دمشق- سيريانديز
بكلمات تحمل الكثير من الأسى لخّص مدير مخبز المزة دريد زينو معاناة عمال الأفران لعدم الحصول على الحد الأدنى من حقوقهم، إذ يصلون الليل بالنهار حتى العاملات تعملن في ورديات ليلية بظروف صعبة لا تخفى على أحد من مختلف المناطق ويجب عليهم الوجود في ساعة محددة لتأمين رغيف الخبز للناس مقابل راتب ضئيل 16 ألف ليرة شهرياً وربطة خبز.
واقع مخبز المزة يعكس صورة معاناة عمال الأفران بصورة عامة، وتوقف عمل المخبز لسبب ما يعني حدوث أزمة خبز، وعلى أمل تحقيق وعود المسؤولين بتحسين أوضاعهم وتحقيق آمالهم ومعاملتهم أسوة بعمال النظافة من حيث طبيعة العمل والطبابة والتثبيت.
يأتي جهاد يومياً من القنيطرة وعليه أن يوجد في المخبز من دون تأخير لأن عدد العمال على القطاعة محدود وغيابه يؤثر في سير آلية العمل، وفي حال تأخر الوقت كما يحدث في أغلبية الأيام عليه المبيت في الفرن، حسبما يقول، ويعمل مياوماً منذ خمس سنوات على شكل ورديات أسبوعية بشكل متناوب نهاراً وليلاً وعليه أن يدفع أجور المواصلات من نفقته الخاصة خلال تنقلاته من البيت إلى العمل، ويتحمل جهاد المعاناة أمام أسرته التي تنتظر مجيئه يومياً بربطة الخبز، وليس أمامه سبيل آخر للعيش، ويبقى لديه بصيص من الأمل بتحسين وضعه سواء في الحوافز وطبيعة العمل أو حتى تحويل عقده إلى مؤقت، ومساواته بالعقود السنوية من ناحية الميزات وطبيعة العمل.
لمرة واحدة
أغلبية العمال الذين يعلمون في الفرن كمياومين ليس لديهم أي ميزات كالتعويضات والطبابة حسب قول علي عامل في نقل الأكياس وحتى المكافأة 5000 ليرة يفترض أن تكون شهرية، تم قبضها مرة واحدة بعكس ما تحدث عنها المسؤولون في الإعلام طويلاً.
ويتدخل العامل سامر المياوم منذ أربع سنوات، مبيناً أن سقف الحوافز لا يتعدى الـ 1400 ليرة، ولا توجد طبابة أصلاً في حال تعرض أحدنا لحادث بسبب الاحتكاك اليومي مع الآلات، أو حتى سقوطه على الأرض أثناء نقل الأكياس، وهذا ما يحدث كثيراً، ويتم العلاج على نفقته الخاصة.
وترى سميرة العاملة حديثاً أن ساعات العمل الطويلة لا تتناسب مع الأجر الضئيل لتعيل أسرتها بسبب الظروف الحالية وتعمل ورديات بساعات الليل، وتتساءل: لماذا لا توجد أي ميزة في عملنا المضني هذا، مضيفة أن أغلبهن تلف أصابع أيديهن بـ(لاصق طبي) لحمايتهم من الأكزيما.
لا ضمان صحياً
إياد رئيس وردية منذ ست عشرة سنة وهو على تماس مباشر مع الآلات في أي لحظة قد يتعرض العامل لأي ظرف طارئ كسر أو حالة بتر لا يوجد ضمان صحي لهم، وليس لديهم أي يوم عطلة بما فيها الأعياد سوى يوم الجمعة، ومن دون مقابل، مطالباً بمعاملتهم مع من يصنفون بالمهن الخطرة والتعويض عن يوم السبت.
إنجاز كبير الاستمرار بتأمين رغيف الخبز للناس بل تحسينه، وهذا يعود إلى دور العامل بالدرجة الأولى الذي يعمل ليلاً ونهاراً في ظل الحرب المستمرة وفي ظل الحصار الاقتصادي يضيف دريد زينو مدير مخبز المزة حيث تم استهداف معامل الخميرة والاضطرار إلى استيراد الخميرة الجافة، وكذلك استهداف عمال الأفران على الطرقات وساعات العمل الطويلة تصل إلى 12 ساعة ليلاً، مضيفاً أن مخبز المزة يعمل بطاقة حوالي 50 عاملاً فقط بمن فيهم الإداريون وينتج يومياً 30 طناً من الخبز توزع على القوات المسلحة والهلال الأحمر، إضافة إلى 4000 ربطة يومياً لبلدتي كفريا والفوعة.
يؤكد زينو أن كميات الدقيق متوافرة وفي ظل انقطاع المياه نعتمد على الآبار الموجودة لدينا وهي تلبي الحاجة، فقط نتمنى استثناءنا من التقنين الكهربائي ومعاملتنا أسوة بالمشافي باعتبار أن المولدات تستهلك كميات كبيرة من الوقود تعادل قيمتها مليون ليرة شهريا يمكن توفيرها على الخزينة العامة،وعن مشكلة الباعة الجوالين عدّها مسؤولية دوريات التموين والشرطة كونها في الشارع العام.
