دأبت الحكومة والجهات المعنية بالاستثمار وجذب المستثمرين سيما السوريين المغتربين وغيرهم على توفير ما أمكنها من التسهيلات والإجراءات الكفيلة بتوفير مناخ استثماري جيد، وخاصة في المناطق الحرة على اعتبار أنها تتمتع بخصوصية من جهة المراسيم والقرارات الصادرة لتسهيل العمل الاستثماري، إلا أن جهات معنية بذاتها لجأت في الفترة الأخيرة لتضرب ما صدر من مراسيم أعطت الكثير من التسهيلات بعرض الحائط عبر ارتكاب الأخطاء في تنفيذ المرسوم /82/ الذي جاء ليخدم المنطقة الحرة من الناحية النظرية والعملية، ولكن تأخر إدارة المنطقة الحرة في عدرا بتطبيقه وما ارتكبته من أخطاء إدارية فادحة في طريقة التبليغ، وضع العديد من المستثمرين على محك خسارة ملايين الدولارات فضلاً عن استياء البعض الآخر ودفعهم إلى عرض استثماراتهم للبيع جراء تصرفات إدارية غير لائقة بحقهم كمستثمرين على حد قولهم، والسؤال لماذا قرر مستثمرون في المنطقة الحرة بعدرا بيع استثماراتهم، ولماذا اتهموا الجهات المعنية بوضعهم في مأزق خسارة مئات الآلاف من الدولارات..؟
هذا ما نص عليه المرسوم 82
أصدر السيد الرئيس بشار الأسد مؤخراً المرسوم التشريعي رقم /82/ والذي قضى في مادته الأولى أن يمنح أصحاب البضائع والسيارات والآليات المتروكة في حرم فروع المؤسسة العامة للمناطق الحرة لمدة أكثر من تسعة أشهر دون تسديد بدل الإيداع عنها مدة شهرين لتسوية أوضاعها تبدأ من اليوم التالي لصدور هذا المرسوم التشريعي، وفي مادته الثانية أن يمنح أصحاب البضائع والسيارات والآليات والتي مضى على إيداعها في حرم فروع المؤسسة العامة للمناطق الحرة مدة خمس سنوات سواء بقيت طيلة هذه المدة مودعة في منطقة حرة واحدة أو أكثر طالما ظل أصحابها ملتزمين بتسديد ما عليها من بدلات مدة شهرين لتسوية أوضاعها تبدأ من اليوم التالي لصدور هذا المرسوم التشريعي.
اعتبره تبليغاً شخصياً
وهنا لابد من التوضيح أن إدارة المنطقة الحرة في عدرا أخطأت في تفسير المرسوم، وأرادت بتفسيرها الخاطئ بالإضافة إلى أخطاء إدارية اعترف بها مدير المنطقة وصدرت عن موظفين في الإدارة أن تحمل عدد من المستثمرين مسؤولية أخطاءها وبالتالي تكبيدهم خسائر بلغت لأحد المستثمرين مبلغ 2 مليون دولار، في حال طبق المرسوم، فضلاً عن عدم تبليغ الأطراف المعنية بالمرسوم رسمياً بمضمونه، بل ادعت أن إدارة المنطقة قامت بالتبليغ عن طريق الصحف الرسمية، وهذا بحسب المستثمرين المتضررين لا يعتبر تبليغاً شخصياً لهم، في وقت كانت الإدارة تبلغ فيه أصحاب المقاسم ومستثمريها بدفع ما يترتب عليهم من رسوم الماء والكهرباء وغيرها من الخدمات شهرياً وبموجب إخطارات حملت صفة النهائية، وهنا المفارقة الكبرى، والسؤال الأهم لماذا لم تبلغ الإدارة المستثمرين المشمولين بالمرسوم شخصياً وبإخطارات مشابهة لإخطارات المياه والكهرباء...؟
خطأ وتقصير وسهو في التفسير
