لم يكن إعلان الروس عدم تدخلهم للقتال إلى جانب أي من الأطراف في حال تم اتخاذ قرار بتوجيه ضربات عسكرية على بعض الأهداف السورية إلا من باب الواقعية منطلقاً من مبادئ الأخلاق السياسية التي تتمتع بها الدول التي تحترم دورها وموقعها في السياسة الدولية، وإن من يدعي الأخلاق واحترام القانون الدولي يجب أن يستمع للروس.
فالبعض لا تعنيه سوى المانشيتات العريضة والعناوين السريعة، ومن يقرأ ما تحدث به لافروف يعي أهمية الموقع الهام والدور الكبير الذي تلعبه روسيا في حل الأزمة السورية من مبدأ القانون الدولي والأخلاق السياسية الرفيعة، ورغم الفهم القاصر للبعض على ما جاء في حديث الخارجية الروسية وإعلانه عدم التدخل العسكري في حال تم استهداف سورية بضربات مباشرة من قبل الولايات المتحدة، فهذا لا يعني إن روسيا تخلت عن مبادئها في التعاطي مع الأزمة السورية، ولكن من قال إن سورية تحتاج للتدخل العسكري الروسي للدفاع عنها، مع التأكيد على أن قولهم أنهم لن يدخلوا الحرب لا يعني أنهم لن يتدخلوا لمنعها، وبكل حال فسورية وأصدقاؤها قادرون على الرد على أي عدوان.
يقول لافروف: إن روسيا لن تدخل في حرب ضد أحد في حال التدخل العسكري في سورية. وأعرب عن معارضة روسيا لأي تدخل بدون قرار من مجلس الأمن الدولي، مشيرا الى أن الدول الغربية لم تقدم أي أدلة بشأن استخدام السلاح الكيميائي في سورية. وحذر وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحفي له حول الوضع في سورية يوم الاثنين 26 أغسطس/آب من خطورة التدخل العسكري في سورية من دون قرار مجلس الأمن الدولي. وقال: "تلقيت بقلق بالغ التصريحات التي تطلق من باريس ولندن حول أن الناتو قد يتدخل لتدمير الاسلحة الكيميائية بسورية حتى من دون قرار من مجلس الأمن الدولي". وتابع قائلا: "هذا طريق خطير للغاية، وإن شركاءنا الغربيين قد ساروا فيه مرات عديدة (في السابق)". وأعرب عن أمله بأن "يتغلب العقل السليم. ويجب أن نفكر معا ليس في حل قضايا هذا البلد أو ذاك بدلا من أن يحلها بنفسه، وليس في دعم مجموعة معينة من الدول ضد مجموعة أخرى، بل في كيفية تهيئة الظروف لتحقيق المصالحة" ومراعاة حقوق الناس. وردا على سؤال حول رد الفعل الروسي على التدخل العسكري الغربي المحتمل في سورية، قال لافروف: "نحن لن ندخل في حرب ضد أحد". وأشار لافروف الى أن "أعراف القانون الدولي تفقد أهميتها بالنسبة الى شركائنا الغربيين"، مؤكدا أن ذلك يعتبر "أمرا سيئا". ودعا الزملاء الغربيين الى "عدم الحنين الى الماضي الاستعماري". وحذر من خطر إهمال مبادئ القانون الدولي واستغلال موضوع حقوق الانسان. لافروف: الدول الغربية لم تقدم أدلة بشأن استخدام السلاح الكيميائي وأعلن وزير الخارجية الروسي أن الدول الغربية لم تقدم أي أدلة بشأن استخدام السلاح الكيميائي في سورية، لكنها تواصل اطلاق التصريحات حول تخطي كافة الخطوط الحمراء . وأضاف لافروف أن الدول الغربية تأخذ لنفسها دور مجلس الأمن الدولي دون أن تنتظر نتائج التحقيق الأممي بشأن المعلومات عن استخدام السلاح الكيميائي. وقال ان الخبراء سيجرون تحقيقا موضوعيا وسيقدمون نتائجه الى مجلس الأمن الدولي الذي سيحدد بناء على الوقائع مَن استخدم السلاح الكيميائي. ولفت الوزير الى أن التصريحات الغربية حول سورية تتعارض مع بيان قمة مجموعة الثمانية الاخيرة الذي جاء فيه أن أي أنباء عن استخدام السلاح الكيميائي يجب التحقيق فيها. وشدد لافروف على ضرورة انتظار نتائج التحقيق الموضوعي لفريق خبراء الامم المتحدة. وأشار الى أن الصور ولقطات الفيديو من مكان الهجوم المزعوم بالسلاح الكيميائي تثير العديد من الاسئلة. واشار كذلك الى أن القذيفة التي أطلقت بريف دمشق تشبه القذيفة التي فجرت بريف حلب في مارس/آذار الماضي. وقال "ليس بوسعي التأكيد على أي شيء، ولكن ليس من مصلحة الحكومة السورية، لا سياسيا ولا عسكريا، اللجوء الى استخدام السلاح الكيميائي في الوقت الذي يعمل فيه في أراضي البلاد الخبراء، والذي كانت فيه المبادرة العسكرية بيد الحكومة". واعتبر وزير الخارجية الروسي إطلاق النار على خبراء الامم المتحدة من قبل المسلحين "محاولة آخرى لاحباط التسوية السلمية في سورية". ومع ذلك قال أن ليس لديه أي شك في أن الدول الغربية ستعلن أن "اطلاق النار جاء من الطرف الآخر"، أي من جانب القوات الحكومية السورية. وقال لافروف أن مثالا آخر على محاولات إحباط عملية السلام كان استقالة أحمد معاذ الخطيب عن