الإثنين 2014-12-01 16:27:30 صحافة وإعلام
سوتشي محطة قوة إضافية لسورية!

د.تركي صقر
في سوتشي جرت الرياح بما لا تشتهيه سفن أعداء سورية الذين راهنوا على تراجع الموقف الروسي تجاه دعمها واعتماد حل ترفضه القيادة السورية أو تجاهل أولوية محاربة الإرهاب والقفز الى حلول سياسية قبل تطهير الارض السورية من رجس الإرهاب فقد ردت نتائج لقاءات واجتماعات سوتشي بين الرئيس بوتين والوزير لافروف من جهة والوزير المعلم والوفد المرافق من جهة أخرى على تخرصات المراهنين بوجود شرخ في العلاقات السورية الروسية نتيجة الخلافات والتباينات بين الطرفين في الحل السياسي للأزمة فالنتائج أظهرت تكامل وتقاطع في الموقفين على قاعدة إدراك الجانب الروسي الدقيق لواقع مجريات الأحداث في سورية وتطابق وجهات النظر الروسية السورية في إعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب والأخذ في عين الاعتبار ما تم إنجازه من تغيير في موازيين القوى لصالح الجيش السوري والدولة السورية واستحالة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء أ وإعطاء مكاسب لمن شكلوا غطاء للأعمال الإرهابية أو تقديم تنازلات على حساب دماء الشهداء وبطولات الجيش العربي السوري المدهشة .   
نقول لاتوجد جهة في العالم تتفهم الحالة السورية كما يتفهمها الجانب الروسي فموسكو أكثر من يدرك حقيقة ما يجري في سورية بعمق ودقة ، ولهذا رفعت ثلاث مرات الفيتو مع بكين لمنع استخدام مجلس الأمن كجسر لتحقيق أهداف واشنطن العدوانية في تغيير الأنظمة السياسية بالقوة العسكرية، وتحت شعارات براقة مخادعة مثل: الديمقراطية، الحريات، حقوق الانسان. والعجيب أن واشنطن تتحالف للوصول إلى ذلك مع أكثر الأنظمة قمعاً وتخلفاً مثل السعودية و قطر وتركيا، وكأنها تبتدع نظرية جديدة عنوانها: (الوهابية طريق إجباري للديمقراطية!) أو( الأردوغانية السلطانية القمعية الأنموذج المنشود!) ولهذا نجد أن ما يواجهه الجيش السوري ارهابيين شيشان، وأوزبك، وكازاخ، وسعوديين، وعرب، وأوروبيين، وأمريكان،وليسوا مناضلين من أجل الحرية كما كذبت الدبلوماسية الغربية، ووسائل الإعلام المختلفة لسنوات...
وتلتقي النظرة السورية مع الروسية في كل النقاط ومنها أن يكون الحل عبر الحوار السوري السوري دون تدخل خارجي وتجد سورية في الرعاية الروسية أن الملف السوري بيد أمينة وهي تتفق مع موسكو أيضا  في  تقييم التحالف الدولي الذي أقامته إدارة أوباما للقضاء على داعش بأنه عمل استعراضي لإعادة داعش غلى بيت الطاعة الأمريكي بعد أن تضخمت وليس للقضاء على هذه الظاهرة الإرهابية الخطيرة على الجميع ولو كانت واشنطن جادة وصادقة في محاربة داعش لما شكلت تحالفا من خارج مجلس الأمن الدولي والشرعية الدولية ولما استثنت سورية المعنية الأولى في مكافحة داعش ومثيلاتها والتي تحارب الإرهاب عن العالم اجمع منذ أربع سنوات ولما استبعدت أيضا روسيا أو إيران القوة الإقليمية المعتبرة في المنطقة مما يؤدي إلى فشل محقق في مكافحة الإرهاب إن لم ينجم عنه توسع الإرهاب وتمدده أيضا .