وخير دليل على أن إدارة المنطقة الحرة لم تطبق مضمون المرسوم كما جاء، هو أن المرسوم رقم /82/ صدر بتاريخ 14 تموز 2011، وحسب المرسوم فإنه شمل ما أسماه السيارات والبضائع المتروكة لمدة تزيد عن 9 أشهر وأعطى أصحاب تلك البضائع مهلة شهرين لتسوية أوضاعها، أي لدفع ما يترتب عليهم من بدلات إيداعها في حرم المنطقة الحرة، أما الخطأ الذي ارتكبته الإدارة والذي يدل على أن لا علم لها بالمرسوم الصادر، هو أنها أعطت وبعد ثلاثة أشهر من صدور المرسوم موافقتها المسطرة تحت رقم /7362/ تاريخ 17/10/2011 للمستثمر جورج عزت عبيد بنقل سياراته من الساحة العامة للمنطقة، حيث قام أثناءها بتسديد أربع دفعات كأجور وبدلات مستحقة عليه، وبلغت قيمة الدفعة الأولى مبلغ 20 ألف دولار فيما بلغت قيمة الدفعات الثلاث اللاحقة 4474 دولار، إلا أن المستثمر المذكور عندما طالب الإدارة بإشعار لتسديد ما تبقى عليه من بدلات الإيداع، رفضت الإدارة منحه بحجة أنه استنفذ المدة التي منحها المرسوم وهي الشهرين لتسوية أوضاع السيارات التابعة له، فكيف انتبهت الإدارة إلى صدور المرسوم بعد منحه الموافقة على تسديد ما يترتب عليه من بدلات إيداع بعد صدور المرسوم بحوالي ثلاثة أشهر، ورفضت بعدها منحه إشعار بتسديد ما تبقى، وهنا هل تعد السيارات التابعة للمستثمر عبيد متروكة كما فسرتها إدارة المنطقة حسب المرسوم..؟
لم يوضح المفهوم
يقول المستثمر جورج عزت عبيد: بالنسبة للمواد التي استندت الإدارة إليها بموجب المرسوم /82/ للعام 2011، لا تشمل آلياتنا وبضاعتنا، فهي أخطأت عندما وصفت الآليات أو وضعتها تحت بند "متروكة" دون أن تعرف ما هي صفة الآليات المتروكة، والتي تعني بعرف المنطقة الحرة، هي كل ما يشمل من آليات وبضائع تركها أصحابها فترة طويلة من الزمن دون أن يسددوا أي جزء من أجور وبدلات الإيداع، وهنا يحق للمؤسسة بموجب المرسوم أن تنقل الآليات إلى ملكيتها في حال تجاوزت خمس سنوات حسب المرسوم، أما بالنسبة للمادة الثانية، يقول عبيد: إبداعاتنا لم يمض عليها خمس سنوات حتى تاريخ صدور المرسوم، وبالنسبة للمادة الأولى فهي تخص البضائع والآليات المتروكة ونحن آلياتنا ليست متروكة سيما أنها ما زالت على قيود الساحة العامة قبل نقلها إلى قيود الأشغال الخاص ولم يتم ترقين قيدها فكيف بنظر الإدارة أصبحت متروكات..؟
مفارقة بحاجة لحل
ويتابع قائلاً: إننا نستغرب كيف لإدارة الفرع أن تقوم برفع الطلب المقدم من قبلنا للإدارة العامة المتضمن نقل الآليات من الساحة العامة وتقسيط البدلات ولم تعلم أن السيارات مشمولة بالمرسوم وهي المبلغة خطياً بالمرسوم وتطلب من المستثمر المقيم خارج البلد أن يكون على علم بأن آلياته مشمولة بالمرسوم وتأتي موافقة الإدارة العامة ويتم نقل الآليات إلى قيود الأشغال الخاص ثم تعود لتعلم المستثمر دون سابق إنذار أن آلياته قد آلت ملكيتها للمؤسسة، وهنا قد ارتكبت الإدارة خطأً فادحاً في تطبيقها للمرسوم، فكيف لإدارة المؤسسة أن تبلغ المستثمر شهرياً بالرسوم المستحقة عليه لقاء خدمات الماء والكهرباء، وترسل له الإشعارات الخطية شهرياً، ولا تقوم بتبليغه أو تبليغ وكيله في حال كان خارج البلد بصدور هكذا مرسوم..؟
تفسير خاطئ يكلف مستثمر خسارة 2 مليون دولار
