الجمعة 2019-03-29 09:27:29 إستثمار و أعمال
هيئة الاستثمار تقدم للحكومة رؤية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية


• تصنع مصداقية وقاعدة بيانات موحدة لجميع القطاعات تساعد صانعي السياسات لرسم سياساتهم الاستثمارية
• إيجاد آليات فعالة وسريعة لحل المشكلات بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية

مجد عبيسي
قبل سنوات الحرب، كان الاستثمار في سورية يخطو نحو العالمية بقوة، فوفق مسح هيئة الاستثمار السورية لعام 2010، بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو 77 مليار ل.س ، توزعت على مشروعات الاستثمار في الصناعات التحويلية (النفط والغاز بأكثر من 60%) والعقارات والقطاع المالي، عدا عن أن سورية كانت قد شهدت ارتفاعاً في صافي تدفقات الاستثمار الخارجي المباشر، وكل ذلك بفضل المراسيم الجاذبة التي صدرت في سنوات سابقة والتي تعد من أهم وأنجح المراسيم الاستثمارية في العالم.
اليوم تنصب جهود الجهود السورية اليوم حول إعادة ما كان قبل الحرب بمستوى أكبر ومقاييس أفضل ومنهجية عالمية، عبر العمل على تشريعات وإجراءات وتسهيلات من شأنها بناء بيئة استثمارية جديدة غنية ومتينة تعيد لسورية رونقها الاستثماريوتصنيفها العالي بين الدول المضيفة للاستثمار.
نظرة إلى الوراء
لا شك أن إصدار المرسوم 8 لعام 2007 شكل الإطار التشريعي الجاذب والمحفز والضامن للاستثمار، والذي تزامن مع إصدار المرسوم 9 لعام 2007 الذي شكل بدوره الإطار المؤسساتي المنظم والمتخصص في تبسيط إجراءات الاستثمار.
والمرسوم 8 لعام 2007 هو حالة متطورة عن القانون 10 في عقلانية توجيه المزايا والإعفاءات ضمن أولويات التنمية، والمرسوم 9 لعام 2007 المحدث لهيئة الاستثمار السورية كان البداية لبرنامج الإصلاح الوطني للمؤسسات المسؤولة عن البيئة الاستثمارية، هدفه رفع جودة الخدمات المقدمة للمستثمر، وجعلها أداة أساسية ومنافسة في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

دليل إجرائي

مع بداية العام وعبر هيئة الاستثمار السورية انطلقت الحكومة إلى العمل على وضع دليل إجرائي موحد للاستثمار يتضمن إجراءات تأسيس وتنفيذ المشروعات الاستثمارية ومددها وتكاليفها بشكل شفاف، تماشياً مع آلية العمل التي أرساها مرسوم إحداث الهيئة رقم /9/ الذي شكل الأرضية اللازمة لتحسين الأداء بشكل كامل وفعال، إذ أن التطبيق المجتزأ لنصه من قبل، حرف العملية الإجرائية عن مسارها الصحيح، وكرس مفاهيم مغلوطة ومخالفة للهدف الذي أُنشئت من أجله الهيئة، نظراً لتعددية المحطات التي يتعامل معها المستثمر، وعدم التخصص في تقديم الخدمات، وتكرار عدد من الإجراءات، وضياع وقت وجهد المستثمر.
واقترحت هيئة الاستثمار السورية في نهاية العام المنصرم على الحكومة رؤية، من شأنها أن تطور البيئة الاستثمارية وترفع من تنافسيتها،وتمت الموافقة الحكومية على المباشرة بتنفيذ هذه الرؤية .
المحطة الواحدة للمستثمر
الطرح الذي قدمته هيئة الاستثمار للحكومة، فيه جانب مهم جداً من التجربة الرواندية وغيرها من الدول المتقدمة في مجال الاستثمار، ألا وهي العمل بنظام النافذة الواحدة، والتي ستكون هي المكتب الأمامي بالنسبة للمستثمر، والمكان الوحيد الذي سيحصل منه على كافة الموافقات والوثائق اللازمة لتنفيذ مشروعه، وسيكون ممثلو الوزارات المفوضين بالصلاحيات الكافية واللازمة من وزاراتهم بمثابة جزء من النافذة الواحدة، في حين تلعب وزارتهم دور المكتب الخلفي الذي يرجع له الممثل عندا لحاجة للاستعانة بالكادر الفني فيها.

