الأربعاء 2015-03-11 16:03:38 صحافة وإعلام
بلا طحين .. جعجعة نتنياهو حول النووي ؟؟!

د. تركي صقر
ترهات نتنياهو  وتهريجا ته  أمام الكونغرس الأمريكي انتهت سريعا إلى الفشل رغم عواصف الوقوف والتصفيق على طريقة دبلوماسية الماشية من أعضاء كونغرس أدمنوا التصهين والانحياز الأعمى للكيان الإسرائيلي فالصفعة الأولى والمباشرة جاءت على الفور من المعني الأول بالأمر وصاحب قرار الرفض او الإيجاب دستوريا على الاتفاق الرئيس باراك أوباما عندما ازدرى الخطاب بالقول انه لم يشاهده على الشاشة وإنما قرأه على الورق وأضاف قائلا  للصحافيين إن"نتنياهو لم يأت بجديد ولم يطرح بدائل قابلة للتنفيذ فيما يتعلق بالمحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني" مطالبًا الكونجرس الأمريكي بالتمهل في تقييم أي اتفاق مع إيران حتى يتم الانتهاء من جميع بنوده نهائيا، وقاطع نحو 50 ديمقراطيًا الخطاب، أما الذين حضروا منهم فأبدوا انزعاجهم، واصفين الخطاب بالتدخل السافر بشأن أمريكي سيادي ، مؤكدين أنه ” لم يفعل شخص أكثر مما فعله نتنياهو لإلحاق الضرر بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية الحيوية والمهمة .
والصفعة الثانية جاءت قوية وحاسمة من الطرف الإيراني الذي مثل الأساس في المفاوضات عندما ذكر وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أننا قريبون جدا جدا من توقيع الاتفاق ووصف لاريجاني رئيس مجلس الشورى الخطاب بالاستعراضي والدعائي والمسرحية السياسية، أجريت في الكونجرس مما يدل على أن دولة كبيرة تدعى أنها تدير شؤون العالم لكن كيانا مختلقا يقوم باستغلال برلمانها، وتابع أن كيان يمتلك 200 رأس نووي على الأقل يهدد بها معظم دول المنطقة لا يحق له أن ينعت الاخربن بالتهديد وان كل هذه الاثارات والإعلام حول معارضة البيت الأبيض لما حصل وما تم تناقله حول أهمية تصريحات نتنياهو لم يكن الموضوع برمته سوى ساعة من الشعارات المكررة وتصفيق النواب من ذوى التبعية وهو ما يثير الدهشة والاستغراب ووصفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم ما ورد في خطاب نتانياهو الأخير أمام الكونغرس الأميركي بالأكاذيب المكررة والمثيرة للاشمئزاز.
والصفعة الثالثة جاءت من غالبية الأوساط السياسية والدبلوماسية  في تل أبيب وواشنطن وعواصم الغرب المعنية بالتوقيع في جنيف على الاتفاق نهاية شهر آذار الجاري عندما ذكرت أن خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو”  الذي خصصه لإفشال أي اتفاق مستقبلي مع إيران حول برنامجها النووي، جاء بخلاف ما سعى اليه  فقد عبر عن فشل نتنياهو في إقناع العالم بعدم جدية المفاوضات النووية مع القوى الغربية.وأضافت أن خطاب “نتنياهو” لم  يحمل جديدا سوى التغطرس والتعنت الذي سبب له موجة انتقادات حادة من خصومه السياسيين داخل تل أبيب، ولا شك أنّ نتائج تحديه للإدارة الأمريكية ستنعكس سلبا في الداخل الإسرائيلي، لا سيما وأنّ حملة شرسة قد بدأت ضده تلومه وتؤنبه على محاولاته تخريب العلاقة مع الحليفة الكبرى، لذلك نتنياهو سيعود إلى تل أبيب خال الوفاض مع تلويح أوباما باستعمال حق الفيتو إذا ما صوّت الكونجرس ضد مشروع الاتفاق.