وأمام هذا الفهم الخاطئ من قبل الإدارة في عدرا للمرسوم وتطبيقه، بل الانتباه إلى صدوره بعد عدة إجراءات سمحت بها الإدارة للمستثمرين بنقل سياراتهم وتقاضي بدلات إيداع كما ذكرنا سابقاً، فقد اعتبر عبيد أن عدم تبليغه من قبل إدارة الفرع بأي شيء بخصوص الآليات التي كانت مسجلة على قيود الساحة العامة، يعد مقصوداً من قبل الإدارة، وأصر على تحميلها الأضرار العائدة على منشأته والبالغة 2 مليون دولار في حال قامت المؤسسة ببيع ممتلكاته في المزاد العلني حسب تطبيقها الخاطئ للمرسوم، علماً أن الإدارة أصدرت قراراً بحق عبيد يمنعه عن ممارسة جميع أنشطته وبالتالي إيقاف أعماله لحين رضوخه للأخطاء التي ارتكبت من قبل الإدارة، ورأى عبيد أن الإدارة لم تقم بواجبها على أكمل وجه في تطبيق مكرمة السيد الرئيس، معترضاً على جميع القرارات المتخذة من قبل السيد مدير الفرع طالباً التدقيق والتعمق أكثر بالمرسوم الذي صدر لمعالجة أمور السيارات المتروكة والتي ليس لها قيد، والذي صدر أصلاً لصالح المستثمر ويتم تطبيقه واستخدامه من قبل الإدارة بطريقة تؤدي للضرر بالمستثمر وبما يعود بالضرر على المصلحة العامة.
الموافقة لا تلغي مرسوما مخبأ في الأدراج
وأمام ما تقدم به المستثمر عبيد من أدلة تثبت أن آلياته لا تعد من المتروكات التي أتى على ذكرها المرسوم، لم يكن من إدارة المنطقة الحرة بعدرا، وبعد أخذ ورد إلا أن اعتبرت القضية بمثابة استهداف لشخص المدير جمال الزعبي، وردت بشكل كشف الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة في تطبيق المرسوم، حيث اعتبر الزعبي أن مطالبة المستثمر عبيد وغيره من المستثمرين بحقوقهم المعرضة للبخس، هي بمثابة استهداف شخصي للمدير، ولكن الزعبي قد بين في رد على المستثمر الأخطاء التي ارتكبها فرعه في تطبيق المرسوم، حيث بين أن ما ذكرناه سابقاً عن أن الإدارة وافقت على تقسيط المبالغ المترتبة على المستثمر عبيد كبدلات إيداع بعد صدور المرسوم، وقيام المستثمر بدفع أربع دفعات كنا قد نوهنا عنها سابقاً، لا يمكن أن تلغي المرسوم، وهنا نسأل هل كان المرسوم مخبأً في أدراج مكاتب الإدارة ولا علم لها به عندما صدر وعندما أعطت المستثمر المذكور الموافقة على نقل سياراته ودفع ما يترتب عليه من إيداعات بعد صدور المرسوم بثلاثة أشهر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كيف يمكن للإدارة أن تفسر تحول آليات المستثمر إلى متروكة بانقضاء مدة الشهرين التي منحها المرسوم لتسوية أوضاع تلك الآليات، علماً أن المرسوم قال: تسوية أوضاع الآليات المتروكة أي التي مضى عليها خمس سنوات، لم يقل تصبح متروكة بانقضاء الشهرين كما فسرتها الإدارة..؟
ضاع المرسوم وبقيت الإدارة المحترمة
وللوقوف أكثر على خطأ الإدارة في تفسير المرسوم وآلية تطبيقه التي أضرت بالكثير من المستثمرين، هو ما تابعه مدير المنطقة الحرة الزعبي في رده على مطالبات المستثمر عبيد في حقه، عندما قال: أن موافقة مجلس إدارة المناطق الحرة وقصده على "تقسيط بدلات الإيداع" لا يمكن أن تلغي مرسوم، وهنا نقاطع السيد المدير ونقول: كيف للإدارة أن تمنح موافقة على التقسيط بعد صدور المرسوم..؟