منصب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي كان يدعو الى حوار مع دمشق. وأوضح: "تم إبعاده وتعيين مسؤولين جدد للائتلاف لم يعربوا عن مثل هذه المواقف المرنة". لافروف: المعارضة السورية لا تريد المفاوضات وأشار وزير الخارجية الروسي الى أنه من الواضح أن المعارضة السورية لا تريد المفاوضات، ولا توافق إلا على "استسلام النظام". وأضاف إن "مثل هذه المواقف ستتعزز بنتيجة الحملة الاعلامية القوية التي قد أطلقت دعما لحل الأزمة السورية عسكريا". وقال لافروف إن "سير الأحداث يؤكد بشكل عام أنه كلما ظهرت فرصة لإطلاق عملية سياسية، بدأت هناك محاولات لتغيير النظام بالقوة وإحباط هذه الفرص". وقال لافروف إن موجة الهستيريا حول استخدام السلاح الكيميائي في سورية، والتي أثيرت في الفترة الاخيرة، تهدف الى احباط مؤتمر "جنيف-2" الدولي حول تسوية الازمة السورية. لافروف: التدخل الخارجي لن ينهي الحرب الاهلية في سورية ووصف لافروف ما يحدث في سورية بأنه "حرب أهلية حقيقية، حيث تقاتل الحكومة ما يسمى بـ "الجيش السوري الحر" وعددا كبيرا من الارهابيين من "جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية في العراق والشام" وغيرهما من المجموعات الارهابية. وبين حين وآخر يشتبك "الجيش الحر" مع كتائب الارهابيين". وتابع الوزير قائلا: "إذا كان أحد يعتقد بأن كل شيء سينتهي بعد قصف البنية التحتية من أجل انتصار معارضي النظام، فإن ذلك وهم. وحتى في حال مثل هذا الانتصار، ستستمر الحرب الاهلية، وسيكون من مثلوا الحكومة معارضة (جديدة)". لافروف: من الصعب فهم الدوافع الحقيقية التي يستند اليها زملاؤنا الغربيون وقال لافروف: "من الصعب فهم الدوافع الحقيقية التي يستند اليها زملاؤنا الغربيون الذين بعد تدخلهم المدمر في العراق وليبيا، ودون أن يحلوا أي مشاكل أخرى ظهرت اثناء "الربيع العربي" فيما يتعلق بمساعدة الدول على تحقيق الاستقرار والسلام بين الطوائف، يبدأون ، دون حل اي من هذه المشاكل ، بإطلاق تصريحات على أعلى المستويات تثير استغرابا، لأنه من غير الواضح ما هو النهج الذي تقترحه هذه التصريحات". وذكر الوزير أنه وجه الى نظيره الأمريكي جون كيري في المكالمة الهاتفية سؤالا: كيف تنوون أن تحلوا قضايا المنطقة من خلال عملكم المعلن عنه تقريبا، ولو انه غير مرخص به بعد ضد سورية، دون أن يؤدي هذا العمل الى مزيد من المشاكل وكارثة حقيقية؟ وما هي خطتكم؟". وأضاف لافروف أن كيري لم يرد على هذا السؤال بشكل واضح، ودعا فقط روسيا والصين الى الانضمام الى الجهود الرامية الى منع استخدام السلاح الكيميائي ووقوعه في ايدي من لا يجب أن يحصلوا عليه. ونوه وزير الخارجية بأن "هناك حاجة لسياسة شاملة ومنطقية. ولا يمكن محاربة نظام معين بسبب أن الدكتاتور الذي يرأسه لا يعجبكم، وعدم محاربة نظام آخر لأن زعيمه المستبد يعجبكم". وأضاف أنه "يجب الابتعاد عن أي انحياز، وتحديد الاخطار الرئيسية التي تواجهها المنطقة"، مشيرا الى أن هذه الأخطار هي الارهاب والتطرف وكل ما يتعلق بذلك. وحذر من ضخ السلاح الى المنطقة وتسليح التشكيلات المسلحة غير الشرعية، مؤكدا على أن "جر اللاعبين الخارجيين الى أي نزاع بالشرق الأوسط وشمال افريقيا يؤدي الى تأجيج التناقضات داخل العالم الاسلامي". وأشار وزير الخارجية الروسي الى أن نظيره الأمريكي جون كيري أكد له في المكالمة الهاتفية الأخيرة تمسك الولايات المتحدة بعقد مؤتمر "جنيف-2"، وتعهد ببذل الجهود لحث المعارضة السورية على المشاركة في المؤتمر. وقال لافروف إن كيري وعده بدراسة الحجج الروسية مرة أخرى، وإعادة الاتصال به لمواصلة المناقشة. لافروف يدعو الى عدم تكرار أخطاء الماضي وردا على سؤال هل ستوجه ضربة عسكرية الى سورية في وقت قريب حسب رأيه، قال لافروف أنه تجري الآن "عملية ترويع"، مماثلة لتلك التي كانت قبل الحرب في العراق قبل 10 سنوات، مشيرا الى أن تطور الوضع لاحقا لا يمكن التنبؤ به. وأكد لافروف أنه "لم يؤد أي تدخل خارجي باستخدام القوة الى احلال السلام وتحسين حياة الناس"، مشيرا الى نتائج ما جرى في العراق وليبيا. ودعا الى "عدم تكرار أخطاء الماضي". وشدد على أن كافة جهود المجتمع الدولي بشأن سورية يجب أن "ترمي الى طرد الارهابيين من البلاد، وليس الى تصعيد المجابهة وزيادة المجموعات الضاربة من القوات في المنطقة". واردف قائلا: "يجب أن نبعث باشارات منسقة الى الحكومة والمعارضة بشأن عدم وجود بديل لتسوية النزاع سياسيا عبر الحوار المباشر".