ومن خلال نظرة إلى منعكسات الخطاب داخليا وخارجيا يرى محللون إن خطابات نتنياهو الأخيرة أصبحت للاستهلاك الإعلامي المحلي لإبعاد النظر عن المشاكل الداخلية الإسرائيلية  من ناحية ومن ناحية ثانية بات مكشوفا ان الخطاب في الكونغرس  كان دعاية انتخابية  رخيصة  لنتنياهو  واليمين المتطرف العنصري في الكيان الصهيوني  من على  بعد 6 آلاف ميل .
وخارجيًا  كان خطاب نتنياهو خاسرًا بعدما أظهر ارتعاده وخوفه الشديد من سياسة إيران وبدأ يكرر «النظام الإيراني يشكل خطرا كبيرا»، وأن إسرائيل تواجه محاولة إيرانية لتدميرها، وأشار أن طهران قد تطور قدراتها النووية، وإذا ما قررت ذلك فإن الأمر لن يأخذ أكثر من أسابيع قليلة، منوها بما تضمنه الاتفاق الذي لا  ينص على تدمير أي منشأة، بينما سيتم ترك أجهزة الطرد تعمل.
لا ينبغي أن نفاجأ بتصفيق أعضاء الكونغرس فهو يؤكد المؤكد للعرب والعالم أن هذه هي حقيقة الكونغرس الأميركي : مجرد مطيّة للسياسة الإسرائيلية . ولكن ينبغي ألا نقلل أيضا من حجم الخلاف الناشب بين نتنياهو  واوباما رغم كل ما نعرفه عن حجم العلاقة العضوية التاريخية بين تل أبيب وواشنطن فالخطاب كشف المستور وفتح ثغرة في الجدار السميك بين أمريكا وربيبتها الأقرب وأظهر بجلاء أن أساس مشكلة أوباما  ونتنياهو تتعلق بالرؤية الإستراتيجية لاستخدام القوة الأميركية في العالم: القوة الناعمة أم القوة الخشنة أولاً، على نمط جورج بوش؟ الاتفاق النووي مع إيران مجرد عنوان فرعي لذلك الخلاف العام. الامتناع الأميركي عن ضرب سورية مباشرة عام 2013 والقبول باتفاق الكيماوي الذي مرره بوتين عنوان فرعي آخر ويبدو أن لَعِبُ أوباما في ملعب نتنياهو الانتخابي، ولَعِبُ نتنياهو في الكونغرس الأميركي، على مقربة من البيت الأبيض، ما هو إلا شكلٌ آخر من أشكال ذلك الصراع المخفي الذي بدأ يطفو على السطح .
ويمكن القول أن  نتنياهو قد خرج من مولد حفلة الكونغرس الصاخبة المخجلة والمثيرة للاستغراب بلا حمص وجاء خطابه فيها  جعجعة بلا طحين فهو لم يجرؤ حتى على تكرار معزوفته المفضلة بان الحل الوحيد للملف النووي الإيراني هو شن الحرب على إيران  واكتفى بترديد عبارة ممجوجة تقول : أن عدم الاتفاق خير من اتفاق سيء وبذلك خسر أهم ورقة طالما لعب بها ألا وهي ورقة تحريض الولايات المتحدة على شن الحرب لتدمير المشروع النووي الإيراني وهو يعرف أن كيانه اعجز من أن يقوم بهذه المهمة منفردا وخاصة أن أمامه سلسلة من الهزائم من حرب لبنان إلى غزة  أعوام ، 2006 و2008 و2012 و2014، وصولاً إلى غارة مزرعة الأمل في القنيطرة والرد المزلزل عليها ، وانتهاء بعجز العدوان الإرهابي الكوني المنخرط به كليا عن إسقاط  الدولة السورية  وأما إيران فقد كسبت ولم تخسر من خطاب نتنياهو لأنه دفع الكرة إلى الملعب الأمريكي وبات على إدارة أوباما أن تختار بين الرضوخ لنتنياهو ووقحاته أوالالتزام بالمصالح الوطنية العليا لامريكا  وهي تعرف أن إيران لاتريد الا حقوقها النووية  ولن توقع إلا اتفاقا جيدا يخدم  هذه الحقوق وهي ليست في عجلة من أمرها بسبب التهديد بالعقوبات لأنها تمرست على التعامل معها وعلى مقارعة الضغوط ولديها مخزون  كبير من الصبر الاستراتيجي يكفي لوصولها إلى أهدافها  .
tu.saqr@gmail.com
 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024