سيريانديز - فراس زردة
بكثير من العزيمة والتحدي والصبر رغم الآلام التي ألمت بهم إثر إختطافهم من قبل العصابات الإرهابية المسلحة قبل أربع سنوات ونصف في مدينة عدرا العمالية أطل المحررون"نوال علي الرطب وابنها حيدرة علي ديب"من قرية"البشراح"و"عهد عقل محمود واخته مدى عقل محمود"من قرية"عين شقاق" في ريف مدينة جبلة على اهلهم وذويهم وأبناء قراهم يحدوهم الأمل بالغد القادم وايمانهم بأن الجيش العربي السوري سوف يطهر أرض الوطن من رجس الإرهاب. وعقب استقبال المحررين بالزغاريد والهتافات الوطنية بعد وصولهم اليوم روى المحررون فصول معاناتهم على يد الإرهابيين منذ لحظة اختطافهم حيث قاموا بإبعاد الأبناء عن أهليهم فورا ومن ثم البدء بتعذيبهم وإجبارهم على تنفيذ كل مخططاتهم ومشاريعهم التي تعبر عن فكرهم وقذارتهم وارغامهم على حفر الخنادق والدشم وبناء السواتر التي تحميهم من ضربات الجيش العربي السوري فضلا عن استخدام المخطوفين كدروع بشرية يحتمون بها عند أي تقدم لوحدات الجيش من أجل عرقلة مسيرة النصر التي تتحقق بشكل متواصل يوميا .
ووصفت المحررة"نوال الرطب"لسيريانديز ظروف الإختطاف بانها كانت قاسية وصعبة عانى فيها المختطفون الكثير من الجوع والعطش والحرمان حيث لايتمتع فيه الإرهابيون بأي حس إنساني لكن المختطفين بالرغم من هذه الظروف المريرة كانوا على ثقة بانه الجيش سيحررهم ولذلك بقيت معنوياتهم عالية يحدوهم الأمل والثقة بالنصر المؤزر فيما أكد ابنها"حيدرة" خمسة عشر عاما أن الإيمان كان كبيرا بشرفاء سورية العظام وبقوا صامدين حتى تحريرهم وأعرب عن أمله في عودة باقي المختطفين إلى ذويهم ومنهم والده"أحمد علي ديب وأخيه جعفر علي ديب"اللذين مازال مصيرهما مجهولا حتى الآن منذ اختطافهم.
وبين المحرر"عهد محمود"24عاما أن الإرهابيين نقلوهم من مكان إلى آخر وأرغموهم على العتالة وحفر الأنفاق وتنظيف السجون وقاموا بتفجير مبنى سكني يحتوي على مختطفين لتصويره إعلاميا على أن الجيش والقوات الروسية هي من فعلت ذلك وكان من شهداء التفجير والدته"أمينة حويجة"فيما نجت أخته "مدى"وقام المختطفون بالحفر تحت المبنى لإخراج جثامين الشهداء وإخراج الجرحى فيما وصفت أخته"مدى" البالغة العشرين من عمرها فترة الإختطاف بانها مريرة وقاسية ولكن الصبر والصمود كان يحدوهم للبقاء والعودة إلى ذويهم وأهلهم وهم لم ييأسوا ولم يشكوا لحظة بقدرة الجيش على تحريرهم من براثن الإرهابيين مشيرة إلى أن والدها"عقل"أيضا كانت قد إغتالته يد الإرهاب في مدينة عدرا قبل حدوث عملية الإختطاف. وبخشوع ودموع ملأت محاجر ووجوه أبناء قرية"عين شقاق"وقف"عهد ومدى"بالقرب من قبر والدتهما وقرأا الفاتحة على روحها الطاهرة مستذكرين كل اللحظات الجميلة والحضن الدافئ الذي كان يحتضنهما في كل الظروف حيث لا شيء يماثل ويعوض غياب الأم والأب والحنان الذي يحيطان به الأبناء إلا حضن وطن آمن يحتضن جميع أبنائه.
