خاص- سيريانديز- سومر إبراهيم
بتنهيدة اليائس قالها صناعي حلبي عجوز : « يبدو أن طريق الحرير لن يمر بعد فترة من حلب »... تتجه بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية لإظهار الصناعة السورية ككل والنسيجية على وجه الخصوص على أنها في أحسن أحوالها عن طريق المعارض كنوع أقرب ما يكون للظهور والتضخيم الإعلامي بأن الصناعة مازالت محافظة على تصنيفها ومكانتها ومستمرة برغم الظروف وأن الصناعيين يعملون بالظروف المثالية، هذا إيجابي من الناحية النظرية فقط، أما من الناحية العملية يشبه من يختبئ خلف إصبعه ... فهو غير كافٍ وخاصة في الظروف التي يعمل بها الصناعيين والصعوبات التي تعترض عمل المنشآت والتي تسبب كل يوم بإغلاق منشأة أو أكثر "مكرها صاحبها لا راغباً ".
أحزنني خبر ورد يوم أمس جاء فيه « مصر تخطط لإنشاء منطقة صناعية سورية .. وتجري حاليا دراسة إنشاء منطقة صناعية سورية متكاملة لصناعة النسيج على مساحة تصل إلى حوالي 500 ألف متر مربع، بهدف تعزيز الاستثمارات السورية وجذب المزيد من الشركات السورية لمصر خلال المرحلة المقبلة، فضلاً عن استعراض طلبات المستثمرين السوريين بإقامة منطقة صناعية سورية للمنسوجات بمصر، وزادت الاستثمارات السورية في السوق المصرية، وبدأ تصدير المنتجات السورية المصنعة في مصر لكافة دول العالم التي ترتبط القاهرة معها باتفاقيات تجارية، وذلك تحت شعار "صنع في مصر"» انتهى الاقتباس.
هل من المفترض أن يمر هذا الخبر مرور الكرام ...؟؟
لعل هذا يدق ناقوس خطر باستنزاف مستمر للصناعة التي عرفت بعراقتها وتميزت بها سورية عن سائر دول العالم .
«سيريانديز » نشرت منذ مدة مقالاً بعنوان «اللعنة التركية لازالت تلاحق صناعتنا.. وفخرها مهدد.. ورسم 5% يغلق 35 معملاً لتصنيع الخيوط بحلب» وبعدها نشرت مطالب الصناعيين الحلبيين منوهة أن المنشآت فقدت 80%من عمالتها.. وتعمل بطاقة 10% فقط و1500 منشأة متوقفة..!!
صناعيون أوضحوا لـ « سيريانديز » أنهم تلقوا وعوداً بإعادة الرسم على المادة الأولية لتصنيع الخيوط " البوي" إلى 1% ولكن مضى أشهر وبقيت وعوداً فقط ومازالت المنشآت متوقفة ويتجه صناعيو الأقمشة لاستيراد الخيوط التي كانت تصنّع محلياً.
وعبر الكثير منهم عن استيائهم من رفع سعر المازوت إلى 295 ليرة وقالوا: تم وضعنا بين نارين الأولى أن نستورد نحن وتكاليف الاستيراد كبيرة وخارج طاقتنا والثانية أن نقبل مكرهين بالسعر الجديد وهذا يؤثر على تكاليف الإنتاج .
وقال أحد صناعيي منطقة العرقوب بحلب : نحن لم نتقبل سعر المازوت الأخير بل استلمنا على السعر الجديد لأنه لايوجد بديل، لو أن الكهرباء متوفرة لم نشتر المازوت بهذا السعر، وحاليا العرقوب نصفها يعمل نصف دوام والنصف الثاني توقف، منوهاً أن السبب هو قلة الطلب على المنتجات حيث يقول التجار أن سعرها غالٍ ، متابعاً بالعامية : « كل الزبائن تقول أنت سعرك غالي .. أنا بدوّر على غيرك أو بلغي شغلي لأنو ما في طلب وتصريف» وهذا حقه لأنه لايوجد سوق ولا طلب وهنا التاجر يتدلل وكأنه يريد المنتجات مجاناً حتى يكون راضٍ، مضيفاً : ونحن الله يكون بالعون آكلين الموس عالحدين .. الشغل ببلاش والمصروف والمواد الأولية على سعر الدولار , هذا وضع العرقوب ورغم اعتراضنا على سعر المازوت لم نجد أذناً صاغية، ولكن نخشى أن يأتي يوم لا يبقى هناك شيء اسمه صنع في حلب، كل شيء ضد الصناعي فالكلفة زادت عليه 15 ضعفاً والضرائب 12 ضعفاً ، فهل يريدون منا تسليم مفاتيح مصانعنا والرحيل ...؟؟؟
وقال صناعيو حلبي: لماذا لا يعامل صناعيو حلب والمناطق الصناعية هناك كما تعامل المناطق الصناعية بحسياء وعدرا مع أن الصناعة الحلبية تستطيع أن تغطي 80% من احتياجات السوق السوق السورية وتقدم منتجات جاهزة للتصدير لرفد الخزينة المركزية بالقطع الأجنبي، ولكن بضائعنا لم تعد منافسة بسبب غلاء سعرها .
وذكر آخر: تلقينا وعوداً خلال زيارة رئيس الحكومة الأخيرة إلى حلب مع عدد من الوزراء ولكن مازلنا ننتظر، متابعاً: منذ ذلك الوقت لم يقم بزيارتنا أحد، وخلال معرض خان الحرير قدمنا مطالبنا لكل المعنيين دون جدوى، متسائلاً : هل يجب أن ننتظر إقامة المعارض في دمشق لنلتقي بالمسؤولين ، لماذا لا يأتي وزير الصناعة بجولة ليرى بأم عينه واقع الصناعة في منطقة العرقوب والشيخ نجار ...؟؟؟
ماكان يلفت النظر في معرض "سيريامودا" أنه كان مخصصاً بشكل كامل للألبسة الجاهزة مع غياب واضح للأقمشة ..؟؟؟
وهنا نتساءل ونترك الإجابة مفتوحة : هل فشلت الجهات المعنية في الحفاظ على الصناعة النسيجية والحلبية بالتحديد...؟؟؟ أم أن الإمكانيات غلبت الآمال ..؟؟