الإثنين 2013-04-22 00:07:04 تحقيقات
الغاز..فســـــــاد.. ابتـــــــــــزاز.. وجشع بلا حدود..
ضربت أذرع الارهاب قطاع النفط بكل مكوناته من الآبار وخطوط النقل وسكك الحديد والقطارات والمصافي وصولاً إلى محطات الوقود ومعامل تعبئة الغاز..

وإذا كانت الذراع الخارجية نشطت حصاراً وتضييقاً ما أثر على عمليات الاستيراد والتصدير فإن الذراع الداخلية عاثت تخريباً وفساداً.. وما بين حصار خارجي وإرهاب داخلي وفساد.. وفي ظل تنامي الطلب على المادة وخاصة الغاز بدمشق وريفها بعد أن فعل الإرهاب فعلته في معمل تعبئة عدرا.. نشط السماسرة والمحتكرون وتجار الأزمات الذين يوازون في خطورتهم الإرهابي حامل السلاح... نشطوا تحكماً بالمادة وحركة انسيابها للمستهلكين وبأسعار مضاعفة في ظل غياب تام لأجهزة التجارة الداخلية.‏‏‏‏

سوق سوداء‏‏‏‏

ما إن توقف معمل غاز عدرا عن الإنتاج واستفحلت الأزمة في دمشق وريفها حتى نشط تجار السوق السوداء بأبشع صور الاحتكار والابتزاز للمادة وعرضها للبيع على الأرصفة والمفارق والساحات العامة وبسعر خيالي امتد من ألف ليرة، ووصل أحياناً في بعض المناطق إلى أربعة آلاف ليرة للأسطوانة الواحدة.. في ظل تساهل غير مبرر إن لم يكن غياب كلي لجهاز يعنى بحماية المستهلك؟!‏‏‏‏

وفي كواليس موزعي الغاز تدور أحاديث عن أرقام خيالية جناها البعض على حساب المواطن وحاجته للمادة.. وحسب هؤلاء فإن دخل الموزع في يوم واحد وصل الى عتبة المليون ليرة ربحاً صافياً جراء تقاضي السعر الزائد.. وأفاد البعض بوجود موزعين جمعوا خلال الشهر الماضي عشرات ملايين الليرات جراء الاتجار غير المشروع بمادة مدعومة وأصبح لبعضهم شركاء من الجهات المعنية عن قصد أو غير قصد يؤمنون الموافقات والغطاء اللازم بحجة استجرار المادة لخدمة الأحياء والمناطق فيما المقصد لعبة ابتزاز وجشع بلا حدود.‏‏‏‏

ويفيد الواقع بوجود عملية فساد كبرى تدور محاورها بين الاحتكار والاتجار غير المشروع وتقاضي أسعار مضاعفة.. أي أن مليارات الدعم الرسمي تهدر لمصلحة حفنة من تجار الأزمات..‏‏‏‏

وأفادت مصادر موزعي الغاز أن أحدهم في مدينة دمشق حظي بالموافقات المطلوبة لاستجرار 900 اسطوانة غاز لم يتأخر عن طرحها في السوق السوداء بسعر يزيد عن 4 آلاف ليرة للاسطوانة الواحدة إزاء هذه الحالة لجأ السواد الأعظم من محدودي الدخل ومن في فلكهم إلى بدائل الغاز بدءاً من اقتناء الوشائع والسخانات الكهربائية رغم التقنين وعدم انتظام التيار.. بينما البدائل في الأرياف تمثلت بالاحتطاب كحل أمثل.‏‏‏‏

ولادة متأخرة‏‏‏‏

أمام انحسار عرض الغاز على حساب تنامي الطلب وخلل المعادلة التسويقية تداعى بعض الموزعين وتدخلوا لدى الجهات المعنية بغية إحداث تنظيم نقابي يعنى بتسويق مادة الغاز وفق أطر وضوابط قانونية محددة.. وبعد أخذ ورد تم الترخيص رسمياً للجمعية الحرفية لتوزيع أسطوانات الغاز في دمشق بموجب قرار وزير الصناعة رقم 2087 تاريخ 3/11/2011 وبلغ إجمالي أعضاء هيئتها العامة 75 عضواً من أصل 225 موزعاً في دمشق.‏‏‏‏

ومع استمرار أزمة الغاز وبسبب الظروف السائدة والاعتداءات الإرهابية على معمل عدرا وعدم سلامة النقل على الطرق العامة وتوقف الجهات الرسمية عن النقل والتوزيع تنطحت الجمعية الحرفية وليدة العهد للمهمة الصعبة وأعلنت استعدادها لنقل الغاز من مصفاتي حمص وبانياس إلى دمشق وريفها وعلى نفقتها الخاصة..‏‏‏‏

وحسب رئيس الجمعة محمد سليم كلش فإن الجمعية ورغم المخاطر والصعوبات تمكنت خلال آذار الماضي من نقل حوالي من 45 ألف اسطوانة غاز من بانياس ووضعها في خدمة المستهلكين بدمشق وريفها..‏‏‏‏

وعن الصعوبات التي اعترضت هذه الخطوة وخطورتها أوضح كلش انه بعد استحصال الموافقات المطلوبة من التجارة الداخلية والمحروقات برزت عدة عقبات منها إشكالية مكتب القطع فمثلاً مكتب قطع البونات التابع لشركة المحروقات كان في دمشق وتم نقله إلى عدرا.. وبسبب الظروف الراهنة ومخاطر الطريق يقوم أعضاء الجمعية بالذهاب إلى عدرا للقطع.. فتكون المفاجأة بإغلاق المكتب والحل برأيه يتمثل بإعادته إلى دمشق لتسهيل المعاملات وتسريع الإجراءات..‏‏‏‏