ومحمولاً على الأكتاف كعريس يزف إلى عروسه يوم الزفاف قابل المحرر من غياهب ظلمة سجون الإرهاب ومعتنقيه في مدينة"دوما"الشاب"وسيم محمد سلهب"زوجته وابنتيه لأول مرة منذ أربع سنوات وأربعة أشهر بعد وصوله إلى قريته"سيانو"في ريف مدينة جبلة لينسى في زخم اللقاء ولهفته كل العذابات التي عاشها على مدى سني اختطافه . ضم المحرر"سلهب"عائلته الصغيرة بفرح غامر يكاد المرء من خلاله أن يسمع بالرغم من صخب الحضور نبضات خافقي ابنتيه الصغيرتين اللتين فقدتا خلال كل الفترة سماع صوت الأب الذي يمثل السند والقدوة والمثل الأعلى لكل طفل....كيف لا والأب هو الملاذ الدافئ الذي يحتمي به كل صغير لكنهما حافظا على صورته في ذاكرتهما وفؤاديهما ولم يستسلما لليأس بل كان الأمل يحدوهما دائما لعودة الوالد المخطوف سالما اليهما ليملأ مجددا المنزل دفئا ومحبة وحنانا وتحقق لهما الحلم الذي طال إنتظاره فهاهما يعانقان بعد طول فراق مرير في لحظة توقف عندها الزمن الأب البطل العائد من غياهب عتمة ليل الجهل الذي حاول الإرهاب الوهابي نشره في عقول ونفوس هذا الجيل الذي كان يعد لصناعة مستقبل سورية القادم المسلح بالمعرفة والعلم فأدركتا حينها وببراءتهما الطفولية بان للأمل والإيمان والصبر قيمة وبان الأحلام تتحقق.
"محمد"والد الشاب المحرر الذي قدم اثنين من أبنائه الأربع شهداء كقرابين للوطن وهما الشهيدين"وليم ونسيم"وفقد الثالث في حادث مؤلم ولم يبق له من أبنائه الشبان إلا"وسيم"الذي تم اختطافه في مدينة"عدرا"بقي بالرغم من الملمات صامدا جسورا لم تستطع الأحزان والنكبات أن تنال منه وتثني عزيمته لأنه كان متسلحا بالإيمان بالله الذي يهب الإنسان وبالوطن الذي هو الأم والأب لجميع أبنائه فضلا عن إيمانه بأن إبنه الوحيد المتبقي له في قبضة الإرهاب سيتحرر على يد جنود بواسل نذروا الغالي والنفيس لأجل وطنهم وهاهو الآن يكحل عينيه برؤية الإبن بعد طول غياب وكأن لحظات الفراق قد تبددت في مشهد اقل ما يوصف بأنه إنتصار ملؤه النشوة والفرح والعزة والإباء .
المحرر"وسيم"وصف بكلماته البيسطة وجمله القصيرة المعبرة لسيريانديز عملية خطفه وما تلاها بأنها جحيم قوامه التعذيب والجرمان والقتل وتقطيع الأوصال بلا رحمة ولا إنسانية وتحريض على الفتنة وتجارة عبيد وايهام الآخرين بأن جرائمهم ثورة والتي ماهي إلا خراب وتدمير حيث قتلوا الكثير من الأسرى والمختطفين بناء على فتاوى من مفتيهم الشرعي الذي وفق مزاعمه يأتيه الوحي والأمر من الرسول الكريم يحضه فيها على القتال والمزيد من القتل مؤكدا ان كل ذلك لم يزعزع من عزيمته وبقية المختطفين وثقتهم بوطنهم وقدرة الجيش على تحريرهم والنيل من القتلة وهو ما تحقق حيث أعرب عن شكره للجيش والقيادة على تحريرهم من الإختطاف.
وبنفس الشموخ والكبرياء وبنبرة الواثق أكدت العائلة المحررة المؤلفة من خمسة أشخاص وهم الأب"سليمان مرعي وأبنائه الثلاثة ميلاد وميمون ومجد وزوجته "كسيمة تامر"لدى وصولها إلى قرية"رأس العين"بريف جبلة أن اختطافهم كأسرة بأكملها لم يزدها إلا عزيمة واصرارا وتمسكا بالوطن وايمانا بان الجيش العربي السوري البطل قادر على تحرير المختطفين والقضاء على الإرهاب في جميع أنحاء سورية بالرغم من ظروف السجن القاسية التي قوامها الحرمان والبرد والجوع والتعذيب وإبعاد أفراد الأسرة عن بعضهم البعض واستعباد المختطفين واجبارهم على القيام بالأعمال التي تخدم الإرهابيين وتعزز صمودهم في مواجهة بأس الجيش العربي السوري معربة عن شكرها لبواسل الجيش في تحريرهم وفي دحر الإرهاب وتحرير الأرض من رجسهم. وفي صورة ملؤها المحبة استقبل أبناء القرية ومحيطها الأسرة المحررة ما يعبر عن تلاحم أبناء الوطن مع بعضهم البعض في كل الظروف لاسيما في الملمات والنائبات.
نعم هؤلاء هم أبناء سورية لا تنال منهم الشدائد ولاتهزمهم القوى المتكالبة مهما اشتد بأسها وإجرامها ووطن كمثلها سيبقى عزيزا صامدا شامخا بفضل التضحيات الجسام .