الأربعاء 2014-08-27 08:16:53 **المرصد**
أيمن قحف يشعل جدالاً محوره«التنابل»..هل اتهم الشعب السوري حقاً بالـ«تنبلة» وما علاقة صموده بالمصطلح؟!

كتب:عصام الصافتلي
يبدو أن سياسة قلب الحقائق وتزويرها وتحويرها أصبحت سلعة يستطيع أي كان العمل بها، ربما يكون السبب أحيانا الجهل وسوء الفهم، وفي أحيان أخرى يكون هناك هدف خبيث، أو حقد دفين، أو ثأر شخصي، فما أثارته الصحفية نور أبو فراج عبر جريدة السفير اللبنانية حول برنامج أجندة حوار الذي يبث على قناة سما السورية له وجهان متناقضان، ظاهر وباطن، خير وشر، الوجه الأول الظهور بمظهر الحريص على مشاعر الشعب السوري والدفاع عنه والبكاء عليه من خلال تقمص شخصية «أم الصبي» ولعب دور الملك من خلال ملوكية وهمية تحاول احتلال كرسي الملك الحقيقي، واللعب على وتر عواطفه، وهو الشعب السوري.
وتصف الزميل القحف بأنه استخدم«دون خجل» مصطلح التنابل!!
أما الوجه الثاني فهو المخفي والمبطن وهدفه واضح وهو مهاجمة قناة سما السورية والمذيع الدكتور محمد عبد الحميد الذي أدار الحلقة، ومن ثم الانقضاض على الزميل أيمن قحف.
وبالمصادفة وفي ذات التوقيت ينبري للدفاع عن الشعب السوري «الرفيق» أسامة الماغوط عضو المكتب السياسي لشيوعيي «بكداش» من خلال الاستثمار بكلمة واحدة وردت في البرنامج وهي« التنابل» ويزيد من خلال كشف سر خطير وهو أن الشعب السوري صامد، وبأن القحف من خلال كلمة واحدة حطم الصمود والتضحيات وسبب اليأس والقنوط للبلاد والعباد.
الغريب في الأمر أن كلمة «تنابل» اجتزئت من سياق كامل اللقاء دون ربطها بما سبقها أو تلاها، ودون بذل أدنى جهد للتدقيق والتمحيص بالكلام، وفرض سوء النية مسبقاً، واتخاذ مواقف ضعيفة هشة، بطريقة استعراضية غريبة بعيدة عن الواقع، تعبر فقط عن رأي صاحبها، الذي فوض نفسه للتحدث عن اقتصاد البلاد، وتبسيط الأمور لدرجة تسخيفها، وكأننا في حالة رخاء وسلم وأمن وأمان، والسخرية من الأسباب التي سببت تراجع الاقتصاد السوري كـ«ممارسات الجماعات المسلحة»، و«تراجع الدخل الوطني»، و«العقوبات الاقتصادية» واعتبارها مجرد حجج وشماعات علقت عليها كل مشاكل الاقتصاد السوري.
وللتوضيح وليس الدفاع أقول: أشك بأن الصحفية نور أبو فراج والاستاذ أسامة الماغوط قد تابعا حلقة البرنامج بالكامل، وما دار فيه وهذا ما دعاني لأوضح كلا الموقفين الناقدين حول ما تحدث عنه الزميل أيمن قحف بعد متابعتي لمجريات اللقاء بأكمله، كما أني دققت في كل كلمة قالها، ولم أجد أي رابط حقيقي بين ما أراد الزميل قحف إيصاله للمشاهدين، وبين الانتقادات التي وجهت له.
إن اتهام الزميل القحف بترويجه للخصخصة لا يعني نفيه لدور القطاع العام وما قدمه خلال سنوات الأزمة في سورية، ومفهوم الخصخصة الذي أراد إيصاله ليس له علاقة أيضاً بإضفاء أهمية دور القطاع الخاص على العام، وعلى الجانب الآخر فإن مجتمع الأعمال الوطني في سورية قدم الكثير خلال الأزمة، وفي المقابل لم تسلم موارده أيضاً من الإرهاب كما مؤسسات الدولة المختلفة التي طالها الإرهاب، ورغم ذلك ما زالت صامدة وتقدم لأبنائها الكثير، فالمطلوب حسب ما أشار إليه الزميل قحف في اللقاء هو التصالح بين المعنيين العام والخاص، ولابد أيضاً من التفريق بين الدولة والقطاع العام، لأنه وبرأيه هناك من يخلط بين المعنيين، فالدولة هي تلك السلطة المطلقة التي تمارس قوانينها على جميع القطاعات، العام والخاص والمشترك، ولكن ما يجري هو تجيير القوانين والقرارات على مزاج وأهواء القطاع العام، وكأن القطاع الخاص خارج المعادلة رغم دوره الهام في المناخ الاقتصادي السوري، فلكل حرمته ويجب ألا تنتهك بأي ظرف من الظروف، وإن حدث فيجب حينها تطبيق القوانين الرادعة.
أما فيما إذا كان ينطبق وصف «التنابل»على كامل الشعب السوري، حسب آراء المنتقدين، فهو خطأ ناجم عن سوء فهم، والسؤال هل الشعب السوري كله تنابل؟ أؤكد أن الشخص الذي يوصف بالتنبل هو من لا يريد أن يفجر الطاقات التي يمتلكها بالتعلم والتطوير وربما بالتثقيف، بل يكتفي بما يأتيه من مورد دون أدنى جهد أو عناء، وهو دائم الشكوى من فقر الحال، ونحن نعلم أن سوريين كثر اجتهدوا في حياتهم العلمية وحصلوا على أرفع الشهادات وطوروا كفاءاتهم وصقلوها بالتجربة العملية وحققوا نتائج مذهلة يستفيد منها الآن آلاف السوريين الذين يسعون جاهدين أيضاً للاستفادة منها والسير على خطاهم.
