الإثنين 2017-03-08 05:37:09 محليات
المرأة..وزيف حريتها!!!

سيريانديز- رويدة عفوف

إلى اليوم ومنذ عصور طويلة مايزال التمييز ضد المرأة مستمرا،متخذا طابعا تعسفيا وشرسا يشمل كل مناحي حياة المرأة, الشخصية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والأسرية, وقد جردت من كل امتيازاتها, في الثروة والسلطة والسلاح, بعد إن انتزعت رمزية إلوهيتها " إلهة الخصب " كسيدة للسماء, ليحل محلها الإله الذكر كتعبير عن المتغيرات التي حصلت على الأرض. 
وبهذا أيضا بدأت رحلة المجتمعات الإنسانية في مسحتها الذكورية الغالبة عبر مختلف العصور, وبمختلف مظاهرها,من حروب مدمرة اقتصادية ـ سياسية ودينية, شكلت النساء والأطفال ضحاياها و خطوطها الخلفية ووقودها الاحتياطي. وعلى الرغم من انتشار أفكار العدالة والمساواة بين الجنسين على نطاق واسع في عالمنا المعاصر,وتحديد يوم عالمي للمرأة واكتساب المرأة المزيد من الحقوق في مساواتها مع الرجل, وخاصة في أوروبا و العالم الغربي, واتساع نطاق مساهمتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقريريها لشأنها الخاص دون وصايا, إلا إنها إلى اليوم لا تزال مشروع منافسة غير متكافئ أمام الرجل في مجالات مختلفة, مهنية وقيادية وعلمية وحتى في الحوافز المالية والمرتبات, وتحول شرائح واسعة من النساء إلى قوى عاملة رخيصة يستعان بها في وقت الأزمات الاقتصادية, أو يتم تسريحها من العمل حال دخول المشروع الاقتصادي للمنافسة بين شغيلته.
وتشير الملاحظات التاريخية والتتبعية للسلوك الإنساني أن الذكورهم الأكثر عدوانية من النساء, مما يترتب عليه الرغبة في إخضاع الجنس الآخر وإيجاد مختلف التبريرات الفكرية والأيديولوجية والدينية والثقافية لتكريس الإخضاع. 
وتشير بعض البحوث الاجتماعية أنه إذا كان تقسيم العمل وانقسام المجتمع إلى طبقات وغرائز البشر في التسلط هو مصدر عدم المساواة الأول, فإن إعادة توزيع الثروات وترسيخ مجتمعات العدالة يرمي من ضمن أمور أخرى إلى إعادة رسم طبيعة هذه الغرائز والحد من تأثيرها الضار وخلق نمط جديد من التطبيع الاجتماعي ولكن لا يعني بالضرورة إلغائها أبدا, حيث وجودها الملموس في مختلف مظاهر السلوك, كما أن هناك وجه أخر لغريزة العدوان, والذي يطلق عليه " العدوان الرحيم أو المسالم " الذي يتخذ طابع المنافسة السلمية من اجل البقاء وتحسين ظروف العيش,
ولعل في ذلك تكمن انجازات البشرية الايجابية, إلى جانب وجهها الكالح المتمثل في الحروب والدمار وانهيار الحضارات. ولعل لتلك الأسباب شيدت الديمقراطية والأنظمة التعددية ومجتمعات العدالة بين الجنسين, ونبذت الدكتاتوريات والأنظمة الفردية بمختلف واجهاتها السياسية والدينية وعلى مر العصور من أجل الحفاظ على النوع الإنساني وإشاعة فرص المساواة بين البشر بصورة عامة وبين الجنسين بشكل خاص!!!!.
ولكن هذا التطور لا يخلوا من تحفظات كثيرة. عما تتعرض له المرأة في هذه المجتمعات إلى مختلف سوء المعاملة من اعتداء وانتهاك لحرمتها وحريتها الشخصية,على الرغم مما قطعته من شوط بعيد في المساواة بين الجنسين, ويكفي أن نشير هنا إلى أن في أمريكا وحدها ترتكب كل ساعة 78 حالة اغتصاب, إلى جانب ما يتم من حالات اغتصاب كثيرة في دول أوربية مختلفة, كالسويد وانكلترا وسويسرا واسبانيا وبولندا وسلوفاكيا ورومانيا وغيرها من الدول الأوربية!!.
وفي المجتمعات العربية والإسلامية,يأخذ الاستلاب طابعا مقدسا يستمد شرعيته من تفسير النصوص الدينية الوارد على ألسنة المشرعين والمفتين الذين يتدخلون بالتفاصيل الدقيقة لحياة المرأة وفرض الوصاية عليها, من طريقة لباسها وكيفية معاشرتها للآخرين 
وكذلك تقرير سقف ومدى مساهمتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية, والتحكم بها باعتبارها تابعا للرجل وجزء من ممتلكاته الشخصية, كما وصل بهم الإفتاء إلى إباحة أجزاء من جسدها لغير زوجها كإرضاع الكبير وجهاد النكاح وإيجاد أشكال ظرفية عديدة ومختلفة من الزواج المؤقت, ويأخذ الاستلاب طابعا أكثر مرارة عندما يندمج الدين مع السياسية, ليتحول اكراه واستلاب المرأة إلى قوة قانونية ملزمة عليها من السماء والأرض !!!!.
