يبدو أن إعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فتح باب التقدم إلى مفاضلة ملء الشواغر لمفاضلة فرز طلاب السنة التحضيرية 2021/2022 للقبول في كليات الطب البشري/عام ملتزم فقط، دلّ على أن عدداً قليلاً من الطلاب سجلوا هذه الرغبة في بطاقة المفاضلة، وبالتالي لم تكتمل نسبة الـ50 في المئة التي خصصتها الوزارة لكلية الطب البشري من عدد طلاب السنة التحضيرية سواء الناجحين أو المترفعين االراسبين.
كما يبدو أن عدم إقدام الطلاب على تسجيل هذه الرغبة يعود الى الشروط الموضوعة بحق الطلاب، حيث يقول أحدهم: هذا استعباد بكل ما تعنيه الكلمة، فالطلاب يدرس إجازة 6 سنوات و6 سنوات تخصص ومن ثم وطيلة السنوات العشر للالتزام لا يعطونه ولا حتى كشف علامات ولا وثيقة تخرج، مضيفاً: بمعنى أنه غير معترف به كطبيب إلا لدى الوزارة أو المؤسسة التي تعينه الحكومة بها.
كما أنه ممنوع من العمل لدى جهة أخرى، وأيضاً ممنوع عليه أن يفتح عيادة، وبالتالي هذا استعباد، وبسبب ذلك تفادى كثير من الطلاب إدراج هذه الرغبة في بطاقة المفاضلة.
طالب آخر يقول: الكل يعرف أن سقف المرتبات الحكومية الشهرية للإجازات لا يتجاوز المئة وخمسين ألفاً، ومن يتخرج من كلية الطب البشري/عام ملتزم/ فهو مجبر بناء على الشروط الخاصة بها أن يبقى على هذا المرتب لمدة عشر سنوات والكل يعرف مدى سوء الوضع المعيشي حاليا، حيث إن أصغر عائلة تحتاج إلى 3 ملايين ليرة سورية شهرياً، وبالتالي الطبيب الملتزم لن تكفيه الـ150 ألف إيجار مواصلات، فكيف ستقبل على هذه الرغبة الطلاب.
فيما أكد آخر أن الطلاب أصحاب المعدلات الوسط فضلت كلية الصيدلة على كلية الطب البشري/عام ملتزم/، فمن يدرس صيدلة يتخرج بخمس سنوات، وبعد التخرج ممكن بخمس سنوات أن يشتري منزلاً وسيارة، فلماذا ينهي عمره على 150 ألفاً بالشهر، مضيفاً: حتى إن الطلاب الراسبين فضلوا الذهاب إلى كليات الهندسة على أن يدرسوا كلية الطب البشري/عام ملتزم/ بسبب الشروط الموضوعة.
ويتابع: «مرتبات مهندسي الاتصالات حالياً مرتفعة جداً لأن الثورة التكنولوجية، عدا الفرص المتاحة وبكثرة لخريجي هذا الاختصاص وخريجي هندسة المعلوماتية للعمل في الدول العربية والغربية بمرتبات ضخمة، فلماذا الطالب يفني سنوات كثيرة من شبابه في دراسة الطب البشري/عام ملتزم/، وعشر سنوات التزام براتب شهري 150 ألف ليرة.
حول هذا الموضوع أوضح مصدر أكاديمي لـ«الوطن» أن نص القانون كان واضحاً لناحية التزام الطالب بالشروط الواردة فيه والخاصة بالتزام طالب الطب لفترة 10 سنوات في خدمة الدولة، مقابل دراسته شبه المجان مقارنة مع الأجور الكبيرة التي تتقاضها الجامعات الخاصة والتي لا يقل الحد الأدنى لها إلى 8 ملايين ليرة في العامة ناهيك عن أجور النقل الكبيرة جداً ومستلزمات وتكاليف الدراسة.
ولفت إلى أن معدلات القبول في الجامعات الخاصة باتت مرتفعة جداً، ولاسيما أنه لا سنة تحضيرية في تلك الجامعة ويدخل الطالب مباشرة إلى الاختصاص الذي يرغبه.
واستبعد المصدر إجراء أي تعديل على نص المرسوم الخاص بطلاب الطب البشري (ملتزم) مؤكداً أنه كان واضحاً ويخدم العملية التعليمية خلال السنوات القادمة، مشيراً إلى أن الطالب الذي يدرس 10 سنوات عليه الالتزام بمثلها في خدمة الدولة.
واعتبر المصدر أنه إذا كانت أعداد الطلاب ممن اختاروا رغبة الطب البشري (عام ملتزم) قليلة، فذلك قد لا يحقق الغاية المرجوة حالياً، لكن مع الوقت يتحقق ذلك، مشيراً إلى أنه ليس بإمكان جميع الطلاب التسجيل في الجامعات الخاصة.
في السياق، كشف المصدر عن ازدياد نسبة التسرب من خريجي الطب البشري، مبيناً أنه سنوياً يتم تخريج أكثر من 1000 طالب وطالبة في جامعة دمشق، نسبة ما بين 30 لـ40 بالمئة منهم (للأسف) إلى خارج البلاد، مضيفاً: لهذا تم إصدار عدد من القرارات والتسهيلات التي من شأنها الحفاظ على الكادر الطبي والخريجين، كان آخرها النص التشريعي الخاص بكليات الطب البشري (عام التزام) والذي سيكون له منعكس مهم إيجابي خلال الفترة القادمة.
ورأى المصدر في ختام حديثه أن الطالب الذي لم يخوله معدله من الدخول إلى الطب البشري العام، تم منحه فرصة بالدخول إلى الكلية التي يرغبها مع الالتزام وبالتالي يحصل على شهادة واختصاص مقابل عمله في هذا الاختصاص، مضيفاً: أعتقد أن هذا الأمر عادل، كما أن رسوم الدراسة في الجامعات الحكومية شبه رمزية بالنسبة للكليات الطبية مقارنة مع الخاصة.