الثلاثاء 2020-06-08 21:18:15 أخبار اليوم
قيصر 2
كتب حسام حسن
ورد على لسان رئيس الحكومة ، م. عماد خميس ، في جلسة مجلس الشعب يوم الأحد 07 06 2020 ، أنه " اقترح عقد جلسات موسعة مع الفريق الاقتصادي لشرح الوضع أكثر " ، مضيفا أن حكومته " تتابع التغيرات على العملة الوطنية في الدقيقة والثانية ، وأن أي تغير في قيمة العملة ، صعودا أو هبوطا ، يؤثر على التنمية الاقتصادية " ، كذلك ، قال رئيس الحكومة حرفيا : " في بداية العام أخذنا خطوات للحد من ارتفاع الأسعار ، لكن توفقنا في مكان ، وتعثرنا في مكان آخر ، وهناك فريق يعمل على هذا الموضوع " 
لأن نقاشي - لما ورد - موضوعيٌ ، وأريد له أن يكون منصفا ، وهادئا ، ومتوازنا ، فقد كنت سأصفق امتنانا لمقترح عقد جلسات موسعة مع الفريق الاقتصادي لشرح الوضع أكثر ، لو كان الأمر ضمن خطة تسبق تطبيق العقوبات الأمريكية المتمثلة بقانون قيصر ، بافتراض أنها ستطبق بعد أشهر ، أما أن يكون الاقتراح الآن ، بعد دخول القانون حيّز التطبيق ، فليس أمامي إلا أن أقلب كفي ، وأحوقل ، وأسترجع !
 
هذا ، على افتراض أنني فهمت كلام السيد رئيس الحكومة ، بأنه يقترح أن يقوم  الفريق الاقتصادي الحكومي بشرح الوضع أكثر للسادة أعضاء مجلس الشعب !
 
 " سـ َ، سـ َ يقوم " ، هذه هي المشكلة ، هل ثمة وقت للشرح ؟ هل أن الشرح سيعفي المواطن من أقل حاجياته اليومية ، أم أنه سيعينه على البقاء واقفا ؟ 
 
في الحقيقة ، فإن سوء الوضع المعاشي للمواطن السوري وصل إلى حد لا يسمح باستخدام حرف الاستقبال ، وبوضوح أكثر ، ليس لدى هذا المواطن رفاهية انتظار الدقيقة القادمة ، خاصة وأنها مخصصة لشرح الوضع ، لا لتطبيق حل ، يخفف - ولو قليلا - من ضغط الظروف الاقتصادية عن كاهل المواطنين !
 
أما إذا كان السيد رئيس الوزراء يقصد أن الشرح سيكون للشعب ، عبر وسائل الإعلام مثلا ، فإنني - وأنا واثق بما أقول – أجزم بان أحدا لا ينتظر شرحا ، وأن أحدا لا يريد أن يسمع شرحا ، فالشرح الوحيد الذي ينتظره العامة ، هو توفر القدرة الشرائية ، إما برفع قيمة الليرة أو بخفض الأسعار ، وكلاهما ، معضلتان لا يبدو أنهما تنتظران شروحات إضافية .
 
أما بالنسبة لـ " تتابع الحكومة التغيرات على العملة الوطنية في الدقيقة والثانية ، وأن أي تغير في قيمة العملة ، صعودا أو هبوطا ، يؤثر على التنمية الاقتصادية " ، فهذا - لعمري - مربط الفرس .
 
أنا أتابع تغير قيمة الليرة نحو الأسوأ ، فماذا أطعم أطفال الوطن ؟
 
ساء السعر قليلا ، ثم قليلا أكثر ، ثم أكثر ، ثم أكثر كثيرا جدا ، وبعد ؟ ماذا بعد ؟ ما زلت أتابع " التغيرات على العملة الوطنية في الدقيقة والثانية " ، بلى ، ثم ماذا بعد ؟
 
ماذا بعد ؟ لا شيء !
 
النصف الثاني من الجملة ، يسميه الشاغلون في اللسانيات والنحو واللغة : ( لزوم ما لا يلزم ) !
 
يا حكومتنا الموقرة ، إن استنتاج هذه البدهية ، " أي تغير في قيمة العملة ، صعودا أو هبوطا ، يؤثر على التنمية الاقتصادية " ، يجعلنا أمام أحد أمرين : إما أننا لا نفهم ما تقولون ، وإما أنكم لا تفهمون ما نقول !
 
الوضع صعب بكل تأكيد ، والجسد نهشته ضباع كثيرة ، ونالت منه رماح كثيرة ، حتى تكسرت النصال على النصال ، وقد نظلم الحكومة ، أو بعض وزرائها ، بقساوة نقدنا ، لكن واقع الحال قاتم ، وواقع الحل أكثر قتامة ، لأننا ما زلنا نجهل ما سَـ ، سـَ تقدِم عليه الحكومة ، ولأن الأفواه التي تجوع ، لا تستطيع الانتظار حتى نكتب الوصفة ، ثم نجد الصيدلاني الذي يملك الدواء ، ثم نتمكن من شرائه ، ثم نتناوله ، لنشفى .
 
" الصمود " ، حاجة عليا ، والصمود مطلوب ، والصمود فضيلة في هذه الأيام العجاف ، وإن عابه البعض ، كمصطلح ، و " الصمود " صلاة مارسها كثير من الجنود على الجبهات ، بظروف أسوأ بكثير من واقع الغلاء والوباء في أحيائنا ومدننا وقرانا ، صمد الجنود بلا ماء ولا غذاء ، ولا كساء ، ولا دواء ، ولم تسجل هذه الحرب استسلام واحد منهم ، ولهذا فإنني أسأل من قال : أعطني كفايتي من المال لأصمد ، أعطني احتياجاتي اليومية لأصمد ، أعطني ... أعطني .. أعطني ..
أقول له ، إذا أعطيتك كل ذلك ، فعلام َ ستصمد ؟
 
... يتبع
 
من صفحة حسام حسن مدير الأخبار في قناة سما الفضائية
 
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024