كتب : أيمن قحف
عندما توجهت صباح اليوم إلى مدينة السويداء لم أكن قد قررت اتجاه مشاعري لهذا اليوم، هل ستستمر بالانقباض والتوجه نحو الحزن كما هي بقية الأيام، أم أن شيئاً سيتغير...!! حتى انني بالأصل لم أكن أنوي الذهاب لحضور فعاليات مؤتمر الاستثمار في المنطقة الجنوبية وكلفت محرراً ومراسلة الموقع لإنجاز التغطية، ولكن في النتيجة لم أشأ أن أتغيب - على غير عادتي -فقد حضرت على مدى عقدين من الزمن جميع المؤتمرات الاستثمارية الكبرى.
الطريق إلى السويداء بدأ يتحسن ولكنه ما زال مزعجاً وخطراً بعض الشيء، على مشارف المدينة ومع اختلاط مشهد أحجارها السود بأشجارها الخضراء فتحت نافذة السيارة لأجد أن الهواء تغير، وأن نسيماً منعشاً يهبّ من جبل العرب الأشمّ ليريح صدري المتعب...
عندما دخلت مدينة الكرم وحسن الضيافة نظرت في وجوه المواطنين فوجدتهم على عهدي بهم يستقبلون السيارات القادمة بوجوه باشة ومستبشرة.
عند مدخل الفندق السياحي ( ديونيزياس) كانت هناك مظاهر احتفالية رائعة، يغلب عليها الودّ وليس المظاهر.
مع مرور الوقت وبدء الفعاليات وتبادل السلام والحديث مع الكثيرين من الضيوف وأهل البيت، من المستثمرين و المسؤولين وبدون شكّ الإعلاميين لا أدري لماذا وجدت الجميع سعداء إذ أنه في العادة يكون هناك الكثير من المنزعجين والمتوترين والمضغوطين والمرتبكين والمحايدين، ولكنني هنا – وليصحح لي من له رأي آخر- وجدت أكبر منجم تفاؤل من بين كل المؤتمرات التي حضرتها، فرئيس مجلس الوزراء المهندس محمد ناجي عطري دخل وتحدث في الافتتاح وللصحفيين ومع المسؤولين والمستثمرين والمواطنين ولم تفارق الابتسامة وجهه وأعطى حضوره أجواء مريحة للمؤتمر ومن خلال المعطيات المتفائلة دعا المهندس عطري المستثمرين لاكتشاف الفرص الاستثمارية في سورية بشكل عام وفي المحافظات الجنوبية بشكل خاص والاستفادة من المزايا التي تتمتع بها وخاصة المزايا الممنوحة للاستثمار.
كذلك النائب الاقتصادي عبد الله الدردري الذي يتقن كالعادة فن الترويج للاستثمار، ويقنع الضيوف وأهل البيت ويمنحهم مساحة أوسع للتفاؤل بكياسته وأبوابه المفتوحة للجميع ، وهو"افتتح " بازار الاستثمارات بمذكرة تفاهم مع ايران حيث تم اختيار 14 مشروعاً صناعياً للتنفيذ بشكل مشترك وكذلك إنشاء شركة استثمارية قابضة مشتركة إضافة إلى التعاون في مجال البحث العلمي ونقل التقانة والمصارف والتأمين وقال الدردري أنه سيتم إحداث مصرف إيراني في سورية وشركات تأمين كخطوة إضافية على طريق التعاون بين البلدين الصديقين ومحاولة الوصول في العلاقات الاقتصادية الى مستوى العلاقات السياسية المتميزة التي تربط سورية وإيران. ، وربما كان الدكتور أحمد عبد العزيز بمستثمريه المائتين الذين نجح باستقطابهم من خارج الحدود وأكثر منهم من السوريين، من أكثر الناس سعادة اليوم فهو ينتظر استثمارات كبيرة تأتي لحدائق دمشق الجنوبية كما أصبح اسمها في قاموس الترويج الاستثماري و يدعم تفاؤله بخطوات عملية حيث أنه تم عرض كل فرصة مطروحة في المؤتمر بشكل موجز عبر بطاقة واحدة وهي جاهزة للتشميل مباشرة والترخيص. ، وربما لا يبيع الدكتور مالك محمد علي محافظ السويداء فرحته لأحد فهو قال لي: يكفي هذا المؤتمر أنه نجح في جمع كل سورية في محافظة السويداء للمرة الأولى.
وينتظر محافظ درعا الدكتور فيصل كلثوم وزميله محافظ القنيطرة الدكتور رياض حجاب انتقال الفعاليات إلى محافظتيهما لاستكمال أسباب التفاؤل والسعادة.
حتى الدكتور عارف طرابيشي الذي كان في قمة العصبية في مؤتمر الاستثمار في المنطقة الشرقية "قبضت عليه" في غير مناسبة اليوم وهو يبتسم ويبدي ارتياحه لأجواء المؤتمر التي عمل عليها بجد مع فريق عمل مخلص.
بل حتى مديرو المدن الصناعية خالد عز الدين وهيثم ضو وكاسر عثمان كانوا كفريق عمل يعمل للمنطقة الجنوبية كما يعمل لمدينته والترويج لها ..
حتى الازدحام الذي جعل الفندق السياحي يغصّ بزائريه لم يعكر الأجواء، بل أضفى رونقاً وحميمية خاصة.
ضيوف سورية ولاسيما من تركيا وإيران، قالوا كلاماً مشجعاً ودعوا بصراحة المستثمرين في البلدين للقدوم إلى سورية وإلى المنطقة الجنوبية ومعاون النائب الأول للرئيس الايراني قال ان مشاركة الوفد الايراني في مؤتمر الاستثمار في المنطقة الجنوبية هي رسالة نؤكد من خلالها رغبتنا وعزمنا على توطيد العلاقات بين البلدين وبناء على ذلك سيقوم وفد اقتصادي إيراني بزيارة محافظات أخرى لدراسة إمكانية إقامة مشاريع استثمارية .
ومن قابلناهم من المستثمرين المحليين كانوا أيضاً مستبشرين وكثيرون منهم تقدموا أثناء المؤتمر بطلبات تشميل لمشاريع أعجبتهم مما طرحته هيئة الاستثمار ووزارة السياحة والمحافظات المعنية وصديقي مدير عام بنك عودة –سورية باسل حموي كان هو الآخر سعيداً بالتواجد ولديه طموحات مصرفية وتمويلية واستثمارية تنتظر إزالة عقبة الرهون في المناطق الحدودية.
في ردهات المؤتمر كان وزراء السياحة والزراعة والإدارة المحلية والمغتربين والاقتصاد ورئيس هيئة تخطيط الدولة، يتحدثون للمستثمرين على الفرص في سورية عموماً وفي جنوبها خصوصاً، بشكل حقق الغرض الترويجي المباشر للمؤتمر، لن أدخل في تفاصيل المشاريع والكلمات وهي في مكان آخر على الموقع، ولكن أعود لأؤكد أنني ذهبت منقبضاً إلى السويداء ولكنني عدت منها سعيداً ومستبشراً وربما كان هذا حال الجميع اليوم وهناك وغداً في درعا وبعد غد في القنيطرة.
وليثق الجميع أنه ليس كلاماً عاطفياً لأنّ الإنسان عندما يشعر بالسعادة في مكان ما فإنه سيعود إليه مرة وأكثر وقد يستقرّ فيه فكيف إذا كان هذا الإنسان مستثمراً..؟
نجح المؤتمر لأن الجميع خرجوا سعداء...