سيريانديز- مكتب اللاذقية- ياسر جعفر حيدر
يعدُّ محصول الحمضيات بنيانٌ أساسيٌ في دخلِ مُجمَلِ مواطني الساحلِ السوري،لما له من أهميةٍ اقتصاديةٍ واخرى استراتيجية كحدٍ سواء،كما يُعدُّ ركيزةً رئيسيةً يُعتمَدُ عليها في ادخارِ الأموالِ لتلبيةِ قوتِ العيشِ وسدِّ مُتطلباتِ الحياةِ على أبسطِ تقدير. يَكادُ لا يخلو تفصيلٌ في حياتِنا لم يتأثر بارتفاعِ أسعارِ الدولار،ابتداءً بالمنتوجاتِ المُستوردة من سياراتٍ وأدواتٍ كهربائيةٍ وأدويةٍ وغيرِها أيضاً،وانتهاءً بأبسطِ ما يُمكن تخيلهُ من صناعاتٍ محليةٍ تعتمدُ على نتاجِ الحقلِ كمادةٍ أوليةٍ لها.
هذا ووصلت أَسعارُ بعض الموادِ والسلعِ الغذائية الى حدٍ مخيفٍ لم يسبق وإن شَهِدت أسواقُنا الإستهلاكية مثيلاً له من قبل،فَأصبحَ شراءُ معظمِ أصنافِ الفواكهِ وأنواعِ الخضارِ المحلية حُلماً يُراودُ الفقير قبل أن تكونَ صدمةً يقفُ المواطنُ السوريُّ أمامها متفاجأً،حتى وإن كان من ذوي الدخلٍ الميسور. وإن رضخنا للأمرِ الواقع، واستكنا مُجبرينَ لمشيئةِ الدولار في مُجتمع تحكّمت به رؤوسُ الأموالِ والهيمنةِ الاقتصادية،ليتراودَ الى ذهنِ مزارعِ الحمضيات قبلَ غيرهِ مسألةَ عدمِ تأثُّرِ هذه المادة بارتفاعِ أسعارِ الإلهِ الأخضرِ المُسيطر دون رفيقاتها من االأنواعِ الأُخرى.
فأفضلُ أنواعِ الحمضيات وأَكثرها جودةً وأقلها نوعيةً،خَجلت دُخول مضمارِ مقارنةٍ خاسرة مُسبقاً مع الفواكه والخضار الاخرى،فمن غيرِ المُنصفِ وضعُ الخمسونَ ليرةٍ سورية وهي سعرُ كيلوغرام البرتقال الممتاز، في خانةِ المواجهة مع أردأ أَصنافِ الفواكهِ المُستوردة والذي قد يَصلُ سعر الكيلوغرام الواحد منها حدَّ الثلاثمئة ليرة سورية. ومن هنا ينطلقُ الفلاحُ مدفوعاً باليأسِ وخيبةِ الأملٍ،لقطع الأشجارِ المُثمرةِ واستبدالِها بمزروعاتٍ موسميّةٍ وأصنافٍ هجينة غريبة،قد تَدرُّ له أضعافَ مايُمكنُ أن يتخيلهُ أو حتى يتمناه،لتتراجعَ الرغبة في استثمارِ الحمضيات،ويتراجعَ معها المحصول المُنتج،لحدٍ يتنبأُ معظمَ زارعيه بأنهُ سيأتي ذلك اليوم الذي سنستوردُ به الحمضيات كأيِّ سلعةٍ شبيهةٍ بها،ليصبحَ ثمنهُ ثمنَ المحاصيلَ الأُخرى من بني جنسه.
وهنا يخطرُ على ذهنِ الكثيرِ.منّا السؤالَ ذاته،لمَ هذا التناقض؟ولمَ هذا الإختلاف؟ أهي حقاً مشيئةَ الأخضرِ المزعوم! أم هي لعبةُ تُجارٍ ومُسوقين! لتبقى الإجابةُ رهنَ تفكيركم وتحليلكم للوضع الراهن.