دمشق- سيريانديز
تضمنت خطة وزارة الصناعة لتنشيط القطاع الصناعي العام والخاص، التشخيص والتصنيف، فما الذي جاء في هذه الخطة..؟ وكيف سيتم التعاطي مع الشركات المحدثة التي سيدخل فيها القطاع الخاص شريكاً مع الدولة..؟
خطة التشغيل قصيرة المدى لشركات القطاع العام
بداية تقوم وزارة الصناعة بإعداد قائمة باحتياجات مؤسساتها والشركات التابعة لها من المواد الأولية وباقي مستلزمات العمل غير المتوافرة، والتي بحاجة إلى استيراد، مع تحديد القيمة التقديرية، وترسل إلى وزارة الاقتصاد، ما عدا المشتقات النفطية فترسل إلى وزارة النفط، أما بالنسبة للمواد الأولية المرتبطة بالإنتاج الزراعي والحيواني فتُرسل قائمة الاحتياج إلى وزارة الزراعة التي تقوم بدورها بلحظ هذا الاحتياج في الخطة الزراعية.
تقوم وزارة الصناعة أيضاً بتقديم برنامج زمني للتوريد، ويرسل إلى الجهات المذكورة بموعدٍ أقصاه عشرين يوماً من تاريخ إقرار هذه الخطة، ما يعني أنّ العدّ التنازلي لتقديم هذا البرنامج قد بدأ فعلياً، حيث تم إقرار هذه الخطة يوم الثلاثاء 27 أيلول الماضي.
بعد ذلك تقوم وزارة الاقتصاد بتأمين احتياجات وزارتي الصناعة والزراعة من المستوردات وفقاً للبرنامج الزمني المعتمد من الوزارتين والمرفق مع جدول الاحتياج إمّا عن طريق المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، أو عن طريق رخص الاستيراد الممنوحة للتجار من خلال إلزامهم ببيع القطاع العام نسبة لا تتجاوز 15% من مستورداتهم وبالتكلفة، أو عن طريق الشركات نفسها.
أما بالنسبة لتأمين القطع الأجنبي اللازم لاستيراد هذه الاحتياجات فقد أقرّت الخطة والتي اعتمدها مجلس الوزراء بأن يلتزم مصرف سورية المركزي بتأمين هذا القطع اللازمة لتمويل بعض أو كل هذه المستوردات بناء على برنامج التمويل المصدّق، مع إمكانية البحث عن مصادر تمويل أخرى من خلال إبرام عقود خارجية مع شركات روسية أو إيرانية يتم تمويلها من الخطوط الائتمانية، أو القروض.
أما بالنسبة للصادرات من منتجات القطاع العام فقد أقرّت الخطة إعفاءها من رسوم الإنفاق الاستهلاكي، وإعادة الرسوم المستوفاة عن المواد الأولية الداخلة في تصنيع البضائع المحلية المعدّة للتصدير عند إبراز الشهادة الجمركية التي تؤكد تصدير تلك المنتجات، عبر تعديل المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2015 وذلك للتمكّن من المنافسة في الخارج.
وبالنسبة للتسويق في الدّاخل، أقرّت الخطة متابعة تنفيذ محضر الاتفاق المبرم بين وزارة الصناعة ووزارة التجارة الداخلية، بهدف استجرار مؤسسات وزارة التجارة الداخلية لمنتجات شركات وزارة الصناعة، وبالمقابل تعمل وزارة الصناعة على التنسيق مع القطاع الخاص لتأمين حاجتهم من منتجاتها، وفق الجودة والمواصفة المطلوبة من قبلهم، وأقرّت الخطة إعطاء الصلاحية لوزارة الصناعة بالموافقة على الإعلان لتأمين مستلزمات الإنتاج بغض النظر عن المبلغ المحدد في البلاغات النافذة.
كما أقرّت الخطة إحداث صندوق باسم وزارة الصناعة يتم تأمين الموارد اللازمة له من خلال اقتطاع نسبة 25% من الربح الصافي للشركات التابعة، ويخصص لتطوير ودعم بعض القطاعات الصناعية حسب رؤية واستراتيجية وزارة الصناعة، ويتم تحريك الحساب بقرار من وزير الصناعة وفق خطة معتمدة من قبل رئيس مجلس الوزراء.
واستكمالاً لحزمة إجراءات الخطة، فقد أقرّت التركيز على التطوير والإبداع، والمواكبة لكل الصناعات لما يجري بمثيلاتها للقطاع الخاص، وإحداث أقسام متخصصة بالتسويق لدى المؤسسات، وإعطاء المرونة اللازمة لها، وخاصة بالصناعات النسيجية.
واعتمدت الخطة التنسيق مع وزارة التنمية الإدارية لإعداد برامج تدريبية على مستوى الإدارات القيادية العليا والمتوسطة في جميع المجالات ( إداري - مالي - تكاليف - قانوني - تسويق ) وتطوير آليات العمل في الجهات الداعمة التابعة للوزارة بهدف الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوّة منها، وذلك بالتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية، لرفع مستوى أداء مركز تطوير الإدارة والإنتاجية، بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية، وكذلك التنسيق مع وزارة التربية وغرف الصناعة لتفعيل دور مراكز التدريب المهني لرفد القطاع الصناعي بالخبرات الفنية المطلوبة، وكذلك دعم هيئة المواصفات والمقاييس السورية بكل السبل والوسائل التي تضمن مخرجات علمية دقيقة تنعكس على مواصفة المنتج، وكذلك توجيه جميع الجهات العامة في الدولة للتنسيق مع مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية لاختبار منتجاتها ضمن المركز.
