كتبت مريانا علي- خاص سيريانديز
(يعني بيقبلوني ؟؟)تسأل سوزان وهي تحلم بكتبها الملونة !!!
هي جدران فقيرة ،تثقبها فتحات مشرعة للبرد والخوف وقساوة الخارج ، وأرض ترابية مفروشة بالحصى ،تبعثرها قطع من مواد البناء المرمية في كل مكان، وباب يكاد يسند نفسه .
إنه البيت الذي تقطنه سوزان مع عائلتها المهجرة من ريف حلب .
جسدها لم يتجاوز الحادية عشر من العمر ،وجهها خدده الشقاء والفقر ، وعيناها تفيضان بالنضج والحكمة ، وكيف لا ،وهي الأخت والأم لإخوتها الصغار في ظل غياب الابوين عن المنزل بحثآ عن قوت يكفي لإطعام الاولاد.
أقوم بتدريس إخوتي !!!
طرقت الباب وإذ بسوزان تفتح ،وبيدها كتاب ملون ،سألتها بلطف :تحضرين دروسك ؟؟
تجيب بكثير من الحسرة والحزن لا ،أقوم بتدريس إخوتي !!!
وانت في أي سنة دراسية ؟؟
انا لست في المدرسة ،رفضتني المديرة ، ولم تقبلني لأنني كبيرة ولا أعرف الكتابة والقراءة !!!
تأملت في نفسي كيف لاتعرف الكتابة ،وتقوم بتدريس إخوتها ؟؟!!
إنه حلمها هو من يتكلم ،وليس لسانها ، إنها تعيش وكانها طالبة مثل بقية قريناتها من الفتيات ،تجلس مع إخوتها الأصغر منها وتفترش الأرض بكتبهم ودفاترهم وتمسك قلمآ ،وتتخيل انها تشرف على تعليمهم .
في الحي الذي تقطنه سوزان ،الأطفال يلعبون وهي تجلس على تلة صغيرة و كتاب ملون في يدها تتصفحه بكثير من الرغبة لفك حروفه الصعبة عليها!!!
وفي الوقت التي تكون قرينات سوزان في المدرسة ،تقوم هي بتنظيف أدراج البناء الذي تقطنه مقابل بعض النقود .
كيف لا ؟وسوزان حرمت من مدرستها ولديها الكثير من الوقت للقيام بهكذا أعمال؟؟؟!!
سوزان تنتظر مدرستها ..
قلت لها سأعيدك إلى المدرسة ،تلون وجهها وعادت الطفولة الضائعة إلى عينيها ،وقالت وفرح السماء في ضحكتها ( يعني بيقبلوني ؟؟؟)
سيريانديز تضع هذا السؤال برسم وزارة الترببة ووزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة اليونيسيف، وتتوجه إلى كافة المعنيين بمعالجة هذه القضية التي تمثلنا جميعآ .
علماً انه تم سابقاً، استحداث برنامج تعليمي من قبل وزارة التربية السورية وبالتعاون مع منظمة اليونسيف لإعادة الأطفال المهجرين والمتسربين إلى المدرسة بغض النظر عن أعمارهم ،في ظل تغييب أعداد كبيرة من الطلاب بسبب ظروف الحرب في البلاد ،وما زلت أتذكر تلك اللوحات الاعلانية الكبيرة التي تدعو الطلاب للعودة إلى المدرسة!!
وكان شعار الحملة من حقي أن أتعلم، ونحن نقول للجميع أليس من حق سوزان أن تتعلم؟؟؟
سوزان تم تهجيرها قسراً في العام الذي كان يفترض أن تكون في الصف الأول، وما زالت تحلم أن تصبح في الصف الأول، ونحن لن نتركها دون أن تدخل المدرسة لأننا على ثقة بأن هناك من سيستمع إلى ندائنا..
مع الإشارة إلى وجود جميع التفاصيل لدينا .