دمشق- سيريانديز
لم يشأ وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد اللـه الغربي خلال لقائه أمس مع الصحافة أن يكون رسمياً، فبدأ حديثه عن عدد من المقالات والتحقيقات المنشورة في وسائل الإعلام، وشرع باستكمال بعض المعلومات الناقصة بما لديه من معلومات.
وخلال جو الدردشة الذي سبق الحديث عن المؤسسة السورية للتجارة، والتي كانت موضوع اللقاء، صرّح الغربي بأنه بعد تعميم رقم هاتفه الجوال، أصبح يتلقى نحو 2500 رسالة يومياً على «الواتس آب» من المواطنين، وبمعدل 200 رسالة تقريباً لكل محافظة، مبيناً أن هذا الكم من الرسائل يتم معالجته والاطلاع عليه والتعامل معه بجدية، وأن هذا الكم من الرسائل وفر له سيلاً من المعلومات التي لم تستطع أجهزة الرقابة توفيرها، وأنه بات يسبق مديريه في معرفة حالات التلاعب والتجاوز وكثيراً ما يتصل بمديري التموين في المحافظات لاطلاعهم وتوجيههم بحالات غش أو تلاعب لمعالجتها وتصحيحها فوراً، ورغم أن حجم العمل الذي يضطلع به واسع إلا أنه يتحدث عبر الاتصالات المختلفة أيضاً مع مواطنين لمدة تصل لأربع ساعات يومياً.
ولم يخف الوزير أن جزءاً من هذه الاتصالات تكون بقصد التوظيف وطلب لفرص العمل، ورأى الوزير هذا الاهتمام بالتواصل مع المواطنين مباشرة سببه الحالة المعيشية القاسية لدى المواطن والغلاء الذي يعانيه.
مضاعفة التدخل الإيجابي
أوضح الوزير الغربي لـ«الوطن» أن المؤسسة السورية للتجارة ستوسع حصتها السوقية إلى نحو 25% في السوق المحلية، علماً أن حصة مؤسسات التدخل الإيجابي الثلاث سابقاً كما كان يؤكد القائمون عليها لم تكن تتجاوز الـ5%، ومن ثم الحديث هنا عن زيادة بمقداره 5 أضعاف للحصة السوقية للمؤسسة الجديدة.
وعن اختيار الإدارات الجديدة ومدى كفاءتها لقيادة المؤسسة الجديدة أكد أنه تم اختيار الإدارات بعناية ودراسة وأنه سيتم الاستعانة بالخبرات من القطاع الخاص من حملة الشهادات التخصصية. مؤكداً أنه سيتم إنجاز النظام الداخلي الجديد للسورية للتجارة خلال شهر.
من هدد الوزير؟ ولماذا؟
وكشف الغربي خلال لقاء الأمس أنه تعرض لتهديدات مباشرة بسبب اقترابه من معالجة عدد من ملفات الفساد الكبيرة.
وبالعودة لوضع السورية للتجارة اعتبر أن مسألة الدمج وإعادة الهيكلة لقطاع التدخل الإيجابي هو بمنزلة الخروج من المستنقع وأن حالة التدخل الإيجابي كان يحتاج لقرارات قوية لتصحيحه ووضعه على السكة الصحيحة حيث كانت البداية مع إعادة عمل كل مؤسسة في التدخل الإيجابي للعودة بالعمل وفق مرسوم إحداثها ثم صدور مرسوم الدمج مؤخراً.
وعن مشهد من حالة الترهل والفساد الذي كان يعتري مؤسسات التدخل الإيجابي بين أن حجم الديون على هذه المؤسسات تجاوز 40 مليار ليرة، وعلى سبيل المثال خسائر مؤسسة الخزن والتسويق تجاوزت 23 مليار ليرة في عام 2016، كما وقعت نحو 1.5 مليار ليرة شيكات بلا رصيد، مؤكداً أن الحديث عن أي مؤسسة هو ليس حديثاً شخصياً.
عرقلة الدمج
كشف الوزير الغربي عن وجود محاولات سابقة من قبل البعض لعرقلة صدور مرسوم الدمج الذي أنتج المؤسسة السورية للتجارة، ووضع العصي في عجلات مشروع الهيكلة، من خلال ما أشاعوه بين الأوساط العامة، عن سلبيات الدمج، مؤكداً أن الحديث عن هذه الحالات والتجاوزات هو حديث مؤسساتي وليس شخصياً، الغاية منه تقويم العمل وخدمة المواطن وخاصة أن العديد من إدارات هذه المؤسسات جاءت متأخرة وعلى واقع سيئ وربما فاسد، ومنهم المدير العام للخزن، وكان قرار الهيكلة والدمج الذي تأخر لمدة 5 أشهر، بمنزلة إنقاذ لهذه الإدارات من مستنقع الترهل والفساد الذي تعانيه مؤسساتهم.
وأيضاً في مؤسسة الخزن والتسويق اعتبر الوزير أن المؤسسة ليس لديها موازنات حسابية منذ عام 2008 ولم تهتم بعملها الأساسي في تسويق المحاصيل الاستراتيجية خاصة التفاح والحمضيات.
تجاوزات لمؤسسات دمجت
تطرق الوزير الغربي إلى ملف مادة السكر في مؤسسة الخزن والتسويق، مبيناً أن هذا الملف يشوبه الكثير من التجاوزات، التي تعود إلى العام 2012.
مشيراً إلى أن مؤسسات التدخل الإيجابي كانت تبيع السكر بأسعار متناقضة ولا يوجد تنسيق مشترك بينها، وأن كل التجارب العالمية لنجاح المؤسسات والشركات ذاهبة باتجاه الاستحواذ والاندماج وشراء الشركات الصغيرة للوصول إلى شركات عملاقة قادرة على فرض وجودها في السوق، وهو ما تسعى إليه السورية للتجارة في السوق المحلي، فهي تسعى لتكون التاجر الأكبر والأقوى في السوق ولديها العديد من المعطيات لنجاحها.