لذلك ليس الشعب كله من التنابل، هناك أفراد تنابل، وهناك من يعتمد على الدولة بكل شيء، وهو ما سمعته من الزميل أيمن قحف خلال اللقاء، في الحقيقة إن الدولة قدمت الكثير للمواطنين وما زالت تقدم، وهي في الوقت نفسه تحث على التدريب والتطوير والتأهيل.
اليوم لم يعد بإمكان الدولة أن تكون الأم الحنون على أبنائها مادياً، فهي تمنحهم حق المواطنة وتحترم هذا الحق لجميع مواطنيها، ولكنها تواجه ظروفا قاسية يجب على الجميع من مؤسسات ومواطنين أن يقفوا صفاً واحداً في خندق  المواجهة.
وهنا أود أن أختم بما كتبه الزميل أيمن قحف على صفحته على الفيسبوك في معرض توضيحه للموقف حيث قال:
(بالأمس،انتقدني أحد"الرفاق الشيوعيين"على قناة سما لوصفي الشعب السوري بأنه"تنابل"
"الرفيق"أسامة الماغوط عضو المكتب السياسي لشيوعيي"بكداش"يحاول كسب ود الشعب بالدفاع عنه ويقول أنه شعب صامد وليس مثلما وصفه أيمن قحف بالـ"تنابل"!!
منذ أيام نشرت صحيفة السفير المحترمة مقالاً بقلم"نور أبو فراج" استخدمت فيه مصطلح"التنبلة"واعتبر الكاتب-أو الكاتبة-أنني روجت للخصخصة وأنني وصفت-دون خجل-الشعب بالتنابل!
يبدو أنني يجب أن أوضح فكرتي أكثر وأعيد ما قلته في قناة سما -ليس دفاعاً عن النفس بل عن الفكرة-:
الحديث كان يتعلق بالدعم وفرص العمل،قلت أن الدولة لم تعد قادرة على أن تكون أبونا جميعاً من "المهد إلى اللحد"بسبب الموارد المحدودة،يجب أن يتوجه الدعم للمستحقين،حزم الأمان الاجتماعي يجب أن تهتم بالمتقاعدين و ذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم يستحقون،ولا يجوز أن يشارك التنابل في الحصول على فرص العمل والدعم!
وبالفعل قلت أن التنابل هم من لم يتعلموا ولم يطوروا أنفسهم في الدراسة أو تعلم مهنة أو لغة رغم إتاحتها مجاناً ويطالبون-وهم يدخنون الأركيلة-بالحصول على وظيفة في الدولة-دون أن يحملوا أي مؤهل-بل الجميع يريد وظيفة إدارية بلا عمل أو جهد ويقبض راتبه مرتاحاً!!
الشعب السوري ليس"تنابل"ولكن بيننا تنابل كثر ولا أريد أن يزاود علي أحد في هذا الأمر،ولكن تأملوا كم من التنابل في مؤسساتنا وبيوتنا ومقاهينا !
سأرفق فيديو للحلقة -يرجى المشاهدة ولاسيما ماقلته بهذا الخصوص بين الدقيقة 33-37 من الحلقة(https://www.youtube.com/watch?v=DQEH-jok94U
بكل الأحوال
أنا خرجت من بيئة فقيرة،وما زلت أنتمي إليها،ولن أنقلب عليها،لكن أقول حتى لأولادي أغلى ما بحياتي:لن أورثكم شيئاً لتنفقوه تبذيراً،عليكم أن تدرسوا وتهيئوا أنفسكم لمصاعب الحياة..لن أقبل تنابل حتى في بيتي!!
بيوتنا تحتاج لمنتجين ووطننا كذلك،ليس فقط ليعيشوا أفضل،بل لأن الوطن بحاجة لمن يبنيه..
أشكر كل من انتقدني،وأرجو من الجميع أن يقرؤوا ويسمعوا ما قلته وأن يبدوا رأياً منصفاً..)
انتهى توضيح القحف الذي حظي بعدد كبير من التعليقات المؤيدة لموقفه من أبرزها ما كتبه وزير النفط المهندس سليمان العباس:( أستاذ ايمن الحقيقة مرة ...ألم يقل عليه السلام ،،أيها الحق لم تترك لي صاحباً ،، !
في حين أن المخرجة العالمية الدكتورة ايفا داود كتبت: (استاذ أيمن كلامك صحيح جداً
حضرتك تحدثت عن بعقلية واعية و مدركة تماما ما تطرحه من شفافية بتعرية الواقع و وصفه دون تجميل و وضع حلول للنهوض باقتصاد البلد الذي أنهك،و أنا جدا مع فكرة الخصخصة و مع فكرة رفع الدعم)
أما الأمين العام للاتحاد العربي للصناعات الجلدية المهندس يوسف سعد فرأى: ( ...ولكن تبقى نسبة التنابل من المسؤولين أكبر وأشد خطورة من تنبلة المواطن،،، الفرق أن تنبلة المواطن تقوده الى الفقر، أما تنبلة المسؤول فإنها تفتح له أبواب الارتقاء والثراء!)
 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024