الأربعاء 2011-08-24 19:29:34 |
كنت هناك |
"حاج تحللي الله يرد عنك" !! |
|
أيمن قحف – فيينا عندما دخلت فيينا هذه المرة كانت لدي مشاعر مختلفة عن أي مرة، أوروبا اليوم غير أوروبا الأمس، بل ربما غير أوروبا الاستعمار القديم!. تُشعرك أوروبا بتناقض فظيع ما بين منظومة القيم الأخلاقية والإنسانية التي أسست لعصر الحريات وحقوق الإنسان، وما بين انصياعها الأعمى وراء مصالح ضيقة لساسة يبحثون عن نجاحات انتخابية على حساب كل القيم وحقوق الإنسان التي يدافعون عنها. قد يقول قائل: إنها مصالح أوروبا تتلاقى مع أمريكا والعرب الذين يدورون في فلكهم؟. ونقول إنها القصة القديمة الجديدة تتكرر، مصالح على كومة من الجثث في البلاد التي "ينقلونها" إلى الديمقراطية من مواطنيها ومواطني أمريكا وأوروبا، فأية أخلاق وأية مصالح على جثث الضحايا!؟. وقد يقول قائل: ألا يدافعون حقاً عن حقوق الإنسان السوري اليوم؟. ونقول: نحن أمام حالتين، هناك من الساسة الغربيين من ينفذ مصالح معينة ويستغل الوضع القائم، وهذا ليس سراً، وهناك من تصله الصورة من مصادر غير نزيهة وغير محايدة ويتبناها ويبني عليها مواقف وقرارات، والسؤال هنا: هل يكفي أن "نحلل"؟، تطُن في أذني جملة زياد الرحباني الشهيرة:"حاج تحللي الله يرد عنك حاج تحللي"!!. وأنا أسير في شوارع فيينا الرائعة الهادئة كسر صمتها "مظاهرة" من بضع أشخاص يهتفون ويغنون "ضد النظام السوري" !!، بحماية الشرطة النمساوية لسببين أولهما الالتزام بالترخيص وضبط أي شطط وتخريب محتمل، وثانيهما حماية المتظاهرين. عدت لتحليلاتي التي اعتقدت أنها ستكون في هدوء، لكن التظاهرات لاحقتني حتى في فيينا! وصوت زياد عاد يرن في أذني "ابنك حمار يا ثريا، ذكي الصبي بس حمار" ! و"الحمار "هنا شكيب ابن زياد في المسرحية الذي لا يستوعب الدروس ولكنه نجح في ضرب "الآنسة" حتى أدماها!، كم شكيب لدينا اليوم في شوارعنا ولماذا؟. كم مسؤولاً غربياً أصبح ضدنا لأنه لا يعرف ما يجري والإعلام السوري والدبلوماسية السورية غائبان عن المسرح الدولي الناطق بالانكليزية وبقية لغات العالم ؟! تذكرت عشرات الرحلات إلى أوروبا مع النائب الاقتصادي السابق عبد الله الدردري، زيارات حققت نتائج رائعة في التقارب السوري الأوروبي، فهِمونا أكثر من خلال رجل يتكلم بلغتهم ووفق عقليتهم، تم بناء جسور جيدة مع أوروبا، وكان هناك اتفاق على معظم الأمور باستثناء بندين كان الأوروبيون يطلبونهما "برفق": حقوق الإنسان والحريات السياسية "التعددية"، وكانت أجوبة الدردري دبلوماسية تهرّب فيها بذكاء من مواجهة المسؤولين والبرلمانين لسبب بسيط: أنه غير مخول بالملفات السياسية وليس لديه تعليمات من الخارجية بمنح أية وعود. ما يحصل في سورية اليوم من إصلاحات يفوق بكثير ما رجانا الأوروبيون بشأنه لسنوات، وكان يمكن لو خطونا أي خطوة صغيرة آنذاك أن تشكل درع حماية لنا اليوم في هذه الظروف، حقاً لا يفهم المرء كيف يكون رئيس الجمهورية مقتنعاً ومعلناً لسياسات تكفل الحريات والإصلاح السياسي، ومن ثم لا تقوم المؤسسات بدورها لتنفيذ سياسات الرئيس المعلنة منذ سنوات؟!. نرفض بوضوح منطق العقوبات والقرارات "التعسفية"، ونرفض المساس بشخصية رئيس منتخب شرعياً، ولكن لا بد أن نعترف أن الأوروبيين، كشعب والكثير من السياسيين ليسوا بهذا السوء ولا بهذه السلبية تجاهنا، ليسوا كلهم ساركوزي وكاميرون وميركل وأشتون، هناك أناس منصفون وواقعيون، وبدلاً من أن يلجأ وزير الخارجية إلى "الحل الأسهل" وهو "أن ننسى أوروبا من الخارطة" علينا أن نمد جسور التواصل مع الشعوب الأوروبية والبرلمانات والإعلام وكل القوى المؤثرة لنوضح لها حقيقة الأمور والدور السيئ الذي يلعبه بعض قادتهم ضد سورية والعرب والمسلمين وضد مصالح شعوبهم حتى، وبنفس الوقت ليس عيباً أن نعترف بالأخطاء في الماضي والحاضر، ونحاسب من ارتكبها – على الأقل بإبعاده عن موقع المسؤولية ـ لأنه ببساطة "لن يتراجع"!. لم أجد فضائية عربية في فنادق أوروبا نقلت الحوار الذي أجراه الرئيس الأسد مع التلفزيون السوري، فالفضائية السورية غير موجودة ويمكن ببساطة إقناع الإدارات بإضافتها، وحضرت اللقاء على CNN مترجماً للانكليزية، أي ببساطة تواجدنا إعلامياً لأنهم أرادوا ذلك وبطريقتهم وقطعوا اللقاء وقت أرادوا واستضافوا معلقين بوجهات نظر معادية، ونحن نظن أن دورنا فقط "إقناع" المواطن السوري المقيم في سورية!. إنها "حرب إعلامية ودبلوماسية" نصر على أن نخسرها وكأنه ليس لدينا من يمكنه أن يفعل أكثر مما يفعل القائمون على المؤسستين الدبلوماسية والإعلامية!؟. • حاشية اللحظة الأخيرة: بعد أن اختتمت كتابة مقالتي سمعت خبرين الأول أسماء قائمة العقوبات الأوروبية الجديدة التي طالت مجموعة من الشخصيات بينها مؤسسات اقتصادية ورجال أعمال – لا علاقة لهم بالسياسة – لزيادة الضغط على الاقتصاد السوري ورجالاته، وهو أمر متوقع .. أما الخبر الثاني فهو أن جهة ما في سورية – لم أعرف من هي - أصدرت قراراً بمنع سفر كبير صناعيي ومصدري سورية "أبو كامل شرباتي"!، لا أدري السبب، ولكن أعرف أن الرجل مواطن صالح، وهو أكبر صناعي ومصدر في سورية، وهو رئيس الاتحاد العربي للصناعات النسيجية ورئيس غرفة صناعة سابق ، والأهم أن لا علاقة له بأي نشاط سياسي لذلك "نفد" من العقوبات الأوروبية والأمريكية، ولكن "هيهات" نحن ننوب عنهم في "كربجة" آخر هرم اقتصادي!. الغريب أن مراسيم العفو التي صدرت أعفت حتى المجرمين، القرارات التي صدرت مؤخراً سمحت لغلاة المعارضة بالدخول والخروج من سورية دون سؤال، فهل "أبو كامل" لديه "ارتكابات" أكبر مما ذكرنا لتصدر بحقه مذكرة "منع مغادرة "؟!.
|
|