سيريانديز – مجد عبيسي
عاصفة من التعليقات والنقاشات الفيسبوكية هبت مؤخراً نتيجة قرارات وزارية متلاحقة ومتناقضة وغير مألوفة..
إذ لا يخفى على كثيرين قصة قرار "منع البالة" الذي صدر بتاريخ 10-7-2018 بتوقيع معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب والذي تم إلغاؤه بقرار مضاد صدر بعد يومين عن الوزير شخصياً عبد الله الغربي، والذي وجه أيضاً كتاباً لمعاونه يطلب فيه المبررات والأسباب التي أدت إلى صدور التعميم المذكور دون عرضه عليه؟!
وإذ علينا استعراض الصورة كاملة، فلابد من الإشارة إلى أن القرار الصادر عن معاون الوزير بتشديد الرقابة على البالة وضبطها، كان مستنداً إلى كتاب وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 3913/1995 تاريخ 19-6-2018 حول كثرة انتشار البالة وتأثيرها على صناعة الألبسة الوطنية وتطورها، وكون الألبسة المستعملة "البالة" غير مسموح باستيرادها وتدخل عن طريق التهريب مما يلحق أكبر ضرر بالاقتصاد الوطني..
إذاً، الموضوع أخذ أبعاداً شائكة على العلن بين وزارتين، وضمن الوزارة الواحدة. مما أثار كثير من الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أدلى رئيس تحرير سيريانديز "أيمن قحف" بدلوه في هذا الموضوع على صفحته الشخصية، إذ افتتح بعنوان أثار حفيظة البعض "قطيع الفيسبوك يواصل زحفه"، لكن يمكن للناظر الخبير أن يفهم من فحوى المنشور أن "قحف" أكد فيه على مبدأ التنافسية بشكل أساس، ولم يتطرق للتفاصيل حول أحقية وجود البالة من عدمه.. كما ناقشه كثيرون عبر وسائل التواصل أو في التعليقات على المنشور المذكور.
بدأ "قحف" بعدة تساؤلات قبل الإدلاء برأيه الخاص بهذا الموضوع:
"هل صورة الشعب السوري - لبّيس البالة الاوروبية وهو من اخترع النول والنسيج - صورة تدعو للفخر؟!
"هل آلاف مصانع الألبسة وعشرات آلاف عمالها وعائلاتهم وموزعيهم أولاد الجارية حتى لا نفكر بهم وبخدماتهم، للاقتصاد وفرص عمل التصدير ودفع الضرائب التي تؤمن مدارسنا وصحتنا وخدماتنا؟!
هل صورة سورية وحكومتها سنبنيها على المخالفات حتى لو كانت مفيدة بشكل ما؟!
ثم بعد هذه التساؤلات أدلى "قحف" برأيه الذي ينطوي على فكرة التمهل باتخاذ القرار عوضاُ عن التخبط في القرارات، والذي نظر له ببؤس مؤسساتي أو ترهل وزاري.. أي مرادف شئتم للمضمون نفسه.
الأمر الذي كان محور نقاش وجدل بحد ذاته بين مؤيد لما هو مؤمن به، وبين معارض قاس.. ومعارض أقل قسوة وعدم فاهم للمعنى الحقيقي الذي يرمي إليه:
"أنا من المؤمنين باقتصاد السوق، وإلغاء الحصرية والمنافسة تحت رقابة صارمة.
أؤمن بالدولة العادلة، ومعها حتى بالأخطاء، ولم تعجبني حالة إصدار قرار من معاون مفوض، وإلغاءه من وزير واستجواب المعاون، فهي مسرحية هزلية تسيء للدولة وهيبتها...
ومن قال لكم أن البالة أفضل وأرخص دائماً وهي فقط لخدمة الفقير؟
ومن قال أن الجديد أقل جودة وأغلى سعراً دائماً؟!
هي عناوين لتصويب المسار وتغليب المنطق..."
الموجة الكبيرة من التعليقات جاءت منها ما انضوى تحت المنشور، ومنها ما غاص بتفاصيل اخرى..
فمنهم من يرى أن البالة ليست عقبة أمام التصدير، ولا يبرر منع البالة إلا منتوجات وطنية رديئة يريد التاجر تصريفها.. ووجه في نفس التعليق أن الوزير شريك في مكاسب التجار!!
ومنهم من يرى أنه دون منافسة البالة، ستبقى رداءة وغلاء البضائع المحلية سيف مسلط على رقاب المواطنين..
وآخرون أيدوا دعم الصناعات الوطنية ووقف التهريب، ولكن اعتبر أن كتابات "أيمن قحف" دائماً قاسية لدرجة أن المقربين حتى قد لا يتقبلونها!!
ومنهم من شكر "قحف" على مشاعره ولكن "الناس متعبة" وتريد من الحكومة في حال منعت "البالة" أن تعطي بديلاً وطنياً حقيقياً وبكل معنى الكلمة للمواطن.
ومنهم من ناقش لفظة "قطيع" من عدة أوجه سلباً وإيجاباً:
"... ولكن أنا وكثيرين لسنا بالقطيع إن أبدينا وجهة نظر ما.. في جانب ما من مجمل الموضوع..
وإن كان وصفك بالقطيع يشير بشكل غير مباشر لشريحة تبدي رأيها بحق، ولا تخشى لومة لائم..
فنحن نفتخر بأننا قطيع الكلمة الصادحة عنفواناً وحقيقة.."
وأنوه هنا أن غريزة القطيع هي مصطلح نفسي له ابعاده التي يفهمها العاقلون، أما من عدّها من ضروب الإهانة، فهو كمن يحارب طواحين الهواء.. ليقنع من حوله أنه فارس!
وأخيراً، ختم رئيس تحرير سيريانديز منشوره برأي صريح لكم الحكم فيه:
"مصلحة البلد والمواطن مشتركة ولا يجوز تدمير سمعة المواطن السوري بتصويره أنه سيموت بلا بالة ولا ضرب استثمارات تساعد اقتصاد البلد لأجل مهربين.. فتبينوا".