الثلاثاء 2013-04-02 02:47:51 رئيس التحرير
"البرجوازي الأحمر"
أيمن قحف
نجحت سورية خلال نصف قرن في معادلات السياسة الإقليمية والدولية، قطع الرئيس كلينتون "نصف مسافة إلى جنيف" ثم المسافة كلها إلى دمشق لأن الرئيس حافظ الأسد لم يرد الذهاب إلى واشنطن..
رغم غياب التوازن الدولي نجحت السياسة السورية في تحقيق توازنات جديدة لتكون ركيزة المحور المقاوم في وجه الغرب وإسرائيل وعرب الاعتدال.
نجحت السياسة السورية في تجاوز حصار "أزمة الحريري" وفتحت أوروبا أبوابها واحترمت المواقف السورية.
ببطء خطت سورية خطوات في الاقتصاد لكن لم يتم اختيار فريق اقتصادي ذي وزن قادر على مواكبة الثقل السياسي!
ببطء أكثر خطت سورية نحو الإصلاح السياسي،ولسنا في وضع يسمح لنا بتقييم مدى أهلية الشعب السوري والعربي للديمقراطية،بالنظر للتجارب التي نراها!!
إن النجاح الاقتصادي كفيل في كل الأزمان على امتصاص بقية المشكلات،إن توفر فرص العمل والدخل وارفاهية تجعل الناس أقل عرضة للتأثر بالتحريض أو الخوض بالشأن السياسي ومحاولات"قلب الأنظمة"!
انتشر الفساد وضعف الاقتصاد و لم نكمل في الانتقال نحو اقتصاد السوق فوفنا بمنتصف الطريق.
هنا تسلل الضعف إلى جسم بلدنا فكانت مقاومة الأمراض أقل بكثير مما لو كان الجسد سليماً!
يصر النائب الاقتصادي(المعارض وصاحب المشروع السياسي)الدكتور قدري جميل على تكرار عبارة :لا حل اقتصادي قبل الحل السياسي،وهي عبارة تحمل في مضمونها"تنصلاً"من مسؤولية القيام بأي شيء يساهم في حل مشكلات البلد الاقتصادية !
أنا أتفق مع النائب الاقتصادي من حيث المبدأ،ولكنني أختلف معه في توصيف(الحل السياسي)فهو –كما أفهم من أحاديثه- يرى في الحل السياسي مدخلاً لتحسن الوضع الأمني وبالتالي يمكن العمل على الاقتصاد وحل مشكلاته،ولكنني أود أن أضيف أن الحل السياسي يعني أن يكون الناس قادرين على"انتخاب من يمثلهم"وبالتالي سيتمكن المجتمع السوري من تحقيق ما عجز عنه لعقود عديدة وهو اختيار حكومة تمثلهم من خلال نتائج انتخابات مجلس الشعب ..
يمكنني أن أقول وأنا مرتاح البال،أنه في حال تمكن الشعب السوري من الوصول إلى حالة ديمقراطية صحيحة فلن يكون معظم من مروا على المناصب الاقتصادية على كراسيهم الحالية أو السابقة.
إن مشكلتنا الكبرى في الاقتصاد أننا لم نحظ بفريق اقتصادي من ذوي"الأوزان الثقيلة"،فهم في معظمهم –ومنذ عقود-إما موظفون ترقوا بالمناصب وبقوا موظفين،أو أكاديميون يعرفون فن المحاضرات والخطابة ولا يعرفون الكثير عن العالم الواقعي،وإما متسلقين تم ترقيتهم ليستفيدوا ويفيدوا،كما أن هناك إشراقات ظهرت لكن لم تحظ بالقوة والتأييد من الحكومة والسلطات المتعددة فلم تتمكن من استكمال الخطوات المبشرة.
لقد تم الاعتماد على كوادر"حزب البعث"أو من يرشحهم البعث وهؤلاء لم يكونوا على قدر من الخبرة والكفاءة والمرونة الفكرية لإحداث النقلة النوعية في الاقتصاد.
لنضع الوطنية جانباً،فالكل وطنيون مخلصون،كذلك الفساد فالكل"أنقى من مياه بقين" ،ولنتحدث عن الكفاءة والمؤهلات...
لقد عشنا على الدوام في حالة"الاقتصاد التجريبي"،نضع أهدافاً أو تصادفنا مشكلات،تجتمع اللجنة الاقتصادية،أو لجنة تشبهها أو الحكومة ،يتناقشون يستعرضون بسرعة مذكرات كتبها هواة ،يحصل نقاش أو"عصف فكري"يدلي كل بدلوه يعجبهم كلام أحدهم..يتخذون القرار بناء على جانب وحيد وغير مكتمل...تقع المصائب...يتراجعون يتناقشون مرة أخرة...هذه المرة يستأصلون ذراع المريض بعد أن قطعوا لسانه!!
قلة منهم عرف معنى اقتصاد السوق أو آليات العرض والطلب،قلة منهم عرف الدورة الاقتصادية والانتاجية وعمل المصارف والتمويل والتسهيلات.
يتدخل أصحاب المصالح في كل مرة،يجدون الحجة ويستخدمون الصوت الأعلى...ينجحون!
كل شيء تحملناه في الماضي أيام"البحبوحة"أما اليوم فالحاجة تقتضي أن يكون فريقنا الاقتصادي مكوناً من رجال يملكون الخبرات العلمية والعملية و قوة الشخصية والقرار والعلاقات الداخلية والخارجية الجيدة..رجال يجمعون الخبرة الوظيفية والعلمية وقطاع الأعمال والصناعة والتجارة والمصارف وأن يكون لبعضهم خبرة خارجية في الاقتصاد الدولي..
هكذا فريق يمكن أن نعول عليه أكثر من موظفين أو أكاديميين بلا خبرة..
هكذا فريق يمكن أن يعالج المشكلات ويطلق الطاقات ويرفع المستوى بدل أن يغوص في "ليتر مازوت"أو "ربطة خبز"..
وأقول بصدق للنائب الاقتصادي الذي يحمل هموم الفقراء:لو أدرت الفريق الاقتصادي بعقلية"البزنس وصاحب المال" ،وأنت ابن عائلة تنتمي بقوة لعالم الأعمال والمال ،لخدمت الفقراء والاقتصاد أكثر بكثير من خدمتهم بالأدوات "الاشتراكية"التي انتهت صلاحيتها!..وأنا أقبل أن يدير الاقتصاد "برجوازي" فعال يفهم لغة الاقتصاد العالمي ،وهو أفضل من"أحمر"ليس لديه سوى الشعارات؟!!
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024