السبت 2013-04-13 01:27:16 |
رئيس التحرير |
شهادة 22 عاماً في أروقة "الاستثمار" |
أيمن قحف دعاني الصديق الوزير جمال شاهين –وزير الدولة لشؤون الاستثمار وتنمية المنطقة الجنوبية لمرافقته في زيارة عمل لمقر هيئة الاستثمار السورية،و لا أدري لماذا كانت الزيارة محطة لذكريات 22 عاماً من مرافقتي لملف الاستثمار؟ يعرف الوزير شاهين وحكومته جيداً أن الزمن ليس زمن الاستثمار،فقد تحولت سورية إلى ساحة حرب عالمية لا يتوافق وضعها حتى مع رأس المال "الشجاع"فكيف بالجبان؟! من المهم أنهم يفكرون –في الوقت الضائع-بالمستقبل،فالوزير شاهين متأكد أن الاستثمار في سورية على موعد قريب مع إقلاعة قوية تبني سورية من جديد،وهذا يتطلب بنية تشريعية ومؤسساتية تواكب المستقبل المتوقع. وقبل أن أترك لذكرياتي العنان مع الاستثمار ما زلت لا أفهم معادلات قطاع الاستثمار السوري:هناك وزير لشؤون الاستثمار وهناك هيئة للاستثمار يديرها مدير عام بصلاحيات واسعة و يرأس مجلس إدارتها وزير آخر لا علاقة له بملف الاستثمار مباشرة والهيئة مرتبطة فنياً ومنطقياً بالنائب الاقتصادي،وفوق الجميع مجلس أعلى للاستثمار برئاسة رئيس مجلس الوزراء!! ليس هذا فحسب بل أن الاستثمار موجود خارج الهيئة في عدة وزارات منها الاستثمار العقاري والسياحة والمالية و الكهرباء والنفط و التربية والتعليم العالي ..هناك ممثلون لعدة جهات معنية في النافذة الواحدة لكن لا وجود لممثلي التربية والتعليم العالي رغم أن الاستثمارات في التعليم الخاص كبيرة جداً؟!! أليس من الضروري-وفي إطار إعادة الهيكلة-توحيد المرجعية الاستثمارية بل و إحداث وزارة خاصة بالاستثمار يضم إليها موضوع التشاركية واستثمارات القطاع العام وحتى "الخصخصة"؟! أليس من المنطق اعتبار وزير شؤون الاستثمار "النافذة الوحيدة"لمعالجة مشكلات المستثمرين مع بقية الجهات وبغطاء ودعم من رئيس مجلس الوزراء لتجاوز البيروقراطية و ابتزاز الموظفين الصغار؟! لقد عاصرت الاستثمار من لحظة ولادة قانون الاستثمار رقم عشرة لعام 1991... حضرت عشرات جلسات المجلس الأعلى للاستثمار منذ أيام الزعبي مروراً بميرو والعطري حتى أغلق الباب بوجه الإعلام..وسمحت لنفسي ذات يوم –ربما في 2004-أن أتحدث في المجلس بصفتي"أقدم الحضور"في المجلس بعد تغير جميع الوزراء والمعاونين والمديرين الذين كانوا في المجلس منذ بداياته!! كنت قريباً من زهير التغلبي ومحمد سراقبي والدكتور مصطفى الكفري وأحمد عبد العزيز وأحمد دياب في مكتب ومن ثم هيئة الاستثمار وما زلت على صلة بالهيئة .. لن أحاكم مسيرة 22 سنة من العمل،هناك انجازات واستثمارات أصبحت واقعاً،وهناك فرص أكبر ضاعت نتيجة عقلية البعض سواء في المفاصل العليا أو بين الموظفين البيروقراطيين... نتيجة ذلك خسرنا استثمارات ومستثمرين وفرص عمل أكبر بكثير مما هو قائم،وخسرنا فرص تنمية لمناطق نامية"أصبحت اليوم مصدر توتر أمني .. الخلاصة التي توصلت إليها بعد 22 عاماً من معرفتي الوثيقة بالأشخاص و المؤسسات والمناخ الاستثماري :نحن في بلد تنتصر فيه العقلية المترددة والجبانة على العقلية الشجاعة والمبادرة. نحن في بلد نكره الناجحين فنحاول إفشالهم بدلاً من مساعدة الفاشل على النجاح وعيننا دائما للخلف وليس للأمام!! نحن في بلد نسأل دائماً:كيف فعل "ابن الكلب"ما فعله وأصبح صاحب مال ومشاريع فنعمل على ابتزازه وتدميره بدلاً من محاولة الاقتداء بنجاحه؟! نحن بلد نشك حتى الموت ببعضنا،ونجد من الأفضل أن نغرق الآخر كيلا يتقدم علينا من أن نتقدم نحن أيضاً؟! يبني رجل أعمال منشأة ويشغل عمالاً،لا ننظر للحالة الايجابية التي يمثلها:ابن حرام يريد أن يجني الأرباح !!!!!!!!!!!!! هل تريدونه أن يستثمر ليخسر كي ترضوا؟! ليس عجيباً أن أجد في رقعة لا تتجاوز مساحة حي من أحياء المزة في دبي(المارينا)مئات ناطحات السحاب بنيت في بضع سنوات ولا أجد في كل سورية مبنى واحداً مرتفعاً!! لدينا مبنى "الكسم"في كيوان بعشرين طابقاً وما زالت المحاسبة والمحاكم تبحث في أمره بعد ثلاثين عاماً وأكثر من بنائه!!! لماذا؟لأن هناك قلة يستطيعون بناء الأبراج ...وهناك آلاف لن يسمحوا لهم بذلك من باب الغيرة والحسد و مبدأ:لماذا لست أنا؟! الخلاصة أننا"محترفون"في إفشال وإجهاض المبادرات وقتل الأمل وتدمير المستقبل لتفاهة تفكيرنا وغيرتنا وأنانيتنا وبالتأكيد فسادنا!! لن يكون لدينا استثمار أو "بزنس"مالم نعيد صياغة فكرنا وسلوكنا باتجاه فتح البلد للاستثمارات الوطنية والخارجية بدون قيود وتعقيدات وحسد!! أن نثق بالمسؤول الذي يساعد المستثمر ولا نتهمه بالفساد ،وأن نثق بالمستثمر ولا نتهمه بأنه"مصاص دماء"!! على الحكومة وموظفيها أن يفهموا أن دورهم هو "إدارة موارد البلد"وليس "التصرف وكأنهم يملكون البلد"؟!!! إن إدارة البلد اليوم تتطلب "عقلية التاجر"،ولمن يتهمون "اقتصاد السوق"أكرر:لو فتحتم المجال لتطبيقه و تحملنا آلام المرحلة الانتقالية لكنا الآن ندشن زمناً سورياً جديداً يليق بنا..
|
|