبة لأوباما فقد تنفس الصعداء لأنه دخل لمرحلة رئاسية جديدة وما على العالم سوى الانتظار أم أن يكون مرنا أو أنها ليست سوى حملة انتخابية غير أن أميركا لاشك أنها تحاول رص صفوفها وتحاول أن تسترد ما خسرت .

·         هل تتوقع أن تستمر روسيا والصين في موقفها الداعم للحكومة السورية أو على الأقل في تطبيق الشرعية الدولية في التعاطي مع الأزمة السورية ؟

** أرادت كل من روسيا الصين بموقفهما الداعم لسورية أن تضعا حداً لأميركا التي لا تستطيع أن تواجه الصين التي سينعقد فيها مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني والذي لا يبحث عن مواجهة مع أمريكا إضافةً كونها اللاعب الاقتصادي الأبرز في الساحة العالمية  ، ولا أن تواجه القوة الروسية التي تتحسس الخطر الاميريكي .
·        لو أتيح لك أن توجه نصيحة للسيد الأخضر الإبراهيمي عن كيفية تعامله مع الأزمة السورية ليقدم حلاً يرضي الجميع ؟
** أقول له: ( أعلم كل القادة في العالم أن سورية تعيش أوضاعاً طبيعية واتركوها وشأنها ) فحين يتخلى الاتحاد الأوربي والدول الخليجية وتركيا وأمريكا عن دعم المعارضة سريعاً ما تنحل واستمرار دعمهم لها بالأسلحة سيزيد من تفاقم المشكلة التي ربما تتطور إن تم تزويدهم أسلحة أكثر تطوراً من التي يملكونها وهذا بالطبع ليس بمصلحة الغرب الذي سيتعذر عليه ضبط الأمور في داخل الشرق الأوسط .
·        وصفت هيلاري كلينتون بـ"القوادة"..هل تتوقع تغيراً ما  في الخارجية الأمريكية على الصعيد السياسي أو على صعيد الأشخاص ؟
** لا تُرسم السياسة الأمريكية من قبل شخص واحد ولكن لوزير الخارجية دور فعال ومؤثر جداً في الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص في التعامل مع إسرائيل ولم تكن سياسة كلينتون إلا عنيفة وفظة كما سابقاتها .
·        هل سنراك في سوريا قريباً ؟
** بصراحة نحن ندعم سوريا والقيادة السورية منذ بداية الأحداث وحتى الآن ، قمنا بعدة تجمعات ووقفات تضامنية و بغض النظر عن وجود إطلاق الرصاص أو عدم وجوده أنا على استعداد للذهاب إلى سورية في أي لحظة كانت إن كان وجودي يساعد القضية السورية .   
 
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024