وعلى الرغم مما حققته المرأة في مجتمعاتناالعربية من انجازات فردية على صعيد انخراطها في التعليم بمختلف مراحله, ودخولها عالم المهن المختلفة من طبية وهندسية وتعليمية وإدارية وجامعية, وصولا إلى تبوئها مناصب عليا وزارية أو عضوية برلمان وغيرها, فهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أنها حققت تقدمها في المساواة مع الرجل, بل المهم في ذلك كله هو المزاج والموقف العقلي والفكري من مساواتها.وتعليم المرأة ودخولها إلى سوق العمل وتحملها مسؤوليات عليا لا يعني مؤشرا لتحررها, بل يعني في مجتمعاتنا انه إضافة للمرأة لتزيد من قيمتها في المنافسة في الزواج والعمل أو دخلا إضافيا للأسرة يسهل ابتزازه, على الرغم من ضرورة ذلك للارتقاء بها وكخطوة أولى بسيطة على طريق المفهوم الشامل للمساواة بين الجنسين !!!!.
وتتعرض المرأة في مجتمعاتنا إلى شتى مظاهر التضييق والإكراه الجنسي, فحال وجودها بمفردها في الشارع أصبحت مشروعا للتحرش والمضايقات وسوء الظن بها وبطلعتها, فهناك إحصائيات تؤكد أن 60% من الفتيات العربيات يتعرضن للتحرش الجنسي ابتداء من الملامسة لأجزاء الجسد وانتهاء بأقصاها وهو الاغتصاب التام لها, مرورا بالعنف الجنسي ضدها من الزوج وخاصة في البيئات الفقيرة والمتخلفة, والتي ترى في المرأة موضوعا جنسيا لا غير ويجب أن تستجيب لرغبات الرجل متى ما شاء وكيف ما اتفق بعيدا عن الرغبة للطرف الآخر, إلى جانب ظاهرة الاغتصاب واستخدام القوة وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بالضحية, وعادة ما يلقى اللوم على المرأة باعتبارها هي مصدر الإغراء والمسبب لذلك .
وهكذا تتضافر منظومة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية والفكرية والأيديولوجية لاستلاب المرأة وامتهانها بشتى سلوكيات الإذلال والحط من القيمة الشخصية لها والاجتماعية, ولا تفوت الدراسات والبحوث الاجتماعية في هذا المقام دور العوامل النفسية الذاتية المتمثلة" بالعنف الكامن "الذي يتخذ مسارات مختلفة في الشخصية الفردية والمجتمعية, فالعنف لدى الإنسان قل نظيره ووظائفه في الكائنات الحية الأخرى,فالعنف أو العدوان الإنساني يتجاوزالحدود, فالإنسان هو الكائن الذي يقتل من اجل القتل وهو الوحيد الذي يشن الحروب والعدوان الهادف المنظم,كما أنه الذي تفنن وطور أساليب الأذى والعدوان والحروب, من أسلحة بسيطة إلى أسلحة متطورة, كأسلحة الدمار الشامل بمختلف أنواعه.
وتدفع النـــساء ثمناً يفوق الذكور عندما يزداد الفقر. إذ إن ممتلكــــات الأسرة ومدخراتها تقع في الغالبية العظـــمى تحــــت ملكيــــة الرجــــل وإدارته، ما يجعل المرأة أكثر عرضة للتهجير وأكثر قربــــاً مـــن الجوع.
 كما أثبتت دراسة عن تأثير النزاعات المسلحة في الصحة أن المرأة، وبخاصة الأم، هي أول من تقل حصتــــه الغذائــــية في الأزمات، إذ تترك طعامها للأطفال، تليها البنـــــات اللاتي قد يخترن أو يُجبرن على التخلي عن طعامهن للإخوة الذكور المعيلين أو المقاتلين،. 
كما يؤدي ازدياد العنف إلى خسارة مكاسب المرأة الاجتماعية التي استغرقت أجيالاً لتحققها حيث تبقـــــى نسبة الانقطاع النهائي عن الدراسة أعــــلى عنــــد النساء من الذكور في مناطق النزاعات المسلحة. كذلك يؤدي استخدام العــــنف الجنســـي سلاحاً في الحرب إلى خسارة المرأة حريتها في التنــــقل والعــــمل والـلــبــــاس. ويبقى التحدي الأصعب فقدان الدخل، عند تواتر غياب الذكور الذاهبين إلى القتال أو القتلى أو المختفين قسراً ما يضيف إلى مسؤوليات المرأة التقليدية، مسؤولية إعالة أسرتها وأحياناً أطفال أسر أخرى خسرت الأبوين والمعيل.
وأخيراً، فإن نسبة العنف الجنسي والجســدي ضد النساء داخل المنزل وخارجه، تزداد في شكل واضح ومضطرد في المجتمعات التي تحتوي سلاحاً غير مراقب.
 
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024