وقد أبدى الوزير ثقة عالية بالمؤسسة الوليدة، وجزم بنجاحها، وبأنه سيلتقي مجدد مع الصحافة ليطلعهم على ما بدأت تحققه المؤسسة، مؤكداً أن كافة الديون التي أصبحت بذمة المؤسسة حالياً والتي قدرها بـ40 مليار ليرة سيتم تسديدها والانتهاء منها خلال عام واحد ومع نهاية عام 2017 ستكون مسددة، حيث ستعمل المؤسسة على وضع أفضل دراسات الجدوى في الاستثمار والعمل وتحقيق الريعية التي كانت الغائبة بسبب سوء الإدارات السابقة للعديد من مشاريع وصالات هذه المؤسسات، إضافة إلى تدوير المخازين التي تمتلكها المؤسسة، منوهاً بأن رئيس الحكومة كان يتابع عملية هيكلة قطاع التدخل الإيجابي بشكل شبه يومي للإسراع في تنفيذه.
ولخص الوزير مفهوم التدخل الإيجابي بأنه الوصول إلى أفضل سعر منافس للمواد والسلع في السوق المحلية.
كما اعتبر أن إغلاق المنافذ البرية كان سبباً مباشراً لوجود كساد للعديد من المحاصيل والإنتاج المحلي وأن الوزارة عملت على كسر بعض هذه الحالات وصدرت عشرات الآلاف من أطنان التفاح والحمضيات، معتبراً أن الحملة الوطنية التي نفذتها الوزارة العام السابق تعتبر تجربة شبه ناجحة يمكن تطويرها لتسويق المحاصيل المحلية.
الغربي يتحدى
بين الغربي أن الوزارة لن تقف مكتوفة الأيدي بسبب عناوين حماية المنتج المحلي وأنها ستتجه للاستيراد وتأمين ما يحتاجه السوق في حال فشلت الصناعة المحلية عن تخفيض أسعارها والبحث عن بدائل لتحقيق ذلك وخاصة أن أسعار العديد من السوق المحلية تجاوزت الأسعار العالمية وخاصة الألبسة حيث يصل سعر القميص لـ16 ألف ليرة بينما لا يتجاوز 10 يورو في العديد من الدول الأوروبية.
وأوضح الوزير أن مرسوم مؤسسة السورية للتجارة تحدث عن التنسيق مع وزارة الاقتصاد وليس مع مؤسسة التجارة الخارجية وبالتالي المؤسسة ليست ملزمة بالاستيراد عبر التجارة الخارجية.
وتساءل الوزير عن تفعيل عمل مؤسسات الدولة وتحررها من الروتين والبيروقراطية: لماذا لا تكون بعض مؤسساتنا مثل (عمران) وكيلاً لعشرات الشركات العالمية وخاصة الصين المتميزة بانخفاض أسعارها؟ ولماذا يكون التاجر في السوق أكثر جدارة من مؤسساتها في هذا المجال؟.
هذا الحديث لم يمنع تأكيد الوزير على أهميته تعزيز وتطوير الإنتاج المحلي وخاصة أنه قدم لنا ضيافة عبارة عن حلويات محلية تشتهر بها محافظة دير الزور.
وبالرجوع للأسعار التي تطمح لها السورية للتجارة أكدالغربي أن أسعارها ستكون أقل من السوق فعلياً بين 20-40%، وأنه يتم استثمار صالات المؤسسة بشكل فاعل وفي هذا الاتجاه تم التعاقد مع غرفة صناعة حلب لاستثمار مول 29 أيار.
كما كشف الوزير عن جهاز خاص لدراسة وسبر الأسعار ومقارنة أسعار المؤسسة مع السوق والإشارة إلى مواضع الخلل السعري ومعالجته فوراً.
وعلى هامش اللقاء قدم الوزير إشارات تتصل بمشهد الحال العام للبلد منها أن حاجة البلد يومياً إلى استيراد 130-140 طن يومياً من مادة القمح هو مؤشر تقصير ورؤية فاشلة في إدارة التعامل مع تأمين هذه المادة الاستراتيجية، وأن ما تم التخطيط له في السبعينيات والثمانينات حول تطوير الواقع الزراعي وتأمين احتياجات البلد الزراعي واعتباره ضامناً للأمن الغذائي للوطن ومن ثم التهاون وإهمال هذا التوجه لمصلحة توجهات أخرى على حساب الواقع الزراعي أمر خاطئ وأثبتت الوقائع الحالية حساسية وخطورة هذه المغامرة.
وخلال اللقاء أكد الغربي أنه سيتم توزيع 25 كشكا لبيع الخبز في عدد من أحياء مدينة دمشق مطلع شباط القادم. وذلك خلال جولة قام بها أمس، على عدد من الأفران في منطقة المزة أن الهدف من هذه الأكشاك تخفيف الازدحام على المخابز وتسهيل حصول المواطنين على احتياجاتهم من مادة الخبز بيسر حيث سيتم بيعها من خلال هذه الأكشاك بنفس السعر والوزن والجودة.
واطلع الوزير الغربي خلال الجولة على آليات الإنتاج بالأفران وواقع عملها واستمع إلى الصعوبات التي تعترض العملية الانتاجية.
وأكد الوزير الغربي أهمية وجود هيكلية وبنية تنظيمية جديدة للشركة العامة للمخابز وتفعيل الطاقات والكفاءات فيها واستثمارها بالشكل الأمثل وتوفير متطلبات انتاج الرغيف بالمواصفات والجودة المطلوبة.