دمشق- سيريانديز
دهشة أصابت عاملين في مصرف سورية المركزي على خلفية اختفاء الشعار “اللوغو” الذي ظل لنحو 10 سنوات يمثل الهوية البصرية للمركزي بعد إزالته من على المبنى الكائن في السبع بحرات وسط العاصمة دمشق، ليكتشفوا في ذلك اليوم أن اللوغو أزيل نهائياً ليس فقط من على المبنى وإنما أيضاً عن جميع الكتب والمراسلات والأغلفة التي تخص “البنك المركزي”.
الدكتور دريد درغام حاكم المركزي قال لموقع "صاحبة الجلالة" خلال مكالمة أن “اللوغو” ليس له معنى وغير مفهوم، أكثر من ذلك قال إنه مأخوذ من أرضية أحد جوامع باب توما، متابعاً أن للمركزي شعار هو شعار متداول في مختلف الدوائر الحكومية، طبعاً يقصد النسر السوري (هو يعتقد أن المصرف مثله مثل باقي المؤسسات الحكومية)، لافتاً إلى أن اللوغو الذي تمت إزالته كان يشغل حجماً في الكتب والمراسلات بلا أي دلالة تذكر وفق تعبيره.
ولكن كلام حاكم المركزي أثار الفضول وخاصة أن عبارة “مصرف سورية المركزي” المكتوبة باللغتين العربية والانكليزية (وكان يتوسطهما الشعار) بقيت على المبنى ولم يتم إزالتها أو إدخال أي تعديلات عليها ربما لأن الخط ذاته موجود على العملات السورية بمختلف فئاتها، وهي تشكل مع الشعار الهوية البصرية المتكاملة للمصرف المركزي، ليقوم الموقع بالاتصال مع الدكتور إحسان عنتابي الفنان الذي ابتكر اللوغو ورسم الخط الذي كتبت به عبارة (مصرف سورية المركزي) للوقوف على تفاصيل الإلتباس الحاصل، فلم يبخل الفنان الذي أشرف على رسم الأوراق النقدية السورية من فئة الـ 2000 والـ 1000 والـ 500 في تزويدنا بتفاصيل وافية عن قصة “اللوغو”، وبدا واضحاً أن جدلاً بيزنطياً كان دار بين الحاكم وبين “عنتابي” في وقت سابق حول إزالة اللوغو وإعادة شعار النسر السوري، انتهى برفض الأخير لفكرة إعادة النسر.
العميد السابق لكلية الفنون الجميلة لم يخف امتعاضه من تصرف الحاكم مع ما قال إنها لوحة فنية متكاملة لا يحق لأي شخص إدخال تعديلات عليها دون الرجوع إلى صاحبها، وهو ما كفله له قانون الحماية الفكرية رقم 62 لعام 2013.
الحاصل على جوائز عالمية رفض ادعاء الحاكم بأن “اللوغو” مأخوذ من رسم موجود على أرضية أحد جوامع باب توما، واعتبره اتهاماً فيه إهانة غير مقبولة، مبيناً أنه حالة فنية من جنس الموزاييك العربي الاسلامي، والرسم الأقرب له موجود على جدار الجامع المعلق الكان في شارع الملك فيصل بدمشق، ومع بعض الإضافات والتعديلات جاء رسم “اللوغو” وفق رأيه متماهياً مع الخدمة التي يقدمها المركزي من خلال خطوط مستقيمة وأسهم تدل على حركة الأموال (دخول وخروج)، ومتسقاً مع الشكل الهندسي للبناء الرئيسي للبنك المركزي، مستغرباً تدخل الحاكم بما قال إنه غير اختصاصه !!.
“عنتابي” قال عندما طلب مني الحاكم السابق أن أصمم لوغو خاص للمصرف المركزي منذ نحو 10 سنوات أجريت وقتها دراسة وافية واطلعت على معظم “الشعارات” للبنوك العالمية، وتبين أشهر البنوك في أوروبا تعتمد الخط المستقيم والصندوق إما المغلق تماما أو المربع الذي تتخلله فتحات من جهاته الأربعة، وحاولت أن أدخل شيء من الحالة الفنية التراثية لدمشق فاخترت شكل المعين وما هو مرسوم على الجامع شكل عمق تاريخي ووصل مع الحاضر، وللأسف اعتبرها الحاكم الجديد للمصرف نقطة ضعف وأنا من أخبرته بأن اللوغو مستوحى منها، وأعتقد أن هذه النقطة مصدر قوة “للوغو” !!
صاحب التصاميم الفنية على السيف الدمشقي لوح بإمكانية لجوؤه لقانون الحماية الفكرية، فله تجربة ناجحة على حد قوله كانت مع محافظة دمشق التي أجرت تعديلات مؤخراً على السيف، واستبدلت الزجاج المعشق بالبلاستيك مما أساء للألوان وانعكاساتها، فما كان منه سوى أن تقدم بكتاب إلى القصر الجمهوري الذي أعاد الأمور إلى نصابها وأعطي توجيه إلى محافظة دمشق لإزالة البلاستيك واستبداله بالزجاج المعشق وتحت إشرافه يؤكد الدكتور “عنتابي”.