الخميس 2015-12-31 15:40:27 محليات
النسيان نعمة أم نقمة؟!.. أسبابه وحلوله


سيريانديز- مكتب اللاذقية- م.مهند نصرة

لاشكّ أنّ النسيان هاجسٌ يقضّ مضجع الكثيرين ممن هم في مراحل عمريّة مختلفة، فهو بالنسبة لكثير من الطلبة والعاملين في مهنٍ تحتاج حضوراً ذهنيّاً دائماً يصبح مولّداً لموجات القلق الذهنيّ التي لا تفارق جلسات الامتحان والاختبار.

وفي جانب آخر من هذا الحديث يراه البعض نعمة مريحة ( نعمة النسيان يا بختك) وله فوائد صحيّة جمّة لأنّ نسيان بعض المعلومات غير المهمة يفسح مجالاً في الذاكرة لتخزين أخرى أكثر أهميّة. ولكي نحيط بالجانبين لا بدّ لنا أن نتوقّف محلّلين لأسبابه ولطرق العلاج الممكنة، ولكيفيّة الإبقاء على سلسة المعلومات والبيانات التي تحفظها أشرطة الذاكرة والتي خزّنت ماخزنت عبر مشوارٍ مجهدٍ وطويلٍ من العمل والتدريب. وقبل هذا وذاك لابدّ لنا أن نتوقّف أمام تعريفٍ دقيقٍ لمفهوم النسيان:

النسيان هو: حالةٌ من العجز والإخفاق بشكلٍ جزئيّ أو كليّ سواء أكان دائماً أم مؤقّتاً لاسترجاع جملةٍ من البيانات الذهنيّة والمعلومات المحفوظة مسبقاً،بغيةَاستخدامها والاستفادة منها في موقفٍ أو ظرفٍ نتعرّض له في حياتنا اليوميّة أو المهنيّة أو أثناء الاختبارات.

نتائج الأبحاث العلميّة والنفسيّة للنسيان:

بعد الاضطلاع والتدقيق في سلسلةٍ من النظريّات والأبحاث التي أعدّها باحثون تناولوا فيها قضيّة النسيان تمكّن لنا أن نحدّد النقاط الآتية:

  • توقيت النسيان:أثبتت الأبحاث التي أجريت على مجموعة من الأفراد أنّ القدرة الذهنيّة على الاحتفاظ بالمعلومة في النهار أقلّ بكثيرٍ منها على نفس المجموعة في الليل. كما أنّ التجارب والاختبارات لم تكن في صالح الرأي الشائع القائل " ما نحفظه بسرعة سننساه سريعاً" حيث  أكّدت أنّ سرعة الحفظ تتعلّق فقط بانتباه الأشخاص وتدقيقهم للمعلومات التي يحفظونها وهكذا نستطيع القول أنّ حفظهم سيكون أكثر استقراراً وثباتاً ممن يحفظون البيانات ببطء .
  • نوع الأفكار والمعلومات:  أكّدت الأبحاث أنّ مجمل الأفكار العامة والمبادئ أقلّ نسياناً من جملة النظريّات والأفكار النظريّة فمعظمنا لايستطيع الحفاظ على البيانات التي حصل عليها في أيّام الدراسة. ولكنّ الأغلبيّة يحتفظون وبشكلٍ جيّدٍ بمجمل المعلومات العمليّة والمهارات اليدويّة التي جرّبوها عن كثب، أي أنّ المعلومات التي ترتبط فيها الفكرة بالتطبيق ستكون الأكثر استقراراً أمّا تلك النظريّة منها واللفظيّة سيكون لها من النسيان النصيب الأكبر( حصة الأسد).
  • الانفعال يبعد النسيان: إنّ ما نتعرّض له من انفعالات سواء أكانت عاطفيّة أو اجتماعيّة أو عمليّة لن ننساها بذات السرعة فيما إذا قورنت مع تلك المرتبطة بمواقف اعتياديّة هادئة .كما أنّ درجة النسيان للمواقف السعيدة والمطعّمة بالسرور ستكون بمستوى أدنى من تلك الموجعة وغير السارة.

( الأسى ما بينتسى).حيث أثبت الباحثون أنّ الإنسان يحاول وبشكلٍ يوميّ ومتكرّر أن يُبعد عن عقله أفكاره المؤلمة في محاولةٍ منه لنسيانها.