ويتابع المدير في رده: حين تقدمتم بطلب التقسيط كانت السيارات والآليات قد آلت ملكيتها للمؤسسة، وإن أي موظف لم يدقق أن تم رفع طلب التقسيط دون "الانتباه" إلى أن هذه الآليات آلت ملكيتها للمؤسسة لا يعني أنه أصبح لكم الحق بموافقة مجلس الإدارة، وهنا نبين لكم أن هذه الآليات موضوع القضية، أصبحت متروكة، كونها تجاوزت التسعة أشهر ولم يتم تسديد ما يترتب عليها من بدلات وغدت متروكة حكماً في حال تم ترقين قيدها في ساحة الإيداع العام، أو لم يتم، كما انه لم يتم تسوية وضعها قبل انتهاء مهلة الشهرين الممنوحة بموجب المرسوم /82/ لعام 2011، وهنا قد يسأل سائل: ألم يكن لموظفي إدارة الزعبي أي علم بالمرسوم حتى يعترف بالأخطاء الإدارية التي وقعت من قبل موظفيه..؟ أوليس من المفروض حال صدور المرسوم وتعميمه أن يكون بمتناول أيدي الموظفين المعنيين..؟
رفض قراراتهم فاتهموه بالافتراء والتهديد
وفي رد المدير العام، أيضاً فقد اعتبر أن مطالبة المستثمر عبيد بحقه بمثابة تهديد، وهو ما فسره بمحكم رده التالي: إن تطبيق المرسوم هو للمصلحة العامة، ونحن جهة منفذة وان عدم تطبيقه هو ضرر للمصلحة العامة مع العلم أن مدير الفرع يحتفظ بحقه الكامل بمقاضاتكم بتهمة الافتراء وإلصاق تهم تنال من سمعته دون وجه حق ويتمنى عليكم الابتعاد عن التهديد وان يتم اللجوء إلى الجهات المسؤولة التي نتبع لها كفرع لتحتكموا إليها علماً أننا جميعاً تحت مظلة القانون، وهنا من يتأمل ما جاء في مطالبات المستثمر عبيد في كتبه إلى الإدارة والمطالبة بحقه، لا يقع تحت أي بند من بنود التهديد وإلصاق التهم بالمدير العام، إلا أنه وفي كتبه جميعها للإدارة بين أن رفض جميع القرارات الصادرة عن إدارة الفرع نتيجة لأخطاء ارتكبها الموظفون بحقه..!! وأمام ما تقدم من أخذ ورد، لم يكن من المستثمر عبيد إلا أن لجأ إلى القضاء المختص وتوجه بدعوة ضد فرع المؤسسة لتجنبه خسائر تبلغ 2 مليون دولار...
بعد 6 أشهر الإدارة تبلغ بالمرسوم
ولم يتوقف الأمر عند واحد من المستثمرين الذين لحقتهم أخطاء الإدارة المعنية في المنطقة الحرة بعدرا في تفسير المرسوم /82/ وتنفيذه، وكيف قام المدير العام بتبليغ أحدهم شخصياً دون الآخر بعد انقضاء فترة تزيد عن سبعة أشهر من صدور المرسوم، وبعد انقضاء صلاحية الفترة التي منحها كمدة لتسوية الأوضاع بالنسبة للآليات المتروكة، فأحد المستثمرين الآخرين ويدعى رفيق قريعة، يشرح ما أصابه من أخطاء الإدارة، ويقول: أنا أحد المستثمرين وأعمل في مجال بيع سيارات الإطفاء، حيث نبيع منها للدولة لأنها زبوننا الوحيد، ونتيجة الأوضاع التي تمر بها سورية، فقد أصاب الركود حركة البيع والشراء، لدرجة أننا لم نرى زبوناً واحداً منذ ثلاثة أشهر، وكان لدي خمس سيارات إطفاء في حرم المنطقة الحرة بعدرا، وفجأة وبعد صدور المرسوم /82/ الذي لم يبلغنا به أي جهة من الأطراف المعنية المنفذة إلا بعد انقضاء المهلة المحددة فيه، جاءني اتصال من مدير المنطقة الحرة بعدرا جمال الزعبي وقال: إذا أردتم سياراتكم، "تفضلوا" وادفعوا ما يترتب عليكم من مستحقات كبدلات إيداع لوقوفها في حرم المنطقة الحرة، مبلغاً إياه بصدور المرسوم /82/ الذي أعطى مهلة شهرين لتسوية أوضاع السيارات والآليات المتروكة في المنطقة..