خطـة التشغيــل قصيــرة المــدى
للشركات المشتركة المحدثة
تضمّنت الخطة لتنشيط القطاع الصناعي العام والخاص، تصوّراً لكيفية تقديم الدّعم للشركات المشتركة المُحدثة، والتي ستنشأ حديثاً على أنقاض الشركات الخاسرة والمغلقة حالياً بمشاركة القطاع الخاص، في نفس اختصاصها، أو في اختصاص آخر، بحيث يتم تقديم الدّعم اللازم من خلال شركات التأمين العامة والخاصة، للتأمين على المنشآت الصناعية الجديدة لتغطية كل المخاطر، ولاسيما تلك الناجمة عن الظروف الحالية.
وأقرت الخطة إعفاء الشركات المشتركة المحدثة من رسوم استيراد المواد الأوليّة الدّاخلة بالإنتاج لمدة عامين من تاريخ البدء بالإنتاج، والإعفاء من 50% من الرسوم المستحقة على فاتورة استهلاك الطاقة الكهربائية لمدة عامين من تاريخ البدء بالإنتاج وأثناء فترة الإنشاء، والإعفاء من رسوم التراخيص، بالإضافة إلى إعفاء الصادرات من رسوم الإنفاق الاستهلاكي، وإعادة الرسوم المستوفاة عن المواد الأولية الدّاخلة في تصنيع البضائع المحلية المُعدّة للتصدير عند إبراز الشهادة الجمركية التي تؤكد تصدير تلك المنتجات، عبر تعديل المرسوم 11 لعام 2015 وذلك للتمكّن من المنافسة في الخارج، وحماية منتج الشركة من خلال ترشيد استيراد المواد التي تنتجها، في حال كفاية السوق المحلية، وأخيراً تسهيل إصدار التشريعات أو القرارات اللازمة لما تمّ ذكره بعد دراسة كل حالة على حدة، مع التأكيد على الاستفادة من هذا الدعم خلال عام من إقرار الخطة، بهدف تشجيع المستثمرين خلال هذه المدّة.
هواجس
من خلال قراءتنا لمعطيات هذا الجانب من خطة وزارة الصناعة لتنشيط القطاع الصناعي العام والخاص، يمكننا الإشارة إلى أنَّ وزارة الصناعة حاولت بوسائل عديدة أن تُثبت حسن نيتها، وجديتها العالية في تنفيذ هذه الخطة، وإن همها الأساسي هو تحقيق النتائج المرجوّة في الوصول إلى قطاع صناعي فعّال وقوي، حيث حرصت وزارة الصناعة - مثلاً - إعفاء نفسها من هموم المناقصات الخارجية ومشكلاتها، ربما نتيجة ما يكتنف هذه المناقصات من شبهات، وهذا بالفعل يشير إلى أنها لا تريد شيئاً سوى أن تعمل وحسب، فدفعت الأمور من خلال الخطة نحو تكليف مؤسسة التجارة الخارجية بهذه المهمة، وهذا هو بالفعل عمل تلك المؤسسة، فيكون كل شيء واضح لدى الصناعة، كما دفعت باتجاه أن يساهم القطاع الخاص بهذه المهمة بشروطٍ نبيلة، بحيث يساهم في تأمين المواد المطلوبة بسعر التكلفة، على ألّا تتجاوز هذه المساهمة نسبة 15% من مستورداته، فهي بذلك تمنح القطاع الخاص فرصة طيبة كي يساهم وطنياً في خدمة بلاده، مع الحفاظ له على أرباحٍ يبقى يحصّلها من نسبة 85% من مستورداته الباقية، غير أنَّ وزارة الصناعة لا تريد بالمقابل أن تُشكّل عبئاً على أحدٍ على ما يبدو، ولأجل هذا وضعت احتمال ألّا تستجيب مؤسسة التجارة الخارجية، ولا القطاع الخاص، فتركت مجالاً لنفسها بأن تتحمّل المسؤولية، فثبّتت خياراً أُقِرَّ بموجبه إمكانية أن تقوم شركاتها باستيراد احتياجاتها بنفسها، كي تسدّ الذرائع أمام أي تأخير، ولا تدع أي مجال له .
وفي إطار التركيز على التطوير والإبداع في خطة وزارة الصناعة، فإنّ المقصود كما هو واضح من الصياغة للاعتماد على المبدعين والمطورين بداخل الوزارة، وهذا أمر في غاية الأهمية، فهناك الكثير من الكوادر الصناعية المبدعة فعلاً، ولكن وزارة الصناعة يمكنها أن تطوّر هذا البند، عندما تبقى على تماسٍ ونقاشٍ، وبحثٍ متواصل، مع المبدعين والمخترعين السوريين، وهم كثر، حيث يمكن أن يجدوا حلولاً ممتازة وغير متوقعة، للكثير من المشاكل التي تواجه وزارة الصناعة، وبالمقابل يمكن للوزارة أيضاً أن تجد لهم منفذاً لاستثمار مخترعاتهم، بما يتقاطع مع مصالحها .
بقي أن نشير أخيراً إلى تعرّض الخطة لضرورة تعديل المرسوم 11 لعام 2015 لإفساح المجال أمام التنفيذ، حيث يتعارض هذا المرسوم مع بعض توجّهات الخطة، وهذا المرسوم المذكور ينص على فرض رسم على المواد والخدمات، هو رسم الإنفاق الاستهلاكي.