في ضوء ذلك  كان متوقعا أن يصعد الدور الروسي وترتفع أسهمه في الآونة الأخيرة فيما تهبط أسهم الدور الأمريكي إلى الحضيض  بعد أن بات واضحا وصول الأطراف الأخرى بقيادة الولايات المتحدة إلى الطريق المسدود أو ما يشبه العجز التام سواء في مكافحة الإرهاب أم في تبني حلول متوازنة وقابلة للنجاح ولاسيما بالنسبة للحالة السورية والأسباب تعود إلى عمى ألوان في السياسة الأمريكية باستخدام الإرهاب والتطرف لإنجاح هذه السياسة  وكان الزوغان الأمريكي  يتعلق بنقطة البدء أو الانطلاق فقد انطلقت الإدارة الأمريكية منذ البداية في تشجيع ودعم تام للمجموعات المسلحة وهي تعلم بأنها ستتحول إلى تنظيمات إرهابية ترتمي في النهاية في أحضان القاعدة وأفرعها المختلفة وما بنته واشنطن على هذه البداية راكم الفشل في سياستها وجعلها تعود لتحارب التنظيمات الإرهابية ذاتها التي أنشأتها ورعتها وهذا منتهى التخبط والتناقض والإفلاس الذي تمر به السياسة الأمريكية .
ونقطة البدء الأمريكية الأخرى الخاطئة جدا كانت في شخصنه الأحداث في سورية واستهداف رأس النظام وتجاهل إن ما يجري في سوريا، وما يتعرض له شعبها منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف، هو حرب عدوانية إجرامية تشنها قوى دولية وإقليمية ومحلية من خلال أدوات إرهابية، وحرب عصابات، وحرب اقتصادية، وإعلامية، ونفسية، وحصار شمل كل مناحي الحياة بهدف إسقاط سورية الدولة، والشعب، والثقافة، والحضارة، والدور السياسي المستقل، وإن كل محاولات شخصنة القضية السورية ما هي إلا محاولات أمريكية – غربية - إقليمية لإخفاء الأهداف الحقيقية لهذا المشروع الإجرامي. وبالتالي، فإن القول بأن ما يجري هو حرب أهلية هو وصف غير صحيح إطلاقاً، ويدل على فهم قاصر، ذلك أن الإرهاب المتعدد الجنسيات استهدف كل السوريين، حيث استهدف الجوامع، والكنائس، والأديرة، والمدارس، والجامعات، والبنى التحتية، و التراث، والآثار، والأطفال والنساء والشيوخ والرجال والشباب، وقدم الجيش السوري شهداء من كل الطوائف، والإثنيات دفاعاً عن سورية التعددية، المدنية، الحضارية، التي ترفض الفاشية الجديدة التي تنتحل صفة الإسلام، كما ترفض العقيدة الوهابية المتخلفة التي تريد حكم الناس عبر "داعش" ، و "النصرة" و غيرها من التنظيمات التكفيرية التي تضم إرهابيين من أكثر من ثمانين جنسية في العالم، و بالرغم من أننا لاننكر مشاركة من غرر بهم من السوريين في هذه الحرب على بلدهم تحت شعارات كاذبة، لكنهم قلة قليلة لم تجد دعماً في الداخل فطالبت بالتدخل الخارجي والأجنبي .
- من غير شك أن  العلاقة بين دمشق وموسكو، ليست كأي علاقة تربط روسيا مع أصدقاء لها في العالم، فموسكو مدينة لسورية بصداقة تاريخية راسخة لم تهزها العواصف الدولية حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مما حافظ على حضورها الدائم على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط ، وهي مدينة لها بما حققته من حضور إقليمي ودولي، لأن هذا أمر لم يكن ممكناً في المدى المنظور لولا صمود سورية، لذلك ليس مفاجئا أن تأتي محطة سوتشي الروسية السورية ونتائجها قوة إضافية لسورية في حربها ضد الإرهاب فقد أعلنت موسكو استمراها في دعم سورية ليس سياسيا فقط وإنما عسكريا أيضا بما فيها تحريك جميع الصفقات التسليحية وفي المقدمة صفقة صواريخ 300 اس لمواجهة مختلف الاحتمالات وبذلك تكون  محصلة سوتشي خيبة أمل جديدة  لكل الواهمين والمراهنين على تراجع زخم الدعم الروسي لسورية  .
tu.saqr@gmail.com

   

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024