خسارة 300 ألف دولار والدعوة القضائية بحق الإدارة
ويتابع قريعة قائلاً: أثناء اتصال المدير كنت في طريقي إلى المنطقة الحرة، ودخلنا إلى المدير وطلب من الموظفة أن تأتي ببيان يتضمن ما يترتب علينا من بدلات إيداع لسيارات الإطفاء، وكان ذلك بتاريخ يوم الأربعاء 18/2/2012 أي بعد صدور المرسوم بما يزيد عن سبعة أشهر، وقبل إعلان جلسة المزاد العلني على السيارات من قبل المؤسسة بعشرة أيام، وبالفعل يقول قريعة: لقد جاءت الموظفة ببيان يتضمن قيمة ما علينا من التزامات مالية وقدرها 5120 دولار، وأعطانا المدير العام مهلة حتى يوم الأحد 23/2/2012 لدفع تلك الالتزامات، وعندما قدمنا لدفعها في الوقت والتاريخ المحددين، فاجأنا المدير العام بأن المهلة الواردة في المرسوم قد انقضت، وأنه لا يحق لنا الدفع، وبالتالي فإن أملاكنا من سيارات الإطفاء قد آلت إلى المؤسسة، وعند سؤالنا عن الحل، فرد المدير العام قائلاً لا يوجد حل، فالمرسوم واضح ولم يستثن أحداً أو حالة بعينها، وهنا يقول قريعة: لم يكن أمامنا سوى اللجوء إلى القضاء المختص وتقدمنا بدعوى ضد فرع المنطقة الحرة بعدرا بعد عدة شكاوى لوزير الاقتصاد ومعاونه لم تأت بأية نتيجة، وأتينا بكتاب من المحكمة يقضي بإيقاف جلسة المزاد العلني التي أعلنت عنها المؤسسة بتاريخ 28/2/2012، فرفض رئيس اللجنة الكتاب، ولم يكن أمامنا وحتى لا نخسر أملاكنا إلا أن دخلنا في المزاد، وقمنا بشراء سياراتنا من جديد لتحل بنا خسائر بلغت 300 ألف دولار بالإضافة إلى رسوم لبلدية عدرا بلغت أيضاً 120 ألف ليرة سورية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تلاحقنا الآن إدارة المنطقة في عدرا لتصدير السيارات، ومنحونا مدة 60 يوماً فقط، علماً أنه لا وجود لتلك المدة في دفتر الشروط، ولا نعلم من أين أتت الإدارة بهذه المدة، لأنه في حال تجاوزنا المدة المحددة سنضطر إلى دفع ما قيمته 1 بالألف من قيمة كل سيارة.
برسم الإدارة.. لم يكن لديكم علم بالمرسوم
وهنا بدورنا بعد أن استمعنا إلى قصة مستثمر آخر وقع ضحية الإدارة أيضاً وإجراءاتها الرعناء، نسأل مدير المنطقة الحرة في عدرا، هل هناك من جهة منفذة تبلغ الجهات المتعاملة معها بمرسوم تضمن مهلة شهرين لتسوية أوضاع الآليات المتروكة بعد انقضاء ما يقارب سبعة أشهر على صدوره، أي بعد نفاذ المهلة المحددة بالمرسوم..؟؟ ونسأل أيضاً إذا كنتم قد ارتكبتم خطأً إدارياً مع المستثمر الأول "عبيد" فلماذا كررتم الخطأ مع مستثمر آخر، ولماذا قمتم بتبليغ المستثمر قريعة هاتفياً دون غيره من المستثمرين وبعد انقضاء فعالية المرسوم..؟؟ وهذا إن دل فإنه يدل على أن إدارة المنطقة الحرة في عدرا لم يكن لديها أدنى علم بالمرسوم الصادر، لتقوم بتبليغ مستثمر هاتفياً دون آخر..!!
