الخميس 2019-09-12 09:20:23 أخبار اليوم
تجارة مشاريع التخرج تزدهر في المكتبات الجامعية … قباقيبي: ما يتم خارج سور الجامعة ليس من صلاحيات رئاستها
تجارة مشاريع التخرج تزدهر في المكتبات الجامعية … قباقيبي: ما يتم خارج سور الجامعة ليس من صلاحيات رئاستها

سيريانديز

ضاقت الأماكن بالتجار حتى وصلوا إلى الجامعات والطلاب، عن طريق إعلانات ملصقة على أبواب المكتبات والأكشاك تروّج لأسماء مهندسين وخبراء وطلاب دراسات عليا وأحياناً طلاب متفوقين في جامعاتهم، يعرضون بضائعهم من الأبحاث العلمية ومشاريع التخرج، ليتحول أصحاب المكتبات إلى سماسرة بينهم وبين الكسالى والمهملين، مقابل نسبة أرباح من ثمن هذه الأبحاث والمشاريع.
ويرى بعض طلاب كلية هندسة العمارة في جامعة دمشق أن ثمن هذه المشاريع الجاهزة تبقى أرحم بكثير مما لو قام الطالب بعمل مشروع تخرجه بنفسه، نظراً لارتفاع أسعار المواد والطباعة، فيقول أحد الطلاب: إن أصحاب المكتبات في كلتا الحالتين ينصبون على الطلاب إما بأسعار الطباعة والقص وغير ذلك، وإما بثمن مشروع التخرج.
ويعتبر آخرون أن مشروع التخرج لا يختلف عن غيره من مشاريع بقية السنوات بل يعتبر في الكثير من الكليات مادة كغيرها من المواد، ولكن تكون تكلفته أكبر بخمسة أضعاف أحياناً، ولن يغير هذا المشروع من تصنيف الطالب في جامعته، لذا فمن الأسهل والأوفر أن يدفع الطالب 200 ألف ليرة على سبيل المثال ثمن مشروع هندسي جاهز منجز من أصحاب خبرات عالية، بدلاً من التعب الذي سيبذله بنفسه إضافة إلى التكاليف المرتفعة، من دون أن يضمن الدرجات العالية.
وفي السياق أكد رئيس جامعة دمشق ماهر قباقيبي لـ«الوطن» أن أي عمل يتم خارج سور الجامعة هو خارج عن نطاق صلاحيات رئاسة الجامعة ويجب أن يخضع لرقابة المؤسسات الحكومية المختصة، لافتاً إلى أنه من المفروض أن تقوم المحافظة بتولي موضوع كل من يقوم بهذه الممارسات في المكتبات وغيرها سواء متاجرة بمشاريع تخرج أم بيع النوط والأسئلة المتوقعة، مضيفاً: إن هذه المكتبات منتشرة بشكل كبير وما إن يتم إغلاق واحدة منها حتى تعاود بالافتتاح مرة أخرى.
وشدد قباقيبي على أنه في حال تم كشف طالب ما يشارك بهذه الممارسات، يتم تطبيق العقوبات وأساليب المحاسبة المختصة بالأمر، لأن الرسالة العلمية تعتبر من أولويات رئاسة الجامعة، مضيفاً: العقوبات تطبق أيضاً بحق من يقوم بسرقة معلومات في بحثه العلمي من أبحاث أخرى من دون ذكر المصدر، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى وعي الأساتذة والطلاب.
من جانبه أكد عميد كلية هندسة العمارة السابق في جامعة دمشق سلمان محمود وجود هذه الحالات التي يشتري فيها الطالب مشروع تخرجه، إلا أن كشف هؤلاء الطلاب يعد أمراً صعباً نظراً للضغط وكثرة عدد الطلاب في الكلية إذ يقدر عددهم بـ3500 طالب، ولكن قد يتم كشفهم عن طريق الوشاية أو من خلال الأستاذ المشرف والمتابع لمشاريع طلابه أثناء المناقشة، فقد يرتبك الطالب في حال لم يكن هو من قام بإنجاز مشروعه ومع ذلك لا يعد ذلك إثباتاً حقيقياً، معتبراً أن الدكتور المشرف وحده فقط من يستطيع الحد من هذه الظاهرة، مضيفاً: وفي حال تم كشف أحد الطلاب يتم معاقبته وفق الأنظمة والقوانين ويحال إلى لجنة الانضباط لتأخذ الإجراءات المناسبة بحقه، لأن الأمر يعد شبيهاً بالغش الامتحاني.
