الثلاثاء 2016-01-19 05:59:53 رئيس التحرير
أثق باستجابة الحلقي وأتفهم تشدد اسماعيل....هذا رأينا حتى لا تتحول إداراتنا إلى(حبس)للعاملين الذين اختاروا البقاء والوفاء للوطن؟!!!

كتب:رئيس التحرير

لم تكن زيارتي منذ أيام للدكتور اسماعيل اسماعيل وزير المالية مجرد زيارة لصديق قديم أو زيارة عمل لوزير يرتبط عمله بكل جهة وبكل مواطن،بل كانت زيارة مصلحة خرجت منها بانطباعات متناقضة:الخيبة والرضا،الانزعاج والتفهم ،الغضب و العقلانية!!!

عادة،ليس لي طلبات شخصية خاصة عند أي أحد،ولذلك فالجميع أصدقائي،لكن صديقة غالية تقيم مع زوجها الذي يعمل بعقد محدد المدة كأستاذ جامعي في كندا،وهي موظفة لدى وزارة المالية،رجتني بشدة أن أساعدها في تمديد إجازة بلا أجر للسنة الثالثة،وهذا متاح قانوناً،فقصدت الوزير طالباً المساعدة..

سابقاً كان الأمر يعالج من مستويات أدنى،وإن اضطر الأمر يتم بموافقة مباشرة من الوزير..

اليوم،كما هو معروف ،أصدرت رئاسة مجلس الوزراء تعليمات  بالتشدد في دراسة طلبات الاستقالة أو الإجازة الخاصة بلا راتب أو إذن المغادرة المقدمة من العاملين في الدولة .

وبحسب التعميم الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء  فقد تم التوجيه بمزيد من التشدد في دراسة هذه الطلبات و أن تتم دراستها بالنسبة لأي وزارة و الجهات المرتبطة و التابعة لها من قبل لجنة مركزية تشكل في كل وزارة بقرار من الوزير و برئاسة معاون الوزير وعضوية كل من مدير الشؤون الإدارية أو الموارد البشرية حسب الحال ومدير الشؤون القانونية وتتولى دراسة الأسباب التي يقدمها العامل لمنحه الإجازة الخاصة بلا أجر متى تجاوزت خمسة عشر يوما أو الاستقالة أو إذن المغادرة

وطالب التعميم بأن تكون الأسباب المقدمة في الطلب قاهرة وقسرية يتعذر معها استمرار العامل بالعمل ويثبت ذلك بالوثائق وتكون اللجنة مسؤولة مسؤولية مباشرة أمام الوزير عن أي اقتراح أي موافقة تبنى على وثائق و  أسباب صورية لاتبرر الموافقة .

وأتى التعميم نتيجة لزيادة هذه الطلبات وبما ينعكس سلبا على حسن سير العمل لدى الجهات العامة و لمعالجة هذه الظاهرة وتفاديا لهجرة بعض أصحاب الكفاءات و الخبرات المنتجة ...

تم تقديم الطلب للسيدة المذكورة في مديرية المالية،ورفعته للهيئة العامة للضرائب والرسوم التي لم ترسله للجنة بسبب عدم إرفاقه بوثيقة تبرر سبب الإجازة!!

نتيجة القلق من اعتبارها بحكم المستقيل رجتني الاسراع بتأمين الموافقة،فقلت أذهب لصديقي الوزير!!

نقاش طويل وجدال حاد ومبررات بعضها يقنع وبعضها لا يقنع، المهم..لم يسمح حتى بإخال الطلب لمكتبه قبل المرور باللجنة!!

قال لي:حالنا بالويل ولم يعد عندنا ما يكفي من الموظفين وهؤلاء الذين يعيشون في الخارج ويحجزون الشواغر يعيقون تعيين البدلاء!!

قلت له:أنت الوزير وأنا صديقك ولم أطلب منك ما يخالف القانون وهذه صلاحياتك!!!