الإدارة أخطأت بحق المستثمرين
ولم يتوقف الأمر عند حد الخطأ في تفسير وتنفيذ المرسوم /82/ وإجراءات الإدارة بتنفيذه والذي اعتبره المستثمرون ضرباً من ضروب تهرب الإدارة من مسؤولياتها اتجاه المستثمرين، وأيضاً التأكيد على أن كل ما يصدر من دعوات للاستثمار في سورية بتسهيلات غير موجودة في أماكن ودول أخرى، لا يتعدى حد الشعارات الطنانة والرنانة، خاصة وأننا في وقت بأمس الحاجة فيه إلى الحفاظ على المستثمرين وجذب آخرين، وليس الإيقاع بهم في فخ الأخطاء الإدارية والروتين والبيروقراطية المعهود بانتشارها في مفاصل العمل الحكومي السوري، وفي هذا الخصوص لم يتوقف رئيس لجنة المستثمرين في المنطقة الحرة بعدرا "جورج مراد"، عن وصف إجراءات الإدارة بالخاطئة اتجاه المرسوم وغيره من الإجراءات، عندما قال: إن المرسوم /82/ كان قد أصدر لمنفعة المستثمر وليس الضرر به، إلا أنه ومن الواضح فقد وجدت الكثير من الحالات التي ألحقت ضرراً بمستثمرين جراء الخطأ بتطبيقه من قبل إدارة المنطقة الحرة بعدرا، وقال أن الفقرة الأولى من المرسوم لم تكن واضحة من حيث تعريف الآليات المتروكة، ومن جهة أخرى فإن المادة الثانية نصت على أنه يسمح لجميع المستثمرين دفع ما يترتب عليهم من بدلات إيداع في حال لم تتجاوز مدة إيداع سياراتهم خمس سنوات، ومن خلال الحالات التي تضررت من تطبيق المرسوم نجد أنها لا تتطابق مع ما جاء في مواد المرسوم، فالآليات التي آلتها المؤسسة إلى ملكيتها لم تكن متروكة، بل كانت تتحرك وأصحابها موجودين في المنطقة الحرة أو وكلائهم، وإذا عدنا إلى سجلات إدارة المنطقة الحرة نرى أن من تضرروا من تطبيق المرسوم هم أصحاب الإيرادات الأعلى التي تحققها المنطقة من المستثمرين، فعلى أي أساس نريد أن نكبد هؤلاء خسائر فادحة تصل إلى ملايين الدولارات..؟
مئات الملايين دفعت والإدارة نفذت بـ40 مليون
الأمر لم يتوقف عند حد تطبيق المرسوم /82/، فهناك الكثير من المشكلات التي يعاني منها المستثمرون في المناطق الحرة، ويطالبون الإدارة بحلها، منها ما يتعلق بقرارات المنع التي تصدر بين الفينة والأخرى، ومنها ما يتعلق بمنطقة التوسع التي حملت المؤسسة تكاليف بناها التحتية للمستثمرين، وهنا يقول المستثمر سامر كحلا: حتى الآن لم تسن قوانين جادة تراعي مصالح البلد الاستثمارية، وكثيرة هي العراقيل التي توضع أمام القرارات والمراسيم التي يصدرها السيد الرئيس بشار الأسد والتي أعطى من خلالها الكثير من التسهيلات للمستثمرين، فعلى سبيل المثال: بالنسبة لمنطقة التوسع، قامت المؤسسة العامة للمناطق الحرة بإنشاء منطقة توسع في المنطقة الحرة بعدرا، إلا أن ما حصل هو أن المستثمرين هم من دفعوا قيمة البنى التحتية لتلك المنطقة، حيث وصلت قيمة تلك المبالغ إلى حد تراوح بين 700-800 مليون ليرة سورية، فضلاً عن خسارة التجار والمستثمرين في المنطقة آلاف الدولارات كرسوم للإيجارات المتراكمة عليهم منذ ثلاث سنوات، وحتى الآن لم نرى أية بنى تحتية، فلا يوجد مياه ولا كهرباء ولا حتى خطوط هاتفية، وإن كل ما قامت به المؤسسة هو عبارة عن أعمال صغيرة في منطقة التوسع لا تتعدى قيمتها 40 مليون ليرة سورية، فأين بقية المبالغ التي دفعها المستثمرون..؟
