سيريانديز- فراس زرده
حكاية هزلية مشوقة نشهد وقائعها كل نهاية شهر يروي فصولها بطلان متصارعان أحدهما بلا مشاعر أو أحاسيس تحكمه الأزرار والتعليمات وتيار كهربائي اشتاق له ليس الإنسان فقط , بل وحتى خطوط أعمدة التيار وأسلاك الأجهزة الكهربائية في المنازل ألا وهو الصراف الآلي والطرف الآخر موظف أو متقاعد أفضل أيامه هو يوم قبض راتبه الشهري لفك حالة الاختناق التي يكون قد وصل إليها قبل هذا اليوم فيسعى لاهثا للحصول عليه بأسرع ما يمكن من أقرب صراف آلي لكنه يصطدم بأن هذا الصراف معطل وذاك لا نقود به والآخر لا كهرباء تبث الحياة فيه لتبدأ من جديد رحلة بحثه المضني عن راتبه في مكان ما من المدينة يتوفر فيه صراف يعمل وفيه نقود ونعمة الكهرباء تغمره بطاقتها وما أن يجد هذا الصراف ليخيب أمله من جديد في مشهد سريالي يشد الأبصار إليه حيث طوابير من الموظفين أو المتقاعدين يقفون بانتظام لمسافة طويلة بانتظار دورهم في الحصول على المتبقي من رواتبهم التي ستكون في أغلبها لإيفاء الديون المترتبة عليهم منذ بداية الشهر ومع ذلك تجد بعض السعادة على الوجوه فقط لتمكن ذلك الموظف أو المتقاعد من تلقي راتبه في حين أن الكثيرين يواصلون مسيرة البحث عن راتبهم الهارب ليس من الجيوب فقط وإنما من صراف آلي بلا شفقة الى آخر لا يستطيع تلبية كل احتياجات الموظفين في وقت واحد لتستمر المعاناة ودوامة البحث وفي النهاية ينتصر البطل الإنسان على الآلة الصماء بجلده وصبره ومثابرته كيف لا والإنسان هو السيد وهو صاحب الاختراع المثالي الذي وفر هذه الخدمة لنفسه لتحسين واقعه الحياتي وسبل عيشه وتطوير أدوات رفاهيته لتصبح فيما بعد نقمة عليه لأن مثل هذه الوسائل تنفع حين تكون كل بناها التحتية متوفرة في كل مكان .
هي معاناة يجب التنبه لها والعمل على حلها من قبل المعنيين في هذا الشأن سواء بتوسيع دائرة انتشار هذه الصرافات حتى في النواحي والبلدات الكبيرة وفي كافة أرجاء المدينة وتزويدها بطاقة كهربائية تتيح للمرء الحصول على مستحقاته في الوقت الذي يشاء ودون عناء أو إعادة هذه المستحقات إلى المحاسبين في الدوائر العامة كما كان في السابق ريثما تنتهي الغمة التي نعاني منها في وقتنا الراهن وكلنا أمل بغد أفضل تتوفر فيه أفضل وأرقى الخدمات التي نتطلع إليها والمواطن السوري يستحق الحياة في بلد يقاوم كل فنون القتل والإجرام القادمة من أربع رياح الأرض في محاولة منهم لقتل الحياة فيه ولكنه في كل لحظة يصنع الحياة من جديد
فهل من مجيب؟