وعلمت "بورصات وأسواق" أنه يتم الآن وضع البنية الإجرائية لتطبيق هذا النظام، ولكن من أجل نجاح وتنفيذ النافذة الواحدة بالشكل المطلوب الذي يحقق النتيجة المرجوة؛ يتطلب الأمر تكاتف الجميع والعمل كفريق واحد، ويتطلب التعاون لتحقيق جميع متطلبات الهيئة لتنفيذ الآلية الجديدة بكافة نقاطها من اعتماد البرنامج الزمني المنظم لإنجاز كافة المراحل بشكل مبسط وصحيح وبأقل وقت، والتخصص في تقديم الخدمة وإعادة هيكلة النافذة الواحدة في الهيئة ضمن مكتب أمامي وخلفي فني، وتفعيل العمل بالتفويضات عملاً بالمرسوم /9/ لعام 2007، واستكمال التمثيل والتفويضات والخدمات للوزارات في النافذة الواحدة في الهيئة، وتبسيط النماذج وهيكلتها وطلب الثبوتيات مرة واحدة وإعادة استخدام الموجود.
لا شك " أن تطبيق الفكرة بشكل صحيح، يؤدي إلى نتائج صحيحة. وهنا لا يمكن أن نتجاوز أي حيثية، لأن التعامل لن يكون ضمن المستوى المحلي، وإنما على صعيد دولي غير قابل للخطأ أو عدم الاحترافية، ولأن السوق الاستثماري تنافسي ويبحث عن الأفضل دوماً ".
الشفافية ومكافحة الفساد.. متلازمان لبيئة استثمارية سليمة:
كلما كان الدليل مكتملاً كلما كانت المرحلة القادمة مشرقة أكثر، وإن وجود أي عقبات دون حلها ستنعكس سلباً على مؤشرات الأداء في التقييم الدولي؛ والذي يعد مرجعاً لأي مستثمر في أي دولة من العالم يرغب بالدخول إلى السوق السورية.
فلا بد إذاً من إنشاء قاعدة بيانات موحدة يمكن الاعتماد عليها في إعداد الدراسات، ورسم السياسات ورفد الفرص الاستثمارية بمعلومات كافية وتوفير كافة المعلومات والوثائق للمستثمر.
إضافةً إلى تحقيق الشفافية-وهو أمر مهم جداً-، ولكن لا يمكن أن تجتمع الشفافية مع وجود الفساد، والحل كما طرحته التجربة الرواندية؛ يرجع إلى مجهودات الدولة التي أصدرت مجموعة من القوانين الصارمة لمحاسبة المفسدين ومعاقبتهم، حيث وصلت العقوبات الصارمة إلى حد إصدار الحكم بالإعدام في حق المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام.
وتعد حالياً أول دولة على مستوى الشفافية في إفريقيا ، والأولى أيضاً فيما يخص سياسات محاربة الفساد والريع إفريقياً؛ ما جعلها تتربع على رأس دول القارة السمراء من حيث أقل نسبة فساد، كما أن ترتيبها 44 عالميا في المؤشر نفسه الذي يعد جد مشرف مقارنة بدول إفريقية أخرى.
إذا مكافحة الفساد"ضرورة" بالتوازي مع الخطوات الاستثمارية الصحيحة للوصول إلى بيئة سليمة وخصبة.
خطوات البيئة الاستثمارية القادمة
من الطبيعي حتى ننجح بالاستثمار ونصل إلى الهدف أن تكون أولاً الأرض الاستثمارية مهيئة لبذار الاستثمار القادمة؛ لذا يجب أن يكون هناك سهولة في ممارسة أنشطة الأعمال، والقضاء على الروتين المفرط في العمل.
ويأتي تفعيل دور الهيئة وقدرتها على أداء مهامها الأساسية في جميع مراحل المشروع ضرورة لازمة للمرحلة القادمة، بدءاً من التأسيس مروراً بالتنفيذ والإنتاج وانتهاء بالتصفية.
