كتب أيمن قحف
لا يمكن للمرء أن يزور فيينا أو حتى يذكرها إلا ويدندن معها(ليالي الأنس في فيينا)الأغنية التي خلدت أسمهان وخلدت فيينا في ذاكرة العرب جميعاً ...
يوم الأربعاء الماضي كنت من جديد على موعد مع ليلة جديدة من ليالي الأنس في فيينا ، مرة جديدة يستضيف رجل الأعمال المغترب المرموق وصاحب المبادرات الطيبة على الدوام من أجل وطنه سورية نبيل الكزبري العرب جميعاً في احتفالية الذكرى العشرين لتأسيس الغرفة العربية النمساوية في مبنى بلدية فيينا الشهير والعريق المسمى(رات هاوس)..
كل شيء كان أنيقاً وجميلاً في أمسية عربية نمساوية مليئة بالود والصداقة ، ولكن أجمل ما فيها كان الصوت القادم من المغرب العربي ، الصوت الذي أعاد ألق أسمهان وألق فيينا ..
كريمة الصقلي ، أتت من المغرب خصيصاً لتشدو في عاصمة الموسيقا العالمية ولتسحر النمساويين بصوتها وحضورها والعرب بكل شيء من صوتها إلى إطلالتها إلى الإبداع في أداء(ليالي الأنس في فيينا)..
أول انطباع لي أن قلت لصديقي وجاري على طاولة العشاء الأستاذ سليم دعبول الذي قرأت في وجهه استغراقاً لا ينتهي في صوتها المدهش : كيف فاتني حضور حفلتها في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية منذ عام ونصف ؟، ربما لم يعن لي اسمها شيئاً عندما دعيت آنذاك !!!
في ختام الحفل تجاذبت أطراف الحديث مع كريمة وقلت لها : حظنا طيب بوجودك معنا اليوم ، هل هي صدفة ؟ فأجابت أنها أتت خصيصاً كرمى لعيون الاحتفالية ولتغني ليالي الأنس في فيينا ..
قلت لها : بماذ تحتفظين في ذاكرتك عن سورية ؟ أجابت : أحببت سورية الشقيقة وشعبها ، وأهم صفة أنهم(سميعة)ويقدرون الطرب الأصيل ، وحقيقة أني شعرت بأكبر سعادة في سورية مقارنة بأي بلد آخر ..
سأتها : متى ستزورين سورية مجدداً ؟ قالت : ربما في الصيف القادم وأنتظر ذلك بفارغ الصبر ..
:
في أيار 2008انتقل دفء صوت المطربة المغربية كريمة الصقلي الملقبة بأسمهان المغرب إلى دمشق لتحيي حفلاً غنائياً في قصر العظم في دمشق ضمن أيام الأغنية الطربية النسائية لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، استطاعت من خلاله وبانسيابية وهدوء معتادَين أن تستقطب موهبتها الغنائية وتفرضها على جمهور كبير من عشاق الطرب الأصيل في هذا الزمن الذي لا يقبل سوى بالأغنية المصورة.
غنت كريمة الصقلي بصوتها الذي خاطب القلوب والعقول وسما إلى عالم الرقي برفقة أوركسترا طرب بقيادة جمال سراي الدين أغانٍ من التراث المغربي والأندلسي وعدداً من أغاني الراحلة أسمهان وكان منها موال صوفي للشاعرة عائشة الباعوني بعنوان «إذا الحب بدا فاسجد له» وأغنية «محلاها عيشة الفلاح مطمن قلبو مرتاح يتمرخ على أرض مراح والخيمة الزرقاء ساتراه» وأغنية «القلب ولا العين مين السبب في الحب» وغيرها.
قالت المطربة كريمة الصقلي مع تعالي صيحات الإعجاب والتصفيق من الجمهور السوري والضيوف «لا يمكن أن تحدد زمناً أو وقتاً لتكون دمشق عاصمة للثقافة، هي دائماً عاصمة للثقافة ومهد لكل الحضارات»، ظهرت موهبة كريمة الصقلي منذ سن الطفولة إذ كانت تغني بإتقان وهي في ربيعها التاسع كلاسيكيات سيدة الغناء العربي أم كلثوم وكانت تخشى منذ نبوغ موهبتها دخول عالم الغناء المليء بالمغامرات لدرجة أنها تقول «ظل صوتي حبيس الجدران لدرجة أنني إلى حد البكاء تمنيت الغناء».
سطع نجم الفنانة المغربية كريمة الصقلي منذ عام 1999 وذلك أثناء أدائها لأغاني الراحلة أسمهان على مسرح القاهرة حتى قال عنها المطرب التونسي لطفي بوشناق إن عملها يعتبر رداً على الذين يقولون إن عهد الطرب قد ولى، وعلى الرغم من تأخرها في دخول عالم الشهرة إلا أنها استطاعت الحلول في المرتبة الأولى من عالم الطرب.
كرست كريمة الصقلي نفسها منذ البداية لنوع خاص من الغناء العربي، في عام 2001 شاركت الصقلي في ليلة تكريم سيدة الطرب العربي أم كلثوم في معهد العالم العربي وفي عام 2002 شاركت في مهرجان الشعر العربي في باريس وفي عام 2004 شاركت في تكريم المطربة الراحلة أسمهان في معهد العالم العربي وشاركت في العام ذاته في مهرجان ومؤتمر الموسيقا العربية في دار الأوبرا بالقاهرة ومهرجان حمامات سوسة في تونس وشاركت في عام 2005 في تكريم الراحل محمد عبد الوهاب برفقة الفنان السوري صفوان بهلوان وكان لها مساهمة في عيد الموسيقا بسراييفو تحت شعار «موسيقا، لغة السلام في العالم» في البوسنة.
كانت أبرز مشاركاتها ونشاطاتها تكريم السيدة أسمهان والراحل فريد الأطرش في ليالي الشرق والفرقة المغربية للموسيقا العربية بالدار البيضاء ولم يقتصر نشاط الفنانة الصقلي على الموسيقا والغناء حيث شاركت في عام 2007 مع المخرج أحمد بولان في فيلم ملائكة الشيطان.