عراقيل الإدارة لا علاقة للظروف
وعن المعارض التي عرضها أصحابها للبيع، يؤكد كحلا أن الظروف التي تمر بها سورية ليس لها علاقة بنية بعض المستثمرين مغادرة المنطقة الحرة، بل نتيجة العراقيل الناتجة عن إدارة الاستثمار وإدارة المنطقة الحرة بعدرا، فهم يحاربون المستثمر وكأنه عدو وكذلك التاجر، نافياً تطبيق أي نوع من أنواع التسهيلات التي أقرها السيد الرئيس في الكثير من المراسيم التي أصدرها، مؤكداً أن عدداً كبيراً من المستثمرين الذين تضرروا من عدم وجود البنى التحتية سيتقدمون بدعوى قضائية ضد المؤسسة لعدم التصرف بالأموال التي دفعها هؤلاء المستثمرين في منطقة التوسع.
أين البنى التحتية وأين ذهبت أموال المستثمرين..؟
وهنا يؤكد جورج مراد رئيس لجنة المستثمرين في المنطقة ما عرج على ذكره المستثمر سامر كحلا قائلاً: إن منطقة التوسع التي تم إنشاؤها في المنطقة الحرة بعدرا بحاجة إلى إعادة تأهيل حيث أنها بدون كهرباء ولا ماء ولا حتى خطوط هاتفية، وعندما نطالب إدارة المنطقة بإعادة تأهيلها، ترد علينا بأن لا إمكانية للصرف حالياً على اعتبار أن هناك محكمة وقضاء بين المؤسسة والمقاول السابق لمنطقة التوسع، إلا أنه وحسب قول مراد إن المتضرر النهائي من العملية برمتها المستثمر، لأن العقد المتفق عليه بين المستثمرين والمؤسسة مدته 20 عاماً وحتى الآن مضى ثلاثة سنوات والمستمرون يدفعون الآجر المستحق عليهم سنوياً دون أية عوائد ترجى من منطقة التوسع لصالح المستثمرين.
40% من المستثمرين يهددون بالرحيل
ويضيف مراد: نحن بالنتيجة كلنا أبناء الوطن ونريد صلاحه ولكن ما يحدث أن المسؤولين والقائمين على أعمال المناطق الحرة لا يعملون لصالح البلد، وإن المسيطر على الحالة العامة هو المصلحة الخاصة وليس العامة، بدليل أن 40% من المعارض الموجودة في المنطقة الحرة بعدرا عرضها أصحابها للبيع، نتيجة جملة الإجراءات المعرقلة من قبل إدارة المؤسسة وإدارات المناطق ذاتها، كذلك الحالة التي يشهدها البلد في ظل هذه الظروف، واصفاً التسهيلات التي كثيراً ما أعلن عنها المسؤولون في سورية مجرد شعارات فارغة، الأمر الذي سينعكس سلباً على الناحية الاستثمارية في سورية، إذ أن العديد من المستثمرين الموجودين الآن في المنطقة الحرة بعدرا يعتزمون بيع استثماراتهم والاستثمار في مناطق أخرى تقدم تسهيلات جدية كمنطقة الزرقاء في الأردن.
