سيريانديز- سومر إبراهيم
سألت منذ فترة أحد الوزراء في الحكومة الحالية الذين يحبون العمل في الظل، لماذا يا سعادة الوزير لا تعملون كغيركم باستثمار الإعلام والكاميرات للإضاءة على أي عمل تقومون وستقومون ومن الممكن أن تقومون به، وخاصة أنه في هذا الزمن يتم توظيف الإعلام لتلميع الأشخاص، لدرجة أن أحدهم على سبيل المثال إذا ركّب حنفية أو لمبة في منزله يجلب الكاميرات لتصوير انجازه، وأنتم مهما عملتم لن يقدّر أحد عملكم مالم تسلطون الضوء عليه، فابتسم بهدوء كعادته ، وقال لي: أنا شخصياً لا أحب الكاميرات ولا أتمنى أن أتحدث عن شي إلا عندما يُنجز فعلاً ونقطف نتائجه، لأن الوعود تخلق ردة فعل سلبية لدى المواطن إذا لم تنجز أو تأخر تنفيذها .
ما دعاني للتقديم بهذه الكلمات ما نراه من ظهور إعلامي متكرر لبعض الأشخاص واحتلالهم يومياً ركناً كبيراً من الشاشات والصحف والمواقع ، وإدلائهم بتصريحات يميناً وشمالاً وإعطاء أرقام غير حقيقية ووعود خلبية لم نلمس شيئاً منها على أرض الواقع إلا ما نذر..!!!؟؟ هؤلاء من محبي الشهرة والأضواء وكان يفضل أن يعملوا بالفن والتمثيل لتحقيق طموحاتهم بالنجومية، وألا يرهقونا بابتساماتهم الجامدة وأحاديثهم وتصريحاتهم ووعودهم التي يظنون أنهم يزرعون بذلك الأمل فينا ، الأمل ميت وإنعاشه يأتي بالأفعال الحقيقية الصادقة فقط.
وما لفت انتباهي مؤخراً، ظاهرة تعكس إلى حد ما السياسة الإدارية والاقتصادية الغير واضحة الأهداف في هذه المرحلة ، وعدم وجود أي مقاربة أو دراسة حقيقية أو فهم للواقع الذي يعيشه المواطن، لذلك نرى الخطط في واد والمواطن وهمومه في وادٍ آخر.
فمن يتجول في شوارع دمشق في هذه الفترة يلاحظ كمّ الإعلانات الطرقيّة التي تروج للبرنامج الوطني للإصلاح الإداري الذي تبنّته وزارة التنمية الإدارية وما يرافق ذلك من شعارات عنوانها المواطن، والأخير بعيد عنها كل البعد لأنه اتخم شعارات، كان آخرها «رضا المواطن » فعن أي رضا يتحدثون...؟؟؟
ما إن أطلق السيد الرئيس هذا المشروع الكبير الذي قدم له شرحاً مفصلاً وأعطى خطوطاً عريضة لخارطة طريقه.. ووضع اللبنة الأولى في بنائه بما لايحتاج بعد ذلك لإبداع بل فقط للتطبيق ، حتى هبت رياح الندوات واللقاءات وورش العمل والبرامج التلفزيونية التحليلية والتوضيحية الاستعراضية وشكلت مئات اللجان للشرح والاجتهاد، دون أن تظهر أية نتائج حتى الآن سوى هذه الإعلانات الغير مفهومة الهدف أصلاً ، وهنا أكاد أجزم أنه وباستثناء السيد الرئيس ( الذي لا يريد حتماً لمشروعه الوطني أن يأخذ هذا المنحى النظري فقط ) .. لا يستطيع أحد من المعنيين الذين أوكل لهم مهمة متابعة تنفيذه أن يقدم صورة عن فهمه الحقيقي له وخطة واضحة لتطبيقه بما يحقق قيمة مضافة...!!!
الإصلاح لا يكون فقط شعارات نظرية وإعلانات طرقية لا تهم المواطن ، بل هو بالدرجة الأولى ممارسة عملية تبدأ من القاعدة وتتجه إلى القمة، يلمس نتائجها المواطن من خلال معاملاته الإدارية ومن خلال عمله الوظيفي ومن خلال معيشته المادية والخدمية ، هكذا فقط يمكن أن يتحقق «رضا المواطن» ويثمر البرنامج الوطني.