برسم مصفاة بانياس‏‏‏‏

وقالت إدارة الجمعية إن الجهات المعنية سمحت بتعبئة الغاز في مصفاة بانياس ونقله إلى دمشق على مسؤولية الجمعية بدءاً من تأمين العمال والبونات والسيارات الناقلة ورغم مخاطر الطريق إلا أن الواقع يفيد بوجود أعباء إضافية تتكبدها الجمعية بدءاً من التأخيرات لأكثر من يومين أحياناً حتى يتم تنفيذ الطلبية وهنا مطالبة بالإعفاء من الدور وتأمين الطلبية فور وصول السيارات الشاحنة للحد من النفقات الزائدة وزيادة الكميات لتلبية الاحتياجات المتنامية ويبدو أن سلامة الطرق العامة اضافت عقبة جديدة لإيصال المادة إلى مستحقيها حيث بينت الجمعية أنه رغم الأعطال الطارئة التي تحدث للسيارة الناقلة وغير المجهزة أساساً لكهذا مهمات يتعذر إحضار ورشات الإصلاح والصيانة إلى مكان توقف الآلية فيضطر السائق لتركها ليعود لاحقاً ويجدها في مكان آخر.. إلا أن الأخطر هو تعرض السيارة ومحتوياتها للسرقة من العصابات المسلحة حيث سبق وتم سرقة 150 اسطوانة صناعية وتلاها سرقة سيارة مع حمولتها البالغة 250 اسطوانة منزلية.‏‏‏‏

تكلفة مضاعفة‏‏‏‏

إذا كان سعرالاسطوانة تسليم المحروقات للمعتمدين معبأة 450 ليرة ففي حالة الجمعية تضاف إليها نفقات زائدة أوجزها رئيس الجمعية بالتالي: أجور السائقين - السيارات الناقلة - المحروقات - المرافقة واضطرار السائق والمرافق والسيارة للمبيت في بانياس لعدة أيام وهذا كله يضاعف التكاليف وبمعدل وسطي يصل إلى 250 ليرة كلفة ثابتة تضاف إلى سعر الاسطوانة الواحدة دون الدخول في مخاطر وسلامة الطريق وتعرض السيارة للسرقة وللأعطال الطارئة.‏‏‏‏

سعر المبيع 700 ليرة‏‏‏‏

إذا كان السعر المحدد للاسطوانة 450 ليرة ومع إضافة نفقات الشحن والتعبئة وأجور السيارة والعمال وبمعدل 250 ليرة يصبح السعر 650 ليرة وبإضافة هامش ربح المعتمد يفترض ان يسدد المستهلك ثمن الاسطوانة معبأة 700 ليرة.‏‏‏‏

وحسب الجمعية في حال تمت العودة إلى معمل عدرا فإن سعر المبيع للمستهلك سيعود إلى 450 ليرة للاسطوانة كما هو محدد.‏‏‏‏

ورداً على سؤال أن سعر التكلفة يرهق شريحة عظمى من المستهلكين كما أنه غير موجود في السوق المحلية أصلاً جاء رد رئيس الجمعية بإمكان تخفيض التكلفة وإيصال الاسطوانة للمستهلك بسعر قريب من السعر الرسمي أو حتى نفسه في حالة مؤازرة شركة المحروقات وشركات القطاع العام المعنية بنقل وبيع المادة من خلال تأمين نقل المادة من بانياس بأسطولها المجهز لهذه الغاية ومعاملة الجمعية معاملة هذه المؤسسات من قبل شركة المحروقات..‏‏‏‏

وفي جرأة زائدة يقول كلش في حال تأمين الاسطول الناقل ستصل المادة إلى المستهلك بنفس سعر الشركة والجمعية مستعدة لتحمل مخاطر النقل وسلامة الطرق العامة.‏‏‏‏

تعبئة جمرايا بالخدمة‏‏‏‏

وبينت إدارة جمعية الغاز أن وحدة تعبئة جمرايا وضعت بالخدمة منذ مطلع الشهر الجاري بعد الانتهاء من الفترة التجريبية التي انطلقت 26/3 الماضي من خلال 250 اسطوانة قدمتها الجمعية كتجربة لأعمال الفونط وقياس الضغط وتدقيق الاسطوانات الصالحة للاستخدام. وعن الطاقة الانتاجية لوحدة تعبئة جمرايا أوضح المدير المسؤول طارق التقي أن الوحدة في الواقع وحدتان والإنتاج اليومي يتراوح بين 6-10 آلاف اسطوانة يومياً وأعلن التقي أن العمل جار حالياً لإضافة 4 وحدات تعبئة إضافية بحيث يصل العدد إلى 6 وحدات يتوقع أن تنتج يومياً ما بين 25 - 30 ألف أسطوانة غاز فور الانتهاء من التجهيز والتجريب.‏‏‏‏

27 مخالفة فقط‏‏‏‏

أمام تنامي السوق السوداء للغاز واضطرار المستهلكين لتسديد قيمة الاسطوانة مضاعفة مازالت أجهزة حماية المستهلك محدودة الفاعلية حيث لم تنظم سوى 27 مخالفة خلال العام الحالي وشملت الضبوط المنظمة تقاضي أسعار زائدة وعدم الإعلام عن السعر وإغلاق المحلات والاتجار بمادة مدعومة بطرق غير مشروعة.
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024