مدير إدارة عدرا.. هل تعفيكم أخطاؤكم
وعندما توجهت "بورصات وأسواق" إلى مدير عام المنطقة الحرة بعدرا جمال الزعبي للوقوف على حقيقة ما جاء على لسان المستثمرين، نفى أية عراقيل تضعها إدارة المنطقة أمام حركة الاستثمار والمستثمرين في المنطقة، مؤكداً أن التسهيلات موجودة، حتى أن التسهيلات المقدمة من قبل المنطقة للمستثمرين غير موجودة بأية منطقة حرة أخرى سواء في الداخل أو الخارج، أما بخصوص تطبيق المرسوم /82/ فقد أشار الزعبي إلى أن الإدارة هي جهة منفذة للمراسيم الصادرة، ولا يحق لها استثناء أحد من التطبيق، معترفاً بالأخطاء الإدارية التي ارتكبها موظفو الإدارة بحق المستثمرين اللذين عرجنا على قصصهم في بداية التحقيق، إلا أنه رفض رفضاً قاطعاً أن يقوم بتصحيح أي خطأ إداري على حساب تنفيذ أي مرسوم، منوهاً إلى أن القضايا التي رفعت بحق إدارة المنطقة تعالج حالياً في الرقابة والتفتيش، ولكنه لم ينكر أنه اقترح على المستثمرين المتضررين من تطبيق المرسوم أن يقوموا برفع طلب إلى الجهات المعنية في محاولة للحصول على مشروع مرسوم بتعديل ما جاء بالمرسوم /82/، أما من حيث أن الإدارة لم تبلغ المستثمرين بمضمون المرسوم كما تبلغهم بإخطارات الماء والكهرباء شهرياً، فقد اكتفى الزعبي بتأكيده أن نشر المرسوم في الصحف الرسمية وفي التلفزيون هو بمثابة تبليغ لكل مستثمر... وهنا نسأل المدير العام للمنطقة بعدرا: هناك مستثمر تم تبليغه هاتفياً ولكن بعد فترة من انتهاء صلاحية المدة المحددة بالمرسوم تجاوزت 6 أشهر، وهناك مستثمر لم يتم تبليغه..لماذا..؟ وهل يعقل أن ترتكب أخطاء إدارية من قبل بعض الموظفين وهم على دراية بمضمون المرسوم حال صدوره.. وهنا يجب أن يعذرنا المدير العام، فنحن دائماً نؤكد على أن الاستثمار في سورية حظي بعناية السيد الرئيس، وكم من مكرمة قدمها ساهمت بجذب المستثمرين، ولكن هل هذا يعني أن نتوانى عن أخطاء نعتبرها بسيطة ولكن تأثيرها سيدفع بمستثمرين إلى الرحيل وخسارة البلد اقتصادياً..؟
دعوة برسم المسؤولين
وعلى الرغم من أن الجهات المعنية والتي صاغت المرسوم رقم /82/ كان لها شرف لقاء المستثمرين المتضررين، بدءً من رئيس لجنة المستثمرين في المؤسسة العامة للمناطق الحرة وانتهاءً بوزير الاقتصاد والتجارة، دون أية جدوى تذكر لمساعدتهم والحفاظ عليهم كداعم اقتصادي حقيقي لسورية، نذكرهم فقط: أن السيد الرئيس قد تكرم بالعديد من مراسيم العفو عن مجرمين حملوا السلاح في وجه الدولة وقاموا باستباحة الدماء... فهل أنتم عاجزون عن إثبات ولو لمرة واحدة صدق ما تنادون به من شعارات تنصب في صالح البلد..؟ ألا يستحق هذا المستثمر أو ذاك ممن قدموا لهذا البلد أن ننظر إليه بعين وطنية متجردة عن أي شعار رنان..؟ فالأمر لا يستحق منكم ذلك العناء في صياغة مشروع مرسوم يعدل فيه المدة المحددة في المرسوم /82/ الخاصة بتسوية أوضاع الآليات والسيارات المتروكة.. ونحن واثقون أن السيد الرئيس لن يقف في وجهكم لطالما تسعون نحو تحقيق أكبر قدر من المصلحة العامة..