ولفت محمود إلى قيامه بالكثير من الدعوات للجهات التموينية لضبط ومراقبة طباعة المخططات والإعلانات التي تضعها بعض المكتبات والتي يكون مضمونها: «يوجد لدينا مهندسون لعمل مشاريع هندسية للطلاب»، لافتاً إلى أن الأثر السلبي لذلك أن الطالب يدفع مبالغ طائلة من المال لقاء مشروعه ويكون مستواه ليس بمستوى الطالب الذي يقوم بإنجاز مشروعه بنفسه، مضيفاً: لا شك أن الكلية ترفض ذلك ولا تتبناه أبداً.
ولفت محمود إلى وجود ظاهرة شبيهة بذلك وهي قيام بعض الطلاب بإنجاز مشاريع هندسية لطلاب أقل منهم في السنة الدراسية، مشيراً إلى أن الطالب يعتبر ذلك وسيلة لتأمين مصروفه، مضيفاً: أيضاً لا إمكانية لضبط هذه الحالات، ولكن ذلك يحدث أيضاً في الجامعات الأخرى في الدول المجاورة.
ومن جهة أخرى أشار إلى أنه عندما يتم إيجاد آلية لضبط أسعار الطباعة والقص في المكتبات من الجهات التموينية، يتم الحد من ابتزاز الطلاب واستغلالهم، لافتاً إلى أنه في إحدى السنوات كانت قيمة المبالغ التي دفعها طلاب كلية هندسة العمارة للمكتبات تقدر بـ600 مليون ليرة، مشيراً إلى أن ثمن الطباعة فقط للمشروع الواحد يصل إلى 30 ألف ليرة.
واقترح محمود أن يتم تخصيص صالة في الكلية وإحضار آلات سحب وطباعة مخططات تحت إشراف موظفين، ليكون ريعها للجامعة وتكون أسعارها مخفضة، وبذلك قد تحل هذه المشكلة.
وإلى ذلك حمّل عميد كلية الإعلام في جامعة دمشق محمد العمر المسؤولية إلى الدكتور المشرف على المشروع إلى جانب الطالب، لأنه أهمل متابعة المراحل التي يقوم بها الطالب أثناء العام الدراسي ولم يشرف على إنجازها، وبالتالي لم يستطع معرفة ما إذا كان هذا المشروع من إنجازه أم إنه مسروق، متابعاً: لم أعلم بوجود هذه الحالات في كلية الإعلام ولكن إذا تم كشفها فإن المشروع لا يقبل، ويحال الطالب إلى لجنة الانضباط لأن ذلك يعتبر سرقة وجريمة، بل يجب محاسبة الدكتور المشرف والمكتبة أيضاً.
ومن جانبه حاول الدكتور في كلية هندسة الاتصالات والإلكترونيات في جامعة تشرين فائق عراج أن يجد الأسباب التي أدت إلى المتاجرة بمشاريع التخرج، مشيراً إلى أن مهنة افتتاح مكتبة ما أو معهد ما أصبحت مهنة من لا عمل له، لافتاً إلى وجود الكثير من المكتبات غير المرخصة إلى جانب الجامعة وبعلم البلديات، مضيفاً: بإمكان الجامعة إيقاف هذه المكتبات والمعاهد الصغيرة بالتنسيق مع المحافظة والبلدية.
وأشار عراج إلى وجود الكثير من المهندسين في المعاهد يقومون بتنفيذ أي مشروع تطبيقي يطلب من الطلاب لقاء مبالغ مالية، وبالتالي فإن الطالب يرى أن ذلك أفضل من أن ينجز مشروعه بنفسه، كاشفاً عن وجود الكثير من مشاريع التخرج تشارك في المعارض وهي من صناعة هذه المراكز والمعاهد ولكن لا يمكن تحديد من قام بإنجازها.
واقترح عراج أن يتم تنفيذ جميع مشاريع التخرج ضمن مخابر الجامعة، وخاصة ما يتعلق بالمشاريع التطبيقية الإلكترونية والكهربائية والطبية وغيرها، وأن يشرف عليها المهندسون أنفسهم الذين يعملون في الجامعة ويعملون خارجها في المراكز التي تقوم بإنجاز مشاريع التخرج، ليصبحوا مساعدين للطلاب، وبذلك تتم مراقبة آلية العمل ومراحل تنفيذ المشاريع.
ولفت عراج إلى توجه الكثير من الدكاترة والأساتذة للتعامل مع المكتبات وإنجاز النوط مقابل نسب من الأرباح، معيداً ذلك إلى انخفاض الرواتب بشكل أساسي، حيث إن راتب عضو الهيئة التدريسية لا يتجاوز في الجامعات الحكومية 80 ألف ليرة.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024