كتب رئيس التحرير
أمام حائط مليء بالشظايا وحفرة عملاقة تسببت بها عبوة ناسفة تتبدى ملامح عودة الحياة و"إعادة الإعمار"في مدينة حوش بلاس -مزرعة فضلون الصناعية، شباب يرممون المبنى في منشأة الصناعي محمد العجلاني للصناعات النسيجية، وفي القاعة المجاورة تدور الآلات لتصنع النسيج وفي مكان آخر عاملات وعمال ينجزون اللمسات الأخيرة على انتاجهم من سراويل الجينز!!
في القاعة وجوه كثيرة لكن التماعة الفرح تجدها في عيني صناعي آخر وكبير مصدري الصناعة النسيجية الحاج محمد السواح الذي أصبح منذ أشهر قليلة رئيساً لاتحاد المصدرين السوريين والذي يعرف الجميع أنه يقود مبادرة إعادة الحياة لهذه المدينة ..
هنا آلات بدأت بالدوران بجرأة صاحب المنشأة وعماله، وفي الخارج ورشة كبيرة تزيل الركام وتنظف الشوارع و تفتح الطريق للصناعيين كي يعودوا..
يسألني السواح عن رأيي تحت هذه الشمس الرمضانية المحرقة، أجيبه: إنها ولادة جديدة، أنتم تعيدون حياة كاملة، وليس مجرد منشآت صناعية، وها أنت تطبق مفهومك لحل مشكلات هذا البلد التي تحتاج إلى"حناين"...
يسألني السواح:لوكانت هذه المدينة ملك رجل واحد ماذا كان ليفعل في اليوم التالي لتحريرها من المسلحين؟
ويجيبني هو:كان أتى من اليوم التالي ليعيدها للحياة لأن كل ساعة من التعطل ثمنها الكثير من المال والانتاج وفرص العمل!
لم يترك صديقي فلاح أسعد دهشتي تمر دون توثيق فسألني عن انطباعاتي فقلت له:منذ بداياتي أعتبر الصناعة عصب الاقتصاد والانتاج..هنا تعود الحياة لاقتصادنا من هذه البوابة،فعشرات المنشآت وآلاف فرص العمل ومئات الملايين من الدولارات للانتاج والتصدير تستحق هذا التفاؤل..
في كل مكان ألمح اياد محمد ومازن حمور ونزار سعد الدين أعضاء مجلس الإدارة يشرحون للإعلاميين ماذا يحصل..
من يعرف أجواء السبينة والقدم خلال السنتين الماضيتين يمكنه أن يقرر سلفاً أن المدينة الصناعية في حوش بلاس ومزرعة فضلون قد انتقلت إلى رحمة الله!!
هناك كانت ساحة معارك قاسية جداً،واتخذ الإرهابيون من المنطقة ترسانات ومقرات بل ومصانع للعبوات الناسفة وأدوات القتل..
خلال أشهر تحولت المدينة من مركز اقتصادي انتاجي يضج بالحياة لتصبح مدينة أشباح ..
بعد معارك وتضحيات وشهداء كثر تمكن أسود الجيش العربي السوري من تحرير المنطقة وإعلانها "منطقة آمنة"..
مضت الأيام ولا يعرف المستثمرون ماذا حل بمنشآتهم،وأي أمل ينتظرهم؟
ليس هناك جهة محددة تتبناهم أو تفتح لهم بوابات الأمل،هم في أزمة لا أحد يفكر بهم،ولكن عندما تكون الأمور مزدهرة فإن مرجعياتهم تصبح معظم وزارات الحكومة والغرف و ربما الفرقة الحزبية في السبينة!
اتحاد المصدرين-كالعادة هذه الأيام-أمسك زمام المبادرة وأعلنها مبادرة لإعادة الحياة للمنطقة من بوابة"الصناعات التصديرية"..
لم يحتج الأمر لخطط خمسية أو اجتماعات ماراثونية،بل احتاج لركوب السيارات والتوجه للميدان من قبل السيد محمد السواح رئيس اتحاد المصدرين وفريقه الرائع برفقة رجال دولة يدركون أهمية عودة الآلات للدوران فكان الدعم الكبير من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وبالذات من الوزير الدكتور خضر الاورفلي ومن محافظ ريف دمشق المهندس حسين مخلوف الذي وضع كل الامكانات لعودة الحياة للمدينة الصناعية هنا..
اليوم...كنت هناك ورأيت بعيني وقلبي أيضاً ملامح هذه الانطلاقة الواعدة..