أجاب:أنا مقيد بتعميم رئاسة مجلس الوزراء،واللجنة تعرض علي مقترحاتها وأقرر بناء على ذلك ،ليس عندي:زيد يرث وحمد لايرث!!

كما قلت في البداية،خرجت بمشاعر متناقضة،فأنا أتفهم المأزق الذي تعيشه الجهات العامة بخصوص الكوادر،وأتفهم حرص الوزيرعلى تطبيق تعميم الرئاسة والحفاظ على موظفيه ورفض الوساطات الشخصية..

أنا أتفهم أن من يسافر لمدة طويلة ويؤمن نفسه من الأفضل له وللعمل وللباحثين عن فرصة عمل  عليه أن يستقيل ويترك الفرصة لغيره...

ولكن لا بد من لفت النظر إلى بعض النقاط الهامة والضرورية:

لا خلاف على أننا تأخرنا كثيراً في دراسة المشكلة وتحديد طرق المعالجة،ولكن-على الرغم من حرص الحكومة على احترام الدستور والقوانين النافذة ولا سيما حق الإنسان في التنقل والسفر،إلا أن أحد أصحاب القرار قال لي بالحرف:جوهر القرار هو"التشدد بقصد المنع"!!

أود أن ألتمس من السيد رئيس مجلس الوزراء أن يعيد النظر في القرار وآلية التطبيق لأنها خلطت ما بين المقيمين والمسافرين،ما بين من يريد السفر ليومين بقصد العلاج أو قضاء حاجة ما وما بين من يريد الهرب خارج البلد؟!!

سيادة رئيس مجلس الوزراء:

يمكنكم أن تسألوا السادة الوزراء والمحافظين والمديرين العامين كم يعانون هذه الأيام من ضغوطات بخصوص الإجازات أو موافقة السفر،بل سيخبرونكم أن هناك الكثير الكثير من الحالات المقنعة لم يتم الموافقة عليها!!

إن من بقي حالياً يعمل في الدولة هم بغالبيتهم العظمى ممن اختاروا الوطن،وقاوموا كالجنود في أماكن عملهم ولا يمكن مقارنتهم بمن هربوا بعد أن أكلوا من خير البلد..

لا يمكن أن نعاقب من بقي هنا ونمنع حركته وقد أثبت وفاءه وولاءه ..

لا يجوز أن لا نثق بكوادرنا التي تتحمل مسؤوليات بمليارات الليرات في أمر سفرة قصيرة أو إجازة أو رحلة علاج!!..

لا يمكن أن بكل حال أن يكون المنع وسيلة فعالة لأصحاب النوايا السيئة،فهم سيجدون طريقة أخرى-قانونية أو غير قانونية-للسفر!!

سيادة الدكتور وائل الحلقي:

بحكم صلتنا الوثيقة بالناس وبالمؤسسات العامة،أود أن أنقل لكم بأمانة شعور الكثيرين بأنهم معاقبون لأنهم اختاروا البقاء في مؤسساتهم فحرموا من السفر والإجازات،وبينما يعيش من باعوا الوطن عيش رغيدة!!

البعض يشعر أن ن وظيفة الدولة أصبحت بمثابة (حبس) لا يتيح له التحرك بحرية رغم وفائه وولائه وسيرته المهنية الممتازة!!

قضاة،أساتذة جامعات،أطباء،والآن كل العاملين ممنوعون –تقريباً من السفر حتى ليومين إلى لبنان-!!

الولاء للوطن وللعمل وللمؤسسات لا يكون إلا بدافع ذاتي ووطني،ولا يمكن لهكذا قرارات في النهاية إلا أن تصبح وسيلة تضييق على أناس يحتاجون حقاً للسفر.

الأمر يحتاج لعناية خاصة من سيادتكم،ودراسة متأنية  تخرج بآلية تحترم الدستور وحرية الإنسان بالتنقل والسفر،وتراعي ظروف العمل والمؤسسات وتبقي على الثقة أساساً في التعامل ما بين الدولة والعاملين الذين اختاروا البقاء في الوطن.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024