ونوه بأن تحسين نوعية الخبز بتحويل 80% إلى الأبيض انعكس بالإيجاب على المواطن من ناحية تخفيف الاستهلاك والهدر والازدحام على الأفران.
بتر للأصابع
من جهة أوضح الدكتور عامر العدي- مدير السلامة المهنية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أن لمهنة عامل الفرن ظروفاً صعبة وهو معرّض للأخطار في أي لحظة فكثير من الحالات التي تأتينا من عمال الأفران هي بتر أصابع وحتى بتر الساعد بأكمله، لذلك يجب على الجهة العامة أو رب العمل تأمين الظروف المناسبة لدرء أخطار المهنة ولو بالحد الأدنى، مشيراً إلى أنه تمر طبيعة العمل بالأفران في عدة مراحل تبدأ بمستودع الطحين ونقل الأكياس بشكل يدوي ويتطلب جهداً عضلياً ولاسيما أن كيس الطحين وزنه 50 كيلو غراماً وهذا ما يسبب مشكلات في العمود الفقري وديسكاً أو انقراص فقرات، وفي المرحلة التي تليها هي مرحلة العجن ما يعني تعرض العامل إلى الغبار ما يسبب حالات ربو تحسسي.
وفي مرحلة القطاعة وهذا يعني الضجيج قد يسبب نقص سمع مهنياً لدى العامل إضافة إلى الإصابة التي يتعرض لها العمال، مشيراً إلى أغلبية الحالات التي تراجعه هي بتر للإبهام واحدها بتر ساعد بالكامل أو بتر أصابع وغير ذلك.
أما مرحلة إدخال رقائق العجين إلى الفرن فهذا يعني تعرض كامل الجسم لإنهاك حروري كما يسبب النظر لمكان الفرن وبيت النار الساد الحروري والحالات كثيرة التي يصاب بها العمال نتيجة تعرضهم بشكل مباشر لبيت النار.
أما في مرحلة خروج الأرغفة من بيت النار وعدها لوضعها ضمن الأكياس كالمعتاد فالحركة النمطية السريعة والمتكررة تسبب التهاب الأوتار ما يسمى بمتلازمة العصب، إضافة إلى آلام وقد يحدث أحياناً ضمور أو أكزيما.
وأضاف العدي إنه من الإجراءات التي يفترض على كل جهة عامة أو خاصة هي تأمين وسائل الوقاية الفردية كإجبار العامل ارتداء كمامات واقية وتأمين بيئة العمل المناسبة والتهوية المناسبة والإضاءة وكذلك القفازات الحرارية تأمين واقيات السمع المهني.
ويؤكد على إجراء دورات توعوية للعاملين مثل طريقة حمل كيس الطحين مثلا بشكل مدروس واقناعهم بارتداء وسائل الوقاية، إضافة إلى دعمهم بالوجبة الغذائية المؤلفة من البيض والحليب.
متابعة مشكلاتهملأن الاتحاد العام لنقابات العمال الجهة المدافعة عن حقوق العمال والمتابعة لها أو هكذا يفترض اتجهت «تشرين» إلى رئيس مكتب نقابة عمال الصناعات الغذائية مختار علي الذي أكد أن الاتحاد يتابع مشكلات العمل ويطرحها في كل مناسبة فيما يتعلق بموضوع التثبيت تقوم الشركة العامة للمخابز لسد النقص الحاصل باليد العاملة باللجوء إلى العمل بصيغة المياومة ومن هؤلاء من أمضى ما يقارب العشر سنوات، وبدورها تتابع النقابة عن طريق الاتحاد العام لنقابات العمال المطالبة بتثبيت هؤلاء أو إبرام عقود سنوية لتتسنى لهم الاستفادة من التعويض المعيشي البالغ 11.5 ألف ليرة وتم طرح الموضوع مجدداً بالتنسيق مع إدارة الشركة والموافقة على تحويل عقودهم إلى سنوية مؤخراً وتقوم الشركة بحصر عدد العمال وفق جداول اسمية والفترة التي أمضوها لنتمكن من متابعة الموضوع.
الوجبة.. قيد المتابعة
وفيما يتعلق بموضوع الوجبة الغذائية التي تهدف إلى تدعيم الجهاز المناعي الذي يعمل في بيئة عمل ملوثة ويتم تحديد ذلك من خلال لجنة فنية تقوم بدراسة بيئة العمل وتحديد فيما إذا كان شاغلوها يستحقون تعويض الوجبة حيث تبين أن أهم ملوثات بيئة العمل هي الغبار الناتج عن الدقيق والإجهاد الحراري والعضلي والحرارة الناتجة عن بيت النار وضجيج الآلات يبين رئيس نقابة عمال الصناعات الغذائية:على ضوء هذه الدراسة أقرت اللجنة تشميل كل عمال الإنتاج بالوجبة الغذائية وتم رفع هذا الموضوع إلى الجهات المختصة وهو قيد المتابعة، وفيما يتعلق بطبيعة العمل بين رئيس مكتب العمال أن هذا الموضوع يحتاج تعديل النص التشريعي لمنحهم تعويض طبيعة العمل يتناسب والراتب الحالي.
ونوه بأنه تم طرح عدة مطالب في مؤتمر الاتحاد الذي عقد مؤخرا منها التأمين الصحي وتعويض طبيعة انتقال أو تأمين وسائل نقل.