كتب أيمن قحف
شاء قدري الطيب أن أكون والد شابة رائعة حصلت منذ أيام على المرتبة الأولى على الجمهورية العربية السورية في الشهادة الثانوية الفرع الأدبي..حظيت آية، وزملاؤها المتفوقون، باهتمام عظيم من جميع المستويات من رئاسة الجمهورية إلى مفاصل الدولة المختلفة وصولاً للمحيط العائلي..
واهتمت الشركات ورجال الأعمال بتكريم آية وزملائها ضمن الدور الاجتماعي لرعاية التفوق، بل وضمن التخطيط لاستقطاب العقول النيرة.
سيتمكن المتفوقون من اختيار الاختصاص الذي يريدونه، بل وأي منحة أو بعثة دراسية لهم الأولوية، ولكن هل هذا يكفي لصناعة المستقبل؟!!
جميع الدول المتقدمة بنت حضارتها عبر الاهتمام بالمتفوقين في كل المجالات، وفي سورية، حيث الثانوية العامة من أصعب الثانويات في العالم، يستحق المتفوق اهتماماً يليق بما عاناه حتى بلغ التفوق، وعلينا أن نثق بأنه قادر على منافسة أقرانه المتفوقين في أي دولة متقدمة..
تكريم المتفوقين ليس مجرد حالة احتفالية بروتوكولية فقط، بل هو يتطلب وجود سياسات ترعى التفوق وثقافة اجتماعية تجعل التفوق "مصلحة وطنية عليا" لتأمين المستقبل وتجاوز الصعوبات..
لقد قطعت سورية خطوات مهمة على مستوى القرار السياسي، والرئيس الأسد والسيدة الأولى يرعون بقوة التفوق والمتفوقين، وصدرت تشريعات عديدة في هذا الاتجاه لعل أبرزها إحداث هيئة التميز والابداع ومدارس المتفوقين والمتميزين..
نحن اليوم بحاجة لقناعة جميع المستويات بأن التفوق هو حبل النجاة لهذا البلد، مستقبل سورية ما بعد الأزمة يحتاج لشباب مبدعين من ذوي العقول النيرة ليجترحوا الحلول من قلب سورية لا أن نستوردها..
دول العالم تعرف قيمة السوريين المتميزين فتفتح لهم أبواب الهجرة، فكيف المتفوقين؟!!
علينا أن نحتفظ بهم ونحميهم ونحصنهم وأن نؤمن لهم رعاية مؤسساتية يشارك فيها القطاع الخاص ليستمر المتفوق في تفوقه وفي ابداعه حتى تصبح الحصيلة تراكمية تغني البلد عن استيراد الحلول والافكار والتجهيزات..علينا أن نكون منتجي فكر وليس مستوردين له ولما ينتجه الفكر من تطور تقني وخدمي ..
إن التفوق ينتج اقتصاداً ومالاً، ولكن المال لا ينتج تفوقاً وابداعاً، وإنما المال والاهتمام بالمتفوق يصقل تجربته وخبرته ويصون إبداعه فيعود المال أضعافاً إذا استثمرناه في المتفوقين.
كل الاستثمارات تتحمل الربح والخسارة، إلا الاستثمار في الانسان-ولا سيما المتفوق -هو استثمار رابح حكماً..