تطبيق نظام الأتمتة
وحتى تنتقل العملية الاستثمارية برمتها نقلة نوعية غير مسبوقة، لا بد من تطبيق نظام الأتمتة والربط الشبكي بين الهيئة وفروعها والوزارات والجهات العاملة في الدولة، إذا يمكن حينها لمس الوضوح والسرعة في العمل عبر هذا النظام البرمجي والأرشيف الالكتروني الموحد.
وعلى التوزاي يجب أن تكون هناك قاعدة بيانات تتصف بالمصداقية يمكن الاعتماد عليها في رسم السياسات، وتوفير كافة المعلومات للمستثمرين بشفافية للاستفادة منها في معرفة حجم الاستثمارات المنفذة فعلياً على الأرض، وبالتالي تقدم المعلومات الكافية عند تصفية أو إلغاء المشروع عبر وجود أرشيف ورقي والكتروني يوفر المعلومات للجميع.
توسيع الملاك العددي
وبالرغم من أهمية ما سبق لكن لا يمكن التغاضي عن أهمية وضرورة توسيع الملاك العددي للهيئة وافتتاح فروع جديدة لها في المحافظات لاختصار المسافات والتكلفة والزمن على المستثمر، وتقدم خدماتها للمستثمر بنفس سوية المركز، وبنفس التمثيل اللازم والكافي لتسيير العملية الاستثمارية.
ولا بد من تفعيل دور الوساطة الحكومية لحل مشكلات المشاريع وإعادة إقلاعهالإعادة ثقة المستثمر وضمان حقوقه، وإيجاد آليات فعالة وسريعة لحل هذه المشكلات بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية .
زخرف البيت الاستثماري
كل تلك التفاصيل اللوجستية والإدارية هي ضمن الرؤية القادمة للمعنيين بالاستثمار في سورية، لكن يجب أن تتكامل للوصول إلى هدف استثماري أمثل.
وإن إتمام العمل بالنافذة الواحدة وصولاً إلى نافذة واحدة الكترونية محلية ودولية للمستثمر؛ ستقدم خدمات متكاملة وفق أحدث ماتوصلت إليه المعايير العالمية، ويمكن أن تصنع مصداقية وقاعدة بيانات موحدة لجميع القطاعات تساعد صانعي السياسات لرسم سياساتهم الاستثمارية، وتخفف احتكاك المستثمر مع الموظفين مما يحد بشكل كبير من الفساد.
ومن الواضح أنه لن تتكامل الجهود الاستثمارية دون تفعيل الترويج الخارجي،عبر القيام بحملة ترويجية دولية بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين، وبدعم من شبكات المغتربين في الخارج للترويج للمناخ الاستثماري في سورية والتأكيد على عودة الأمن والأمان.
بالمختصر، هذه الآلية حين تطبق كما رسمت وتم الموافقة عليها، ستساعد كل الوزارات على رؤية أوسع من خلال الاطلاع على المشكلات وتسهيلها وحلها، ومن المعروف أن الوقت الأكبر لأي مشروع ليس فترة تنفيذه، وإنما الوقت الضائع في الإجراءات التي تسبق تنفيذ المشروع، لذا فإن تبسيط الإجراءات أهم من التنفيذ ذاته ضمن نقطة الزمن الذي نراهن اليوم عليه، فهل نشهد مستقبلاً مشرقاً لسورية كوجهة يؤمها المستثمرون حول العالم؟!.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024