الثلاثاء 2023-11-21 09:57:15 يحكى أن
إلى رفيقات صفّي
إلى رفيقات صفّي

كتب د. رفيف المهنا
أعتبر نفسي إنساناً محظوظاً .. فقد فتحتُ عيوني على وجه أمٍّ جميلة وحنونة.. وفي عمر الثلاث سنوات أتت أختي الكبرى ليدخل حياتي بعدها  رويداً أختان عندما كان عمري ٦ و ٩ سنوات ..
خرجتُ إلى حارة مليئة بالفتيات الجميلات .. كنا نلعب معاً ونركض معاً .. كانت الأنثى بالنسبة لي كائناً معروفاً وقد تعوّدتْ عيوني عليها..
أدخل في مدرسة قريتي المختلطة .. وأشارك رفيقات صفي سنين دراسة طويلة .. ليستمر الحضور الأنثوي كبيراً حتى في هذه اللحظة..
وعندما سألتني اليوم زميلة في العمل عن أكثر عامل أثّر في شخصيتي قلت لها " هذا الحضور الأنثوي الكبير الذي رافقني طوال عمري.. فأنا ممتنٌّ لكل أنثى عبرت وستعبر حياتي"
و أكملت بعدها كلامي عن الفرق الذي تُحدِثه المدرسة المختلطة في نفس الشاب ونفسيته.. إنه بلا شك أكثر توازناً .. أكثر هدوءاً .. أكثر إبداعاً ( كم من قصائد حب كُتبَتْ في المدارس .. وكم من قصص الحب الجميل قد حيكَتْ) ..وأكثر قدرة على احترام اختلافات الجنس الآخر...
 ومن يظن أن مرحلة المراهقة هي المرحلة التي يجب أن يُعزَل فيها الذكور عن الإناث فهو متوهم .. لأنها وبالعكس أكثر المراحل التي يحتاج فيها الذكر والأنثى لمعرفة الآخر ..
في المدرسة المختلطة هناك وإلى جانب التعليم رعاية نفسية وبالمجان لعقليات الطلاب .. فوجود الأنثى يُشجع في الذكر الإهتمام بذاته على كل المستويات .. يشجع على التفوق .. على الإبداع .. ( والعكس صحيح ) فتتحول تلك الطاقة الجنسية التي يخاف منها المجتمع إلى طاقة إبداعية وفكرية منتِجة..
أما العزل فهو تأكيد لصورة سلبية متوحشة عن الذكور المخيفين .. ولصورة ضعيفة هشة مثيرة عن الإناث المغلوبات على أمرهنّ..
عندما يعيش الشاب إلى جانب الفتاة في صفٍّ واحدٍ فإن احتمالات تكوّن الأوهام حول الشخص الآخر تقلّ بالتأكيد .. فلا يعود الشاب الذكر شخصاً مخيفاً .. ولا يرى الشاب في الفتاة كائناً للشهوة الجنسية فقط ..
إنه يكتشف عذوبتها فيصير عذباً وهي تكتشف بساطته وطيبته فتصير بسيطة..
قد لا أبالغ إذا قلت أن المدارس المختلطة تصنع مجتمعاً متوازناً أكثر .. أوهامه قليلة.. وإبداعاته أكثر..
إلى كل رفيقات صفي .. واحدة واحدة .. شكراً ..

( من الكتاب القادم)


رفيف المهنا- نقلا عن صفحته الشخصية
 

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024