دمشق- سيريانديز
ليس التهريب أو التزوير أمراً جديداً على أسواقنا قد نندهش لسماع فصوله اليوم بسبب ظروف الحرب وانتكاساتها، لكن ما يجعل وجوهنا مدهوشة ومشدوهة أن يصبح منتج «صنع في سورية» وسيلة مشتركة للمهربين والمزورين داخل البلاد وخارجها في تعاون غير مشبوك للإضرار بالمنتج المحلي وتحقيق أرباح مضاعفة على حسابه، فمن المستغرب أن يتم تقليد وتزوير المنتجات على اختلاف أنواعها وأخطرها قطعاً الغذائية في ورشات صغيرة داخل أريافنا ومدننا كما يحصل في منطقة جرمانا، بالطريقة ذاتها التي يقوم بها المهربون داخل الأراضي التركية لاستكمال مشروعهم في تدمير الصناعة المحلية وخنق الاقتصاد المحلي واستنزافه، وسط أداء خجول للجهات المعنية ممثلة بالجمارك والتموين للحد من هذه الظاهرة الخطيرة تحت ادعاءات وحجج باتت مألوفة ولا تنم إلا عن سوء الأداء والتقصير في المهام ليدفع المواطن ضريبة مرة ثانية ليس من جيبه فقط وإنما من صحته أيضاً.
تزوير ماركات «صنع في سورية»
بيّن مصدر مسؤول في جمارك دمشق انتشار ظاهرة تزوير الماركات السورية في تركيا أو في مناطق سيطرة المسلحين في إدلب وحلب، حيث يوضع على المنتج المقلد الماركة التجارية نفسها ورقم السجل التجاري والصناعي نفسه ويكتب عليها «صنع في سورية»، ولعل أخطرها تزوير المنتجات الغذائية، لكونها غير مراقبة صحياً وأحياناً كثيرة غير صالحة للاستهلاك المحلي.
غرف الصناعة والتجارة مســــــــــــؤولــــــة أيضــــاً
واتهم المصدر غرفتي الصناعة والتجارة بالتقصير في هذا الشأن عبر ادعاء حماية المهربين والدفاع عنهم بعد ضبط المخالفات، وهو ما نفاه طلال قلعجي- عضو غرفة صناعة دمشق وريفها الذي أكد أن غرفة صناعة دمشق لا تقف في صف المهربين إطلاقاً، بل على العكس تكافح التهريب لتأثيره في المنتج المحلي بنحو كبير، مع دفاعها عن مصالح الصناعيين وحقوقهم، مشيراً إلى أن ضبط السلع المزوّرة والمقلّدة من مسؤولية التجارة الداخلية وليس غرفة الصناعة.
لا ندافع عن المهربين
وشدّد قلعجي على أن الصناعيين ضد التهريب بالمطلق ولا يعقل الدفاع عن المهربين في ظل تأثيره الكبير في الصناعة المحلية، علماً أنه كصناعي ومستورد، عرض عليه شراء منتجات مهربة بدل استيرادها بحجة تقليص التكاليف، فمثلاً استيراد كيلو شاي يكلف حوالي 400 ليرة للجمارك، لكن حين يأتي تهريباً قد لا يدفع 100 ليرة، لكن رغم ذلك رفض ذلك من باب الحرص على منتجه وسمعته في السوق مع تفضيل الاستيراد نظامياً بدل التهريب.
تزوير في تركيا وجرمانا!
وبيّن قلعجي أن ظاهرة تقليد المنتجات المحلية المعروفة تتم في تركيا، بما فيها الغذائيات بشكل يؤثر في صحة وسلامة المستهلك نظرا ًلعدم مراقبتها، لكن رغم معرفة ذلك يصعب ردع هذه الظاهرة لكونها تجري ضمن الأراضي التركية، وعدم إمكانية مراسلة المؤسسات التركية في ظل دور دولتها في الحرب الإرهابية على سورية وتدمير البنية التحتية للاقتصاد المحلي ولاسيما الصناعة المحلية، لافتاً إلى أنه على الرغم من خطورة ذلك، لكنْ هناك أمر لا يقلّ خطورة يتمثل بوجود ورشات تقوم بالأمر ذاته داخل سورية وتحديداً في منطقة جرمانا، وهذا الأمر يفترض بالتجارة الداخلية وليس الجمارك العمل على ضبطه ومحاسبة أصحاب الورشات على هذه الأفعال المخالفة، ليشدد على أن ذلك يتطلب تعاون وتكاتف جميع الجهات بما فيها غرفة صناعة دمشق من أجل ضبط هذه الظاهرة الخطيرة التي يحقق المهربون من خلالها أرباحاً خيالية على حساب المنتج الأصلي، ولاسيما أن الكثير من المحلات التجارية تشتري المنتجات المهربة لكونها تحقق لهم ربحاً أكبر.
تعاون الصناعيين ضروري
قيام الورشات في مدينة جرمانا بتزوير المنتجات المحلية وتقليدها وضعناها أمام معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب، الذي أكد قيام دوريات حماية المستهلك أكثر من مرة بضبط ورشات مخالفة تقوم بتزوير المنتجات المحلية، سواء في ريف دمشق أو المحافظات الأخرى مع إغلاق هذه المنشآت وإحالة أصحابها إلى القضاء، لكن الأمر -حسب رأيه- يتطلب تعاون غرفة صناعة دمشق عبر تقديم الصناعيين شكاواهم بدقة عبر الإخبار عن مكان الورشة بغية التوجه فوراً لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين، مشدداً على أن الدوريات تقوم بصورة مستمرة -على حد قوله- بموحب الرقابة الاستقصائية بالبحث عن الورشات التي تقوم بتزوير وغش المنتجات لكن ذلك يستلزم وقتاً طويلاً، لذا تعاون الجهات الأخرى ولاسيما غرفة الصناعة يسهم في ضبط وردع أصحابها.
لا تستر على المخالفين
ورفض شعيب وجود أي نوع من التستر على أصحاب الورشات المخالفة في ظل وجود اتهام لبعض عناصر التموين بلفلفة الضبط عبر إرضائه من قبل صاحب الورشة المخالفة التي تربح أموالاً طائلة من جراء قيامها بعمليات الغش والتزوير، ليؤكد استحالة القيام بذلك لكون ذلك ينطوي على مخالفات جسيمة تتعلق بغش وتزوير المنتجات، حيث ينظم الضبط مباشرة ويتم إغلاق الورشة وسحب الترخيص إن وُجد مع الإحالة إلى القضاء، ليعود ويشدد على ضرورة قيام الصناعي الذي يقلد منتجه في التعاون مع الدوريات التموينية من دون حاجة إلى ذكر اسمه من أجل المساهمة في معاقبة المخالفين والحد من انتشار هذه الورشات.