سيريانديز
على خطا التنظيمات الإرهابية التي استباحت البشر والحجر ودمرت العديد من الآثار السورية في تدمر والرقة وديرالزور وحلب وغيرها يسير النظام التركي بنفس النهج العدواني من خلال استباحته لمدينة عفرين وتدميره العديد من أوابدها الحضارية كان آخرها تدمير موقع براد الأثري الذي يضم ضريح مار مارون في عفرين.
ولم يكتف النظام التركي بالتعاون مع مرتزقته من التنظيمات الإرهابية خلال عدوانه على مدينة عفرين بتهجير المدنيين منها وسرقة ممتلكاتهم بل تدمير حضارتهم التي تعود إلى أكثر من 3000 سنة من خلال الاعتداء على موقع براد الأثري والمسجل على لائحة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونيسكو منذ عام 2011.
القصف التركي المتعمد أدى إلى تدمير الكثير من المباني الأثرية المهمة ومن ضمنها ضريح القديس مار مارون وكنيسة جوليانوس التي تضم الضريح وتعد من أقدم الكنائس المسيحية في العالم حيث بنيت نهاية القرن الرابع للميلاد كما يضم الموقع العديد من الكنائس والاديرة البيزنطية علاوة على معبد وحمام ودور سكنية ومعاصر ومدافن تعود كلها إلى العصر الروماني خلال القرنين الثاني والثالث للميلاد.
ولم يكن الاعتداء التركي على موقع براد الأول من نوعه إذ سبقه تدمير معبد عين دارة وموقع النبي هوري قورش وتل جنديرس الأثري في عفرين ليثبت للعالم أن النظام التركي والتنظيمات الإرهابية وجهان لعملة واحدة يعملان بخطة ممنهجة هدفها القضاء على التراث وكل مقومات حضارة السوريين ومحو الهوية والذاكرة السورية.
ويعيد اعتداء النظام التركي على الأوابد الأثرية السورية إلى الأذهان مشاهد تدمير آثار معلولا وتدمر وصولا إلى مدينة الرقة وأسواق حلب القديمة مرورا بكل محاولات طمس الحضارة السورية في درعا وريف دمشق وغيرها على يد التنظيمات الإرهابية إذ لم تبدأ قصة اشتراك النظام التركي وتنظيم “داعش” الإرهابي بتدمير المواقع الأثرية السورية بل كانت استكمالا لحلقات طويلة من الصفقات التي تمت بينهما لسرقة الآثار السورية وتهريبها عبر الحدود ومن ثم إتمام الصفقات في أحضان النظام التركي ونقلها إلى أوروبا وأماكن أخرى في العالم لجني الأرباح الطائلة من ورائها.
هذه الشواهد الجديدة على همجية النظام التركي تدل بكل وضوح على النوايا الخبيثة التي يكنها للمنطقة وأهلها في إطار سعيه لطمس معالمها وتاريخها وهويتها وتكريس الواقع الجديد الذي يحاول فرضه عبر أداوته الإرهابية التي يستخدمها منذ بداية الأزمة في سورية لتحقيق أوهامه بإعادة إحياء النظام العثماني البائد