خاص- سيريانديز- سومر إبراهيم
حالة من الضبابية تسود الإعلام الرسمي في هذه الفترة وبالتحديد ما يتعلق بتغطية الأخبار المحلية والاقتصادية، وذلك بعد التعليمات والتوجيهات التي أعطاها وزير الإعلام مؤخراً خلال اجتماعه مع ممثلين لوسائل الإعلام الرسمية، والتي حدد فيها آلية التغطية والأولوية وعدد كلمات الخبر وغيرها من توصيات ، الأمر الذي أدخل المعنيين في تلك الوسائل بمتاهة التفسير الكيفي لتلك التعليمات والتطبيق الحرفي لبعضها، والعمل بردة فعل فيها شيء من عدم الرضا عن السياسة الإعلامية الجديدة، وكانت أولى نتائجها إسقاط أخبار نشاطات رئيس الحكومة والوزراء من النشرات التلفزيونية والصفحات الأولى للجرائد الرسمية إلى حد ما أو الاكتفاء بذكر العناوين ، مما جعل معظم الإعلاميين العاملين في تلك الوسائل وخاصة المحررين منهم يضعون يدهم على خدهم وينتظرون ...!!!؟؟ حتى أن أحدهم قال : لم يبق لنا أي عمل وننتظر أن يأتينا الخبر الجاهز من المكاتب الصحفية محدود الكلمات ومطابق للمواصفات... هكذا أفهمونا القرار !!!
وهنا نتساءل : على أي سكة وضع وزير الإعلام العجلة الإعلامية، وهل فعلاً هذه الخطوات هي في الطريق الصحيح لبناء مستقبل إعلامي مختلف يرضي الذائقة السورية أولاً والعالمية ثانياً..؟؟؟
من المبكر الآن الحكم على هذه الإجراءات إن كانت فعلاً تخدم الإعلام الرسمي أم لا ، ولكن نستطيع أن نقول أن تطوير المنظومة الإعلامية لا يكون فقط بتقديم توجيهات وتوصيات تتعلق بالقشور فقط وتهمل جوهر المشكلة الإعلامية، بل تطويرها يحتاج لهدم البنية التشريعية والمالية التقليدية القديمة وبناء بنية متكاملة ومتماسكة مالية وتشريعية وقانونية تتناسب مع صلب العمل الإعلامي وتخدم متطلبات المرحلة الحالية والقادمة .
الجميع يعلم أن الإعلام مرتبط بالمال بشكل حتمي ، والمال هو الموجه الأساسي لكل وسائل الإعلام في كل دول العالم، وهو الذي يحدد مدى نجاح وسيلة إعلامية دون أخرى ، أو نجومية ذلك الإعلامي عن زميلٍ له عملا يوماً معاً في محطة واحدة ، ونحن لسنا خارج هذا العالم، لذلك عندما يطبق على الإعلامي القانون الأساسي للعاملين بالدولة رقم خمسين وما يحيط به من قوانين مالية تحدد دخله كما أي موظف هذا إن كان مثبتاً ولا يعمل على نظام الاستكتاب أو البونات لأنهما خارج الحسابات ، فمن الطبيعي أن تبقى شخصية الموظف العادي معشعشة في داخله ويكون همه قدوم أول الشهر لقبض بضعة آلاف تسمى «دخلاً ».. وفي نفس الوقت تتلاشى عنده شخصية الإعلامي المستقل والمشاغب والفضولي والباحث، وكذلك عندما يطبق على المؤسسة الإعلامية نفس النظام الداخلي لأي مؤسسة خدمية كمياه الشرب والصرف الصحي أو النقل أو غيرها ستبقى تراوح في مكانها ، ويبقى مديروها جل همهم توقيع الموظف في بداية ونهاية الدوام بغض النظر عن القيمة المضافة التي يقدمها بين التوقيعين ...؟؟
نحن لا نقلل من أهمية القرارات الأخيرة لأننا لم نلمس نتائجها بعد، بل ربما التوصية بالتوقف عن تلميع المسؤولين والتوجه لملامسة حياة المواطن فيها الكثير من الإيجابية، ولكن هل بهذه فقط نطور الإعلام ونخرجه من بئر التكرار ، وهل هذا فعلاً سيرضي مواطن همه الوحيد تأمين لقمة عيشه ، وخاصة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة نقلها للخبر ووجود مئات القنوات الخارجية ..؟؟؟
هامش: باختصار «البطن الخاوي لا يعط أذناً صاغية» .. وهذا حال المواطن والإعلامي على حد سواء ...!!!!