  • نوع الأفراد والقدرة العقليّة: ليس بوسعنا القول أنّ جميع البشر لهم قدرة وسويّة عقليّة واحدة ،فمنهم من يمتلك قدرة كبيرة على الحفظ والتعلّم وبسرعةٍ عالية وهناك من الأفراد من لاتساعده معطياته الوراثيّة والاجتماعيّة ليكون في النتيجة بطيء الحفظ والتعلّم .
  • جوهر المادة المنسيّة: إنّ جوهر المعلومة وسهولة فهمه يساعد كثيراً على الاحتفاظ بها لوقتٍ أطول، حيث أكّدت التجارب أنّنا ننسى حوالي 70% سبعين في المئة من مجمل ماحفظناه دون أن ندرك مفهومه بعد مرور يومٍ واحدٍ على حفظه.
  • اهتمام الأشخاص بالمعلومة وتدرّج النسيان: يحدث النسيان في ذروته بعد اللحظات الأولى من الحفظ ،ثم ينحدر ببطء وبشكلٍ تدريجيّ حتى يصل إلى قيمةٍ حديّة يثبت عندها، وذلك وفق مخطط بيانيّ متناقص. وهذا المخطط سيكون مختلفاً وبشكلٍ كبيرٍ بين الأشخاص حتى ولو كانوا في منزلٍ واحدٍ  وذلك مرتبطٌ بالتدريب الذهنيّ والصبغات الوراثيّة للأفراد.

أسباب النسيان تتلخّص في جملةٍ من النقاط أهمّا:

  • اعتياد الشخص على طرق استذكار غير صحيحة تؤدّي بالنتيجة إلى جعل فرصة الإبقاء على المعلومة عند استذكارها لفترات طويلة.
  • تشتّت التركيز وقلّة الانتباه أثناء تلقي المعلومة مما يؤدي بالنتيجة إلى استحالة المتابعة بالموضوع ذاته واستعادته إلى الذاكرة وسرعان ماينسى الطالب مجمل ما تلقّاه.
  • الغضب أو الانفعال للمتلقي أو الطالب وما يرافقه  من توتر وتشويش على الآخرين سيؤدي بالنتيجة إلى نسيان المعلومات وعدم تركيزها في الذهن
  • الخوف من الاختبار والقلق من الامتحانات يخيّم بصورةٍ سلبيّة على استرجاع المعلومات وبالتالي يفاقم حالة النسيان.
  • نوع النشاطات والاهتمامات التي يمارسها الطالب أو المتلقي فمثلاً الطالب الذي تشغله نشاطاته الترفيهيّة والرياضيّة أو الموسيقيّة سيكون حجم تركيزه على الدراسة أقلّ بكثير وفرص النسيان لديه ستكون أكبر.
  • النظرة السلبيّة للمعلم أو المقرّر سوف تجعل الطالب لا يتقبّل المعلومة بالشكل السليم وبالنتيجة تركيز أقل ونسيان أكبر.

 

الخارطة الذهنيّة أو الشبكة العقليّة( Mind Mapping):

ظهر المصطلح لأول مرة عام 1960م على يد الباحث" توني بوزان". أوضح توني بوزان أنّ الخارطة الذهنيّة عبارة عن طريقة لترتيب البيانات والمعطيات بشكل أكبر للذهن حيث تقوم هذه الطريقة على رسم شبكة أو خارطة مماثلة لكيفيّة قراءة العقل للمعلومة ويكون المركز هو الفكرة الأساسيّة ويتفرّع عنها فروع حسب الاختصاص والترتيب والتصنيف وقد يتفرّع عن الفروع فروع أخرى وذلك يعتمد على تشعّب المعطيات وتكون الخارطة الذهنية بشكلها وفروعها قريبة إلى الخليّة العصبية في جسم الإنسان.

استخدامات الخارطة الذهنيّة ( Mind Mapping):

لها استخدامات متعددةفمن خلالها يمكننا كتابة الملاحظات وتلخيص الكتب والمواضيع المتنوعة فمثلا يمكن للطالب أن يعدّ أثناء محاضراته رسماً بشكل خريطة بفروع وتشعّبات، الأمر الذي يجعله قادراً على ربط المعلومات والتحقّق منها بشكل صحيحويكون الرجوع إليها أسهل عليه من استعادة شكل رموز الملاحظات السرديّة التقليديّة المعتادة، حيث تبدأ الخريطة من نقطة مركزيّة محدّدة تسمح للأفكار أن تتدفق تباعاً بشكل سلس وسهل.

ويمكن أن أختتم بالقول: إنّ منح العقل حريّة مطلقة يكسر أبواباً كثيرة كانت موصدة.

 

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024